اليونسكو : ستة ملايين أمي في العراق لا يعرفون القراءة والكتابة معظمهم من النساء

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, يونيو 28, 2012, 02:01:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

اليونسكو : ستة ملايين أمي في العراق لا يعرفون القراءة والكتابة معظمهم من النساء

بغداد ( إيبا ) ... تشير التقارير الصادرة عن اليونسكو ( منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ) الى إن هناك ستة ملايين أمي في العراق لا يعرفون القراءة والكتابة، وعاجزين عن تكوين جملة مفيدة معظمهم من النساء. ولقد عضدت هذا الرقم اللجنة البرلمانية المتخصصة في قضايا التربية والتعليم في العراق.

وتقول منى المعموري وهي احد أعضاء اللجنة يحتوي العراق على جيش أمي لا يعرف القراءة، معظمهم من النساء، وهناك أسباب عديدة لزيادة نسبة الأمية الى اولاً لعدم توفر الظروف الأمنية والى تدهور الحياة الاقتصادية والبنية الاجتماعية التي لا تؤمن بالتعليم كشرط أساسي للمعيشة.

ويعتبر العراق استنادا للتقارير الصادرة عن منظمة اليونسكو بانها اول دولة في منطقة الشرق الاوسط استطاعت القضاء على الأمية بشكل تام في فترة أعوام ١٩٨٠، لكن فداحة الظروف السياسية التي يمر بها العراق منذ الاحتلال الامريكي عام ٢٠٠٣ وما سبقتها من انشغال العراق في حروب مدمرة غير مجدية، وما أدى اليه الحصار الاقتصادي من تحطيم الاقتصاد والبني التحتية وإلغاء جميع المشاريع الحية وتعطيل تقدم التربية والتعليم والصحة خلال أعوام ١٩٩٠ أدت الى انتشار الأمية بشكل وضع العراق على اعلى مرتبة من وجود العدد الكبير جداً من الأميين.

وتنتشر الأمية بشكل كبير بين النساء، وبين سكان القرى والأرياف والمناطق البعيدة عن مراكز المدن، ولقد صدر بيان عن لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية من اجل العراق والذي يذكر فيه بانه بين كل خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين ١٠-٤٩ سنة أمي لا يعرف القراءة والكتابة ولا تركيب جملة مفيدة قصيرة لها علاقة بحياتهم العامة التي يمارسونها. لقد قفزت نسبة الأمية في العراق الى اكثر من ٢٠٪ خلال أعوام ١٩٩٠، بعد ان كان العراق معافى من الأمية بشكل تام خلال فترة الثمانينات، وكما تذكر ماري كرومي المسؤولة من منظمة لجنة التنسيق من اجل العراق هناك بعض المناطق تعاني من انتشار الأمية وخاصة في المناطق البعيدة عن مراكز المدن والقرى والأرياف بحيث تصل نسبة الأمية الى نسب عالية وخاصة بين النساء حيث تصل الى اكثر من ٥٠٪ .

لقد كان العراق نموذجا حيا لأقوى نظام تعليمي وصحي في الشرق الاوسط، وبعد استضافة المؤتمر التربوي في بغداد عام ١٩٧٦ والذي تمت فيه مناقشة الوسائل الناجعة في معالجة المشاكل التربوية والتعليمية في العالم العربي لأخذ الناشئة نحو مستقبل افضل من قبل المؤتمرين، حينها وبعد انتهاء المؤتمر اصدر العراق قانون التعليم الإلزامي على جميع الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ٦-١٥ سنة التسجيل في المدارس والانتظام في الدراسة وكل من يخالف هذا القانون سوف يعرض نفسه للسجن.

لقد ساعد القانون زيادة نسبة المتعلمين في جميع المحافظات، وأعطى دعماً للعراق حيث اصبح اول دولة عربية تطبق نظام قانون التعليم المجاني، وبناءاً على ذلك، قدرت اليونسكو بان نسبة التحاق الطلبة في المدارس الابتدائية وصلت الى اعلى نسبة وهي ١٠٠٪ خلال أعوام الثمانينات ( ١٩٨٠) من القرن الماضي الكثير من أعوام التسعينات ( ١٩٩٠ )، حينها منحت اليونسكو افضل جائزة للعراق لنجاحه في القضاء على الأمية بشكل تام في عام ١٩٨٢.

لقد كانت بأية أعوام ١٩٩٠ في العراق صعبة جداً، تخللها تحمل تبعات الحرب العراقية الإيرانية والدخول الى الكويت، مما حدى بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اصدار قراره المشؤوم رقم ٦٦١ والقاضي بفرض العقوبات الاقتصادية الدولية الاكثر حدةً في القرن العشرين، واستمر الحصار لمدة ثلاثة عشر سنة والمجتمع الدولي تحت ضغط شديد من الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من الدول العربية والتي بموجبها منعت العديدوالعديد من المواد والعناصر المهمة والإساسية لادامة الحياة. وشملت البنود منع المواد التعليمية الكثيرة والتي هي بأمس الحاجة للطالب كأقلام الرصاص وأنواع اخرى من الأقلام والكتب التعليمية وأجهزة الكمبيوتر.

علاوة على ذلك، وكنتيجة حتمية للحصار الصارم، لم يتمكن الطالب من متابعة متطلبات دراسته من احتياجات مختبرية ومصادر علمية وكتب عالمية تفيده في دراسته وبحثه، كما عانى العلماء بهذا الحصار حيث تم منعهم من إكمال دراساتهم العليا خارج العراق، كما تم منعهم من المشاركة في المؤتمرات العالمية وحضور الدورات التدريبية. في حين انخفضت معدلات الالتحاق في المدارس النظامية ومدارس محو الأمية الذي بقيت فيها نسبة الالتحاق عالية في السنوات الاولى من الحصار.

لقد عانت المدارس من الإهمال بعد ان كان التعليم والصحة من أوليات الامور التي اهتمت بها الحكومة وخصصت لها ميزانيات عالية لتوفير الجودة والدقة والمتابعة، والتفتت الدولة الى قضايا اكثر حساسية لمقارعة المخاوف من وقوع ما حصل الان، لكنها رغم ذلك تفرغت للعناية بالمراكز الصحية والعيادات الطبية والمستشفيات لعامة الناس رغم إصرار امريكا ودول التحالف بمنع دخول الأدوية الى العراق.

  لقد اغتيل اكثر من ٤٠٠ من اساتذة الجامعات والكفاءات العلمية للتخلص منهم اولا ، وثانيا كتم الأصوات المطالبة بالاصلاح وخاصة بين الأعوام ٢٠٠٣/٢٠١٠، وهذه الظاهرة الفريدة الموجهة الى العقول العراقية الكفوءة أدت الى هجرة جماعية لبلدان الجوار وشتى أنحاء العالم، فلقد غادر العراق الآلاف من العقول الفريدة منهم أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والمدرسين وكل كفاءة تستطيع الفرار خوفا من الاغتيالات المتعمدة للتخلص منهم وتفريغ العراق منهم وزجهم في المعتقلات.

ان الحاجة الماسة للمدرسين ذوي الخبرة أدى الى نقص هائل في عودة الطلبة الى مدارسهم، حيث تمت سرقتها وهدمها وإحراقها بعد الاحتلال الذي أشاع فوضى مخيفة في العراق وسادت ثقافة العنف الدموي من اجل السيطرة على مقاليد الامور، بل شجع اللصوص والقتلة حيث اصبحت تتم الامور الإجرامية تحت مسمع ومراى جيوش الاحتلال.

لقد وصل عدد الطلبة الملتحقين في المدارس الى نسبة واطئة ٣٣٪ بعد ان عدد الطلبة الملتحقين في التعليم الابتدائي ١٠٠٪، ولقد احتلت قوات الاحتلال الكثير من المدارس وجعلها مراكز لعملياتهم العسكرية مما أدى الى حدوث أضرار كثيرة وسقوط ضحايا من المدنيين.

ان ما حصل للعراق من تهديم متعمد لجميع بناه أدى الى ضائقة كبيرة عانت منها المراءة على وجه الخصوص، حيث منعت الكثير من الطالبات للعودة الى مدارسهن خوفا عليهن من التفجيرات والاختطاف والاغتصاب ولسوء الحالة الاقتصادية التي تعاني منها معظم العوائل لإشاعة البطالة بشكل ملحوظ جداً، ( مؤسسة ميسي كول )، لكن هناك تقرير حكومي غير موثق يصرح فيه على ان نسبة التحاق الطلبة في المدارس وصل الى ٤٥٪ في عام ٢٠١١، ويرجع ذلك الى بعض المكاسب الامنية.

ان ما يجب على الدولة عمله هو اعادة تأهيل المدرسين وتوفير المستلزمات المدرسية وبناء مدارس لتستوعب جميع الطلبة والتخلص من الصفوف المزدحمة التي يصل اعداد الطلبة في غالبيتها الى ٧٠ طالبا في الفصل الواحد واستيعاب الطلبة المتسربين وعودة أطفال الشوارع لمدارسهم.

يحتاج العراق الى بناء ٦٠٠٠/٧٠٠٠ مدرسة تشمل جميع محافظات العراق وذللك للاحتياج الفوري وزيادة النسبة العمرية للدخول الى المدارس في المجتمع العراقي، ومعالجة المناهج التي وصلت الى حد أدنى من ضحالتها وخلوها من اي فائدة علمية للطلبة، وإنشاء دورات تدريبية مكثفة لتدريب المدرسين على طرق التعليم والتعلم الحديثة، والتركيز على تعليم البنات.

ان احياء التعليم في العراق مهمة صعبة تحتاج الى جهود مكثفة لها دراية تامة بالعملية التعليمية والاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في مجال التربية والتعليم والابتعاد عن الحزبية والطائفية والتركيز على تبني احدث المعلومات وما وصل اليه العالم من تقدم في مجالات العلوم والطب والتكنولوجيا، وتحديد الأوليات الرضوية لسد الثغرات التي حصلت نتيجة عشرات السنين من البعثرة الساسة والتخبط الحزبي والطائفي من اجل بناء عراق قوي كي يسترجع سمعته الأكاديمية، وتخصيص ميزانية بعيدة عن ايدي اللصوص لبناء البنية التعليمية على أسس صحيحة التي وضعته في مصافي الدول المتقدمة. ( النهاية )
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير