الزراعة نفط (زائل) بفضل الإهمال الحكومي!

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, مارس 24, 2012, 09:59:36 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

الزراعة نفط (زائل) بفضل الإهمال الحكومي!


24-03-2012 | (صوت العراق) - أضف تعليق -

بدأ تجريف الأراضي الزراعية مع بداية الحرب العراقية - الإيرانية في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وجميعنا يتذكر كيف قام النظام السابق بتجريف الأراضي في أبي الخصيب والفاو والسيبة والقرنة، وكيف اقتلعت الجرافات العسكرية أشجار النخيل وبساتين الفواكه والخضر، ما اضطر أهالي تلك المناطق إلى ترك أراضيهم الزراعية ليسكنوا في المدارس والدوائر الحكومية التي كانت في وقتها قيد الإنشاء، في حين أصبحت الأراضي والمزارع والبساتين مقرات وثكنات عسكرية للجيش العراقي، وبعضها خاصة القريبة من الجبهة تحولت إلى ساحات للمعارك أو مخازن للأسلحة.
ومع سقوط النظام تدهور القطاع الزراعي بصورة كارثية، وأصبحت الأراضي الزراعية تباع بثمن بخس نتيجة غياب رقابة الدولة وقلة الدعم المقدم للمنتج المحلي .
ولا ننسى أن الوضع السياسي العراقي عموما ألقى بظلاله على هذا القطاع خاصة وان الحكومات المتعاقبة التي تشكلت بعد أحداث عام 2003 انشغلت جميعها بالوضع الأمني وأهملت القضايا الأخرى على الرغم من أهميتها ومنها القطاع الزراعي الذي كان العراق من خلاله يعد سلة الشرق الأوسط الغذائية.

الكهرباء وغياب الطرق النظامية
عضو مجلس محافظة البصرة وعضو لجنة الخدمات غانم عبد الأمير حذر في حديثه لـ "لمدى" من ظاهرة تفتيت وتجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مجمعات سكنية عشوائية في عدد من مدن البصرة وخصوصا الزراعية منها ،وأضاف " لقد تحولت آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية إلى مجمعات سكنية عشوائية أثرت سلبا على حجم الخدمات المقدمة لهذه المناطق بسبب محدودية هذه الخدمات كالماء والكهرباء وكذلك عدم وجود طرق نظامية وشبكات للصرف الصحي كون هذه المناطق تقع خارج التصميم الأساسي فهي غير مشمولة بالخدمات البلدية والمجاري ، موضحا " أن مجلس المحافظة قرر منع تفتيت وتجريف الأراضي الزراعية وعدم تشييد الدور السكنية فيها ،في الوقت الذي نكرر فيه مطالبنا السابقة بمنع هذه الظاهرة الخطرة التي سيدفع المواطن ثمنها على المستويين القريب والبعيد.

بساتين تحولت إلى دور سكن؟
مدير الزراعة في البصرة عامر داود سلمان بين" طلبنا تدخل الحكومة المحلية للحد من هذه الظاهرة التي تعد هدرا للثروة الزراعية ومخالفة لجميع القوانين، وتم بالفعل تشكيل لجان مختصة برئاسة مدراء النواحي أو مدير القطاع لمتابعة تجريف البساتين وهناك عقوبات رادعة بحق المخالفين.
فيما أصدر مجلس محافظة البصرة قراراً وتعليمات للحد من تجريف البساتين وبيعها كأراض سكنية، وبالرغم من جميع الإجراءات إلا أننا ما زلنا نعاني من هذه المشكلة منذ ثلاثة أعوام" . وأضاف داود" أن هناك خطة من الهيئة العامة للنخيل بإنشاء بساتين لإنتاج فسائل النخيل وإعادة برنامج القروض لغرض تطوير البساتين وإنشاء بساتين جديدة، وتمنح هذه القروض بواقع مليوني دينار للدونم الواحد للبساتين التي هي بحاجة إلى تطوير أو إدامة ، وكان من المقرر أن تمنح أيضاً للفلاحين الراغبين بإنشاء بساتين جديدة وتقدر كمية القرض حسب الجدوى الاقتصادية لها، إلا إن الأمر تأخر بسبب وجود شرط سابق تضمن الحصول على إجازة بستان، التي تسجل فيها الأراضي الزراعية بصيغة "طابو زراعي"واغلب الفلاحين والمالكين للبساتين لم يمتلكوا إجازة بستان ومن خلال المخاطبات مع وزارة
الزراعة سيتم شمول البساتين الجديدة بالقروض".

توجه خاطئ لهدر الثروات
وقالت عضو البرلمان العراقي المهندسة جنان الابريسم إن " إزالة النخيل والمزروعات والشتلات وتشييد الأبنية بمحلها وتغيير صنف الأرض (البستان) إلى عرصة أو دار سكن هو مخالف لمسمى البستنة .
وأشارت الى ان العديد من البساتين طالتها الجرافات وتحولت إلى منازل وأحياء سكنية بعد قلع العشرات من النخيل ، وهو يعكس خطورة هذا التوجه الخاطئ لاسيما ان العراق يعد من البلدان الزراعية، وان احد ابرز ثرواته هي التمور التي يجب الاهتمام بها والمحافظة عليها من قبل الفلاحين .
وطالبت النائبة الابريسم الجهات التنفيذية بتنظيم حملات منظمة لمنع
التجاوزات على الأراضي الزراعية ، وحماية الغطاء النباتي ووقف عمليات تجريف البساتين وتحويلها الى أراض سكنية، التي تهدد بزوال الثروة النباتية وخصوصا أشجار النخيل.
وبينت" أن القانون الزراعي يحرم تجزئة الأراضي الزراعية وتجريف بساتين النخيل في ظل سعي الدولة لإقامة أحزمة خضر تحيط بالمدينة لتقيها من العواصف الترابية والكثبان الرملية وزراعة الأراضي غير المزروعة.

المدن تبلع الأراضي الزراعية
من جانبه، طالب عضو اللجنة الزراعية في مجلس محافظة البصرة فاضل عجيمي حالوب المالكي الجهات التنفيذية في المحافظة بمنع التجاوزات الحاصلة عن الأراضي الزراعية في مناطق أبي الخصيب وشط العرب ، وحماية الغطاء النباتي ووقف عمليات تجريف البساتين وتحويلها إلى أراض سكنية. فيما اعتبر نقيب المهندسين الزراعيين في البصرة الاستشاري علاء هاشم البدران" أن مسألة التجريف حقيقة تؤكدها البساتين المجرفة في قلب قضاءي شط العرب وأبي الخصيب." ، وبين أن السبب يعود الى الزحف السكاني الذي يعاني منه العراق ومحافظة البصرة على وجه التحديد لعدم وجود خطط مستقبلية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السكان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية "، مشيرا إلى أن" الأراضي الواقعة على ضفاف شط العرب وعلى ضفاف الأنهار في وادي الرافدين هي أراض زراعية ، كما هو حال جميع القرى في العراق الواقعة على الأنهر ، مما يعني أن المناطق المتروكة والصحراوية هي مناطق لا توجد فيها خطط لغرض الإسكان كمدن صناعية وواحات ومدن زراعية عبر إيصال المياه إليها على غرار بقية الدول الأخرى المتطورة "، ولذلك كما يقول البدران "نلاحظ أن المدن الواقعة على الأنهر بحال تتوسع فإنها تأكل الأراضي الزراعية المحيطة بها ،والدليل على ذلك هو أن جميع المدن عندما نراها قبل قرابة المائة سنة من عمر أي مدينة ، نجزم بأنها أكلت كل الأراضي الزراعية التي كانت داخل المدن أو بالقرب منها ، ومثال على ذلك مدينة البصرة .. فنحن نشاهد فيها الأنهر التي طمرت وغيرها من الأنهر والجداول ، كانت لخدمة الناس لكونهم
كانوا يستخدمونها للتنقل عبر الزوارق ، وبالتالي فإن جميع الأراضي والأحياء كانت سابقا زراعية ، وعندما نراجع التخطيط العمراني سنرى أن هناك الكثير من الأراضي وبعضها ما زالت زراعية ، ونراها الآن هي أبنية شامخة وكذلك توجد فيها أبنية حكومية.

غياب الثقة بين الفلاح والوزارة
ودعا البدران إلى ضرورة توفير الخدمات الأساسية للأراضي (السبخة) التي تدخل في الصنف السادس والسابع والثامن ضمن تصنيف الأراضي التي هي غير صالحة للزراعة ، ولا تصلح حتى للزراعة بعد استصلاحها ، وهذه الأراضي يجب أن تكون سكنية لنتخلص من هذه الظاهرة "، وبين أن " الحاجة للسكن هي التي تجعل الناس يقدمون طلباتهم على الأراضي السكنية ، والمتاح حاليا هي فقط أراض زراعية ، والقيمة السوقية للأرض تصبح عالية ، ولا تتناسب مع مدخولات الأراضي الزراعية التي هي مدخولات قليلة الكلفة جدا ، ولا تتناسب مع وضع محافظة البصرة بعد شحة وتملح المياه في شط العرب ، والآن المزارع يبيع أرضه بدل أن يستخدمها للزراعة "، موضحا "للأسف الشديد ان وزارة الزراعة ليس لديها أي برامج وخطط لتزرع الثقة في قلب الفلاح وتشجعه وتعوضه عما فاته من خسارة ، وحتى في القانون الذي يسمى ثروة المنفعة ، وبالتالي يرى انه من الأسهل والأبسط له بيع ارضه كعرصات ، والانكى من ذلك هو قيام البعض بجرف التربة ومن ثم يقوم بعدها ببيع الأرض ، وهي عملية تشكل خطورة كبيرة على حساب الثروة الوطنية للبلد .
وأكد البدران ضرورة إيجاد ثروات منفعة لتعويض الفلاحين المتضررين من ملوحة المياه التي ضربت البصرة عام 2009 وعلى سبيل المثال أن تقوم الدولة بتقييم الحقل أو النخلة التي تعطي الإنتاج وتعوض الفلاح ، وحل هذا الموضوع بشكل نهائي ، وعندها يشعر الفلاح بأن الدولة تقوم بتعويضه ، نجده يمتنع عن بيع أرضه.

قوانين معطلة
وتنص القوانين العراقية على فرض غرامات مالية وأحكام بالسجن بحق من يقوم بتجريف البساتين الزراعية ، وبيع أراضيها لبناء مساكن عليها دون اخذ الموافقات الرسمية إلا أن اغلب الإجراءات القانونية لم يجر اتخاذها بحق المخالفين من قبل القضاة.
من جهته، أكد قائممقام قضاء أبي الخصيب إسماعيل يوسف العامري أن عملية تجريف الأراضي هي حالة غريبة على سكان القضاء ، واصفا إياها بالآفة الخطيرة، التي يقوم بالتشجيع عليها أصحاب محال بيع العقار المنتشرة في قضاء أبي الخصيب وبقية الاقضية ونواحي البصرة الذين يساهمون في ترويج هذه الظاهرة بسبب الادعاءات لكثرة الكثافة السكانية".
مضيفا "أن ظاهرة تجريف الأراضي يتبعها عدم اتخاذ حرمة للأنهر عندما يقومون بأعمال البناء في حال البدء بعملية كري الأنهر حتى يفسح المجال لرفع الأطيان على جانب النهر ، بينما نرى اليوم أن البناء يأتي مع مستوى حافة النهر ، مؤكدا ملاقاته مصاعب جمة عند حفر الأنهر في أبي الخصيب من خلال تعرض بعض البيوت للهدم نتيجة أعمال كري الأنهر وتسبب ذلك بمشاكل جمة مع أصحاب المنازل المنهارة مع سائق الحفار الذي يكري النهر، مستدركا بالقول تأثير ذلك على واقع الخدمات ، والحاجة إلى توفير الطاقة الكهربائية والماء وبقية الخدمات الأخرى، علاوة على المدارس .
ويرى المستشار القانوني عباس عريبي أن القانون يكفل للدولة استقطاع ربع دونم للبلدية من اجل إقامة الخدمات البلدية، وهذا لم يعمل به حتى الآن، حيث تم تقسيم الدونم الزراعي والذي يعادل 2500 متر مربع إلى أراض زراعية وبطابو زراعي واحد، وهناك حيلة قانونية تتمثل بقيام المشتري برفع شكوى على صاحب الأرض الزراعية وتقوم المحكمة بالتأكد من شراء المواطن لتلك الأرض وفق المكاتبات وبحسب التراضي بينهما، وتصدر قرارا تطلب فيه من البلدية إجراء التقسيم وإصدار سندات سكنية بعد أخذ الموافقات الرسمية من دوائر الزراعة والري!

