مشاكسة .... المـــــرأة الحيـــــــاة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 07, 2012, 08:39:34 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
المـــــرأة الحيـــــــاة




مال اللــــه فـــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

     في مراسم احتفالية تحمل من الازدواجية والنفاق الاجتماعي والسياسي والأسري الشيئ الكثير , تنهال باقات الورود وبطاقات التهنئة وأرق التعابير الرومانسية وابلغ قصائد المحبة وانفس الهدايا على النساء في كل مكان , وتنظم المهرجانات الخطابية الحماسية والمؤتمرات , وترفع معالم الزينة ابتهاجا بعيد المرأة الذي يطل في الثامن من اذار متزامنا مع اطلالة الربيع ليذكر الانسانية ربما بالعلاقة الجدلية بين فصل الخصب والنماء , وبين المرأة التي تمثل رمز ونبع العطاء , بالأخص وهي الأم والاخت والخطيبة والزوجة والابنة والحبيبة والصديقة ورفيقة الدرب والحياة , بل هي البيت الاول , والوطن الاول , ودفق الحياة الاول الذي جرى في عروقنا , وفضاء الحنان الاول الذي احاط باجنتنا ورحم الامان الذي حملنا   شهورا وكان لنا مأوى التكوين وبوابة اطلالتنا الاولى على صخب الحياة وضجيجها وتعقيداتها وازماتها وأفراحها وأتراحها .

   واذا كانت المرأة , هذه الانسانة الشفافة مثل الحلم , المرهفة  مثل الزنبقة النبيلة نبل القيم الرفيعة الرقيقة مثل الفراشة التي تطرز صباحاتنا بالمحبة ومساءاتنا بالدفئ والامل وتملأ ايامنا بحيوية دافقة ومحفزة للتواصل والعطاء السخية مثل شلال لا تنضب مياهه ولا يتراجع زخمه المعطاء تستحق بجدارة كل هذا التقييم   , فأن لمن الغرابة والازدواجية ومن المؤشرات النفاقية ان نتذكر عطاءها ونقيم تضحياتها يوما واحدا في السنة وننسى او نتناسى ذلك كله طوال (364) يوما , بل لعل الادهى والامر ان تتمثل ازدواجيتنا الاجتماعية والسياسية والاسرية باعترافنا بأنها (مدرسة القيم  .. ونصف المجتمع .. والطاقة المربية للاجيال والمحركة للاسرة والمجتمع .. ورفيقة الدرب والكفاح والصابرة والمضحية في الظروف الصعبة ) ومع ذلك نستنكر ونستهجن مطالبتها بحريتها ونتنكر لحقوقها ونمنع عنها حقها في المساواة بشريكها الرجل حتى في القضايا الهامشية فكيف بالقضايا الجوهرية والستراتيجية ,  بل وننتهك انسانيتها ونمارس التمييز بينها وبين الرجال في فرص الحياة والعمل والأجر ونوصد الابواب بينها وبين تبوأهـا للمواقع القياديــة والسيادية الرفيعة .

       في ظل ذلك فأن الاحصائيات والوثائق المختلفة ترسم واقعا مأساويا كارثيا مخيفا تعيش فواجعه وافرازاته الجسدية والنفسية والاجتماعية الخطيرة المرأة في مختلف الدول المتقدمة والمتأخرة على حد سواء حيث ما تزال القبضة الذكورية غير الموضوعية وغير المنصفة والنظرة المتدنية  تلقي بظلالها القاتمة على حياة النسوة واوضاعهن في كل مكان عبر القمع والتحرش والاغتصاب والعنف الاسري والاتجار بهن وتشويه اعضائهن وارغامهن على الزواج القسري وتحويلهن الى مجرد بضاعة جنسية للمتعة واشباع الغرائز في اسواق الدعارة الدولية مما يمثل انتهاكا صارخا  وامتهانا قاسيا لحقوقهن ولحريتهن ولانسانيتهن .

     واحتكاما للغة الارقام تشير الاحصائيات الرسمية من بين الكم المأساوي الكبير والمفجع والمخيف للجرائم وللانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الى ان ( اكثر من نصف مليون امرأة يمتن سنويا بسبب مضاعفات الحمل والولادة .. كما ان 95% من ضحايا العنف في فرنسا هن من النساء .. و33% من النساء المصريات يتعرضن للضرب من قبل ازواجهن .. وان 700,000 امرأة تتعرض للاغتصاب في الولايات المتحدة سنويا .. وان 147 امرأة تتعرض   للاغتصاب يوميا في في جنوب افريقيا   .. وان رجال الشرطة البريطانية يتلقون مكالمة استغاثة كل دقيقة من نساء يتعرضن للعنف المنزلي .. وان اكثر من 16,000 جريمة اغتصاب وقعت في الهند خلال سنة واحدة .. وفي بولندا تسقط 10,000 امرأة سنويا ضحايا لشبكات الدعارة في دول الاتحاد الاوربي .. وفي روسيا الاتحادية تتعرض 36,000 امرأة للضرب يومياعلى ايدي ازواجهن ..و في اسبانيا تقتل امرأة كل خمسة ايام على يد زوجها او شريكها .. اما في بريطانيا فتقتل امرأتان اسبوعيا على ايدي ازواجهن وشركائهن .. وفي فرنسا تتعرض 25,000 امرأة للاغتصاب سنويا .. وان 80% من اللاجئين حول العالم هم من النساء والاطفال وان 85% من مناطق النزاع تتعرض فيها النساء للبيع وللاتجار بهن .. وفي النيجر تجبر 76% من النساء على الزواج قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة ..أما في رواندا فقد تعرضت حوالي نصف مليون امرأة للاغتصاب خلال الابادة الجماعية  وفي دولة اخرى تعرضت 97% من النساء المتزوجات لتشويه اعضاءهن التناسلية .. وغيرها الكثير الكثير من الانتهاكات المختلفة ).

      ان الازدواجية في التعامل مع المرأة  تبرز من الحلقة الاجتماعية الاصغر ممثلة بالاسرة صعودا الى قمة الهرم السلطوي ممثلة بالانظمة والحكومات والبرلمانات , فالاسرة في معظم المجتمعات تفضل الولادات الذكورية على الانثوية , وفي الكثير من المجتمعات يبرز التمييز الصارخ القائم على نوعية الجنس بين الاطفال , فيمنح الاطفال الذكور كل ما يتمنونه بينما تحرم الاناث في طفولتهن من كل ما يحتجنه , كذلك فأن الشاب المقبل على الزواج يعد خطيبته بأن يجعلها ملكة على مملكته وقلبه ورفيقة لدربه وشريكة   لحياته , لكن ماأن يتزوجها وتخبو لواعج  الرغبة قليلا ويصبح الزواج وظيفة تقليدية حتى يعود لدوره السلطوي ويحاول ان يحول شريكته من ملكة كما وعدها الى خادمة وعبدة ومربية وطباخة ومربية ومدبرة منزل عليها كل الواجبات وليس لها اية حقوق , وألة  مستفزة ومتأهبة ليل نهار لتلبية رغباته وتوفير احتياجاته وملذاته دون التفكير بانسانيتها او باحترام ابسط حقوقها  او رغباتها واجابة احتياجاتها او حتى الاستماع لارائها .وكأنها ماكنة انسانية تعمل بالريمونت كونترول يجب ان تكون جاهزة ومتأهبة في اية لحظة وعلى اتم الاستعداد  للاستجابة لمتطلباته وملذاته ونزواته , وبعد ان كان في ايام الخطوبة يدندن لها كلما يراها باغنية (هل عندك شك بأنك احلى واغلى امرأة في الدنيا ) فأنه بعد الزواج وبعد ان تخبو نيران الرغبات وتهدأ عواصف اللهفات يبدل نغمته وكلماته والحانه ويردد على مسامعها رائعة أم كلثوم (لســـه فاكـــــر) . 

      اماعلى الصعيد الاجتماعي , فان قدر المرأة ان تكون وراء الرجل دائما سواء كان عظيما ( وراء كل عظيم امرأة  ) او كان فاشلا ولئيما , الازدواجية نفسها تنسحب على الانظمة والحكومات والبرلمانات التي تملأ الدنيا ضجيجا اعلاميا عبربياناتها واحتفالاتها وندواتها ومؤتمراتها حول حقوق المرأة وحريتها ومساواتها دون ان تتقدم خطوة واحدة نحو توثيق ذلك بقرارات ملزمة او بتفعيل القرارات والانظمة التي تتخذها بهذا الصدد لذلك تبقى مختلف القرارات التي تنصف المرأة حبرا على ورق او مجرد ارشيف في مكاتب الحكومات والوزراء , ومع ذلك ما يزال المسؤولون في كل مكان يملئون وسائل الاعلام ضجيجا حول نصف الطاقة الاجتماعية المعطلة ممثلة بالمرأة دون ان يبادروا لانصاف هذه الطاقة المعطلة وتدريبها وتأهيلها وتوظيفها ووضعها في المواقع التي تستحقها .
      المرأة وقضيتها وحريتها وحقوقها يا سادتي  تستلزم برامج توعية وتثقيف منذ الصغر ذلك لان التعليم في الصغر كالنقش على الحجر وبحاجة الى افعال وليس الى اقوال .. والى قرارات وليس الى بيانات .. والايمان بها والنظر اليها والتعامل معها كانسانة , وليست كألة جنسية مهانة .

في عيدك سـلاما ايتها المرأة الحياة
سلاما ايها الرحم الذي منحنا الحياة .


وصلت الينا عبر بريد الموقع