ماهو المنطق من القانوني؟ / عبدالاحد قلو

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 03, 2012, 08:14:29 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

ماهو المنطق من القانوني؟



عبدالاحد قلو

معظمنا يتذكر  المسرحية الكوميدية (مدرسة المشاغبين) والتي كانت تمثل الانطلاقة  الكبرى لعدد من الممثلين المصريين ومنهم عادل امام وسعيد صالح وغيرهم ولكننا نخص بالذكر الممثلة القديرة سهير البابلي التي قامت بتمثيل الاستاذة لشريحة من الطلبة المشاغبين والخارجين عن السياقات المألوفة لمثيلهم من الطلبة، فأرادت ان تُوَعيهم مبتدئة بتعريف المنطق التي كانت غريبة على مسامعهم ورأينا طريقة اجوبتهم الهزلية على تعريف هذه الكلمة وما آلت اجوبتهم من ضحك وفكاهة للمتفرجين . الا اننا وكما نعرف بأن المنطق يعتبر بداية لمدخل علم الفلسفة، وكان ارسطو من الاوائل الذين عرّفوها على انها تبحث عن القواعد العامة للتفكير الصحيح وطرق الاستدلال السليم  او بمعنى اخر بأن المنطق هوالذي يبني صدق الحكم على النتائج العملية. وكمثال توضيحي مبسط على سبيل المزاح ايضا ، فقد كان احد اساتذة الصف يميل لأحد اقربائه مانحا له أعلى الدرجات بالرغم من كسله وقد وصل الحال بأحد الطلاب المتميزين في الصف ان يحاور استاذه وبما يلي:
1-   ماهو الشيء غير منطقي ولكن قانوني ؟
2-   ماهو الشيء منطقي ولكن غير قانوني ؟
3-   ماهو الشيء غير منطقي وغير قانوني ايضا؟
فوقف حيرة" الاستاذ، وأراد ان يعرف مقصد الطالب من هذه الاسئلة ؟ فرد عليه الطالب بالاجابة عن هذه الاسئلة وكما يلي:
ج1 استاذنا العزيز ، ان عمرك 64 سنة ومتزوج من امرأة عمرها 24 سنة         وهذا غير منطقي ولكن قانوني
ج2 استاذنا العزيز، امرأتك تخونك وتحب طالبا عمره 25 سنة                        وهذا منطقي ولكن غير قانوني
ج3 استاذنا العزيز، الطالب الذي هو قريبك منحته أعلى الدرجات بالرغم من كسله  وهذا غير منطقي وغير قانوني ايضا !
وهكذا اذا اتينا الى واقعنا السياسي والاجتماعي في بلدنا العراق، فبعد ان كان النظام السابق دكتاتورا طاغيا على مقدرات شعبه ولجميع فئاته من الاكثرية والاقلية، فارضا" اجنداته الخاصة عليهم  مستغلا ثروات البلد وبما يملي شهيته، مُدخلا الملايين  من شعبه في حروب لاناقة منها ولاجمل، الاّ الدمار لممتلكات الوطن الذي عاش مرعوبا لفترة اكثر من ثلاثين سنة، بالرغم من مقدرات البلد الذي يعد من الاوائل في الاحتياط النفطي بالعالم. ولذلك نستطيع ان نقول بأن هذه الفترة كانت غير منطقية وغير قانونية ايضا، لا بل نستطيع ان نقول انها كانت فترة كارثية للشعب العراقي وبمختلف اطيافه.
وبعد سنة 2003 حدث التغيير المطلوب على اساس القضاء على الديكتاتورية المقيتة من النظام السابق، وعلى أمل انتهاج الديمقراطية الصحيحة لجميع مكونات الشعب عند تشكيلهم للاحزاب ان كانت علمانية او دينية او ليبرالية وغيرها . لذلك كانت البداية منطقية وقانونية بعد ان اجريت الانتخابات ومنح حق الاعلانات والتي كانت متساوية لجميع التشكيلات المنافسة مرئيا وسمعيا" . الا ان الذي حدث بعد ذلك هو استغلال هذه الديمقراطية من قبل بعض الاحزاب الدينية التي استلمت زمام الحكم في البلاد واستمرت بالتشبث بالحكم بالرغم من عدم تطبيقها للوعود الانتخابية التي اوصلهم المجتمع للسلطة، مستغلين ثروات البلد وكل من موقعه مودعين اموالهم ان كانت بالحلال او الحرام في بنوك خارجية كاسبينها من   الشركات اصحاب العقود الكبيرة المستثمرة في العراق بالتنسيق معهم، في ايداع حصصهم خارجا". وها هم لازالوا متشبثين بالسلطة وعلى خصام ومعادات الاحزاب الاخرى المتنافسة،  بالرغم من عدم تمكنهم من استتباب الامن والاستقرار وبعض منهم استغلوا مواقعهم في تنفيذ الاعمال الاجرامية التي يكون ضحيتها ابناء الشعب الابرياء، لكونهم مددجين بافراد حمايتهم المسلحين وعسكرة بيوتهم ومناطقهم وطوز بالباقين (حشاهم).  كل هذا جاعلين انفسهم فوق القانون  معاكسين لمبدأ    (يعلو القانون ولايُعلى عليه ) والسلطة من جانبها سيّست القانون ايضا،  يطلبونه عندما يرغبون من مبدأ( التصيد في الماء العكر). وهكذا اصبحت الامور غير منطقية وغير قانونية ايضا.
وهكذا اذا اتينا الى الشريحة التي تهمنا وهي مسيحييو العراق والمعتبرة حاليا كأقلية، بالرغم من عمق حضارتهم ودورهم الفعال في استنهاض البلد، لما لهم من أكفاء في كافة مجالات الحياة . فقد استطاعت الفئة الصغيرونة منهم نسبيا  وهم اخوتنا من الاثوريين وبتشكيلاتهم المتعددة، ان يستلموا زمام الامور وذلك بالتنسيق بطريقة واخرى مع الاميركان والحكومة  ومنذ عهد بول برايمر في سنة 2003، الذي لم يعطي آذانا صاغية  لسيادة بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم والتي يشكل الكلدان مايقارب 75% من المكون المسيحي في البلد، بأعطائهم حقهم في مجلس النواب كونهم ثالث قومية بعد العرب والاكراد، وحدث ذلك بحصول الفئة الصغيرونة منهم على الكوتا المخصصة للمسيحيين، ويمكن اعتبار ذلك في وقتها بانه غير منطقي ولكن قانوني.
ولكن ممثلوا هذا المكون الصغيرون من شعبنا المسيحي استغلوا طيبة وصبر المكون الاكبر منهم  من حيث العدد والمناطق التي يسكنوها وبدؤوا بحياكة المؤامرات واطلاق التصريحات اللاذعة من قبل ممثليهم وعلى رأسهم النائب المعتق بالتنكيل والمراوغة بالحديث غير الموزون عن الكلدان اصحاب القومية العريقة بتاريخها وحضارتها وبمثقفيها في مجالات عديدة في بلدنا، وقد وصل الحال الى تهميشهم وبالتالي هجرتهم خارج الوطن وهو ما مطلوب من هذه الفئة الصغيرونة لتنفيذ اجندات معدة لها مسبقا وهي افراغ البلد من الكلدان وبالتالي افراغ المسيحيين منه لسبب او اخر، غير مستوعبين هؤلاء النواب لفعلتهم والنتائج المترتبة عن ذلك. وعليه اصبحت الامور في ظل هذه الفئة  المحسوبة على المسيحيين بأنها غير منطقية وغير قانونية .ولذلك وقبل ان تصبح الامور كارثية فقد بدأ الكلدان بالتحرك وفي كل الاتجاهات مستغلين ثقافتهم وعلمهم في التحاور واللقاء مع المسؤولين داخل البلد وخارجه وقد جاء  بيان البطريركية الكلدانية الصادر في الشهر الاول من هذه السنة كضربة قاصمة على هذه الفئة الصغيرونة بعد ان طفح الكيل، مطالبين بالغاء دور هذه الشرذمة من المنتفعين والذين يريدون تهميشنا، وذلك للحفاظ على مكوننا الديني والقومي. بالاضافة الى نشاطات جالياتنا في الخارج ومنها مؤتمرات النهضة الكلدانية في اميركا والسويد، مما حدا بأحد المرشحين الجمهوريين وكذلك الديمقراطيين بطلب من الكلدان مؤازرتهم في الانتخابات الامريكية المقبلة, ونحن على امل ان تصبح الامور منطقية وقانونية عند توحيدنا للصفوف ورفع راية الكلدان عاليا في بلدنا. والله المستجيب
                                                                                                        عبدالاحد قلو