تحقيق خاص: حملة على ممولي «القاعدة» في الموصل.. وآسيا سيل «متورطة»

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, مارس 29, 2012, 04:16:16 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

تحقيق خاص: حملة على ممولي «القاعدة» في الموصل.. وآسيا سيل «متورطة»

29-03-2012 | (صوت العراق)
تاجر في سوق المعاش يدفع الأتاوة لمسؤول جباية تنظيم القاعدة في الموصل
فتح الحاج أحمد خزنته الحديدية واستل منها مبلغا من المال سلمه لشاب يتردد إليه باستمرار. لم ينتبه هذه المرة إلى ابتسامة صفراء غير مطمئنة تعلو وجهه الشاب بينما يقبض النقود. هكذا أظهرت صور حصل عليها موقع "نقاش" الحاج أحمد "متلبسا بالجرم المشهود"، يدفع الاتاوة للجماعات الإرهابية المسلحة في نينوى.


هذا التاجر ذو الـ 73 عاما، واحد من أربعة عشر آخرين اعتقلتهم السلطات قبل نحو شهرين بتهمة تمويل الإرهاب، وظهروا في مؤتمر صحفي عقده قائد الشرطة الاتحادية في الموصل قال فيه إنهم من "سوق المعاش"، أكبر أسواق الجملة في المدينة المخصصة للفواكه والخضروات.

وأعلن اللواء الركن مهدي الغراوي أن العملية جاءت في إطار حملة واسعة "لتجفيف منابع تمويل التنظيمات الإرهابية".

الحملة المذكورة كانت قد بدأت قبل نحو أربعة أشهر وحققت أولى اهدافها باعتقال المدعو "عبد الحق"، مسؤول جباية الأموال لتنظيم القاعدة في السوق المذكور.

وفي حديث خاص لـ "نقاش"، كشف قائد الشرطة ان نينوى (ثاني اكبر محافظة من حيث السكان بعد العاصمة بغداد)، "هي الممول الداخلي الرئيس للجماعات الإرهابية في العراق".

وبسبب ذلك – يضيف الغرواي- أمر رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة أيضا، "بتشكيل لجنة أمنية عليا لمكافحة الابتزاز في المحافظة، بمشاركة جميع الأجهزة الأمنية".

ويشير هذا الضابط إلى أن القبض على "ممولي الإرهاب" جاء عقب اعتقال المدعو "عبد الحق". فقد جال الأخير برفقة عناصر أمن متخفين في زي مدني واستحصل الفدية المالية المعتادة من بعض تجاره.

ولم يدر الدافعون أن الشاب يؤدي دورا تمثيليا وثّق بصور وشهادات عيانية أودعتهم السجن بعد يوم واحد بانتظار محاكمتهم.

مراسل "نقاش" زار سوق "المعاش" غربي مدينة الموصل، ووجد أن الحركة التجارية شبه معطلة، وأغلب التجار الذين التقاهم كانوا شديدي الخوف والتوجس، يتجنبون الإفصاح عن تعرضهم للابتزاز.

وقال أحد التجار رفض الكشف عن اسمه إنه شخصيا واقع "بين نارين".



"إذا لم أدفع تستهدفني القاعدة، وإن دفعت تعتقلني قوات الأمن" يقول، مضيفا أنه توقف عن استيراد الخضار من سوريا لمحله، "إلى أن تنجلي الأزمة".

يلفت المتجول في سوق "المعاش"، ندرة الخضار والفواكه المستوردة من سوريا وتركيا، والتي كانت تكتظ بها المخازن. ويعزو أحد التجار السبب إلى تضاعف مبالغ الأتاوات الذي تطلبها القاعدة.

وعلمت "نقاش" من مقابلات أجرتها مع عدد من أصحاب مكاتب استيراد الخضار المعروفة شعبيا باسم "العلاوي"، أن التنظيم يشن "حملة مضادة" في السوق بعد العملية الأمنية الأخيرة.

وهمس تاجر في أذن المراسل، أنه وزملاءه "تلقوا اتصالات هاتفية من مسلحي القاعدة، طالبوهم بدفع أتاوات عن كل شحنة مستوردة، أزيد بعشر مرات عما كانت عليه قبل العملية الأمنية".

"العلوة (المكتب) الواحدة كانت تدفع 200 دولار مقابل كل شحنة بضاعة مستوردة، وهي تستقبل نحو خمس شحنات أسبوعيا، أما الآن فإنهم يطلبون مبالغ كبيرة تتراوح بين 5000 - 6000 دولار"، يعلق أبو محمد بارتباك شديد فضحته عيناه المتراقصتان المتيقظتان، ليضمن أن احدا لا يسمعه.

وقبل بدء الحملة، كان الارهابيون يحصدون نحو مئتي ألف دولار او يزيد شهريا من 300 مكتب منتشر في السوق، بحسب السجل الذي ضبط بحوزة "عبد الحق"، والذي يوثق ذلك بالأسماء والأرقام، يقول قائد الشرطة الاتحادية في الموصل مهدي الغراوي.

الأمر لا يتوقف عند ذلك، فما يعرفه القاصي والداني أن اي عمل يدر مالا مهما صغر شانه غير مستثنى من "ضريبة" القاعدة. ووفق اللجنة الأمنية العليا لمكافحة الابتزاز، والتي يرأسها الغراوي أيضا، فإن هناك "3650 مولدة كهرباء أهلية، الواحدة منها تدفع 200 دولار شهريا، و650 صيدلية يجبى منها 100 دولار شهريا"، والحال نفسه يسري على الأطباء الميسورين ومكاتب الصيرفة ومشاريع الاعمار، وهلم جرا.

وتشير تقارير أمنية بحوزة اللجنة اطلعت عليها "نقاش" إلى "أن وزير الاقتصاد في تنظيم القاعدة يشرف على جبي الاموال ويعمل تحت إمرته مسؤولان لجانبي المدينة الايمن والأيسر، فضلا عن عناصر أخرى موزعة على جميع القطاعات".

وتؤكد التقارير أن "مجموع ما يجبى قسرا من مختلف فئات وشرائح المجتمع والدوائر والمؤسسات الرسمية في نينوى يقدر بنحو خمسة إلى سبعة ملايين دولار شهريا، توزع بين المسلحين وتمويل العمليات الإرهابية في عموم البلد".

أربعة شهور فقط انقضت مذ بدأت حملة مكافحة الابتزاز، غير أن الغراوي يجزم "ان التمويل انخفض إلى 30 في المئة فقط".

ويتحدث عن "تجفيف شبه تام" لمصادر تمويل مهمة أبرزها مشاريع الاعمار والبناء الضخمة، والصيدليات والدوائر التابعة للدولة. ويكشف "أن الارهابيين يحاولون الآن ابتزاز تجار السوق عبر الاتصالات الهاتفية بعد تضييق الخناق عليهم".

ولا تسلم مكاتب الصيرفة من الحملة الأمنية. فقد أغلقت الشرطة المحلية مؤخرا مئة من المكاتب بذريعة أنها غير مرخصة للعمل. "لكن الحقيقة أن اغلب عمليات تحويل وتسليم أموال القاعدة تتم عبر هذه المكاتب"، بحسب مصادر أمنية.

"وفي الأشهر الأربعة الماضية أغلق أربعون ساحة (مرآب) لوقوف السيارات بعدما تبيّن أن نصف أرباحها تعود للقاعدة"، تضيف المصادر.

استبدال أرقام الهواتف بات أمرا شائعا لدى أصحاب "العلاوي"، لكنها حيلة لا تنجي دوما أصحابها، لقدرة المبتزين على معرفة الأرقام الجديدة بوساطة عيونهم التي تملأ السوق.

فلم يمض سوى يوم واحد على اعتماد سالم (فضل اسما مستعارا) رقما جديدا حتى تلقى مكالمة مجهولة المصدر. تردد التاجر كثيرا قبل الإجابة، فإذا بمتصل يعرف نفسه على أنه "احد مجاهدي دولة العراق الإسلامية"، ويخيره بين دفع 6500 دولار أو القتل.

مفاوضات طويلة قزّمت الطلب إلى 2500 دولار -يقول سالم- فداء ثلاث شحنات خضار وصلت اليه توا. أما المال فجرى تسليمه خارج السوق، "عبر مرحلتين وبحذر شديد هذه المرة".

وفضلا عن تغيير أرقام الهواتف يأخذ تهرب التجار من الدفع أشكالا أخرى، كأن تركن الناقلات الكبيرة بعيدا عن السوق وتنقل البضاعة بسيارات حمل صغيرة، أو أن يصار إلى تصريفها مباشرة إلى منافذ البيع الصغيرة في المدينة.

