ملاحظات هامة جدا على شعبنا أخذها في عين الإعتبار/ ليون برخو

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 09, 2012, 10:57:07 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

ملاحظات هامة جدا على شعبنا أخذها في عين الإعتبار



ليون برخو
جامعة يونشونك – السويد

في أخر مقال كتبته (رابط 1) ضمن الحوار بين وبين الزميل العزيز غسان شذايا تمنيت أن يرد على الأسئلة التي أثرتها فيه أحد الأكاديميين من أبناء شعبنا او من خارجه او ان يرد أي كان ولكن بطريقة علمية أكاديمية. الرد الذي أتاني من الأخ شذايا (رابط 2) بعيد كل البعد عن العلم والأكاديميا وسأعرج عليه في نهاية المقال.
وقبل الدخول في حوار جديد مع الزميل الغالي أود التأكيد ان الغاية منه هي خدمة شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة وكذلك إدخال المنهج العلمي والأكاديمي في نظرتنا إلى أنفسنا اليوم ومستقبلنا غدا وما كنا عليه في الماضي.
وما شجعني على الإستمرار هو ما كتبه الأستاذان يوحنا بيداويد وشوكت كوسا والإثنان معروفان بخطابهما الهادىء وحرصهما الشديد على شعبنا الواحد وحاضره ومستقبله. وأتفق جدا مع الأستاذ كوسا أنه آن الأوان للأكاديميين من أبناء شعبنا وبالأخص الذين يرفضون التحول إلى  ناشطين (وسأشرح مفهوم الناشط لاحقا) كي يدلو بدلوهم في شؤون شعبنا الحساسة.
كيف يعمل الأكاديمي – موقع عنكاوة.كوم مثالا
هذا مثال حي للطريقة التي يعمل بها الأكاديمي.  لنفترض اننا أردنا أن نعرف إن كان موقع عنكاوة.كوم محايدا ونزيها ام لا في تغطيته الإخبارية. كأكاديمي  لا يجوز ان أذهب إلى ماكنة البحث غوغل وأختار نصوصا محددة حسب رغبتي وأقدمها على أنها دليل على إنحياز الموقع لهذا او ذاك او لنزاهته. يجب أن أخذ عينة تشمل تغطية الموقع لمدة لا تقل عن ستة اشهر واحدد الصفحة التي اخذت العينة منها وكذلك الحقل او الحقول التي تنطبق عليها، مثلا المنبر الحر،الحوار والرأي الأخر، أخبار شعبنا، خبر وصورة .. إلخ.
وأكلف مساعدين أكاديميين أكفاء كي يقوموا بقراءة كل هذه المادة بصورة دقيقة وتبويبها حسب المحتوى – كلمات، عبارات، جمل، فقرات، عناوين، صور ..الخ) وتسجيل كل تكرار للمحتوى. ومن ثم إدخالها في الكمبيوتر وإستقدام استاذ في الإحصاء لتحليلها وتحديد الأهمية الإحصائية لها. وبعد أن نصل إلى هذه النتائج من خلال البحث الكمي علينا الشروع بالبحث النوعي من خلال علم تحليل الخطاب الذي يدخل في تفاصيله التحليل النوعي من خلال مقابلات مع مشرفي ومحرري الموقع وكذلك مع الكتّاب الأكثر إنتاجا وتحليل هذه المقابلات. وعند الحصول على النتائج يجب وضعها ضمن السياق العام من أجل للوصول إلى نتيجية  مرضية علميا وأكاديميا. لهذا قد نحتاج إلى سنة كاملة وتفرغ أستاذ لسنة كاملة أيضا.
وهذا لا يكفي. يجب ان يتم تقيم الدراسة من قبل أكاديميين مستقلين أكفاء وذلك بإرسالها دون الكشف عن اسماء القائمين بها ومنصبهم ومؤسساتهم (أي بصورة سرية) لمقيمين إثنين في اقل تقدير. إن رٌفضت الدراسة ذهب الجهد سدا وسيكون لزاما علي أن أعيد الكرة  مسترشدا بأراء وإقتراحات المقيمين. وسأكون سعيدا جدا لو طُلب مني بدلا من الرفض إعادة النظر في حقول معينة وإعادة كتابتها.  هكذا هو العلم والأكاديما وهكذا تعمل مراكزالأبحاث الجامعية التي يعتمد عليها العالم المتمدن في كل صغيرة وكبيرةلبناء حاضره ومستقبله وهكذا نصل إلى نتائج ذات مصداقية يمكن الإعتماد عليها.
كيف يعمل الناشط
في الحقيقة لقد ساعدني الأخ شذايا في رده على تقديم وصفة كاملة عمليا ونظريا لكيفية عمل الناشط. الناشط هو بالضبط ما يقوله السيد شذايا عن نفسه ومواقفه في خاتمة مقاله، حيث يردد بما معناه: هذا أنا شاء من شاء وأبى من ابى. العالم الأكاديمي يغادر هكذا مواقف وهكذا نشطاء ويرى فيهم خطرا ليس على العلم والمعرفة بل حتى على المجتمعات التي ينتمون إليها.
والناشط – القومي اوالسياسي او المذهبي او الديني او غيره – يتصور جزافا أنه وطني. في الحقيقة الناشط لا يملك من الوطنية خردلة لأنه يتشبث بأمور سطحية لا علاقة لها بحاضر ومستقبل وحتى التاريخ الكتابي لشعبه. ولهذا تراه مستعدا أن يهدم شعبا بأكلمه من أجل كلمة واحدة (خذ مثلا التسمية) او الإنتماء إلى مذهب معين (ناشطب مذهبي) حيث يجعل من مذهبه  كل شيء هو النعمة والبركة والغنى ومفتاح السماء والأرض حتى على حساب هوية شعبه وعلى حساب كل البراهين المادية والعملية والتجريبية على ان المذهب هذا قد ساهم في تهميش لا بل تشتيت الشعب وتدمير هويته.
واليوم شعبنا واقع تحت مطرقة الناشط القومي والناشط المذهبي. هؤلاء جعلوا من ناشطيتهم وليس وطنيتهم نبراسا لأنفسهم لا يحيدون عنها حتى على حساب هوية ومصير ووجود شعبنا. بمعنى أخر أن شعبنا يندر أن تجد في صفوفه وطنيون يضعون مصلحة الشعب قبل الناشطية والمذهبية. اي أن هوية الشعب ومصيره ووجوده وحاضره ومستقبله ولغته وثقافته وتراثه تأتي بالنسبة للوطني قبل التسمية والمذهب والعَلَم وقبل انكيدو وأكيتو واشور ونبوخذنصر وروما وغيرها. اما الناشط فيتشبث بموقفه حتى على حساب الوطن وأنظر التشبث غير العقلاني وغير المنطقي بامور مذهبية وتسموية التي كادت تعصف بنا كشعب وأمة وحضارة وهوية.
أمثلة أخرى
والتعلق بهذا الشكل من الغلو والإفراط بأمور بعيدة كل البعد عن العلمية والأكاديمية من قبل ناشطينا يشبه من حيث الخطاب ما يدور من معارك خطابية طاحنة بين المسلمين لا سيما العرب منهم حيث يُقيّمون حاضرهم ومستقبلهم ومصيرهم على ما قالته قبل 1500 سنة عائشة او عمر او معاوية او علي او ما قاله ويقوله الناشط المذهبي او الشيخ الفلاني. وهم اليوم لا يهمشون بعضهم البعض من خلال الخطاب المستند إلى الماضي بل يقتلون الواحد الأخروبالجملة ويذبحون الناس بالسكاكين ويفجرون أنفسهم ويهدمون ويحطمون دول ومجتمعات برمتها كما حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان العربية  إنطلاقا من ناشطيتهم المذهبية  العمياء.
طبعا نحن شعب صغير لا حول ولا قوة لنا غير الخطاب ولكن إن أجريت تحليلا لخطاب ناشطينا القوميين والمذهببين لرأيت تشابها كبيرا مع الخطاب الشرق الأوسطي الإسلامي. الفرق ان العربي المسلم لا زال ما جرى قبل 1500 سنة جزءا وجدانيا – لغة وهوية– أي أن الكتابة (اللغة العربية)، بمعنى أخر  الخطاب  وهو الثقافة والحضارة – لا زالت مستمرة دون إنقطاع منذ ذلك الحين وحتى اليوم. نحن معاركنا الخطابيةالدونكيشوتية تجري  من أجل عيون ثقافة وهوية ولغة لا ناقة ولا جمل لنا بها بدليل أن افضلنا علما ومعرفة لا يستطيع قراءة جملة واحدة مما خلفته تلك  الشعوب التي ندعي الإنتماء إليها ولا يعرف معنى أي إسم من أسمائها ولم يجري ذكرها في  الثقافة والتراث الذي تحمله لغتنا القومية (السريانية) إلى ما بعد دخول مذهبية الكنيسة الغربية الإستعماريةعلى الخط.
نماذج عن الأذى الذي ألحقه ويلحقه الناشطون (القوميون والمذهبيون) بشعبنا
هذه بعض النماذج عن الأذى الهائل الذي سببه ويسببه الناشطون لشعبنا. وبالطبع هذا غيض من فيض.
اولا، في السويد هناك جالية كبيرة لشعبنا، بمقاييس العراق يكون تواجد شعبنا أكبر فيهذا البلد من أي منطقة جغرافية أخرى في العراق. وفي هذا البلد تُشجِع لا بل تُجبر الدولة غير السويديين على تعلم لغتهم الأم (اللغة القومية) وتقدم  تسهيلات  سخية في هذا المجال. وظهر في السويد  بعض الأساتذة من أبناء شعبنا ألفوا كتبا لتدريس اللغة القومية. ولكن لأنهم ناشطون وليس وطنيون أصروا ويصرون دون وجه حق على تسمية اللغة بغير إسمها الأكاديمي العلمي وهو السريانية حيث يطلقون عليها "الأشورية". وهذا الأمر أثار إمتعاض وحفيظة جالية كلدانية كبيرة وهي اليوم تقاطع الدروس والمناهج التي يقدمها هؤلاء الناشطون القوميون. وهؤلاء الناشطون القوميون الأشوريون مصرون على موقفهم ان اللغة "اشورية" وليست سريانية رغم أنه ليس هناك جامعة في العالم كله تطلق عليها هذا الإسم فكل الأقسام العلمية في الدنيا التي تدرس هذه اللغة تسميها السريانية.
وهؤلاء  الناشطون يقولون ان الكل "اشورييون".أمنا بالله ولو من أجل المحاججة. إذا كنا كلنا اشوريين كما تدعون فهل يجوز ان تقبلوا أن يبقى غالبية شعبكم (من الكلدان) أميا (من ناحة اللغة الأم) بالتشبث بتسمية غير علمية وأكاديمية وتعلمون ان مجرد رفع هذه التسمية قد يؤدي إلى محو الأمية بين صفوف أبناء شعبنا في السويد؟. هل هناك شخص يؤمن بالوطنية الحقة يقبل علىنفسه أن تبقى الغالبية الساحقة من مواطنيه أمية على  حساب التشبث غير العلمي والمنطقي والعقلاني بتسمية محددة بينما العلم والأكاديميا قد إتخذوا موقفا من هذا الأمر وإسم اللغة علميا وأكاديميا اليوم هو السريانية ؟ الوطني الصادق يعمل المستحيل كي ينقذ شعبه من الأمية  ولن يقف أي شيء أمامه في سبيل تحقيق هذه الغاية. هؤلاء الناشطون وهم يعيشون في مدينتي وهم أصدقائي يرددون مثل السيد شذايا: "شاء من شاء وابي من ابى" حتى على حساب تدمير شعبنا لأن الأمية دمار.
المثال الثاني نستقيه من الناشطية المذهبية وهي متغلغلة في صفوف شعبنا لا سيما الكلدان منهم حتى النخاع الشوكي وعلى حساب تراث وهوية ولغة وقومية شعبنا. أصحاب النهضة الكلدانية يقودهم رجال كبار مذهبيا  ويدعي بعضهم أنه يحمل شهادتين او أكثر للدكتوراة ولكنهم ومع الأسف الشديد ناشطون مذهبيون وليسوا وطنيين.ومثلهم مثل مدرسي اللغة الأم في السويد حيث هم أيضا يقولون ان الكل كلدان. أمنا بالله ومن أجل المحاججة إن كان الكل كلدان اي من أبناء شعبكم فكيف تقومون جهارة وعلانية وعلى موقعكم الأسقفي والكنسي بإهانة قطاعات واسعة من شعبكم وتصفونهم بالهراطقة (الكفار) فقط لأنهم يختلفون عنكم  مذهبا؟ فالنساطرة هراطقة (بينما كل الكدان وإلى وقت قريب كانوا نساطرة) واليعاقبة (السريان الأرثذوكس) أيضا هراطقة وهذا يرد في موقع إعلامي علني يشرف عليه من هم  بدرجة الأسقفية. وإن قلت لهم إن هذا مؤشر لتفشي الجهل والظلامية في صفوكم لأن مدنية وحضارة اليوم اليوم تتسامى على المذهبية والناشطية رددوا،  كما ردد السيد شذايا في خاتمة مقاله: "هذولة إحنا، شاء من  شاء وابى من أبى."
ثالثا، يتحدث بعض كتاب شعبنا في المنتديات عن مسائل تخص ما يقولون انه تزوير لبعض المطبوعات التي فيمتناول أبناء شعبنا وهذه المطبوعات أساسا ليست علمية ولا أكاديمية. مفهوم التزوير علميا وأكاديميا يختلف عن المفهوم لدى الناشط السياسي او القومي او المذهبي. هؤلاء الناشطون يوظفون كل شيء من أجل مصالحهم الأنية والضيقة وليس المصلحة الوطنية العليا. ولهذا ترى ان هؤلاء الناشطين يغضون النظر عن التزوير الحقيقي الذي حصل ويحصل لتاريخنا وتراثنا ولغتنا ويتشبثون بالقشور. لن أدخل في خضم معنى التزوير من الناحية العلمية والاكاديمية ولكن التلاعب بالكتب التراثية وتغير حتى كلمة واحدة منها في النص الأصلي يعد جريمة لا تغتفر. النص الأصلي من  الكتب التراثية (ومنها الإنجيل او التوراة او القرأن) يعد مقدسا. إن أردت أن تفسر او تعلق عليها عليك ان تفعل ذلك ضمن هامش او  خارج نطاق الإقتباس من النص التراثي.
لنأخذ مثالا واحدا لما فعله الناشطون لا سيما المذهبيون بشعبنا وتراثنا. هنا سأركز على كتاب الحوذرا (بيث كزا اوكنزا ربا) لأنه أهم كتاب في أدبنا الكنسي طرا لا بل أهم مطبوع تراثي كنسي ولم وأجزم لن تنجب المسيحية مثله. وهنا أستند على النسخ التي بحوزتي. خذ إسم كنيستنا. كنيستنا فيكل كتب  التراث ومنها الحوذرا  إسمها (عيتا دمذنحا) او (عيتا دسورياي مذنحايى)  لتميزها عن شقيقتها الغربية–غرب العراق - (عيتا دمعروا) او (عيتا دسورياي معروايى).
اول تزوير فظيع حصل لإسم كنيستنا في العصر الحديث قام به الناشطون المذهبيون من الكلدان  بتغير إسم كتاب الحوذرا  من (عيتا دسوريايى  مذنحايى) إلى (عيتا دسوريايى مذنحايى دهنون كلدايى). 
أعقبهم الناشطون المذهبيون من الأشوريين وذلك بتحوير – تزوير – الإسم الأصلي لكنيستنا من (عيتا دمذنحا) إلى (عيتا دمزنحا دأثورايى).
وكأن كل هذا التزوير لم يكن كافيا في خلق بلبلة مرعبة اساسها مخاصصة وفرز مذهبي وطائفي مقيت أقحمنا المذهبيون الكدان في حملة غش وتزوير لذات الكتاب في طبعته الأخيرة – نسخة منه في حوزتي – حيث طارت كلمة (سوريايى) وحور العنوان من (عيتا دسوريايى مذنحايى دهنون كلدايى) إلى (عيتا دمذنحا دكلدايى).
والناشطون المذهبيون من الكلدان لم يقفوا عند هذا الحد من التزوير رغم ان القائمين على المشروع يدعون أنهم اصحاب شهادات ويقال أنهم لا  زالوا يدرّسون في جامعات -  بل زوروا امورا أساسية وجوهرية أخرى كما هو الحال في صفحة (نون يوث طيث) حيث قاموا بتزوير شنيع أخر أزاحو فيه كلمة (سوريايى) من (دوخرانا دملباني سورياي) أي (تذكار الملافنة السريان) وأحلوا محلها (دوخرانا دملبانى كلدايى). وهكذا (عيني عينك) دون خجل ولا وجل. هذا ليس علم ولا أكاديميا. هذا قلة إحترام للتراث لا بل يرقى إلى قلة حياء.
في العلم والأكاديميا لو فعل ليون برخو ذلك لطُرد من الجامعة وسحبت منه الشهادة. ليس هذا فقط بل لسحبت كل مؤلفاته وكتبه وأبحاثه من المكتبات ونشر عنه الإعلام هذه الحقائق ولصار عبرة لمن لا يعتبر.
هذا فقط غيض من فيض للتزوير الذي وقع على تراثنا ولغتنا وتاريخنا الكنسي وغيره ومع كل هذا لا يزال هؤلاء المزورون من الطرفينيقرأون علينا مزاميرهم ونقبّل أياديهم وندافع عنهم وكأنهم  أناس منزلين.
وكل هذا التزوير – هناك أمثلة كثيرة اخرى – ونحن الكلدان مثلا لا نقيم أي وزن او إعتبار لكتاب الحوذرا – وهو كنز أدبنا الكنسي ووصل الأمر بالبعض – وهم في سدة الأسقفية –إلى رميه في سلة المهملات اما بالنسبة للشباب الكلداني والجوقات الكلدانية فهذا الكتاب يعد مطبوعا "متخلفا" فبدلا من إنشاد روائعه تراهم يهرعون إلى اللغة العربية وحتى في المهجر ويأخذون من أداب كنائس أجنبية لا ترقى ابدا إلى ما بين أيدينا من تراثويدخلون كل هذه الأدبيات السطحية والمملة والرتيبة إلى كنيستنا ولتذهب اللغة والهوية والتراث وليذهب الأدب الكنسي الذي لم تلد المسيحية مثله في كل تاريخها إلى الجحيم.
هذا ما يحدث لأمة تضع مصيرها بيد الناشطين.
عودة إلى الحوار بيني وبين العزيز شذايا
الأخ شذايا ناشط وبكل ما للكلمة من معنى. إن كان وطنيا حقا لوضع مصير شعبه (لا سيما حاضره ومستقبله ووجوده وتراثه ولغته) فوق أي إعتبار اخر. وإن كتب شيء كان عليه – كما يفعل أي أكاديمي تمحيصه  ووضعه ضمن سياقة التاريخي والعلمي العام ولما قفز إلى العموميات ونتائج عامة دون القيام بدراسة أكاديمة رصينة – كما اوضحنا اعلاه – او الإستناد إليها.
فأنظر مثلا كيف أقحم نفسه في إتهامات باطلة – ترقى إلى التجني – بخصوص الدكتور ابو الصوف. وأنظر  كيف أنه تجنب الإجابة عن كل الأسئلة التي أثرتها حول بطلان إدعاءاته منها ربطه بين "بعثية" السيد أثيل النجيفي المزعومة ومع ابو الصوف وتهربه من الأتيان بمقمال علمي وأكاديمي يظهر أن الدكتور دوني يبرهن فيه اننا أحفاد الكلديين والأشوريين كما يزعم ولا يعير أهمية للدليل الدامغ الذي قدمته عن أن الدكتور دوني كان ناشطا أشوريا ويقصي الأخرين من أبناء شعبنا شأنه شأن أي ناشط  سياسي او قومي اومذهبي أخر ولم يجاوب على إستفساري إن كان سيربط تكريم الإسلامويين العراقيين للدكتور دوني بإطلاق إسمه على قاعة المتحف العراقيبموقف سياسي كما فعل مع ابو الصوفولم يعط أي دليل إن كان ابو الصوف قدم السند الأكاديمي والعلمي للطاغية صدام حسين للمضي قدما في سياسة التعريب ولم يقدم دليلا واحدا على كل هذه الأمور وغيرها. كل ما ذكره هو انابوالصوف كتب مقالات في جريدة بابل دون  ن يقتبس ولو جملة واحدة من هذه المقالات. وهذا شأن كل الناشطين بالمفهومالذي ذكرته.
وماذا عن هذه الحقيقة الدامغة وكيف سيقرأها الناشطون من أبناء شعبنا؟
مشكلة الناشط انه يقدم عموميات غامضةويعدها براهين علمية. فإن أخذنا الإدعاءات الباطلة التي يسوقها الأخ شذايا حول الدكتور ابو الصوف من أجل المقاربة والمقارنة فماذا عساه ان يقول عن هذه الحقيقة الدامغة.
هل يعلم ان الدكتور دوني كان هو الذي نفذ تعليمات صدام حسين  بحذافيرها كمشرف عام ورئس ومدير هيئة إعادة إعمار (لم يكن إعمار بل تدمير) بابل حيث وضع صدام  تحت تصرفه ميزاينة– والعراق حينئذ واقع في حرب ضروس مع إيران– بلغت أكثر من نصف بليون دولار؟ وأنا شخصيا زرت بابل وهي تحت التعمير (الهدم) وألتقيت مع الدكتور دوني وكتبت عن ذلك في الصحافة العالمية. هل يعلم السيد شذايا ان ما جرى وتحت الإشراف المباشر للدكتوردوني كان تدميرا منهجيا لأعرق مدينة في تاريخ العالم؟ ألم ينفذ الدكتور دوني تعليمات صدام حسين بحذافيرها ومنها طبع إسمه على كل طابوقة إستخدمت في إعادة الإعمار (الهدم) وهي بعشرات الملايين؟
فهل يجوز أن أستنتج أن الدكتور دوني كان عميلا لصدام حسين كما تفعل أنت عندما تستنتج كناشط ان الدكتورابو الصوف كان عميلا لصدام كونه كتب بعض المقالات في جريدة بابل؟
والأنوبعد أن وضحت لشعبنا هذه الحقيقة وإستنادا إلى الطريقة غير المنهجية والعلمية والأكاديمية التي يتوصل فيها السيد شذايا إلى عموميات غامضة بإستطاعة اي ناشط كلداني التوصل بطريقة السيد شذايا إلى ما قد يراه  أنه حقيقة مفادها أن الدكتور دوني وضع يده في يد صدام حسين لتدمير عاصمةالكلديين لأنه – وحسب الكثير من مقالاته غير  العلمية التي نشرها في المنتديات– كما اوضح لي ذلك خطيا –والتي ينادي فيها باشورية الكل وأننا جميعا أحفاد اشور بانيبال – كان يريد ان يمحي هذه المدينة التي هي تاج الحضارة الكلدية  من الوجود. إن صح ما يدعيه السيد شذايا بخصوص ابو الصوف يصح أيضا ما سيدعيه أي ناشط كلداني بخصوص الدكتور دوني.
أنظر ما يفعله الناشطون. الأكاديمي – أي  مثلا ليون برخو – لا يعير حبة خردل من الإهتمام لما قاله الناشط بخصوص الدكتور ابو الصوف ولا ما قاله او ربما سيقوله الناشطون الكلدان بخصوص الدكتور دوني. الأكاديمي يتبع منهج بحث علمي – كمي ونوعي – للوصول إلى نتائجه وليس التخمين.
ماذا حول إنقراض الحضارات العراقيةالقديمة؟
السيد شذايا يطلب مني  البرهان. أنا قدمت البرهان من خلال ترجمتي لموسوعة علم الأثار ومرافقتي لكل البعثات الأجنبية والعراقيةالتي عملت فيالعراق منذ منتصف الثمانينات وإلى يوم خروجي من البلد.
وقدمت مثالين للحضارات التي لم تنقرض منها الفارسيةواليونانية.
في العلم والأكاديميا نحن لا نعتمد على ما نشعر به. هذا ما يفعله الناشط فهو يشعر مثلا انه أكدي وأشوري وأرامي وكلدي واموري والأخر يشعر أنه كذا وكذا. في علم الأثار نحن نعتمد علىالمعول والمجس  والإثنان يقولان ويقدمان الدليل تلو الدليل من خلال مئات المواقع والاف المجسات ان الشعوبالتي  ندعي الإنتماء إليها إنقرضت - طبقتهم الحضارية اي مستوطناتهم إختفت– وحلت محلها مستوطنات وحضارت أخرى.
بإمكان الناشط أن  يشعر ما يريد مثله مثل الشخص الذي يظن ان قلبه مريض ولكن الحكم هو المختبر الطبي والأجهزة والتحليل. إن أظهرت هذه ان قلبه سليم لن يقوم أي طبيب بإجراء العملية له او حتى منحه ادوية. كل علم له مختبره وعلم الأثار مختبره المعول والمجس.
هذا لا يقوله فقط الدكتور ابو الصوف. قاله الدكتور دوني لأن لم يأخذ أي عالم او مجلة علمية إدعاءاته كناشط أشوري ان المسيحيين الناطقين بالسريانية هم ابناء اشور بانيبال محمل الجد ولهذا لم يستطع نشر مقال علمي وأكاديمي واحد كي يبرهن على أشوريته بمفهوم التواصل الحضاري او أن تلك الحضارة او الشعب لم ينقرض شأنه شأن الشعوب العراقية القديمة الأخرى وانه حفيدهم. وأنا أعرف الرجل وأعرف أنه كان ناشطا قوميا أشوريا من الطراز الأول. وحسب علمي لم يكتب أي باحث او عالم أثاري دراسةأكاديمية رصينة تثبت أن تلك الشعوب لم تنقرص او أن الفئة الحالية هذه او الفئة تلك هي حفيدة او الوريثة لأي من تلك الحضارات.
وهذه الحقيقة أقر بها أنا كأكاديمي ويقرها أيضا العلامة البير ابونا ويقرها الدكتور يوسف حبي في كتاباته ويؤشر عليها الدكتور لويس ساكو.
فهل سيديننا الناشطون على اننا كذا وكذا كما فعل السيد شذايا مع الدكتورابو الصوف لأننا مثله نقر بنظرية إنقارض تلك الشعوب وحضاراتها؟
ماذا عن المصادر التي يذكرها السيد شذايا
في العلم والأكاديميا نبتعد عن ذكر المصادر بهذه الطريقة –طريقة اللصق (كوبي أند بيست)، أي الدخول إلى ماكنة البحث وإدخال كلمات مثل – اشوري ارامي أكدي كلدي – ونقل ما نحصل عليه من مصادر وتقديم رابط تلو الأخر. بالطبع هناك المئات ومئات من المصادرالتي تذكر هذه الأسماء.  هذه الطريقة خطر على صاحبهاويجب عليه  مغادرتها   (وأنا هنا أتكلم من موقع أكاديمي أظن أن السيد شذايا يقر بعلميته ورصانته لأن من هم بمنزلة السيد شذايا أكاديميا هم تلامذة لدينا)  إن أراد الدخول بجدية إلى عالم العلم والأكاديميا. اليوم  لدينا وسائل لإكتشاف إن كان ذكر المصدر لغرض علمي أكاديمي بحت ام لغاية في نفس يعقوب.
المصادر التي يذكرها الأخ شذايا تفحمه هو وتظهر بطلان إدعاءاته. فمثلا اللوح الثنائني اللغة – الأكدي والأرامي (السرياني) – لا يدل على ان الأشوريين غيروا لغتهم. يدل على ان حضارة جديدة ارقى مما كان موجودا حينئذ بدأت للظهور في ارض الرافدين. وهذا ليس اللوح الوحيد من نوعه. هناك  ألواح أخرى ثنائية وثلاثية اللغة أكتشفت في أماكن عديدة من بلاد الرافدين وغيرها.
ثانيا كون الأرامية اللغة الثانية او الأجنبية في بلاد أشور لا يؤشر على الإطلاق أنها كانت اللغة السائدة بين افراد الشعب من الأشوريين . كان على الأشوريين وغيرهم من الأقوام إستخدام اللغة  الأرامية لأنها صارت لا سيما قبل سقوط الأمبراطوريات التي ندعي الإنتماء إليها بقرن او قرنين لغة الدبلوماسية والتجارة والعلم  والثقافة وكانت الأرامية اللغة الأجنبية او الثانية لدى كل شعوب منطقة الشرق الأدنى لا بل العالم القديم برمته في ذلك الحين. فوجود قاموس إنكليزي سويدي (ثنائي اللغة) في السويد لا يعني ان الإنكليزية صارت اللغة الدارجة لدى السويديين.
اما عن ظهور رقم او لوحات كتابية بعد سقوط هذه الإمبراطوريات هنا وهناك هذا لا يؤشر على ان حضارتهم لم تنقرض بمفهوم علم الأثار.السومريون كحضارة   - كطبقة أثارية– انقرضوا، أي ازاحتهم الحضارة او الطبقة الأكدية ولكن رقمهم تظهر إلى ما بعد ذلك بكثير وتظهر الرقم السومرية او الأكدية على طول وعرض الشرق الأدنى وفي فترات مختلفة وتظهركتابات فرعونية وعاجيات لا نظير لها حتى في مدينة نمرود الأشورية. هل يعني هذا اننا سننجر إلى عموميات كلما حصلنا على رقيم او أخر؟
واللغة هي هوية القوم. إن بدل قوم لغتهم معناه أنهم بدلوا هويتهم. هذا ما يقوله العلم والأكاديميا والتجربة. فابناء شعبنا من اللبنانيين المسيحيين بدلوا لغتهم من السريانية إلى العربية وبذلك صاروا عربا أقحاح وبرز منهم من الشعراء والأدباء صاروا اليوم نبراسا للعروبة واداب اللغة العربية في العصر الحديث ينشد العرب وليس ابناء شعبنا من الناطقين بالسريانية اشعارهم في المدارس وتدرّس كتبهم على طول وعرض الوطن العربي. بتبدل لغتهم تبدل تراثهم وتاريخهم. فهم اليوم لا يفتخرون إلا بالعروبة ويرون أنفسهم جزءا من الحضارة العربية والإسلامية وإن ذكروا رموزا لهم تبادر إلىذهنهم المتنبي والمعري وأمرىء القيس والنابغة والتوحيدي وإبن خلدون وغيرهم من أعلام العربية. أما أعلام لغتنا السريانية فصاروا غرباء وأجانب  لديهم. اللغة العربية وليس السريانية هي اليوم لغتهم الأم ولهذا هم اليوم أكثر عروبة من عروبة عدنان وقحطان.
اللغة قوة جبارة ولهذا إكتسابها يعني إكتساب الهوية. فإن كانت – ولو جدلا – الشعوب التي ندعي الإنتماء  إليها إكتسبت لغة جديدة وهي السريانية كلغتها الأم فمعناه أنها إكتسبت هوية جديدة وخلعت عنها الهوية القديمة.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,613364.0.html

رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,613603.0.html