الصابئة يتلاشون تدريجيا في العراق

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, مارس 22, 2012, 03:56:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

الصابئة يتلاشون تدريجيا في العراق

المدى

يقول سعد عطية مجيد، رئيس مجلس الصابئة المندائيين في البصرة، و هو مليء بالقلق على أبناء دينه" هناك خمسة آلاف من الصابئة يعيشون في العراق، لكن إذا سألتني عن عددهم في الأسبوع القادم فربما سيكون العدد اقل من ثلاثة آلاف، إذ إننا نتلاشى  تدريجيا بعد عشرين قرنا من التاريخ عشناها في بلاد ما بين النهرين".يتبع الصابئة تعاليم يوحنا المعمدان التي انتشرت على ضفاف دجلة والفرات منذ ألفي عام . ويضيف السيد سعد " صحيح أننا أخذنا حصتنا من الآلام والبؤس خلال حكم صدام، إلا إن أبناءنا بدأوا يغادرون العراق لأسباب اقتصادية، وبعد عام 2003  وعقب الهجمات الوحشية التي يشنها المتطرفون بدأ الصابئة بالهرب على شكل موجات إلى إقليم كردستان وسوريا وأوربا ".حسب تقرير منظمة حقوق الإنسان المنشور في شباط 2011 ، فإن 90% من الصابئة تعرضوا إما للقتل أو أنهم غادروا البلاد منذ الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 . يقيم شيخ هذه الطائفة الدينية ستار جبار الهولو حاليا في استراليا، وينوب عنه الشاب مازن رحيم نايف الذي مازال يقيم في البصرة ويعتبر الزعيم الروحي في المنطقة . يقول مازن " لغاية عام 1991 كنا نمارس طقوسنا في النهر، إلا إن الوضع الأمني المفزع وتلوث المياه اضطرنا إلى ممارستها في هذه الأحواض الصغيرة داخل معابدنا"، ويواصل مازن حديثه قائلا إن المجلس المحلي قد منع أبناء الطائفة من الاقتراب من النهر " في السابع عشر من آذار وعلى مدى خمسة أيام نحتفل كل عام بعيد " برونايا " لأحياء خلق عالم النور، هل تعتقد أن هذا المكان مناسب لذلك؟". ثم قدّم للمراسل " كنز الله " وهو الكتاب المقدس لهذه الطائفة والمكتوب باللغة الآرامية-المندائية " لقد ترجمناه إلى العربية بسبب تردد إشاعات بين المسلمين على انه يحوي شيئا من الإلحاد. نريد أن نبين لكل الناس بأننا أيضا نؤمن بالله ونقيم الصلوات ونؤتي الزكاة"، إلا إن هذه الجهود تبدو غير كافية لاجتناب التمييز الطائفي المتزايد . يقول تحسين، احد أبناء الطائفة، " تخرّج ولدي في كلية الهندسة، وحسب معدلاته الدراسية فإنه مؤهل للتوظيف كمهندس إلا انه ظل عاطلا عن العمل منذ تخرجه قبل ثلاث سنوات. أما الوظائف فتمنح للعوائل التي فقدت احد أفرادها في الحرب مع ايران او نتيجة لقمع صدام، الامتيازات تذهب لاولئك الذين لديهم شهيد اما نحن فلسنا محسوبين من ضمنهم".في منطقة القادسية ببغداد التي تحيط بها الحواجز الكونكريتية و تكثر فيها نقاط التفتيش ، يقول توما زكي زعيم المندائيين هناك " انه ليس اضطهادا دينيا فحسب ، فلقد كان الصابئة قديما يعملون صاغة للذهب و الفضة الا ان هذه المهنة تحولت خلال السنوات القليلة الماضية الى كابوس بسبب جرائم القتل التي تعرضوا لها". تقرير منظمة العفو الدولية لشهر نيسان 2010 يؤيد ما جاء على لسان السيد زكي ، حيث يصف المخاطر التي يتعرض لها الصاغة من الصابئة في عراق ما بعد صدام . لقد اختار زكي البقاء لكن الكثير من أتباعه هربوا بعد تلقيهم رسائل تخيّرهم بين " تبديل الديانة أو الموت"، و برغم ان الهجمات قد قلت في السنوات الثلاثة الماضية فإن طريق الانسجام و التعايش بين ابناء الشعب العراقي مازال مليئا بالعقبات" . يقول سعد سلوم ، أستاذ جامعي و محرر مجلة  " مسارات " و هي الإصدار الوحيد عن الاقليات في العراق" ان الديانة و العرقية يسيران جنبا الى جنب في العراق، و للاسف ان ذلك ينعكس  في الدستور. فالصابئة غالبا ما يندرجون في المجموعة الثانوية التي تضم المسيحيين و غيرها من المجموعات العرقية، لذا فإنهم يفتقرون الى بعض الامتيازات مثل التمثيل في البرلمان والمجالس المحلية". على مقربة من المكان ، يدير حسام سبتي زارون محلا صغيرا في الكرادة. انه ينحت على ميدالية فضية صورة نحلة وأسد وعقرب وحولها  ثعبان. انها تعويذة – في التقاليد المندائية – تحمي من الشر . اثناء استراحته عرض زارون وثيقة قديمة – شكر وامتنان – موجهة الى جده وموقعة من ونستون تشرشل امتنانا لهدية – صندوق سيكار – من الفضة مع صورة رئيس الوزراء البريطاني . يقول حسام " هذه المهنة عريقة في عائلتنا منذ 400 عام". هذا الشاب يستخدم نفس الادوات التي استخدمها جده ، الا انه توقف عن التأمل في دجلة منذ ان تحول الى الدين الإسلامي منذ بضع سنوات. و حتى لو تم اتخاذ اجراءات عاجلة بشأن هذه الاقلية ، فان مهارات زارون المندائية التقليدية ربما ستكون قريبا ضمن آخر ما تبقى من هذه الحضارة.
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير