ماهي "القضية الكردية" أيها "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية"؟

بدء بواسطة صائب خليل, مايو 05, 2012, 08:58:03 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل


يعقد "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية" مؤتمر له في كردستان، في ظل الصراع الدائر بينها وبين الحكومة المركزية على قضايا النفط وما تداعى منها من خلافات أراضي وأموال وتهديدات متبادلة.
ورغم أنني أحسب نفسي على اليسار الذي يعتبر التجمع نفسه جزءاً منه حسب علمي، ورغم أن ورقة اليسار الأولى هي الصدق والأمانة والعلمية، فيبدو لي أني أختلف مع التجمع في الرؤية وأود طرح بعض الأسئلة عليه للإستفادة منه في توضيح خطأ رؤيتي للأمور إن كانت خطأً، ولعل هذه المناقشة تفيده ايضاً لتوضيح موقفه أمام الآخرين من جوانب عديدة من القضية.

ما لا أفهمه بدأً هو ماهي "القضية الكردية" في مفهوم التجمع ليدافع عنها؟ قرأت قبل قليل مقالتين(1) لأثنتين (2) من أهم شخصيات التجمع، ووجدت تركيزاً على تاريخ نضال الشعب الكردي الذي لا يشك فيه أحد ضد الدكتاتوريات التي توالت على العراق، وموقف اليسار الداعم لهذا النضال. لكني لم اجد تعريفاً مقنعاً يحدد لي "القضية الكردية" (في جانبها العراقي) في هذه اللحظة الراهنة من وجهة نظر التجمع. لدي بالطبع تصوري لـ "القضية الكردية" لكنها على ما يبدو لا تتطابق مع وجهة نظر التجمع، لذلك يهمني معرفة وجهة نظرهم، وفي شكلها الحاضر الحالي وليس التاريخي، فقد لا نختلف كثيراً في التاريخ.
فلو أردنا "نصرة" أكثر مناطق العراق حاجة للنصرة، فلعلها تلك التي بلغت حاجتها أن عجزت عن أن تسمع صوتها لمن يريد نصرة أحد، مثل "الحلة" التي "فازت" بجائزة أعلى معدل فقر في محافظات العراق، اما الآن فالمنطقة الكردية هي المنطقة الأكثر انتعاشاً في العراق، وبالتالي هي المنطقة الأقل حاجة إلى نصرتها، كما افهم، فما هي "القضية الكردية" إذن؟

يقول التجمع: "ويسعى التجمع للمساهمة في التخلص من نتائج الفكر الشوفيني الشائع بين العرب والذي نشرته السلطات والثقافة البغيضة والهدامة".
أولاً من المؤسف أن لا يخجل التجمع أن يضع في نص بيانه إهانة صريحة للعرب بشكل عام، وكأن إهانة العرب من قبل المثقف العربي بطاقة تبرئة له ورفعاً لقيمته واستعراض لإنسانيته! أتمنى بصراحة أن أعرف من اقترح هذا النص، لأعرف منه مايريد منه. الأنكى من ذلك، وعدا كونه نص مهين، فهو معاكس للحقيقة تماماً. إسألوا بقية مكونات الشعب العراقي التي تعيش مع الجانبين، في أي جانب يشيع الفكر الشوفيني أكثر؟ نعم هناك نكات يتبادلها الطرفان كل عن غباء الآخر، لكن أيهما يفخر بجنسه الآري مثلاً؟ أيهما ينتج مثقفيه الأفلام المهينة للشعب الآخر(3) ويتعالى عليه؟ (4)  أيهما يمنع تداول لغة الثاني؟ ايهما يشترط الشروط على إقامة الثاني في منطقته؟ أيهما يمنع الآخر من شراء أو امتلاك اية أرض أو عقار؟ أيهما يدخل "بلاد الآخر" كسائح؟ عند أي منهما يسخر الكتاب ويحقرون الشعب الآخر دون أن يخشوا حتى الملامة من قرائهم؟(5) الساسة الكرد يفخرون بإهاناتهم للعرب، فاي سياسي عربي يجرؤ على إهانة الكرد علناً دون أن يعاقبه الشعب العربي "الذي تشيع الشوفينية فيه"؟
هناك أسباب لذلك؟ نعم هناك أسباب لذلك، لكن هذا لا يغير حقيقة اين تقع الشوفينية.

