البابا شنودة رمز المسيحية في الشرق

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, مارس 18, 2012, 05:45:35 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

البابا شنودة رمز المسيحية في الشرق


جاء خبر انتقال البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الى احضان القديسين كالصدمة على اتباع الكنيسة القبطية ومحبيها من المسيحيين والمسلمين من ابناء شرقنا الحبيب ، هذا ما لمسناه من العناوين الكبيرة التي تصدرت كبريات الصحف العربية ، ونشرات الاخبار في القنوات الفضائية ، ومن آراء الملايين في الوطن والمهجر من سياسيين ومفكرين وادباء وفنانين ومن عامة الشعب ، مما يدل على الاثر الطيب الذي تركه البابا شنودة الثالث في نفوس الكثيرين من ابناء الشرق والعالم اجمع ، فكان انتقاله بحق خسارة كبيرة للمسيحية .

هذا الاثر الطيب جاء عبر مواقف جريئة وآراء سديدة في قضايا دينية ووطنية ، بالاضافة الى ما كان يحمله من علم وروحانية في الامور الدينية ، وحضور متميز وكاريزما شخصية في اللقاءات الرسمية والشعبية .

ألم يقل فيه المثلث الرحمات البطريرك يعقوب الثالث البرطلي في حفلة تنصيبه بطريركا على الكرازة المرقسية انه ( مدينة حصينة وعمودا من حديد واسوارا من نحاس على الارض ، فلن يقوى عليه اركون هذا العالم ) .
وهو القائل فيه ايضا ان الانبا شنودة هو من عرفته ( متنكب على كل امر غريب ، التضحية ديدنه ، وحب الكنيسة والوطن شعاره ، وتقوى الله دثاره ) .

كان هرما رابعا لمصر وقائدا تاريخيا ورجلا عظيما اعطى الكثير للكنيسة والشعب ، والعالم كله يشهد بذلك . له مواقف وطنية في تعزيز وحدة الامة المصرية وابعادها عن الفتن الطائفية .

كان كلما مر شعبه في ضيقة او في موقف صعب ، التزم الى صومعته التي شهدت بداية حياته الرهبانية ، مختليا بنفسه ، مصليا فيها الى ربه كي يقوده الى قرار مصيب يُجيز عنهم هذه الضيقة .
فهو القائل ( ان صمته ليس لكي تثور الارض او لتغضب السماء بل كي تحضر السماء الى الارض ) .

كان قريبا من شعبه يتفقدهم كتفقد الاب لابنائه ليكون قريبا من همومهم ، يواسي الحزين ويطلب الشفاء للعليل ، ويمد يد المساعدة للمحتاجين ، ويضم الاغنياء مع المتعففين .
حريصا على اللقاء بهم في محاضراته الاسبوعية مواصلا عليها منذ عشرات السنين ، يعظ فيهم ، ويدعوهم للالتزام بتعاليم الكنيسة والانجيل ، ويبين لهم كل امر غير سليم ، لم يترك امرا في العقيدة المسيحية والمفاهيم الكنسية الا وتناوله بالتفصيل ، مُبعدا عنهم كل فكر غريب ، حتى جعل الجميع يتوقون لسماع محاضراته وقراءة كتاباته ، فكان موسوعة دينية ومدافعا صلبا عن عقيدة الكنيسة والمسيحية ، حتى سمي ب ( أسد الكرازة المرقسية ) .

هو معلم ليس لهذا الجيل فقط ، الذي حضر وسمع محاضراته وعضاته ، بل ستبقى تعاليمه ثابتة من خلال ما نشره في عشرات الكتب وما وُثق عنه في وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، ليكون معلما للاجيال كما يسمى .

كان صحفيا واديبا يقرض الشعر بمهنية ، حافظا جيدا للشعر ، لقاءاته التلفزيونية لا تُمَل ، يتحول فيها من الروحانيات الى الدين الى الشعر الى الامور الاجتماعية والوطنية وحتى النكتة اذا حضرت يُطلقها في مكانها .   

لم يكن بطريركا للاقباط فقط ، بل بطريركا لنا كلنا وليس للمسيحيين فقط بل للمسلمين ايضا ، والحب الذي تركه في نفوس الكثيرين والكاريزما التي اخذها ليس في مصر وحدها بل وفي بلاد العرب ايضا ، جعل المصريون يطلقون عليه بطريرك العرب .

فقدنا ملاكا وقديسا كان يعيش في وسطنا ، كان يعيش حياة القداسة بين ابنائه من الكنيسة المجاهدة ، ينيرهم الى طريق الملكوت .

انتقل البابا شنودة من بيننا بالجسد لكنه ، هو حاضر بيننا في نفوسنا ، في عقولنا ، بعظاته ، بمحاضراته ، بتعاليمه .

نظرة اخيرة أُلقيها عليك يا قداسة البابا شنودة من عيون لا تدمع الا لامثالك .

برطلي
18 / 3 / 2012     
   

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

Emad Dawoud

#2
شكرا للأخ العزيز بهنام على هذه الكلمات الرائعه والمؤثرة عن المثلث الرحمة قداسة البابا شنودة الذي رحل عنا قبل أيام .

نحن ندرك تماما بأن الموت هو نهاية مغامراتنا الارضية وهو مصير كل حي عاجلا ام آجلا ولهذا فأننا يجب ان نعود انفسنا على فقدان من نحب لئلا نظن في يوم من الايام بأن هناك من سيعيش الى الابد .

لقد ترك انتقال سيدنا البابا شنودة جرحا غائرا في قلوبنا لأننا احببناه ولأننا احسسنا بوجوده بيننا ينظم حياتنا ويغنينا بنصائحه وارشاداته ، لقد كان بحب ابا محبا للجميع . سوف نذرف الدموع لا لقداسة البابا بل انفسنا وهنا يحضرني كلام الرب عندما كان يساق الى الصليب الى النساء اللواتي بكين عليه قائلا - لا تبكين علي بل ابكين على انفسكن - فعلا سنبكي على انفسنا لاننا خسرنا عونا كنا بأمس الحاجة له وقلبا حنونا يشمل الجميع بحبه ولسانا فصيحا لطالما سحرنا بعذوبته ووجها سمحا جذبنا بسماحته ونورا ساطعا قادنا ببهائه .

احب ان اقول - وقد اتلقى بعض الانتقاد على ما اقوله - بأننا قبل ان نعرف البابا شنودة كنا مسيحيين بالاسم فقط لم نكن نعرف الا النزر اليسير من عقيدتنا واليوم يدرك كل من سمع وشاهد البابا شنودة او  قرأ له ان مفهوما جديدا للمسيحية قد تغلغل الى اعماق عقولنا وان ابواب كثيرة كانت موصدة قد فتحت امام ناضرينا فأصبحنا قريبين جدا من الرب . ولهذا كله فأننا قد حزنا لرحيله وبكينا لوداعه وتألمنا لأننا لم نعد نراه . ولكن اشخاص مثل قداسة البابا شنودة لا يموتون فكلماته وخطبه ومواعظه واقواله ستبقى خالدة نلجأ اليه لنأخذ طاقة روحية تقوينا وتبعث الحياة في ارواحنا التي توشك ان تموت احيانا رغم ان اجسادنا تنعم بالحيوية والنشاط ، وهذه الطاقة تسري في العروق وتتغلغل الى القلوب فنأخذ صورة الانسان الروحي الذي يريد الرب ان يرانا فيها .

لنتعلم من البابا شنوده ان نعمل لحياتنا الثانية فالرجل وهو في الثمانية والثمانين كان يقدس ويعلم ويوجه ويوعظ ولم يتوقف الا عندما قال المرض كلمته الاخيرة  .
ستبقى البابا شنودة خالدا عبر الاجيال وستبقى كلماته واعماله شاهدا على ديمومته .
اذكرنا يا سيدنا البابا شنودة في صلواتك ولتبقى روحك الطاهرة ترفرف بينا . آمين