لمحة من إبداعات الأدب المشرقي أو السرياني الفكر المسيحي يعمق النص الإبداعي 8

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مايو 22, 2012, 02:40:24 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

لمحة من إبداعات الأدب المشرقي أو السرياني
الفكر المسيحي يعمق النص الإبداعي 8


عنكاوا كوم / جريدة الزمان / فؤاد يوسف قزانجي

تنوعت اشكال الادب السرياني او المشرقي ،ولكنه ظل في اغراضه ومغازيه متاثرا بالفكر المسيحي، ولذلك فهو مزيج من الادب الدنيوي والديني بصورة عامة. اما اساليبه الادبية النثرية والشعرية فقد تاثرت بالاداب الارامية واليونانية والفارسية، منذ اواخر القرن الاول قبل ان يصبح ادبا قائما بنفسه، فيجدد ويبدع خاصة في مجال الشعر و الرويات التاريخية الشعرية وبعض القصص النثرية .وفي الحقيقة كان معظم الادباء والشعراء من رجال الدين والرهبان الذين تثقفوا في الاكاديميتين المشهورتين نصيبين الاولى 325 ــ 363 والثانية 490 ــ 637 وكذلك الرها363 ــ 489 تقريبا. وتشير المصادر بالسريانية الى وجود قصص واشعار واساطير ارامية كانت لاتزال موجودة في مملكة اوسروينة وعاصمتها مدينة اورها الرها او اديسا وكذلك في مدينة حاران الارامية والقريبة منها والتي تعني الطريق سابقة لنشأة الادب المشرقي من بينها قصة احيقار الحكيم واشعار الفيلسوف وفا ، اما الاساطير الارامية مثل اسطورة الاله هدد فقد اهملت لكونها وثنية ثم ضاعت، لكن الكتاب الوحيد والنادر عن الوثنية هو لابي الحسن بن ثابت بن قرة المكتوب في مدينة حران بالارامية او السريانية ، ومما جاء فيه ان حران لم تتدنس قط بضلالة الناصرية او النصرانية، بل بقيت وثن. ووالمعروف ان آل ثابت هم من شيوخ المندائيين ــ الكلدانيين في حران، وقد حقق هذا الكتاب وترجمه الباحث بيجان عن مخطوطة بلغت صفحاتها 869 .
كانت قصة احيقار الحكيم وامثالها المكتوبة اصلا بالارامية قد شاعت منذ تاليفها في القرن السادس قبل الميلاد ونظرا لعدم تقاطعها مع الايمان بالله، فقد جرى على ترجمتها السريانية تغيير بعض العبارات واضافة عبارات مثل الله والاله الواحد وارتكاب الخطيئة وغيرها من الكلمات الايمانية، حيث ان هذه القصة حافلة بالمثل والعبر، وقد انتقلت الامثال التي تضمها الى التراث العبري في القرن الرابع حينما وجدت في سفر طوبيا. كما ادخلت في القرن الثالث في رواية فرعون التي رواها مار توما. وكانت قصة احيقار وحكمته قد انتقلت عن طريق السريان الى اليونان والرومان وبلاد فارس والعرب ، وهناك مجموعة من الامثال تنسب الى ميناندر تشابه حكم احيقار ،وقد جعلها ميناندر تتكون من مائة قول ونيف، الا انها تفتقر الى مقدمة قصصية. وهكذا فقد نمى الادب السرياني في مملكة اوسروينة 132 ق.م. ــ 216م في جو مستقل عن التاثير الروماني حيث كانت دويلة شبه مستقلة حتى عام 216 تقريبا ،وكان آخر ملوكها من الانباط من ذوي الاصول الارامية، مما ساعد على انتشار هذا الادب الى بقية المدن في شمال سوريا مثل نصيبين وقنشرين وغيرهما. وقد نمت المسيحية في حاضنة ارامية في هذه الدويلة، حيث تبنت اللغة السريانية المنحدرة من الارامية. ومن الراجح ان تتيانس الاشوري قد ترجم الانجيل الرباعي في ولاية حدياب بعد عودته من روما في عام 170. وان الشاعر المشرقي الاول برديصان ت 222 برز بشعره وفلسفته بشكل مبكر وكذلك ابنه هيرونيموس، وقد نظم برديصان 150 قصيدة وترنيمة، وذاع صيت كتابه شرائع البلدان الذي تناول قضية القدر وحرية الانسان، حيث يقول دعونا نأت بسؤال عويذا لماذا لم يصنعنا الله بحيث لا نخطىء ولا نستشعر ذنبا؟ والجواب هو ان الانسان لو لم يكون على هذا النحو حرا ، لفقد قيمته الانسانية الخاصة،وصار اداة لمن يشغله . وسجلت الرها روايات عن نشاطات بعض القديسين ورحلاتهم الى العراق وخاصة الى سلوقية التي كانت آنذاك قرية يحفها الاكواخ وكذلك الى حدياب ومن ثم الى ايران والهند مثل تعاليم مار اداي و استشهاد القديس شربل وبرصيما وكذلك قصة بوفيميا والغوطي ، وتعود بعض شكوك الباحثين الى ان روايتها التي كتبت بعد قرنين او اكثر. وفي القرن الرابع كان عدد من المدارس السريانية العالية قد بدا في نصيبين والرها بالاضافة الى انطاكيا و مدرسة الاسكندريةالتي تحولت الى الفكر المسيحي . وفي اجواء هذه المدارس بدا تطور الادب المشرقي المسيحي ، واتخذ الشاعر السرياني الاول برديصان اسلوب الشعر الحر الذي اعتمد على بحور بسيطة بعيدا عن القافية. وقد تنوع الادب السرياني بين الرواية التاريخية والرواية التراثية وكذلك ما يسمى بالتقليد اي الرواية الدينية. ومعظمها كما سيتبين لناروايات شعرية، لسهولة حفظها في بلاد تكتب على الرق المكلف الثمن. ومعظم الروايات الدينية تغرف من منابع الكتاب المقدس التي تبلغ حوالي خمسين سفرا. اما الاغراض الشعرية فانها تتشابه مع الروايات وتضيف عليها القصائد والاشعار التي تنتقد البدع الهرطوقية، بالاضافة الى اشعار الترانيم والاناشيد الدينية التي تنشد او ترنم في الكنيسة. ولمعرفة حجم الاشعار السريانية، فان الشاعر الفقيه افرام سويروس الملقب بالسرياني مثلا نظم مايقرب من مليون بيت من الشعر كما نظم اسحق الانطاكي قصيدة ملحمية عن سبل التوبة تضم 1928 بيتا. كما كتب السريان نثرا او نظموا شعرا الاحداث الجسام التي واجهتهم ،حيث نظموا المراثي حينما كانت تجتاح مدنهم جحافل الفرس وغيرهم مثل مرثية سقوط مدينة نصيبين، وكذلك مقتل الاف المسيحيين حرقا في نجران من قبل يوسف مسروق اليهودي في فاجعة الاخدود التي نظم عن كليهما يعقوب السروجي قصيدتان طويلتان تصوران احداثهما بروعة ولوعة، كما نظم ايضا رواية شعرية عن معجزة اهل الكهف السبعة الذين ناموا عشرات السنين بكهف في افسس في عهد الامبراطور دقيانوس في مفتتح القرن الثالث. وقد سجلت قصة حياة الراهب بحيرى من قبل كاتب مجهول في نهاية القرن السادس استفاد منها الفقيه يوحناالدمشقي، وكتبها بايجاز الفقيه في النصف الثاني من القرن الثامن في احد كتبه. اما القصص الفارسية فابرزها قصص الحيوان الذائعة الصيت مثل كليلة ودمنة التي ترجمها عن الفهلوية الى السريانية بودة وذلك في القرن السابع وبعدها ترجمت الى العربية في القرن الثامن. وكذلك قصة السندباد والحكماء السبعة . 1 وكان العلامة لوقيانوس السميساطي نحو125 ــ 192 قد خلف لنا 72 مؤلفا ورسالة دينية ودنيوية من بينهاكتاب المحاورات في الفلسفة وكتاب قصص صحيحة الذي تسلسلت منه قصص السندباد البحري وغيرها من قصص الف ليلة وليلة التي نقلت الى العربية . وقد تاثر احد المؤلفين السريان المجهولين بقصة كليلة ودمنة فالف قصة على لسان الحيوانات الواردة في الكتاب المقدس. وكان الكاتب قد الف حكايات عن النسر المحلق الذي مأواه الجبال الشاهقة، فهي تصعد الى السماء وتنقل احمالا وهي تجلس على الحجر وتلد وهذه القصص اشبه بالحكايات الشعبية التي كانت سائدة في القرون الميلادية الاولى. 2
اما بالنسبة الى تاثير الادب اليوناني والروماني، فقد تمثل بترجمة كثير من القصص والروايات عن اللغة اليونانية من بينها ملحمة الاوديسة التي نقلها الى السريانية ثيوفيل الحمصي الماروني ت785 . وكذلك نقلت قصة حياة سيكوندوس التي تجمع بين القصة ومجموعة من الاقوال الحكمية لعلها محاكاة لقصة احيقار، ويذكر ان اسحق النينوي كان قد اخذ منها بعض الامثال في رسائله. وتروي القصة ان سيكوندوس الحكيم كان قد نذر ان لايكلم احدا لفترة من الزمن. وحينما سمع الامبراطور هادريانوس بهذا الامر اراد ان يختبره فارسل يستقدمه، وطلب منه ان يذكر له اهم امثاله الحكمية، فرفض ان يتكلم. ما حينذاك امر الامبراطور ان يعدم، لكنه استدعى الجلاد سرا واخبره انه يريد ان يختبره لا ان يقتله. تنتهي بانه لم يتكلم رغم محاولة اعدامه. واخيرا يرجوه الامبراطور بكتابة حكمته على لوح لكي يحفظها لديه، ولذلك توجد امثال عديدة ملحقة بالقصة. ويوجد نص اخر حكمي يعود الى الفيلسوفة الفيثاغورية ثيانو من بينها يعوزنافي الدنيا ان نختار الكامل لا الممتع و ان من يغضب يلحق الضرر بنفسه، لانه لايغضب احد من دون وقوع بلوى نتيجة ذلك و لا احد احوج من الشخص الذي لايكتفي بما عنده من ثروة ، ولا احد غني من المستكفين بقليل من القلق . من بين الامثال الحكمية التي كتبها السريان في مقاربة الى الادب اليوناني هي ارشادات انطون طبيب افلاطون . ويكتب لنا احد الادباء السريان المجهولين في قصة جبل الاولمب وصفا خياليا رائعا لجبل الاولمب، الذي يصوره بجبل من لهب وان النيران السماوية تنير عقول الناس برؤيا الحكمة. وقد كتب العالم والاديب ساويرس يعقوب بر شكاكو ت1241 موسوعة تسمى كتاب الحوارات والتي تضم كتابات في اللغة والنحو والشعر والفلسفة والطبيعة والهندسة والفلك والموسيقى. وبر شكاكو يعد ثالث باحث يكتب موسوعة بعد ابن التلميذ وابن العبري. ويؤلف ابن العبري وغيره اقوالا حكمية على لسان الاغريق والفرس والهنود والحكماء والخلفاء والنساك والاطباء، وذلك في كتابه حكايات مسلية .
وهناك قطعة ادبية وثيقة الصلة بقصة احيقار الحكيم وقد تكون اصولها تعود الى الادب الارامي القديم، والقطعة بالسريانية وهي عبارة عن منافسة حكمية في حل الالغاز وعلى النحو التالي كتب ملك بابل وارسل الى ملك الفرس قائلا؛ فسر لي ستة اشياء فتاخذمني جزية ثلاث سنوات، اما اذا لم تسطع الاجابة عليها غعليك ان تعطيني جزية ثلاث سنوات ما الاثقل من الجبل، والاحر من النار ،والاحد من السيف، والاحلى من العسل، والادسم من الية الخروف، وما الاكيد بين المخلوقات؟ اما اجابة ملك الفرس التي ردها الى ملك بابل فكانت؛ الاثقل من الجبل هو الغش، والاحر من النار غضب الانسان، والاحد من السيف لسان امرأة شريرة، والاحلى من العسل الحليب في فم الرضيع من ثدي امه، والادسم من الية الخروف الارض والماء اللذان يجعلان كل ما عليها دسما، اما الاكيد بين المخلوقات هو الموت. كانت حكمة احيقار قد انتشرت في ضفتي البحر الابيض المتوسط. وصار ادباء اليونان يحاكونها ومن بعدهم الادباء السريان ومن ثم العرب. وقد وجدت مجموعة حكمية باللغة السريانية تنسب الى الاديب اليوناني ميناندر،وهي ليست كذلك، وتتكون من مائة قول ونيف، الا انها تفتقر الى مقدمة قصصية، وتتعلق معظم اقوالها بنصائح الى الاطفال، ومنها ذو طابع اخلاقي من مثل الكسل مقيت اذ انه يؤدي الى الجوع والعطش والعري والاسف، وما اروع الاجتهاد وامجده، انه يؤدي الى امتلاء المعدة في كل الاوقات واستنارة الوجه ، وحتى ان لم ينجح في الحياة فانه على الاقل لن يلومه الناس . ويذكر ان الادباءالمشرقيين او السريان قد انتجوا بعض القصص الخيالية التاريخية، متاثرين بالكتاب اليونانيين مثل رواية غرام الاسكندر التي تنسب الى كالستيس. بدليل ان الرواية السريانية لاتتفق مع اي من النسخ اليونانية المنقحة. ومن ضمن مميزاتها فصل طويل عن رحلة الاسكندر ذو القرنين الى مجاهل الصين، اذ يضيف الروائي السرياني احداثا خارقة او عجيبة تلك التي واجهها الملك الاسكندر الكبير في سفرته، ويبدو ان هذه القصة قد انتقلت الى الثقافة العربية ــ الاسلامية في قصة ذي القرنين وقصة ياجوج وماجوج، وقدكتب السريان رواية سريانية اخرى مستمدة من نفس القصة محفوظة في نصين مختلفين نوعا ما، مع قصيدة طويلة تنسب خطأا الى يعقوب الزهاوي. وان عنوان هاتين القصتين ماثرة ابن فيلبوس المقدوني الذي مضى الى الاقاصي ووضع بابا حديديا وذلك ليصد قبائل ياجوج وماجوج وهي من روايات التوراة، ولذلك يظهر الاسكندر في هذه القصة موحدا صالحا وهو نفس اتجاه هذه الرواية في التراث العربي. 3
وفي القرن التاسع، اشتهر انطون التكريتي كناقد ادبي، فكتب خمسة مؤلفات في دراسة الادب واساليبه،ابرزها في فن البلاغة والاخر المحسنات البديعية يناقش فيه ضرب من التعابير الادبية وكذلك الاوزان الشعرية السريانية التي بدات في القرن الثاني وتطورت وتنوعت في منتصف القرن الرابع على يد الشاعر الكبير افرام السرياني، ويعطي انطون امثالا ليس من الشعر السرياني او العربي بل ايضا من الياذة هوميروس ،مما يؤكد ان السريان قد ترجموا الاليادة مبكرا من قبل اكثر من مترجم اذ ربما كان حنين بن اسحق قد ترجم قسما منها ايضا، وقد اكمل ترجممة الالياذة ثيوفيلوس الحمصي الماروني ت 785 ،كما يذكر انطون في مؤلفاته وجود ادب ارامي قديم حين يقول ان السريان استفادوا مما ورثوه من الاجداد ما يسمى بالادب الوثني اولئك الذين اضاءوا النفوس وابانوا اخلاصهم في التعبير والمعنى وملأوا الخافقين بحسن سيرهم وكلماتهم الذهبية. وبرز اديب اخر في القرن الثالث عشر في موسوعته كما قلنا وهو يعقوب بر شكاكو ،ولكن يوحنان ابن العبري فاقه في موسوعته زبدة الحكمة الذي لخص فيها علوم عصره وزاد عليها اراءه في الاقتصاد والسياسة. ومما يؤسف له انها لم تترجم الى العربية ولم يجر تحقيقها ونشرها. كما اشتهر في مجموعته الادبية التي تضم 20 فصلا وتحتوي على قصص وروايات وامثال بلغت باجمعها 727 ، مستقاة من مختلف الافوام كالعرب والفرس والهنود والاغريق، كما تضمنت حكايات عن اصحاب المهن والحرامية وكذلك المجانين، وهذه القصص والكتابات تدل كما يقول العلامة بروك غلى ذهنية منفتحة لمختلف الاجناس. وكان عبد يشوع الصوباوي قد نظم خمسين قصيدة مستعملا كلمات سريانية ذات معاني متعددة واحيانا معقدة وجمعها في ديون سماه فردوس عدن اراد به ان يحاكي مقامات الحريري. وهناك كتاب كان يقرأه السريان خاصة اولئك العاملين كامناء لبعض الوزراء والحكام في العصرين الاموي والعباسي، وهوكتاب القانون الروماني في سوريا الذي كان حافلا بالتشريعات المدنية المتقدمة في عصرها، والتي كانت تقرأ في مدرسة بيروتا الحقوقية ببن القرنين الثالث و السادس،وكانت الترجمة السريانية لهذا الكتاب متداولة منذ نهاية القرن الخامس، اذ يعود تاليفه الى عام 474 في عهد الامبراطور لاون . كما انتشرت بين السريان والارمن والاشوريين قصة الملكة سمير اميس اليونانية في نصوص ذات روايات مختلفة سريانية وارمنية . وفي وقت مبكر كتب جوشوا او يشوع العمودي كتاب المغامرات والقصص ، ولا ننسى كتب السير التي عرف بها الادب المشرقي. 4
وهناك كتاب الخطوات وهو كتاب مشرقي كتب بالسريانية لمؤلف مجهول يعود على الارجح الى القرن الرابع للميلاد كما يقول العلامة سباستيان بروك. يرجح ان المؤلف كان يعيش في منطقة حدياب قرب الزاب الاعلى كما ذكر في الكتاب. وينقسم هذا االكتاب الى ثلاثين فصلا ويعد اسلوبه في المناقشة مستوى لاباس به في المنطق والفلسفة الا انه يعد من الادب الديني. ويعتمد على الكتاب المقدس في مناقشته وعلى الوصايا العشر التي اوصلها الينا النبي موسى. وقد قسم المؤلف المؤمنين الى عدة اقسام بحسب التزامهم بتطبيق وصايا الله العشر فمنهم الكاملين ومنهم الانقياء وهكذا. وهو لايترك اي نوع من المؤمنين حتى الذي يخطأون ويطلب من هؤلاء ان يتوبوا وان يجعلوا بقية حياتهم مخصصة لاعمال الخير والبر والاحسان لعل الله يسامحه. وان الكاملين من الناس ، ولابد انه يعلعماذني رجال الكنيسة والرهبان ، فانه ينصحهم بعدم الزواج والعفة، وان يمارسوا العماذ بالنار والروح ويبدو ان الكتاب لايخلو من افكار غنوصية. وقد طبع الباحثان كجن وبامنتير Kitchen& Pamentierهذا الكتاب، ونشر عنه دراسة الاستاذ بروك في كتابه المعنون لمحة موجزة من الادب السرياني في معهد بحوث افرام الكنسية في جامعة كيرالا بالهند عام 1997 .
وهكذا كان السريان قد وصلوا الى مرحلة حضارية متقدمة في كلا من العراق القديم وسوريا في القرن السابع سواء في ادابهم التي اوجزنا منها العامة او الدنيوية او في علومهم وخاصة في الطب والادوية العشبية والرياضيات وعلم الفلك واللغة،تلك العلوم والاداب التي اعتمد عليها العرب وتعلموا منها لمدة تزيد على قرن بالاضافة الى فضلهم في تطوير اللغة العربية وكتابة حروفها وخطها الحيري الاول الذي نشأ في مدينة الحيرة في اواخر القرن السادس. ومن الناحية الادبية فقد تاثر التراث العربي بالروايات التاريخية وكتب التاريخ السريانية التي شاعت بعد ان ترجموها الى العربية او تحدثوا بها مع العرب مثل اهل الكهف وحادثة الاخدود في نجران وولادة المسيح العجائبية من مريم العذراء والمائدة التي طلبها المسيح من الله واستجيبت. وروايات التوراة العديدة مثل جوج وماجوج وزيارة ملكة سبأ الى سليمان، وكذلك قصص كليلة ودمنة والسندباد البحري وذي القرنين والاسكندر وغيرها. ولعل من ابرز المؤلفات الحالية عن الاداب السريانية باللغة العربية هي اللؤلؤ المنثور للمطران افرام برصوم ، والاداب السريانية لروبنس دوفال الذي ترجمه الاب لويس قصاب في عام 1986 ، وادب اللغة الارامية للباحث العراقي المعروف الاب البير ابونا1991 ، وكنيسة المشرق للاب الاستاذ يوسف حبي1993 وكتابات الباحث البروفسور امير حراق بالانكليزية والعربية. ونلاحظ ان جميع هؤلاء الذين ذكرناهم ،من علمائنا المعاصرين في ثقافة المشرق هم من مدينة الموصل. واخيرا فقد تمت ترجمة كتاب ويليام رايت عن الانكليزية من قبل باحث موصلي، والكتاب ما زال يعتبر مصدرا مهما على الرغم من قدمه.
المصادر
1 ــ قزانجي، فؤاد يوسف. اصول الثقافة السريانية. عمان دار دجلة،2010 ص105 ــ 110
2 ــ عبودي،هنري.معجم الحضارات السامية.طرابلس جروس برس،1991 ط2 ص750
3 ــ بروك، سباستيان. الادب السرياني الدنيوي حولية ينابيعنا.انطلياس مركز الدراسات والابحاث المشرقية،2005 ص 53 ــ 58
4 ــ Wright, William. A Short History of Syriac Literature. London: Adam& Charles,1894,P46 ــ 55.
/5/2012 Issue 4205 – Date 21 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4205 التاريخ 21»5»2012
AZP09