زيارة المالكي للكويت.. ترحيب غير معتاد من السياسيين ومخاوف من مراقبين بشأن تنازل

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 16, 2012, 08:15:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

زيارة المالكي للكويت.. ترحيب غير معتاد من السياسيين ومخاوف من مراقبين بشأن تنازلات تضر بالعراق


السومرية نيوز/ بغداد
تعد نتائج زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى الكويت مؤخرا، من بين الحالات النادرة التي تحصد فيها خطوة للمالكي ترحيبا "متفاوتا" بين مختلف الكتل السياسية العراقية باستثناء الكتلة الصدرية، وبينما تعتبر الكتلة الكردستانية أنها زيارة واحدة..ولا تكفي، ترى العراقية التي تمتلك "علاقات متميزة مع الشعب الكويتي وحكامه"، أن هذه الزيارات طريق جيد لحل الازمات بين البلدين، في وقت يعبر محللون عن خشيتهم من ان يكون العراق في طريقه لتقديم تنازلات على حساب اراضيه ومياهه للكويت مقابل تطبيع العلاقات، وترسيم الحدود وفقا لما أقرته الامم المتحدة.

الكردستاني: زيارة واحدة لا تكفي
ويعتبر النائب عن التحالف الكردستاني محما خليل، زيارة المالكي للكويت "ناجحة"، إلا أنه يقول إن "زيارة واحدة لن يكون بمقدورها حسم الملفات الكثيرة بين البلدين".

ويبين خليل في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "الحوار مع الجارة الكويت أمر ضروري"، ويلفت إلى ان "من مصلحة الشعب الكويتي ان يكون العراق مستقراً، لان الشعبين عانيا من نظام دكتاتوري".

ولكن خليل يدعو الكويت إلى عدم "اقتطاع الأرزاق من الشعب العراقي عبر مسألة الديون التي يتحسس منها العراقيون، ويرون انهم اولى بتلك الأموال"، ويشدد على أن "ملفات الحدود والمياه هي الأخرى، يجب ان تحسم بإرادة قوية، من اجل  فتح صفحات جديدة لخروج العراق من طائلة الفصل السابع".

ائتلاف المالكي: لن نقدم تنازلات كما يعتقد البعض
بدوره، يرى عضو ائتلاف دولة القانون، علي الشلاه، أن الزيارة "مهمة بشكل كبير، لأنها يسرت العلاقات ووضعت تفاهمات على مستوى عال بين البلدين".

ويقول الشلاه في حديث لـ"السومرية نيوز"، "هناك امور جرى الحديث عنها بصراحة تامة، ونأمل أن يزول على إثر هذه الزيارة أي سوء تفاهم بين البلدين"، ويلفت إلى أن "العراق خرج من الحضيرة العربية بسبب غزو الكويت، هاهو يعود اليوم لها كرئيس للقمة من خلال بوابة الكويت".

ويستبعد الشلاه، أن يقدم العراق تنازلات او تسويات "كما يعتقد البعض"، ويوضح أن على سبيل المثال أن مسألة الخطوط الجوية العراقية التي تم الاتفاق على حلها، "كانت ضرورية للعراق كي يتحرك بذراعه الجوي الى العالم".

وأعلن رئيس الحكومة نزري المالكي عقب انتهاء زيارته إلى الكويت ان العراق توصل إلى اتفاق مع دولة الكويت لإنهاء ملف الخطوط الجوية العراقية والعلامات الحدودية، وعرق وزير الخارجية هوشار زيباري الذي رافق المالكي في زيارته أن ما تم الاتفاق عليه مع الكويت يعد تقدماً كبيراً فيما يخص خروج العراق من الفصل السابع.

العراقية: لم نطلع على التفاصيل لكننا مع توطيد العلاقات
من جهته، يصف النائب عن القائمة العراقية، ظافر العاني، العلاقات العراقية الكويتية بأنها "مسألة معقدة"، في أبعادها التاريخية والاقتصادية والأمنية وأدت بالكثير من القوى السياسية لـ"ابتزاز" غيرها من القوى بتصريحات اخذت اشكالاً "تحريضية او مفرطة في المجاملة".

ويقول العاني في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن القائمة العراقية وعلى الرغم من أنها لم تطلع بعد على تفاصيل زيارة المالكي للكويت، لكنها "مع توطيد العلاقات معها وسد الفجوة التي حدثت منذ سنين"، مبيناً أن "هذه اللقاءات والزيارات المباشرة طريق جيد لحل الازمات بين البلدين".

ويضيف العاني أن "علاقة العراق بالكويت مصيرية ومبنية على اساس المصالح القومية العليا، ومن هذا المنطلق فان القائمة العراقية وقياداتها تمتلك علاقات متميزة مع الشعب الكويتي وحكامه، وهي تثمن اي جهد تقوم به الحكومة لتحسين العلاقات العراقية الكويتية".

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد قام، يوم الاربعاء، (14 آذار 2012)، على رأس وفد رفيع المستوى بزيارة رسمية إلى الكويت، أسفرت عن الاتفاق على إعادة تثبيت وصيانة العلامات الحدودية، وعقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بعد انتهاء قمة بغداد، ليختتمها بالتوقيع على اتفاقية تسوية قضية الخطوط الجوية العراقية.

وسبق وأن طلبت الكويت من مجلس الأمن الدولي، في شهر تموز من العام 2009، قبل جلسته المخصصة لمناقشة التزامات العراق الدولية عدم رفع العراق من لائحة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قبل إيفائه بكافة التزاماته خصوصاً في قضيتي التعويضات والأسرى والمفقودين الكويتيين وتأكيدها على ضرورة احترام العراق للقرار 833 القاضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت، بعد الاعتراضات العراقية التي تظهر بين الحين والآخر على ترسيم الحدود، ثم أعادت تأكيد المطالب نفسها خلال الأسبوع الجاري على لسان عدد من النواب الكويتيين.

محلل: قضية الخطوط الجوية سويت بثمن بخس وعلى البرلمان التدخل
من جانب آخر، يبدي المحلل السياسي العراقي ابراهيم الصميدعي، مخاوف من ان يكون هناك وراء مضي العراق بتطبيع العلاقات مع الكويت "أطماع في المضي للحصول على موافقة من المالكي لترسيم الحدود طبقا لقرارات مجلس الامن الدولي، وهو ما لايرضاه الشارع العراقي وعلى نطاق واسع".

ويقول الصميدعي في حديث لـ"السومرية نيوز"، ان "تسوية الخطوط الجوية العراقية مقابل تثبيت صيانة العلامات الحدودية، ثمن بخس من الكويت مقابل ما يقدمه العراق".

ويشدد الصميدعي على انه "ليس من صلاحيات الحكومة ان توافق على تلك الاتفاقات"، داعيا البرلمان لـ"التدخل ولو لمرة واحدة لعدم قبول اي اجراء تقوم به الحكومة".

وأعلنت وزارة النقل العراقية في (28 أيار 2011)، أن الكويت جمدت أكثر من مليون ونصف المليون دولار تابعة للخطوط الجوية العراقية في الأردن، في حين دعت الكويت إلى عدم إدخال أي طرف في المشاكل العالقة بين البلدين، طالبت الأردن باتخاذ مواقف ايجابية.

واحتجزت السلطات البريطانية، في (25 نيسان 2010)، طائرة عراقية قادمة من بغداد إلى لندن بعد توقف للرحلات بين البلدين دام 20 سنة، وكان على متن الطائرة 30 مسافراً من العراقيين والأجانب، بينهم وزير النقل عامر عبد الجبار ومدير الخطوط الجوية العراقية كفاح حسن الذي تم احتجاز الأخير من قبل السلطات القضائية البريطانية، بسبب دعوى كويتية بشأن الأضرار التي تعرضت لها طائراتها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990، مطالبة بدفع مليار و200 مليون دولار لصالح الخطوط الجوية الكويتية.

وطالبت الكويت العراق منذ الغزو في العام 1990 بتسديد مبلغ 1.2 مليار دولار، كتعويض عن استيلائه على17 طائرة تملكها الخطوط الجوية الكويتية، وادى هذا الملف الى مشاكل سياسية بين العراق والكويت عقب قيام الاخيرة برفع دعاوى قضائية ضد الخطوط الجوية العراقية لتجميد اموالها في الاردن وبريطانيا مطلع العام 2010 والذي ادى فيما بعد الى اتخاذ مجلس الوزراء العراقي قرارا في شهر ايار من العام نفسه بتصفية وإلغاء الشركة وعرضها للبيع إلى شركات أهلية، كما قرر أيضا إلغاء جميع التشكيلات الإدارية المرتبطة بها، مع الابقاء على كادرها بعد بيعها لإحدى الشركات الخاصة.

ويشير الصميدعي إلى أن الحدود المشتركة "رسمت في سابقة دولية خطيرة بقرار من مجلس الامن الدولي، وفيها تجن كامل على الحدود العراقية، من خلال قطع اجزاء كبيرة من الحقول النفطية وأراضي المزارعين، وتجاوز على الخطوط الملاحية العراقية".

ويعتبر المحلل السياسي العراقي أن حل المشاكل بصورة نهائية مع الكويت يمكن ان يكون عبر "تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين"، ويتساءل "لماذا لا يعمل الطرفان على انشاء شركة موانئ عالمية مشتركة متخصصة، او يجعلون من جزيرة بوبيان للاستثمار الملاحي على مدى 100 سنة مع الكويت".

لكن المحلل السياسي الآخر، واثق الهاشمي، يعتقد ان ما اتفق عليه المالكي مع الكويتيين "لم تكن فيه أي مساومات"، لافتاً الى ان "النظام العراقي ديمقراطي، ورئيس الوزراء لديه صلاحيات تنفيذية، لذلك فان المصادقة على اي اتفاق يكون من قبل البرلمان، ولا وجود لخروج عن اية نصوص دستورية بهذه القضية"، بحسب رأيه.

ويرى الهاشمي أن زيارة المالكي للكويت "بادرة جيدة لمؤتمر القمة الذي سينعقد بالعراق لحل الكثير من الاشكالات العالقة بين البلدين".

ويعتقد المحلل ان "الطرفين بحاجة لتقديم تنازلات متبادلة، وبشكل خاص الكويت، على اعتبار انها بحاجة للعراق بسبب النتائج الاخيرة للانتخابات التي لم تكن في صالح الحكم، اضافة الى الضغوط الامريكية الخليجية على الكويت، ومشاكل المنطقة الاستراتيجية".

وكان المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة علي الموسوي ذكر في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "رئيس الوزراء نوري المالكي بحث خلال الزيارة كافة القضايا العالقة بين البلدين واتفق مع الجانب الكويتي على اسس واطار عام لحل جميع القضايا ضمن جداول زمنية قصيرة"، مبينا أن الجانبين اتفقا على "تشكيل لجان مشتركة للتوصل الى حلول نهائية لحل القضايا العالقة بين البلدين".

كما اعلن الموسوي ان الاتفاق مع الجانب الكويتي على تسوية قضية تعويضات الخطوط الجوية الكويتية استند إلى شقين، ولفت إلى الشق الأول نص على ان يدفع العراق تعويضات نقدية، فيما نص الشق الثاني على تأسيس خطوط جوية بالاشتراك مع الكويت.

مراقب رافق المالكي: الجانبان حرصا على إظهار الثقة المتبادلة
من جانبه، يقول عضو مجموعة العراقية للدراسات الاستراتجية عزيز جبر الذي رافق الوفد الذي زار الكويت ان ما لاحظه من خلال كلام رئيس الوزراء الكويتي جابر الصباح ونظيره العراقي نوري المالكي هو "وجود ثقة متبادلة بين الطرفين".

ويضيف جبر في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "رئيسا الوفدين اظهرا عزما على ازالة الهواجس الخوف وان يكونا متعاونين في المستقبل"، مبينا ان "هذا الامر كان واضحا من خلال تشكيل لجنة مشتركة عليا برئاسة وزيري الخارجية انيط بها حل جميع الملفات العالقة".

ويشير جبر الى انه "سمع  من رئيس الوزراء الكويتي دعوته للفنيين من الوفدين للبحث عن اجراءات محددة لتنفيذ الاتفاقات بين البلدين"، ويبين ان "الاتفاق على تصفية التعويضات على الخطوط الجوية كان من اهم ما اتفق عليها الجانبان".

وبشان الحدود، يؤكد جبر ان "الطرفين اتفقا على صيانة دعامتين حدوديتين كانتا سبب المشاكل في الحدود كانتا مدمرتان وتم الاتفاق على ترسيمها بموجب القرار 833"، لافتا الى ان "عدم مناقشة قضية ميناء مبارك جاء باعتبارها قضية جديدة ليست لها علاقة بالبند السابع".

ويعتتقد جبر أن "الزيارة ارسلت رسالة واضحة للخليجيين بأن العراق ليس ذاهبا باتجاه ايران بل انه بلد مستقل في قراراته، وقربت العراق بنسبة 40% للتخلص من عقوبات البند السابع".

تعاون واستثمار مشترك لحل القضايا الأخرى
وبالنسبة للقضايا العراقية الكويتة الأخرى العالقة كقضيتي المفقودين وميناء مبارك، يرى رئيس مجلس دعم العلاقات العراقية الكويتية عبد الرحيم الرفاعي ان حلها "يتم عبر التعاون والاستثمار المشترك" لكل من ميناء الفاو ومبارك بشكل يضمن حق الطرفين.

ويضيف الرفاعي في حديث لـ"السومرية نيوز" ان مشكلة الصياديين أيضا ممكن حلها، ويكشف عن "توجه لدى الحكومة العراقية لاعطاء رخص لشركات خاصة لتنظيم عملية الصيد في المياه الاقليمية".

ويؤكد الرفاعي في موضوع المفقودين الكويتيين في العراق ان "الطرفين لديهما توجه لحل القضية من خلال جلب اجهزة متخصصة وفرق لها خبرة للبحث في كافة المناطق العراقية عن رفات الكويتيين".

واختتم رئيس الوزراء نوري المالكي زيارته للكويت بعد الاتفاق على أسس مشتركة لحل جميع الملفات بين البلدين، ضمن جداول زمنية قصيرة.

يذكر أن مجلس الأمن الدولي أصدر القرار رقم 833 في العام 1993، الذي ينص على ترسيم الحدود بين العراق والكويت التي يبلغ طولها 216 كم، عبر تشكيل لجنة دولية لترسيم الحدود بين الطرفين، الأمر الذي رفضه نظام الرئيس السابق صدام حسين أولاً، إلا أنه وافق عليه في نهاية عام 1994، إثر ضغوط دولية، ويؤكد المسؤولون العراقيون أن ترسيم الحدود بين البلدين تم بالقوة، وأدى إلى استقطاع أراض عراقية من ناحية صفوان ومنطقة أم قصر، فضلاً عن تقليص مساحة المياه الإقليمية.

ويخضع العراق منذ العام 1990 للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي فرض عليه بعد غزو نظام الرئيس السابق صدام حسين لدولة الكويت في آب من العام نفسه، ويسمح هذا البند باستخدام القوة ضد العراق باعتباره يشكل تهديدا للأمن الدولي، بالإضافة إلى تجميد مبالغ كبيرة من أرصدته المالية في البنوك العالمية لدفع تعويضات للمتضررين جراء غزوه الكويت.