إن القول بأن الكثير من العرب كرهوا الكرد أو تنامت عندهم مشاعر الشوفينية بسبب نظام صدام حسين هي نفس النغمة التي يدق عليها الإعلام الكردستاني لإثارة الكراهية ضد العراقيين العرب، وتسعى لربط هؤلاء العرب عنوة بصدام حسين ومقاييسه وعواطفه وهو كلام مؤسف، غير صحيح، وعكس الواقع تماماً. أنا لم اصادف شخصاً عربياً واحداً كره الكرد بسبب صدام حسين، بل كان صدام حسين دعاية مجانية للكرد بين العرب، عجز عن مجاراتها كل ساستهم وإعلامييهم. فلم  تكن الناس تنظر إلى صدام لتحب من يحب و تكره من يكره، بل العكس، كان أغلبية الشعب العربي (في العراق) يرى في الكرد مناضلين رائعين يفعلون بالدكتاتور الذي يتسلط عليهم ما لم يستطيعوا أن يفعلوه بأنفسهم ويتمنون لهم النصر.

قبل أكثر من عشر سنين كنت في زيارة لتركيا، وهناك أشتبكت في جدل خشن مع تركي كان يتحدث عن الديمقراطية التركية وجابهته بما قرأته عن تعامل حكومة تركيا (السابقة) مع الكرد، وتعجبت أن الأتراك كشعب يحقدون على الكرد، على عكس العراق حيث الشعب يشارك الكرد كرهه لحكومته.
لو كان هذا الجفاء يعود لتعاليم صدام حسين كما تقولون، لرأيناه ينحسر تدريجياً وقد اختفت تلك التعاليم منذ عقد من الزمان، لا أن يزدهر الآن وينمو كما لم يحدث في تاريخه ، ومن يقول بغير ذلك يخدع نفسه.
لا أعرف عرباً كرهوا الكرد تساوقاً مع صدام، لكني أعرف الكثيرين الذين ابتعدوا عن الكرد بسبب تصريحات وتصرفات قادة الكرد أنفسهم، فهل تقول تجاربكم الشخصية مع الناس عكس ذلك؟ أعرف الكثيرين – لايمتون للشوفينية بصلة، ولا يقلون عنكم كرها لها - من الذين يشعرون بالإهانة لأقوال وتصرفات مسعود البرزاني وأعضاء حكومته، بل أن المرء يشعر أن السياسي الكردي يفخر بإهانته العرب ويرجو من ذلك تقرباً للشعب الكردي يضيف لرصيده الإنتخابي.

استمراراً في البحث عن "القضية الكردية" كما يفهمها التجمع، وجدت في نهاية إحدى المقالتين مايلي:
"لقد عبر التجمع العربي لنصرة القضية الكردية عن خمس مسائل جوهرية هي:
1. موقف الدفاع والتضامن مع الشعب الكردي في سعيه صوب الحصول على حقوقه المشروعة والعادلة وخاصة حقه في تقرير المصير.
......
5. يمارس النقد ويشجب التجاوز على حقوق الشعب الكردية حيثما يقع وأياً كان المتجاوز."
(النقاط الثلاث الباقية تتعلق بالدول الأخرى وقضايا تنظيمية للتجمع)

لقد زعل بعض الشيوعيين، وقارنني أحدهم بعزت الدوري، عندما كتبت أن الحزب الشيوعي يبدو وكأنه نام طويلاً ثم صحا ليهتف بنفس الشعارات دون ان ينظر إن كانت موازين القوى قد تغيرت وإن كان المظلوم قد بقي مظلوماً، وإن كانت الأهداف مازالت تصلح أهدافاً.
والآن نرى هنا مثالاً آخر يؤيد ما ذهبت إليه. الهدف الأول للتجمع يصب في مساندة الشعب الكردي على نيل حقوقه المشروعة والعادلة وخاصة حقه في تقرير المصير. سيبدو هذا الشعار سليما وجميلاً، لكن فقط إن عدنا ربع قرن إلى الوراء، حينما كان هناك من يمنع أو يستطيع ان يمنع الشعب الكردي من حقه في تقرير مصيره. اما اليوم فلا أستطيع أن أفهم من يستمر في رفع هذا الشعار ولا أراه إلا غريب عن هذا العالم، أو أنه لم يجد هدفاً واقعياً مقنعاً فاستدعى هدفاً من الماضي ليركبه.
أولاً، من يستطيع منع الشعب الكردي من تقرير مصيره (إلا قيادته إن أرادت) ؟ في المواجهات العديدة التي دارت بين القوات الحكومية والبيشمركة،(6) فرضت الأخيرة نفسها على الأرض، واستولت عليها وفرضت الشركات التي تعمل عليها، فمن الذي يحق له أن يقلق على حق تقرير مصيره من الآخر؟
وثانياً من بقي أصلاً يرغب في منع الشعب الكردي من تقرير مصيره؟
متى قرر الشعب الكردي أن ينفصل ووقف أحد بوجهه لكي "يناضل" المناضلون من أجل ذلك الحق؟
ليقم تجمعكم للتأكد من ذلك، بحملة استفتاء عربية تسأل هؤلاء "العرب الذين تنتشر الشوفينية بينهم"، وأنظروا كم هي نسبة من يعترض على انفصال الكرد؟

هل تعترض الحكومة على ذلك؟ ليطالب الكرد بوضوح بتقرير المصير، فإن وقفت الحكومة المركزية بوجههم فسنكون جميعاً "تجمعاً عربي لنصرة القضية الكردية"، وإن فتح بعض البعثيين الشوفينيين فمهم بالإعتراض فسوف يسرنا أن نقف صفاً واحداً معكم في إلزامهم حدودهم، بالكتابة أو بالقوة إن لزم الأمر.
وإلا هل يسعنا أن "نناضل" أو "تناضلوا" من أجل هدف لم يقل أصحابه أنهم يريدوه، ولا يعرف احد من يعترض عليه؟ لنقلها بصراحة، وبدون أن ندخل في الأسباب لكي لا نضيع الموضوع، إن لم تعرفوا بعد، فإن الشعب العربي في العراق لم يعد أقل من الكرد حماساً لإستقلال الكرد، لذلك فالحديث عن "النضال" من اجل حق تقرير المصير اليوم كلام فارغ من أي معنى كان له بالأمس.

هذا بالنسبة لأهم الحقوق حسب رؤيتكم، فلننظر إلى بقية الحقوق. في كل القراءات التي مرت بي عن هذا التجمع أو غيره ممن يدافع عن حقوق الشعب الكردي، لم أقرأ حقاً محدداً ، إلا اللهم في قضية المادة 140. وبعيداً عن الإعتراضات الدستورية فإني أتمنى أن تنفذ هذه المادة، مع ملاحظة أنها تحتاج إلى إحصاء سكاني وان هذا يجب أن يتم من خلال جهة موثوقة وبصراحة لا ادري من أين تأتي هذه الجهة الموثوقة. حتى الأمم المتحدة تم افسادها من قبل أميركا، وكان ممثلها يتصرف كموظف في السفارة الأمريكية و يطالب باحترام نتائج الإنتخابات الأخيرة في العراق، قبل أن تجري الإنتخابات، وهو المفروض أن يكون مراقباً لها وتم تزويرها لعلاوي بامتياز.

أنا أثق بالكرد من معارفي ربما أكثر من ثقتي بالعرب منهم، لكني لا أجد أن القيادات السياسية الكردية تمثل أؤلئك الكرد الذين عرفتهم وأثق بهم. أنطباعي هو أن هذه القيادات شخصيات لا تستحق أية ثقة لا من العرب ولا من الكرد ايضاً، وأنهم لا يمتنعون عن أي تزوير يتمكنون منه حتى على شعبهم، فكيف على العرب؟ هذه القيادات كانت طوال الفترة تعمد إلى كل الأساليب الممكنة لإبتزاز الوضع العراقي وسرقة حصتها وحصة غيرها، ومعظم سرقاتها لجيوبها وليس لشعبها، ولا ادل أكثر من انها بقيت خمسة عشر عاماً تستلم عوائد الإقليم دون أن تنشيء موازنة له، فهل هذا تصرف جهة تدعو للثقة؟ إذن كيف سنقيم الإحصائية التي ستثبت التزوير بشكل يستحيل محوه لاحقاً؟ خذوا مثالاً آخر....

في غفلة من الزمن، حين توفر للكتلة الكردستانية مرتش رخيص على رأس الحكومة العراقية سارعت باغتنام الفرصة لتغيير نسبة سكان كردستان وضاعفتها مرة ونصف عن جميع الإحصائيات المتوفرة على مدى التاريخ والتي كانت مستقرة بين 11 و 12,5% فإذا بهم "يتفقون" مع أياد علاوي على أعتبارها 17% وبدون تقديم أي مبرر لتلك الزيادة الكبيرة. واعترف "المناضل" الكبير مسعود البرزاني أنه حاول أن يجعلها 25%! وفي كل مرة يحاول البرلمان تعديل هذا الإنحياز يجد التكل الكردستاني ما يبتز به الآخرين ليضمن استمراره. (7) كيف حدث ذلك؟ هل تضاعف نشاط التكاثر للإقليم فجأة أم ماذا؟

كيف إذن تريدوني أن أثق بإحصاء سكاني يقوم به هؤلاء؟ هل أنتم موافقون على هذه النسبة أيها التجمع؟ إن كان نعم فعلى ماذا تستندون؟ وإن كان لا فلماذا لم نسمع أعتراضاً منكم عليها؟ أم يحق لنا أن نسمي تجمعكم "التجمع العربي من أجل نصرة القضية الكردية ظالمة أو مظلومة"؟

دعونا ننتصر للكرد فقط وندع الذين "تنتشر الشوفينية بينهم" ليلاقوا ما يستحقون لشوفينيتهم. إقترحوا وأنتم في أربيل، إصدار دعوة لمحاكمة كل من قتل أو قاتل الشعب الكردي. بل دعونا نذهب أبعد ونتجاوز القتال الداخلي الكردي، ونقصر المحاكمة على كل من تعاون مع صدام يوماً لقتال الكرد. حاولوا إصدار هذه الدعوة وسترون من الذي سينفجر غاضباً في وجهكم، العرب "الذين تنتشر الشوفينية بينهم" أم قادة الكرد؟ ألا يعني ذلك شيئاً بالنسبة لكم؟

لقد كتبتم :" ويسعى التجمع العربي لمناصرة القضية الكردية من خلال الإسهام الفعال في عرض الحقائق المغيبة" وأنا أضع أمامكم هنا حقائق مغيبة أيضاً، ولكن من الجانب الآخر، أرجو أن تشملها رعايتكم وأن تقوموا بعرضها أسوة بغيرها.

ما هي الحقوق الأخرى التي يسعى التجمع من اجلها؟ هل التجمع موافق على استيلاء كردستان وبقوة السلاح على ما أسموه الأراضي المتنازع عليها؟ انا لا ادعي أن تلك الأراضي كلها عربية، والحقيقة ليس لدي أية فكرة عن الحدود التي تفصل بين الأكثرية العربية والكردية، ولا اثق بتقديرات كردستان ولا الآخرين، لا الحكومة المركزية ولا المحافظات المجاورة لكردستان، وأتمنى أن تقوموا أنتم بإيضاح موقفكم من حدود كردستان الشرعية وتقولوا نحن نرى أن هذه هي الحدود وان هذا الجزء من الأراضي المتنازع عليها يعود لها. بهذه الطريقة يمكننا أن نفهم أنكم تسعون من أجل أمر محدد، لنقف معكم أو ضدكم، أما المطالبات "بحل" المشكلة بدون رؤيتكم لهذا الحل، فليست سوى شعارات فارغة. إنني أستغرب في واقع الأمر أنكم قد اتخذتم موقفاً بدعم جهة من الجهتين، قبل أن تحددوا موقفكم من الحل الصحيح والحدود الصحيحة. كيف عرفتم المعتدي ووقفتم ضده قبل أن تحددوا الحدود؟

ماذا عن النفط؟ لو أن وزير النفط الإتحادي غير حقول "طقطق" إلى "رقع استكشافية" ثم وقع عقود إنتاج مجحفة لإستثمارها مع الشركات التركية، ألم تكونوا ستقفون ضده وتتهمونه بالفساد، وتدافعون عن مصالح الشعب العراقي وحقه بثروته كواجب أساسي من واجباتكم تجاه وطنكم وشعبكم؟
ولو وقعت الحكومة الإتحادية عقوداً تعطي أرباحاً للشركات أربعة أضعاف ما تعطيه عقود وقعها الإقليم، ألم تكونوا ستعترضون وتتهمون الحكومة بالفساد وتبديد أموال وثروات الشعب العراقي، وتدعونها للإقتداء بعقود الإقليم؟
لماذا إذن تعاملون الدكتور أشتي هورامي وثروات الشعب الكردي بشكل آخر؟ أين واجبكم تجاه ذلك الشعب الذي تدعون نصرة قضيته؟
ومنذ متى صار اليسار يقف مع جانب الشركات النفطية العالمية ضد الحكومات في صراعات النفط؟

لو وقعت الحكومة تلك العقود بشكل سري، ألم تكونوا ستطالبوها بالتزام معايير الشفافية وعرض العقود على الشعب والبرلمان؟ فأين اعتراضكم على ما فعلت حكومة كردستان؟ أم أن شعب كردستان لا يستحق منكم أن تطالبوا حكومته بالشفافية من اجله؟
ولو وجدتم وزير النفط الإتحادي يصرخ: "كلما اعترضت كردستان سأوقع عقدين إضافيين" أما كنتم ستتهمونه بعدم المسؤولية وتطالبون بإقالته حفاضاً على ثروة الشعب من قرارات إنسان غير متزن، يوقع العقود بطيش عناداً بالشريك الآخر وليس بعد الدراسات المناسبة اللازمة؟

ماذا تطالب حكومة كردستان أيضاً من "حقوق مشروعة"؟ حق "التصرف بثرواتها"- اي حق التعاقد مع الشركات النفطية بدون موافقة المركز...هل أنتم مع هذا المبدأ؟ أية شراكة في العالم، لا بد أن تحد من حق التصرف بالثروة المشتركة، فهل هناك شريك في اي شيء، يقبل أن يوقع شريكه على عقود لثروتهما المشتركة بدون استشارته أو حتى علمه؟ لو رفضت الحكومة الإتحادية إشراك الكرد في مفاوضاتها مع الشركات ولو كمراقبين، أو أصرت على التوقيع سراً لوحدها، الم تكونوا ستعترضون على ذلك؟ بل لو طلب احد من أي منكم شخصياً أن يشارككم في شيء على مثل هذا الأساس، ألن تعتبروه مقدمة للإحتيال ووقاحة تفوق الخيال؟ فلماذا تطالبون الحكومة ما لستم أنتم مستعدين للقيام به؟ أما الشراكة وإما حق التصرف، ومن يريد حق التصرف كاملاً عليه أن لا يعقد أية شراكات.

تهريب النفط...هل أنتم مع تهريب النفط؟ إن كنتم تصدقون أن حكومة كردستان تهرب النفط، فهل سلمتموها مذكرة احتجاج على ذلك؟ وإن لم تصدقوا، فاخبرونا على الأقل أين تذهب التفاوتات في نفط الإقليم التي بينتها الدراسات العديدة لخبراء النفط العراقيين والأجانب (وبعضهم يساريون) إن لم تكن تهرب؟ هناك حل لذلك: لقد طالبت الحكومة ببساطة بمنحها السلطة على الكمارك الحدودية لتراقب بنفسها تهريب النفط، فهل في هذا الحل خطأ برأيكم؟ ما هو الحل الأفضل الذي لديكم؟

لو أن الموصل استولت على اراض من كردستان، وقالت أنها "متنازع عليها"، أما كنتم ستعترضون على هذا الإعتداء؟ فأين اعتراضكم على اعتداء كردستان على اراضي الموصل؟ هل أنتم موافقون على ضم كل الأراضي التي استولت عليها كردستان وقامت بالتنقيب فيها وضمتها كأمر واقع؟ إن كان لا، فمتى وأين وكيف بينتم اعتراضكم؟ إن كانت كل هذه أكاذيب حكومية فاعلنوا ذلك وقدموا لنا خارطة لحدود كردستان حسب قناعتكم لكي نوافق أو نعترض عليها، وننظر إن كانت كردستان تلتزم بها فعلاً.

قانون النفط... ما هو موقفكم من قانون النفط؟ هل رأيتم القانون المطروح، وما هو رأيكم به، وما شكل قانون النفط الذي يضمن حقوق الشعب الكردي في تقديركم، وهل تحدد إدارة النفط بالحكومة المركزية أم يكون كل إقليم ومحافظة حر في التصرف بنفطه، يستخرج منه ما يشاء ويبيعه بالسعر الذي يشاء وبالشروط التي يشاء مع الشركات، ثم تقسم موارده؟ أين تطالب الحكومة المركزية هنا بما هو ليس صحيحاً وليس من حقها في رأيكم، لكي نضغط عليها معكم ونطالبها بالتراجع عنه؟

لا تسير العقود كما نتمنى دائماً لدى الحكومة العراقية، ولكن هل العقود التي عقدتها الحكومة مع الشركات أنسب في رأيكم للشعب أم تلك التي عقدتها حكومة كردستان؟ هل كان أشتي هورامي أحرص على موارد شعبه أم الشهرستاني في رأيكم؟ هل في مطالب الشهرستاني ما يضر بمصالح الشعب الكردي التي تعهدتم بالدفاع عنها، وأين بالتحديد؟ أخبروني نقطة واحدة وأتعهد بدعم تجمعكم بها. أما نظرية "الشريك المستقل" فهي خيال سريالي لا يقبله المنطق. لا يوجد شريك مستقل لأن الكلمتين متناقضتين ببساطة ومحاولة جمعهما ليس سوى محاولة إحتيال لصوصي وابتزاز، وإن كان لديكم تفسير آخر فكلي آذان صاغية.

لاحظوا أني في جميع المقارنات أعلاه كنت أضع حكومة الإقليم في نفس الميزان مع الحكومة الإتحادية، وهو ما لا يجوز منطقاً، ومع ذلك وحتى بقبول ذلك، لا يمكن الدفاع عن مواقف الإقليم وتصرفاته وما يطالب به، ولا يمكن تبريرها حتى عندما نعامل كردستان كندّْ مساو للعراق ككل، فكيف لو قسنا مطالبه وتصرفاته بما ينتظر من جزء أن يتصرف مع الكل؟

يستشهد أحد الأصدقاء في التجمع بقول مؤسس الحزب الشيوعي فهد:
" اننا ننبه إخواننا الأكراد الى أن قضيتهم الوطنية مرتبطة بقضية العراق التحررية وأن حرية الأكراد في العراق لا تأتيهم عن طريق الوعود الإستعمارية من هذا المستر أو ذاك بل النضال المشترك مع العرب من أجل استكمال إستقلال العراق. إن حزبنا يدعو الى الصداقة العربية والكردية، الى النضال المشترك من أجل قضية العرب والأكراد على السواء."
وأسأل هذا الصديق، هل هناك جهة في العراق تعتمد علناً على "الوعود الإستعمارية" وتقيم العلاقات الخاصة مع "هذا المستر أو ذاك" وتنفق الأموال على اللوبيات في اميركا لنصرتها في صراعها مع الآخرين أكثر من كردستان؟ هل هناك جهة استماتت من أجل إبقاء القوات الأمريكية أطول فترة ممكنة، وبصراحة تامة، ودعوة الآخرين إلى قبول الحصانة لها، أكثر من التحالف الكردستاني؟
ودعني أسألك، لو أن الرفيق فهد لم يشعر أنه بحاجة إلى أن يقول ما قاله هنا، هل كان سيقوله؟ فمن أين أتت الحاجة إلى قوله؟ ودعني أسألك بصراحة أكبر: هل لو انك لم تشعر بالحاجة إلى استدعاء هذا التنبيه بالذات، هل كنت ستختاره؟ فمن اين جاء إحساسك بهذه الحاجة؟

دعونا لا نكذب على انفسنا. فلم يشعر أحد، ولا حتى الأكراد أنفسهم، أن هناك مسؤول كردي واحد يعمل من أجل العراق أو يفكر بالعراق، وإنما كانت كل تصرفات هؤلاء الساسة وتصريحاتهم ترديد ببغائي لما يريده "هذا المستر أو ذاك" ومشاريعهم التقسيمية الخطرة وغيرها. زيباري كان "يفاوض" الأمريكان كأنه واحد في فريقهم ضد الفريق العراقي، يذهب لتلقي التعليمات وليس للمفاوضة ويعود بالأكاذيب والإحتيال لإقناع البرلمان العراقي والحكومة العراقية، ثم يعود، حسب تقديري، ليخبر اسياده بالنتائج ومن الذي قبل ومن الذي اعترض ويطلب تعديلات تجعل مهمته ممكنة. كان زيباري يقف في الخندق العراقي كحصان طروادة، تماماً كما يقف ممثلوهم في الحكومة والبرلمان اليوم من الصراع بين شركات النفط العالمية والحكومة المركزية.

وكانت المشاريع الأمريكية الإسرائيلية تأتي بتنسيق مع الجانب الكردي وتحظى فوراً بدعم كردي قبل أن يتمكن حتى من قراءتها بقية العراقيين الذين يهمهم الأمر مباشرة، مثل مشاريع تقسيم العراق لبايدن الذي يتفاخر بصهيونيته. لقد دعموا دائماً المشاريع الأمريكية ومشاريع التقسيم عموماً حتى عندما لا يكونوا جزءاً منها، وبحماس مثير للتساؤل، مثل مشروع إقليم البصرة ومشروع إقليم الجنوب والإقليم السني. بل حتى بعض المثقفين الكرد كانوا يشاركون حملات تشجيع التقسيم الطائفي بين العرب، بأجندة مريبة!(8)
إني لا أذكر أي "لا" كردية قيلت بوجه موقف أمريكي، إلا عندما تعرضت مصلحتهم المباشرة للأذى، حين طلب الأمريكان منهم التنازل عن رئاسة الجمهورية لأياد علاوي! أخبروني أنتم عن أي "لا" كردية قيلت لأمريكي أو أي "مستر" بشأن عراقي، لأسعد بها وأتفاءل.

لقد كانت كردستان دائماً، وبتنسيق أمريكي أيضاً، ملجأً للمجرمين المدانين الهاربين من العدالة العراقية، وليس فقط المتهمين المطلوبين لتلك العدالة، حتى أنتبه الأجانب لها. فمسعود البارزاني كان يرحب علناً باللص حازم الشعلان ويسخر من الحكومة العراقية التي تطارده بعد فساد بلغ المليار دولار من العقود الفاسدة لوزارة الدفاع. ماذا كان موقفكم من هذا؟

لقد شكى أحد السياسيين الهولنديين في فلم وثائقي عن علاقة هولندا بإسرائيل، فقال: كلما حدثناهم عن حقوق الفلسطينيين، غيروا الموضوع إلى الإضطهاد النازي التاريخي لهم. وهاهم الكرد يقلدون الطريقة إلى حد النكتة، فعندما ارتفع الصراع حول النفط، ارتفع صوتهم مطالباً بالإعتذار لحلبجة!
كما لا أرى العودة إلى التاريخ في القضية الكردية من قبل سياسيي كردستان إلا استلهاماً للأساليب الإسرائيلية في استعادة تاريخية لصورة المظلوم وتشتيت التركيز على صورة الحاضر الأقل إقناعاً.
ونتذكر إسرائيل مرغمين أيضاً حين تمارس حكومة كردستان سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض بالإستيلاء على الأراضي بالقوة العسكرية، والإعتماد على الدعم الأمريكي وغيرها! ومعروف دور اللوبي الكردي في واشنطن وعلاقاته الإسرائيلية وتصريحات قادته بالطموح إلى مكانة إسرائيل!(9)

نعم أنا أختلف مع هذه الحكومة كثيراً ، وأقلق من تركز السلطة كثيراً، ولا اصدق كل ما تقول، ولا اتفق معها في الكثير مما أصدق، لكني لا أراها هنا في هذا الصراع بينها وبين خندق الشركات وحكومة كردستان على خطأ.

لقد طرحت أمامكم "حقائق مغيبة" كما تقولون، لمناقشتها وعرضها، ونقاطاً محددة وأرجو أن أحصل منكم على إجابات محددة عنها وأتمنى عدم التهرب إلى العموميات أو إلى التاريخ أو ربما التهرب من الإجابة ككل. أتمنى أن أعرف من خلال أجوبتكم المحددة على نقاطي المحددة، ماهي في نظركم (في الجانب العراقي وفي والوقت الحاضر) محددات "القضية الكردية" التي تجمعتم من أجل نصرتها.

(1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=306231
(2) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=304550
(3) صائب خليل: فلم كردي في أمسية ثقافية!
  http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/21krd.htm
(4) صائب خليل: إنهم يطالبونا أن نحتقر أنفسنا!
http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/28krd4.htm
(5) صائب خليل: نزار جاف يتابع معارك العرب بقلب إسرائيلي حميم
  http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/23krd3.htm
(6) صائب خليل: من قال ان بدر ليست ميليشيا وان البيشمركة لم تشتبك مع الحكومة؟
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18ml.htm
(7) صائب خليل: لا تدعوا جريمة البرلمان العراقي العنصرية تغور في ذاكرة العرب عن الكرد
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18prl.htm
(8) صائب خليل: "الشعب الشيعي المجيد" و"السنّة القذرين"!
http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/22krd2.htm
(9) صائب خليل: اللوبي الكردي في واشنطن والطموح الى مكانة اسرائيل
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=113173