"التجار العاجزون عن استخدام هذه الحيلة، أو الذين يخافون المخاطرة، فجنحوا للسلم وأغلقوا مكاتبهم لحين انفراج الأزمة". يقول سالم الذي مازال يخشى مواجهة مصير "الحاج احمد" ورفاقه.

الخطف ربما أحد الأساليب الجديدة التي اعتمدها الإرهابيون بعد الحملة، "فخلال شهر خطف مدنيان اثنان ولم يطلق سراحهما إلا مقابل خمسين ألف دولار لكل منهما"، يوضح عبد الرحيم الشمري، ممثل مجلس المحافظة في اللجنة الأمنية العليا.

ويرى الشمري أن الحملة على دافعي الأتاوات نجحت في كسب تعاون المواطنين لمّا صار رفض دفع الفدية سائدا في المجتمع معززا بمبدأ العقاب بموجب القانون. "نعم مازال الناس هنا يخشون بطش الإرهابيين ويدفعون لهم تحت تهديد السلاح، لكن في الوقت نفسه يزودون الأجهزة الأمنية بمعلومات عنهم"، يستدرك.

خير مثال على ذلك، يقول الشمري، مديرو دوائر ومؤسسات الدولة ذات الميزانيات المالية الكبيرة. "كلهم كانوا يعطون مسلحي القاعدة من الأموال العامة، او يغضون الطرف عن حالات التمويل، لكنهم اليوم يبدون تعاونا كبيرا معنا للقضاء على ذلك".

وبحسب معلومات حصلت عليها "نقاش"، فإن أحد الأهداف الكبيرة لحملة مكافحة الابتزاز هي شركة "آسيا سيل" للاتصالات في نينوى، وهي واحدة من ثلاث شركات اتصالات كبرى عاملة في البلاد.

رئيس اللجنة الأمنية العليا لمكافحة الابتزاز مهدي الغرواي أكد أن "آسيا" ممول كبير "لدولة العراق الإسلامية"، و"الدليل أن العشرات من أبراجها استهدفت في غضون شهر كونها تتجه الآن إلى قطع الدعم المالي عنها"، يقول.

وتوعد الغراوي الشركة بعملية تطهير كبيرة لان اغلب أبراج شبكتها زرعت في منازل إرهابيين، لما كان الأخيرون يسيطرون على المدينة، كما أن "80 في المئة من عمالها متورطون بأعمال إرهابية بشكل أو آخر".

وبعد كل ما تقدم، قد يسأل احدهم: إذا كانت الأجهزة الأمنية تعرف تفاصيل عمليات التمويل لماذا لم تعتقل المتورطين وتقدمهم إلى المحاكم من قبل؟

نصف الإجابة وفرتها لجنة مكافحة الابتزاز عندما أعلنت "ان حملتها تنطلق عقب تعزيز سيطرة القوات الأمنية والضربات الموجعة التي طالت رؤؤس التنظيمات الإرهابية في المحافظة". فيما تفسر أوراق المحكمة الجنائية بشكل أوضح سبب عدم إدانة الممولين سابقا.

مراسل "نقاش" حمل السؤال إلى متخصصين في القوانين العراقية، بينوا ان أشخاصا كثر حوكموا بتهمة تمويل الإرهاب لكن القضاء برأ ساحتهم لعدم كافية الأدلة. "آخر هذه الدعاوى تجاه مدير دائرة حكومية اخلي سبيله للسبب ذاته، رغم ان الأجهزة الأمنية اعتقلته بموجب معلومات استخبارية أكيدة"، يقول مصدر قضائي طلب عدم ذكر اسمه.

الآن، ربما لا يحدث الشيء عينه في قضية الحاج احمد وجماعته، فالقانونيون يعتقدون ان الأدلة والقرائن قد تدينهم.

لو صدق هذا الاعتقاد، يقول المصدر، فمعناه حكمٌ وفق المادة 4 فقرة 1 من قانون مكافحة الإرهاب، التي تودع المدانين سجنا مؤبدا أو تلف حبل المشنقة حول رقابهم حتى الموت. "هذا إذا لم ينظر القضاة إلى الأسباب التخفيفية الكثيرة التي جعلت الحاج أحمد ورفاقه يدفعون المال تحت تهديد فوهة المسدس"، يختم المصدر حديثه.

الحاج أحمد يدفع ضريبة الحماية للقاعدة قبل لحظات من القبض عليه

عبد الحق مع أحد التجار الـ 14 الذين تم القبض عليهم

Read more: http://www.sotaliraq.com/mobile-news.php?id=49553#ixzz1qWSu3lnv

لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير