الأقليات السورية قلقة مما ستكون عليه الاوضاع بعد الأسد

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 12, 2012, 08:41:15 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

الأقليات السورية قلقة مما ستكون عليه الاوضاع بعد الأسد


عنكاوا كوم – ستيفن استار – ترجمة رشوان عصام الدقاق

يمثل سكان بلدة صدنايا، الواقعة على مرتفع يبعد 25 ميلاً الى الشمال من دمشق، مجتمع مُتحد مُغلق، وهم يُصلون معاً في العديد من كنائس البلدة التي تلبي احتياجات مئات العوائل من اليونانيين الأرثودكس والسريان الكاثوليك والسريان الأرثودكس.
ويُشارك أبنائهم وبناتهم بشكل منتظم في النشاطات الكشفية والفرقية ويتميز إيمانهم المسيحي بقوته من خلال نشاطاتهم اليومية ومواقفهم السياسية.
ويتشابه المسيحيون السوريين مع غيرهم من الأقليات في التعبير عن القلق الكبير من طبيعة وتركيبة الانتفاضة الحالية ويُواصل رؤساء الكنيسة دعم النظام الذي بدوره يقول للأقليات بأنه سيعمل على حمايتهم من العناصر الاسلامية المتطرفة.
وحين مرّت قذيفة في شهر كانون الثاني الماضي من خلال جدار أحد الأديرة ولم تنفجر، ألقى السكان المحليين اللوم على الجماعات المسلحة الارهابية في البلدات المجاورة وشكروا ألله لعدم إحداثها أضراراً جسيمة. وحين قُتِلَ جندي مسيحي في العمليات القتالية مُنح المجال والوقت والأمان لعائلته والمجتمع في أثناء جنازته، وهو الشيء الذي يمكن أن يحلم به الناشطون داخل البلاد.
لا تريد معظم الأقليات السورية، التي يُقدر تعدادها بحوالي 25% من مجموع السكان، سقوط نظام الأسد. وهناك روابط شائعة بين المسيحيين والعلويين، الأقليتان اللتان تمثلان أكبر الأقليات الدينية السورية المتقاربة. يرتاد عادة العلويين بإنتظام النوادي الليلية مع المسيحيين، وتتناول العوائل الدروزية والمسيحية والعلوية وجبات الطعام في المطاعم التي تقدم المشروبات الكحولية مثل البيرة والعرق.
يرتبط العلويين في سوريا مع النظام الحاكم في القلق والخوف نفسه لأن العديد منهم  يشغلون وظائف في مختلف قطاعات الاقتصاد السوري. ويرتبط المسيحيون مع الكنيسة الأرثودكسية الروسية التي رفضت علناً التدخل الأجنبي في سوريا. وينظر السكان الشيعة السوريين الى حزب ألله، الذي مايزال مؤيداً قوياً لنظام الأسد، للإسترشاد. ويُلاحظ أن هذه العوامل تعمل جميعها الى دفع الأقليات الى التقرب الأكثر من السلطات السورية. وعلى رأس ذلك وسائل إعلام الدولة التي تقول للأقليات ما يُحبون سماعه من أن النظام هو معقل الإستقرار.
لكن على الأقليات السورية عدم الخوف من ولادة حكومة جديدة عن هذه الثورة.
أشعر من تجربتي على مدى خمس سنوات بأن سوريا بلداً أكثر ليبرالية من دوّل الجوار مثل العراق والاردن. وفي مدينة اللاذقية الواقعة على ساحل البحر المتوسط هناك ولسنوات طويلة تجلس الفتيات الصغيرات منتظرة على طاولات المطاعم.
لقد لاحظت من خلال مقابلاتي للناس في دمشق أن الفتيات المراهقات المحجبات اللواتي ينحدرنَّ من عوائل ثرية ( من السنّة بشكل عام) يقتبسون الكثير من المسلسل التلفزيوني الأميريكي، فتاة القيل والقال، أكثر مما يحفظون من القرآن، إنهم مستقبل سوريا.
في الواقع، ترتص مقاعد السلطة – دمشق وحلب – والإسلام الراديكالي على خط مثالي واحد. يُريد الناس الأمان ومدارس جيدة والوظائف ولن يدعموا نظام اسلامي ليحل محل الأسد وهم يُشاهدونه يقتل الآلاف.
هناك سوابق تاريخية تشير الى التسامح مع أولئك الذين وقفوا مع قوى المعارضة، التي تتمثل بالأغلبية من السنّة في سوريا. على سبيل المثال، حين غادرت قوات الاستعمار الفرنسي سوريا في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي ناشدهم العلويين والمسيحيين للبقاء لأنهم كانوا يخافون من رد الفعل العنيف للسنّة السوريين بسبب ما حصلوا عليه من مزايا من خلال الارتباط القوي بالنظام الفرنسي. وفي حينها غادر الفرنسيين ولم يحدث رد فعل انتقامي. وأشار العديد من الناشطين السنّة الذين تكلمتُ معهم الى الحقيقة في أن فارس الخوري كان مسيحياً ومع ذلك تقلد منصب رئاسة الوزراء مرتين قبل سيطرة نظام الأسد. ويقولون بأن عائلة الأسد هي عار على العلويين.
على أية حال، حين زوال الأسد ومافيته، ماذا سيبقى لقوات أمنه حتى تقاتل من أجله؟ من المحتمل وعلى الأرجح، لبعض الوقت سيتراجع بعض العلويين الى قراهم في الجبال على طول الساحل السوري، ولكنهم لن يرغبوا في جلب العنف الى قراهم. وحالما يزول الأسد فإنهم يعلمون أن لاشيء بقى للقتال من أجله.
بالتأكيد سيكون هناك عمليات انتقام ضد العلويين شابيحا وقوات الأمن ولكن ليس بالمقياس الذي سيؤدي الى الاستهداف المرّكز لكامل الشريحة العلوية أو غيرها من الأقليات. وليس هناك خيارات جيدة لكافة من يعيش حالياً في سوريا – السنّة أو الأقليات. ولكن وحشية النظام كفلتْ انتصار الثورة عليه. ويبقى السؤال بالنسبة للأقليات السورية اليوم كالآتي: متى سيتمكنون من الأخذ بزمام الأمور وبناء مستقبل حياتهم.