مخاوف من سيطرة مسلحين أكراد على القامشلي مع حدوث فراغ أمني مفاجئ

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 28, 2012, 09:23:55 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مخاوف من سيطرة مسلحين أكراد على القامشلي مع حدوث فراغ أمني مفاجئ




عنكاوا كوم – القامشلي- خاص


يسود مدينة القامشلي السورية والمناطق المحيطة بها حالة من الترقب الحذر والحراك السياسي النشط لأغلب القوى السياسية في المدينة الحدودية مع تركيا بعد الإشاعات التي انتشرت يوم السبت الماضي عن سيطرة مسلحين على المقار الأمنية في القامشلي وريفها بعد انسحاب القوات الأمنية والحكومية منها.

وبدأت حالة التوتر والاحتقان تنتشر في مناطق القامشلي مع ورود إشاعات متضاربة حول الحالة الأمنية للمنطقة، وفيما روجت بعض تلك الإشاعات لسيطرة الجيش السوري الحر المعارض على المقرات الأمنية والمعابر الحدودية، أفادت إشاعات أخرى بأن مسلحين أكراد يتبعون حزب الاتحاد الديمقراطي ذي الصلة  بحزب العمال الكردستاني تسلموا إدارة المدينة من القوى الأمنية التي انسحبت منها. وقالت رواية أخرى بأن جنود أكراد منشقين عن الجيش السوري وفارون أكراد إلى إقليم كردستان دخلوا منطقة القامشلي الحدودية للسيطرة عليها.

وأثارت أنباء سيطرة المسلحين الأكراد على المنطقة حساسية بالغة في المدينة المتعددة القوميات والأعراق والطوائف، وبدا الاحتقان واضحاً بين المكونين العربي والمسيحي، حيث تتكون القامشلي وريفها على أرض الواقع من هذين المكونين إلى جانب المكون الكردي، بغض النظر عن نشاط وتوجهات تلك القوى السياسية والاجتماعية أو حتى العشائرية.

واختزلت هذه الإشاعات توجهات الأحزاب والقوى السياسية أياً كان توجهها الإيديولوجي، وبدأت تحركات جدية لتوحيد صف القوى السياسية والاجتماعية في الوسط المسيحي، وفي هذا الإطار تم الإعلان مؤخراً عن تأسيس "المجلس الاجتماعي الوطني" ليضم قوى سياسية واجتماعية ودينية. وفي الوسط العربي توجد تحركات بهذا الاتجاه وإن بفاعلية أقل.

وحتى على المستوى الإقليمي، تتخوف تركيا الجارة من تنامي نفوذ "حزب الاتحاد الديمقراطي" المقرب من "حزب العمال الكردستاني" الانفصالي الذي يقاتل أنقرة وهو ما تخشى تركيا القوة الإقليمية أن يزيد من تعقيد جهودها لحل مشكلتها الكردية العسيرة. في الوقت الذي ينفي فيه حزب الاتحاد الديمقراطي أي صلة بحزب العمال الكردستاني المدرج كمنظمة إرهابية على لوائح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا، والذي يخوض منذ 28 عاماً صراعاً انفصالياً في تركيا أودى بحياة أكثر من 40 ألفاً من الطرفين.

وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان اليوم الخميس إن "بلاده قد تتخذ إجراء ضد منظمة إرهابية بشمال سوريا إذا رأت أنها تمثل تهديداً" في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الذي انتشرت أنباء تفيد بسيطرة مسلحوه (وحدات الحماية الشعبية) على مدينة القامشلي ذات البعد الإقليمي.

وقال مسؤول في حزب الاتحاد الديمقراطي لعنكاوا كوم إنه بعد تفجير دمشق يوم الخميس الماضي الذي سقط فيه أربعة من كبار القادة الأمنيين في سوريا "تولد فراغ أمني في المنطقة نتيجة تزايد الانشقاقات والحالة النفسية السيئة للجنود وقوات النظام بمن فيهم الضباط. ومن مبدأ ملئ الفراغ الأمني ودرءاً لأي حالة فوضى وخاصة في مناطق الحدود مع تركيا والعراق، تمت السيطرة (من قبل "وحدات الحماية الشعبية" المسلحة) على منطقة المالكية" التي تقع في المثلث السوري التركي العراقي.

وأوضح المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إن "وحدات الحماية الشعبية تتمتع باستقلالية بحتة مع العلم إنها تستند في هيكليتها التنظيمية وعملها الإيديولوجي على فلسفة عبدالله أوجلان" زعيم حزب العمال الكردستاني الذي استضافه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والد بشار لسنوات قبل أن تهدد تركيا عام 1998 بغزو سوريا مما اضطر إلى إرساله للخارج وبعدها اعتقله رجال المخابرات التركية وأعادوه إلى تركيا.

وقال شباب عرب تجمعوا للاستفسار عن حقيقة الوضع على الأرض في القامشلي لعنكاوا كوم بأن "ما يجري في المنطقة هو معركة وجود ومصير".

وحاولت التنسيقيات الشبابية المنظمة للمظاهرات المناهضة للنظام السوري في القامشلي مركز ثقل الأكراد السياسي تهدئة الأوضاع، ودعت إلى عدم تصديق الإشاعات التي تهدف إلى خلق فتنة بين الشعب السوري بشكل عام وأبناء المنطقة بشكل خاص، ونشر "ائتلاف شباب سوا" أبرز التنسيقيات الميدانية في القامشلي خبر نفي رسمي من إقليم كردستان العراق عن دخول أي جندي إلى الأراضي السورية، وطالب الناشطين عبر صفحات التواصل الاجتماعي عدم نشر أي خبر دون التأكد من صحته.

ومع مرور الوقت ثقيلاً مساء يوم السبت الماضي على سكان منطقة القامشلي وريفها، بدأت تتكشف الحقائق تدريجياً، وبدا أن الواقع مخالف تماماً لما تم ترويجه عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي حيث ترفرف أعلام الدولة السورية وصور الرئيس السوري بشار الأسد على المقرات الأمنية في مدينة القامشلي وريفها.

واتضح ميدانياً أن أحداث يوم السبت إعلامية في أغلبها، أثارتها الفضائيات وكشفت عن عدم فهمها لخصوصية المنطقة وتعقيداتها. وباستثناء سقوط قتيل في المالكية وآخر في القامشلي في اشتباكات محدودة مع قوات الأمن لم يسجل أي تطور كبير يذكر يوم السبت. واستعاد الجيش السوري في اليعربية المركز الحدودي مع العراق بعد سيطرة مسلحين عرب عليه لساعات بعد أن استغلوا تلك الإشاعات، كما أن الوضع في مدينة المالكية هادئ وتوجد مراكز عامة تابعة للنظام السوري قائمة على رأس عملها.

ومنذ بداية الحراك المناهض للنظام السوري في آذار 2011، تدير وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي العديد من الأمور الخدمية للأهالي في منطقة القامشلي مثل الإشراف على توزيع الغاز والمحروقات، كما تشرف على بعض الحواجز المسلحة المحيطة ببعض مناطق القامشلي وريفها، إلا أن شخصيات سورية معارضة تتهم حزب الاتحاد الديمقراطي بالقيام بدور داعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقمع المظاهرات في المناطق الكردية واغتيال ناشطين معارضين للنظام.

ونفى المسؤول في "حزب الاتحاد الديمقراطي" -الذي يطلق على مناطق تواجد الأكراد في شمال سوريا اسم "غرب كردستان"- هذه الاتهامات قائلاً إن "وحدات الحماية الشعبية" ليست للهجوم إنما كما هو واضح من اسمها أي "حماية كل مكونات المجتمع وليست لحماية الأكراد فقط"، موضحاً "أننا لا نتبع مبدأ التعامل بالمثل فيما يخص الحل الأمني الذي يتبعه النظام في معالجة الثورة السورية".

وانتقد المسؤول الكردي بعض الأساليب التي يتبعها الجيش السوري الحر في صراعه مع النظام مثل تمركزه داخل المدن والأحياء ما يعرض الأهالي للخطر. مبدياً احترامه للجيش الحر "لأنه نتج على رد فعل على مجازر النظام وفق ما يراه مناسباً".

وتتعامل قوات الأمن مع مظاهرات منطقة القامشلي بسلمية على العكس تماماً من المواجهات العنيفة والدموية التي شهدتها باقي المحافظات السورية قبل أن تدب الخلافات السياسية بين المتظاهرين أنفسهم وينقسم الحراك ليتحول إلى أكثر من نقطة تظاهر في المدينة ذات الأبعاد الإقليمية الكثيرة.

ولم تشهد القامشلي -التي تحظى بهامش من الحرية والهدوء النسبي مقارنة مع باقي مدن القطر- قتلى باستثناء سقوط اثنين خلال تشييع جنازة الزعيم الكردي مشعل التمو يوم 8 تشرين الأول الماضي الذي تم اغتياله قبلها بيوم في القامشلي إضافة إلى مقتل جنود الجيش النظامي السوري من أبناء المدينة الذين سقطوا في الصراع الدائر في باقي المحافظات السورية.

وختم المسؤول الشاب حديثه مع "عنكاوا كوم" قائلاً "نحن نؤيد الانتفاضات السلمية البحتة لحماية المجتمع بكافة مكوناته. ولا نؤيد حمل السلاح في الثورة السورية، ولكننا بقدر عدم تفضيلنا للمظاهر المسلحة بقدر ما نحن جاهزون لحماية المجتمع، فحتى الأزهار تملك أشواكاً لتحمي بها نفسها".