الكويتيون يبيعون أراضيهم
يقول صاحب بستان " قام الكثير من أصحاب البساتين بتجريف بساتينهم ومسحها على شكل قطع أراض سكنية، لبيعها على المواطنين على شكل مجموعة من العرصات بمساحة 200 متر مربع وبسند (طابو) واحد وهذا ينافي القانون، وخلاف ما هو معتمد لدى الجهات المعنية من عدم تحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية، إلا إن عدم متابعة تطبيق القانون أتاح الفرصة لمالكي البساتين بتحويل أراضيهم الزراعية إلى مناطق سكنية".
من جهته، يرى داود أبو محمد من سكنة منطقة السيبة، أن هناك الكثير من الأراضي ترجع عائديتها إلى أشخاص كويتيين ولهم وكلاء على تلك الأراضي الذين أضافوا إليها الكثير من الدونمات ومن خلالها ارتفعت الأسعار، فارتفع سعر الدونم الواحد من 5 ملايين دينار عراقي إلى 25 مليوناً.
ويضيف أبو محمد، هناك ظاهرة مستمرة لشراء تلك البساتين والأراضي التي تم تجريفها من قبل شخصيات كويتية معروفة كان لها جذور في تلك المناطق ولا تزال لهم أراض وبساتين يديرها وكلاء بالإنابة عنهم.
غياب الدعم الحكومي
وفي سياق متصل، يرى المهندس الزراعي صلاح محمود سالم إن من الأسباب الرئيسية لقيام مالكي البساتين ببيع وتجريف بساتينهم هو غياب الدعم الحكومي ، مشيرا إلى أن ما أصاب بساتين النخيل من إهمال وعدم تقديم الخدمات والدعم، كمعالجة أمراض النخيل بالإضافة إلى ارتفاع أجور المستلزمات الزراعية وغياب الرعاية والاهتمام بالنخلة، وعدم وجود قوانين رادعة أو متابعة من قبل الجهات المختصة لما يحصل من تجريف وبيع تلك الثروة والتفريط بها بشكل غير قانوني، حيث إن القانون العراقي يجيز بناء دار سكن واحد داخل البستان لمالك البستان أو للفلاح فكيف يتحول البستان بأكمله إلى مجموعة أراض سكنية!
المواطن محمد طالب كاظم من سكنة قضاء شط العرب يقول : إن عملي في المجال الزراعي لا يلبي احتياجاتي المادية، لذا قمت ببيع ارضي الى احد المتمكنين ماديا لأشتري بثمنها مركبة كبيرة ( تنكر ماء) التي توفر لي شهرياً عائدا ماليا يفوق كثيرا حتى راتب الموظف الحكومي ، كما يفوق ما تقدمه الأرض الزراعية في عام كامل!

Read more: http://www.sotaliraq.com/mobile-news.php?id=48840#ixzz1q1j8PFqy
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير