الفساد و المحاصصة في النفط أمام حاضر و مستقبل العراق

بدء بواسطة حكمت عبوش, مارس 01, 2012, 04:09:49 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

الفساد و المحاصصة في النفط أمام حاضر و مستقبل العراق

                                                                     حكمت عبوش
عندما يعاني مجتمع ما من أزمة أو نقص في مادة معينه فهذا يعني أن المادة نادرة أو معدومة الوجود عنده و لكن بالتأكيد سيصاب المراقب و حتى المواطن البسيط بالذهول عندما تكون المادة موجودة و لكنها غير متوفرة في الأسواق و البيوت لاستعمالها و هذا ما نستطيع أن نقوله عن مادة النفط الأبيض (الكاز) و التي يفترض أن تكون غزيرة في(محطات الوقود) المنتشرة في طول البلاد و عرضها لان العراق فيه كميات هائلة من النفط فبالإضافة إلى احتياطاته الـمقدرة قبلا بـ (113 مليار) برميل من النفط الخام أضيف إليها قبل شهور عشرات المليارات الأخرى من البراميل المكتشفة مما جعله منافسا للسعودية في بلوغ المركز الأول من الخزين النفطي في العالم. إذن أليس خارج المنطق أن يعاني معظم العراقيين من نقص النفط الأبيض(الكاز) و الذي يستخدم في تدفئة المنازل على نطاق واسع. إلا أن هذا المواطن البسيط سرعان ما تجاوز ذهوله و وقف ليشير بسرعة إلى الظاهرة التي بانت بوضوح و هي الفساد الإداري و المالي و إلى المفسدين الذين يمارسونه و يجعلون بفسادهم المستفحل حتى الأشياء اللامعقولة أشياء مقبولة و سائدة يجري التعامل بها و ليذهب ملايين الفقراء و محدودي الدخل و الذين هم دون مستوى الفقر و أطفالهم جميعا إلى الجحيم و هم يرون بأم أعينهم إن أصحاب المواقع السياسية القريبة من الدولة يصل ما يزيد عن حاجتهم من (الكاز)إلى دورهم بدون ضوضاء و يرون أيضا المتمكنين ماديا من الأغنياء يشترون البرميل من النفط الأبيض بـ (180-200-230 ألف) دينار بدون تردد و يتساءلون بمرارة: لماذا و كيف جاء هذا النفط الأبيض إلى السوق السوداء؟ ألا يدري وزير النفط و أجهزة وزارته المختلفة بهذه السرقات و الفساد أليس عليه أن يبقي عيونه و عيون المسؤولين في وزارته مفتوحة(إذا كانوا حقا يريدون إرضاء الله و ضمائرهم) لكشف المفسدين و الفساد الذي كان معشعشا في وزارتهم منذ أيام توزيع (الكازوايل) في الصيف الماضي على مولدات الكهرباء الأهلية على الأقل. ان هذا التناقض بين غزارة النفط في بلدنا و بين هذه الحالة البائسة من معاناة غالبية الشعب من نقص (الكاز) يستدعي أن نناقشه من جوانب أخرى فهناك الجانب البارز و المهم فيه و هو قلة مصافي النفط الضرورية الواجب نصبها في العراق فالمصافي هي التي توفر النفط الأبيض و المشتقات الأخرى و الخبراء يقولون إن الطن الواحد من النفط بعد تصفيته يوازي سعره أربعة أضعاف سعر مثيله من النفط الخام و هناك  شركات ليس في دولها نفط خام و لكنها تستورده و تمتلك مصافي تقوم بتصفيته فيها و تحصل على المشتقات لتبيعها و تربح منها المبالغ الطائلة فلماذا هذا التأخر في نصب المصافي النفطية؟ و من يقف وراءه؟ طبعا و بدون جدل العامل الرئيسي هو المحاصصة و تفرعاتها التي عرقلت تشريع البرلمان لقانون النفط و الغاز إلى الآن و عدم المباشرة بإعادة تأسيس شركة النفط الوطنية التي ألغاها النظام السابق و هذه كلها جعلت العراق إلى الآن يتعثر في مساره لتطبيق خطة سليمة لنهوضه و تطوره، خطة لتوظيف ذهبه الأسود (النفط) بشكل سريع و حازم من خلال إنشائه لمصافي النفط وذلك لأنها توفر مكاسب أساسية و كثيرة و منها: أولا لان عصرنا هو عصر السرعة و هذا لا جدال فيه و نحن لأننا بصراحة في الدرجات الأولى من سلم الرقي الحضاري الذي بلغت فيه الأمم الأخرى درجات عالية فعلينا أن نسابق الزمن من اجل اختصار المسافة بيننا و بينهم على الأقل و ثانيا ستساهم في معالجة مشكلة البطالة التي تنتشر بين نسبة عالية من الشباب العراقي و منهم الخريجين و ثالثا سنحد و نوقف نزيف عملتنا الصعبة لشراء المشتقات النفطية من دول أخرى و بخسارة مضاعفة بسبب وفرة هذه المواد عندنا إذا تم تصنيع نفطنا الخام في مصافينا و رابعا أليس من حق أجيالنا اللاحقة، أولادنا علينا بأن نهيئ لهم قاعدة متينة في الصناعة و الزراعة و التجارة و الإسكان و الموانئ و السدود و الطرق و الجسور و السياحة و الصحة و التعليم و غيرها متواشجة مع العلم و الجامعات و مراكز البحوث و المختبرات و التجارب و الابتكارات العلمية في آن واحد من خلال توظيف ريع النفط الخام بمجموعه و المشتقات لإيجاد مصادر أخرى للدخل ترفد ميزانيتنا(غير ريع النفط) و نسأل إذا كان الآن و مئات المليارات من الدولارات متوفرة بأيدينا من ريع النفط و لا نستطيع أن نخطوا خطوة ملموسة في بناء القاعدة الاقتصادية المذكورة أعلاه -لتكوين بنية تحتية متجذرة و نبني عليها تطور و تحضر عراقنا- فمتى سنستطيع إذا أن نؤسس هذه البنية، هل عندما تُبتلع هذه المليارات و تفرغ أيدينا منها. و نسال ثانية من أين نسد الجانب التشغيلي من ميزانيتنا الذي يسد الآن من ريع النفط و خاصة إذا علمنا إن النفط شئنا أم أبينا هو مادة ناضبة و ستنفذ بعد عقود قليلة كما يقول خبراء النفط و الجيولوجيا فيصبح حالنا حال أي دولة فقيرة في آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية و لذلك بات شيئا لا يقبل التأجيل إذا كنا حقا نشعر بمسؤوليتنا تجاه حاضر و مستقبل بلدنا و ليكمل أولادنا بناء ما سنبنيه بصواب و حكمة فالعراقيون كانوا مبدعين و بدون مبالغة في الكثير من جوانب الحياة الأساسية و المهمة عندما تتوفر لهم الظروف المناسبة إن ما يجب أن يعرفه الكل إن الموازنة عندنا تعتمد على ريع النفط وحده بشكل كبير جدا و كما هو الآن و منذ سنوات طويلة حيث يشكل أكثر من 90% منها (و هذا واقع مؤلم و غير مقبول و يشكل تحديا كبيرا للعراقيين و إرادتهم في العمل و البناء) فعلى المتنفذين إذا أن يعملوا كرجال دولة وليس رجال سياسة فقط و ليكون هدفهم بناء العراق الناهض و المتحضر بكل أبناء شعبه و ليس اغتنام المكاسب الشخصية أو الكتلوية أو الحزبية الضيقة و عليهم التصرف مع الريع النفطي بتخطيط علمي و عقلانية و ضمير حي و مراقبة الفاسدين و الضرب بيد من حديد على أيديهم و عدم التبذير و الإسراف في النفقات و لننظر إلى دول الخليج النفطية القريبة و التي أعلنت إن اعتمادها على ريع النفط قد انخفض و أصبح عند البعض منها يشكل 50 أو 60% من وارد الميزانية رغم المناخ الصحراوي الذي يحيطها و هذا بفضل إيجاد موارد أخرى للدخل و لننظر إلى مثالين آخرين بارزين أمامنا و أمام العالم كله هما اليابان و ألمانيا فهما ليستا دولتين نفطيتين و قوة اقتصادهما لا تستمدانه من ريع قطرة نفط واحدة حيث تستوردان حاجتهما من النفط منا و من دول أخرى منتجة له و رغم ذلك و تداعيات الأزمة المالية العالمية فالأولى تأتي في الدرجة الثانية في تطور اقتصادها في العالم أما الثانية فتحتل المرتبة الثالثة عالميا و اقتصادها أقوى اقتصاد في أوربا كلها فالكل يعلم إن ما رفع اقتصادهما إلى هذه الذروة هو التقدم العلمي و التكنولوجي الشامل في كل مجالات الحياة فلنتعلم منهما و هذا ليس عيبا فتاريخ الإنسانية و تحضرها زاخر بالأمثلة الكثيرة على تعلم و تأثر الأمم ببعضها و بذلك يغتني مسارها و ينتعش تطور الشعوب في مختلف الأزمنة.   


ماهر سعيد متي

الخبراء يقولون إن الطن الواحد من النفط بعد تصفيته يوازي سعره أربعة أضعاف سعر مثيله من النفط الخام
استاذنا العزيز لقد وضعت النقاط على الحروف .. وانت تنادي .. لكن هل من مصغ .. شكرا لك .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة