دراسة خطيرة للأستاذ فؤاد الأمير حول اتفاقية كردستان وإكسون موبيل

بدء بواسطة صائب خليل, فبراير 29, 2012, 09:41:02 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

يتضمن هذا الكتاب ثلاث دراسات صدرت لي مؤخراً، ومقدمة مطولة يمكن اعتبارها دراسة رابعة حول موضوع الاتفاق الحاصل ما بين حكومة إقليم كردستان والشركة الأميركية العملاقة "أكسن موبيل ExxonMobil"، بحصول الأخيرة على ستة عقود مشاركة في الإنتاج لرقع استكشاف وتطوير، ثلاث منها - جزءاً أو كلاً- تقع في مناطق "متنازع عليها"، أو ضمن محافظة نينوى نفسها، وتم توقيع هذه العقود بعد صدور الدراسات الثلاث المذكورة في هذا الكتاب.
إن الدراستين الأولى والثانية هي حول المسائل والأمور التي تحدثت عنها في كتبي السابقة الصادرة في ما بين الأعوام 2007 – 2009، واضطررت إلى الرجوع إليها مجدداً لأمور كانت قد استجدت منذ الربع الثالث من العام الماضي. أما الدراسة الثالثة فهي عن موضوع العقود التي وقعتها الحكومة الاتحادية والتي تسمى "دورات التراخيص"، وهو أمر لم أتطرق له من قبل. وهي بالنتيجة دراسة لالستراتيجية النفطية والغازية للعراق، والسياسة الواجب اتخاذها الآن وفق الأسباب المبينة فيها.
في البداية، وقبل الدخول في الموضوع الرئيسي للمقدمة (وهي عقود أكسن موبيل في كردستان)، سنتحدث وبإيجاز حول ما آلت إليه الأمور المثارة في الدراسات الثلاث، مع ملاحظة أن الدراسات في هذا الكتاب تتضمن تعديلات شكلية بسيطة عن التي نشرت في حينه.
* الدراسة الأولى بعنوان: "كما في آب 2011: جديد قانون النفط والغاز"، والتي صدرت في 23/8/2011. وهي حول ضرر مسودة قانون النفط والغاز التي قدمت في 17/8/2011 إلى مجلس النواب من قبل "لجنة النفط والطاقة والثروات الطبيعية" في المجلس. وضرر هذه المسودة بمصالح الشعب العراقي يفوق بمراحل عدة مسودة (2007) المرفوضة أصلاً، والتي عجز من تبنوها عن تمريرها في حينه عام 2007، رغم وجود الاحتلال بكل ثقله وضغوطه الهائلة على السلطتين التنفيذية والتشريعية لإقرارها. وقد فشلت  مسودة لجنة النفط والطاقة فشلاً ذريعاً عند محاولة تمريرها في مجلس النواب الحالي. و فشلت الحكومة الاتحادية، كذلك، في حمل مجلس النواب على اقرار مسودة القانون التي طرحتها لاحقاً، وهي أفضل من مسودة 23/8 (رغم وجود تحفظات عليها). وجرت في شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين محاولة إيجاد "تسوية سياسية توافقية "!!، و للوصول إلى ما يسمى "حل وسط"! بين مسودة (2007) مع ملاحقها، و مسودة الحكومة الاتحادية. ولكن  ، و(لحسن حظ الشعب العراقي!!)، توقفت هذه المحاولة بعد نشر الاتفاق بين حكومة الإقليم والشركة الأميركية أكسن موبيل.
وبات واضحاً أنه لا يمكن تمرير أية مسودة قانون تناقض الدستور العراقي الحالي - على علاته وضبابيته- أن مسودة أي قانون لا تتضمن مركزية القرار في السياسة النفطية وتسمح بالتصرف العشوائي للأقاليم والمحافظات بشؤون القرارات الستراتيجية النفطية وتوقيع العقود الاستخراجية مع الشركات النفطية و تسمح بتوقيع عقود تتضمن المشاركة في الإنتاج، ستكون مسودة مرفوضة، ولا يمكن تمريرها حتى ضمن "التوافقات السياسية" مهما كان الوضع مضطرباً في العراق. لقد فشل من كان يعول على إمكانية استغلال "المساومات السياسية" لتمرير مثل هذا القانون "في الخفاء أو في استغفال الآخرين"،  وفشل في إدراك مدى رفض الناس لمثل هذا القانون، ولم يعرف مدى عمق العوامل المؤثرة في توازن القوى السياسية في العراق، والتي لا يمكن تجاوزها حتى في هذا الظرف الصعب والمضطرب والفاسد. وسيكون من الصعوبة بمكان تمرير مثل هذا القانون في المستقبل، من خلال مجلس نواب تال ، إذ أن الجماهير تدرك أكثر فأكثر صالحها من طالحها.
ولكن الاحتلال والقوى المتحالفة معه والقوى المنتفعة من مأساوية الوضع العراقي، تحن وتعمل على رجوع قوى الاحتلال العسكرية إلى العراق بالكامل، فهي قد ترى من الظروف المضطربة جداً في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط مدخلاً لتمرير مثل هذا القانون. فالمنطقة حبلى بالثورات ضد الأنظمة الفاسدة والتي هي بالأساس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل. وأن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الأطلسي يحاولون احتواء هذه الثورات، أو تحويلها إلى فوضى في حال فشل الاحتوائ، وذلك باسم "الديمقراطية". إن من المضحك/المبكي أن من تكون وسيلتهم ومطيتهم في دعاوى التغيير بأسم الديمقراطية دول عربية هي من أكثر الدول في المنطقة شمولية واستبداداً واستغلالاً ورجعية في العالم. والآن تريد إسرائيل (وأميركا) ضرب إيران، وبنفس الحجة الكاذبة التي استخدمت لضرب العراق واحتلاله، وهي وجود أسلحة الدمار الشامل والتسلح النووي. وسيكون الخاسر الأكبر هو العراق مجدداً. إذ أن على الطائرات الإسرائيلية أن تمر إما من خلال الأراضي التركية أو العراقية أو السعودية، وسيتم اختيار العراق كونه الطريق الأقصر مع الأجواء المفتوحة والكم الهائل من المعلومات المتوفرة لديهم، مؤكدة ذلك الصحيفة الأشهر نيويورك تايمز في 19/2/2012، حيث تضيف للأسباب آنفة الذكر عدم وجود دفاعات جوية في العراق مطلقاً، وأن القوات الأميركية غير ملزمة بحماية الأجواء العراقية، بعد أن انسحبت قواتها من العراق في كانون الماضي!!. وستكون ردة الفعل الإيرانية الأكبر في العراق، وهو أمر لا يهم المحتل أو أعوانه من الخليجيين، أو العراقيين، فمصلحة العراق هي آخر ما ينظر إليه. يعتقد هؤلاء أن في هذه الأجواء، يمكن إدخال العراق في "قادسية" ثالثة ضد الجارة إيران، وعند ذاك يمكن تمرير مثل هذا القانون وتمشية المخطط الأميركي بالكامل بخصخصة النفط العراقي من خلال عقود المشاركة بالإنتاج، ولكنهم يحلمون، إذ سيفشلون كما فشل ويفشل غيرهم ممن يريد أن يفرط بثروة الشعب العراقي.
* الدراسة الثانية، بعنوان: "الحل: رفض اتفاقية مشروع غاز البصرة مع شركة شيل والإيعاز الفوري بالتنفيذ المباشر من خلال عقود خدمة اعتيادية"، والتي صدرت في 7/9/2011. ومن المؤسف أن نقول أن الحكومة الاتحادية كانت قد وافقت على التعاقد مع شركة شيل (مع ميتسوبيشي) في اجتماعها الوزاري في 15/11/2011. وقد يكون امتناع شركة شيل عن التعاقد مع حكومة إقليم كردستان له الدور المؤثر في موافقة الحكومة هذه. حيث  رفضت الشركة عرض حكومة الإقليم عليها ثلاث رقع للاستكشاف والإنتاج من خلال عقود المشاركة بالإنتاج. علماً أن شركة شيل لها حصة 15% في عقد حقل غرب القرنة المرحلة الأولى مع 60% لإكسن موبيل في هذا العقد، كذلك فإن شيل لها حصة 45% في عقد حقل مجنون، لذا فإن هناك الكثير لتجازف به.
ولا أزال أرى أن توقيع هذا العقد مع شركة شيل مضر بالعراق، وكان من المفترض المضي بما اقترحناه في الدراسة بالتنفيذ المباشر وللأسباب المبينة فيها.
وأكدت الدوائر النفطية الحكومية المؤثرة حالياً، أنها وضعت قيود حسابية وبرامج كومبيوترية معقدة للتأكد من عدم تجاوز شركة شيل لمعدل العائد الداخلي IRR Internal rate of return ﻠ (15%) في كل الأحوال!!.
* وبما يتعلق بالدراسة الثالثة المعنونة: "نظرة في دورات التراخيص النفطية والغازية"، والتي صدرت في 25/10/2011، فقد أوضحت فيها الوضع النفطي والغازي العالمي وتطوره المستقبلي والمخاطر الكامنة في دورة التراخيص الثانية، وعدم الحاجة إلى دورة التراخيص الرابعة، وبينت الستراتيجية الواجب تنفيذها.
لقد تأجل فتح عروض دورة التراخيص الرابعة من أوائل كانون الثاني 2012 إلى أواسط آذار، والآن تم تأجيله إلى 30 - 31 أيار المقبل. والسبب المعطى هو تعديل شروط المناقصة على ضوء المحادثات مع الشركات العالمية. وسنرى أثناء الحديث عن عقود أكسن موبيل مع حكومة إقليم كردستان، أسباب تصلب الشركات والاعتراض على وثائق المناقصة التي وضعت لها في دورة التراخيص الرابعة. وما يقلقنا، رغم أننا أصلاً ضد إكمال دورة التراخيص هذه، هو أن التعديلات الجديدة التي وضعت في وثائق المناقصة سيتم رفعها نتيجة ضغط الشركات العالمية.
كذلك هناك حالة اقتناع متزايد لدى بعض المسؤولين العراقيين في الصناعة النفطية بخطورة بعض مواد العقود التي تم توقيعها، وخصوصاً المادة (12)، أو الوصول إلى إنتاج ذروة للعراق قدره (13,5) مليون برميل في اليوم خلال الأعوام الستة المقبلة. وقد ذكرت العديد من النشرات النفطية المختصة أن هنالك نية لتعديل هذه الشروط عند توفر الظرف المناسب!!؟ وللوصول إلى إنتاج ذروة بحدود (8-9) مليون برميل/اليوم بدلاً من الرقم السابق. ولا نعرف كيف سيتم ذلك ، و قد اوضحت الدراسة أن بقاء هذه الشروط سيؤدي بالعراق إلى الكارثة.
ومن المعلومات التي توفرت لدينا حديثاً، أن هناك توجه كبير لدى المسؤولين المعنيين في النفط والصناعة لرفع العوائد ليس بطريقة زيادة الإنتاج فقط، فهذا طريق محفوف بالمخاطر، وإنما بالتوسع في صناعة البتروكيمياويات والأسمدة وتطوير صناعة تصفية النفط ، وسيعلن في هذا العام عن مشاريع ضخمة في هذا الاتجاه.
*          *          *
عقود أكسن موبيل مع حكومة إقليم كردستان، والتطور النفطي في الإقليم
لقد أعلنت حكومة إقليم كردستان في 10/11/2011 أنها وقعت مع شركة أكسن موبيل ExxonMobil ستة عقود مشاركة للتنقيب والإنتاج لست رقع استكشافية. وكما ظهر لاحقاً أن العقود الستة كان قد تم توقيعها في 18/10/2011، ولم يتم الإعلان عنها من قبل مدراء الشركة الذين كانوا في بغداد وقابلوا السادة الدكتور حسين الشهرستاني ووزير النفط وغيرهما من المعنيين، بعد التوقيع مع حكومة الاقليم، لمحاولة إقناعهم بالموافقة على مثل هذه العقود ، و قابلوا كذلك السفير الأميركي في بغداد. وكانت وزارة النفط قد أرسلت للشركة ثلاث رسائل استفسار عن الأمر، كما أن الدكتور الشهرستاني كان قد أعلمهم قبل يومين من إعلان حكومة الإقليم للخبر، إن على الشركاء اختيار استمرار العمل مع الحكومة المركزية أو العمل مع حكومة الإقليم مع خسارة جميع عقودهم مع الحكومة الاتحادية. و لم تجب الشركة على اي من رسائل الوزارة، التي وصلت إلى أكثر من أربع رسائل حتى الآن، كذلك لم تجب مطلقاً على أسئلة واستفسارات الصحفيين.
وقد ظهر لاحقاً أن اثنتين، من هذه الرقع الاستكشافية الستة، تقعان في محافظة نينوى، وهما الرقعتان المتعلقتان بتركيبي بعشيقة والقوش. أما الرقعة الثالثة فتقع في "المناطق المتنازع عليها" في محافظة كركوك، وذلك في تركيب "قره انجير"، (والتي تقع  شمال مدينة كركوك باتجاه السليمانية)، والتابعة  لمحافظة كركوك ، وكانت تدار من قبل الحكومة المركزية قبل الاحتلال وتقع الرقعة الاستكشافية الرابعة ضمن حدود الإقليم وعلى الحدود العراقية الإيرانية.
هددت الحكومة الاتحادية، (وفي التصريحات التي صدرت من مختلف الجهات المعنية وبضمنهم السادة رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير النفط)، شركة أكسن موبيل بإيقاف العمل معها. ولكن لم يتجاوز الأمر التهديدات التي اعتمدت على أن الشركة قد خرقت القوانين العراقية، وعليه ستتم مقاطعتها. كانت التهديدات قد تضمنت إيقاف جميع أعمال الشركة في الجنوب وأولها عقد تطوير غرب القرنة العملاق، ضمن دورة التراخيص الأولى، حيث لشركة أكسن موبيل الحصة الرئيسية والبالغة 60%. والمفروض الصعود بالإنتاج فيه إلى إنتاج ذروة قدره (2,825) مليون برميل/اليوم خلال 7 أعوام. كذلك تم تهديدها بإلغاء عقد مشروع نظام حقن الماء، الذي سبق احالته عليها والذي يغذي الحقول النفطية الكبرى في المنطقة من مياه الخليج، و كلفته التقديرية من (7) إلى (12) مليار دولار. كذلك تم تهديدها بعدم السماح لها بدخولها في دورة التراخيص الرابعة، أو الدخول في مزايدات شراء النفط العراقي لأغراض التصدير. مع الأسف لم يتم حتى الآن اتخاذ موقف واضح محدد رسمي من قبل الحكومة العراقية، بل على العكس سمح للشركة بشراء وثائق مزايدات دورة التراخيص الرابعة، وسمح لها بالدخول في مزايدات بيع النفط العراقي. إن هذا الموقف الحالي "الضعيف"، شجع شركة أخرى كبيرة وهي شركة توتال الفرنسية، (والتي لها حصة 18,75% في عقد تطوير حقل حلفاية)، على التعاقد في النصف الأول من شباط 2012 مع حكومة إقليم كردستان للتنقيب والتطوير لأربع رقع استكشافية بعقود مشاركة بالإنتاج، إثنتان من تلك الرقع تقعان في مناطق "متنازع عليها". وأن استمرار الحكومة بعدم اتخاذ إجراء رادع بحق شركة أكسن موبيل وشركة توتال سيشجع شركات كبرى أخرى للعمل في منطقة كردستان وفي عقود مشاركة بالإنتاج، الأمر الذي سيعرض كل خطط الحكومة الاتحادية في تطوير النفط العراقي للانهيار والفشل.
لقد حدثت ضجة عالمية كبيرة عند صدور معلومات حول هذا الاتفاق، ليس من قبل الصحافة والنشرات النفطية فحسب، بل تجاوز ذلك إلى النطاق السياسي من قبل وزارة الخارجية الأميركية، والصحافة العالمية المهمة، ولا تزال هذه الضجة تتفاعل حتى الآن، ويتوقع استمرارها لحين قيام الحكومة العراقية، أو هذه الشركة باتخاذ قرار حاسم. إن سبب هذه الضجة الكبيرة هو حجم الشركة المعنية، إذ تعد شركة أكسن موبيل الأميركية أكبر شركات النفط والغاز في العالم، ولها نفوذ وتأثير سياسي واقتصادي كبير في مجريات الأحداث في الولايات المتحدة الأميركية، ودول أخرى في العالم. إضافة لذلك فإن الشركة دخلت كطرف في الخلافات السياسية العراقية الداخلية، حيث تعاقدت على مناطق متنازع عليها، أو داخل محافظة نينوى. ولها استثمارات ضخمة وعمل جبار في مناطق الجنوب العراقي، وهي الآن مهددة بالإبعاد من قبل الحكومة الاتحادية، لذا فهناك الكثير مما ستخسره في حال تنفيذ الحكومة لتهديداتها.
إن من أوائل من كتب تحليلاً قيماً حول الموضوع هو الدكتور أحمد موسى جياد من النرويج(1)، وكذلك موقع Ben Lando بين لاندو، والمسمى Iraq Oil Report، وتبعهم غيرهم بتحليلات وتعليقات ومتابعة للخبر.
ولغرض توضيح هذا الأمر، ومدى تأثير هذا الحدث في التطور النفطي في الإقليم، وتأثيره في كل خطط الحكومة الاتحادية النفطية، نبين ما يلي:
1- الموقف القانوني للحكومة الاتحادية:
لقد وردت تساؤلات كثيرة عن حق الحكومة العراقية في إيقاف التعامل مع شركة أكسن موبيل وإلغاء عقودها ووضعها في القائمة السوداء في حال إصرارها على استمرار التعاقد مع حكومة إقليم كردستان. وهو أمر ينطبق عليها، وعلى جميع الشركات التي تعاقدت مع الحكومة الاتحادية لتطوير الحقول ضمن "عقود الخدمة الفنية". في الواقع إن رئيس وفد الشركة الرئيسية الذي التقى السيدين نائب رئيس الوزراء الدكتور حسين الشهرستاني ووزير النفط، ذكر بأن في مفهوم الأجهزة القانونية لدى شركة أكسن موبيل، أن الدستور العراقي يسمح بمثل هذا التعاقد وبهذه العقود، وليس للحكومة الاتحادية حق الاعتراض، وهو نفس رأي حكومة إقليم كردستان .
و فيما يتعلق بعقود هذه الشركة مع الحكومة الاتحادية تحديداً، نوضح انه وفقاً لمواد عقد تطوير حقل غرب القرنة (1). والتعليمات والتوجيهات المكتوبة من وزارة النفط سواء في وثائق المناقصة لدورات التراخيص أو بالتعليمات المنفصلة؛  فأن الشركات التي وقعت عقوداً مع حكومة الإقليم ستستبعد من دورات التراخيص. وفي أدناه المواد ذات العلاقة في العقد الموقع مع شركة أكسن موبيل لتطوير حقل غرب القرنة ضمن دورة المرحلة الأولى في 25/1/2010.
أ- في الفقرة ((1.47 من "التعاريف"، فإن كلمة "قانون" (Law) تعني تحديداً "القوانين والأنظمة العراقية" كما جاء في النص.
وبالنظر لعدم صدور قانون جديد للنفط والغاز حتى الآن فإن كلمة (قانون) في هذا العقد، والمتعلقة بالأمور النفطية، تعني القوانين العراقية السائدة حالياً والصادرة قبل زمن الاحتلال، ولا يزال يعمل بها، وذلك لعدم صدور قانون أو أمر قضائي بإلغائها سواء من قبل "أوامر بريمر"، أو السلطات التي تبعته. وهذه القوانين تخول وزارة النفط ومجلس الوزراء (الاتحاديين) حصراً حق التصرف في كل الأمور المتعلقة بالنفط، وهو إجراء قانوني اعتيادي نافذ لحين صدور قانون آخر يحل محل ما موجود الآن. وهذا يعني أن أكسن موبيل قد خرقت (القانون) العراقي -المحدد لها في العقد الموقع معها- بتوقيعها العقود الستة الأخيرة مع حكومة الإقليم.
ولو تحدثنا عن الدستور الحالي، وبغض النظر عن التفسيرات المختلفة فيما يخص النفط والغاز، فإنه يقول إن ما جاء فيه عن النفط والغاز يجب أن يصدر بقانون، ولم يصدر هذا القانون حتى الآن. وكما يعلم القارئ كنت قد أوضحت في دراسات سابقة وبالتفصيل، أنه حتى لو أردنا الأخذ بالدستور الحالي لإصدار (قانون النفط والغاز)، فلا يمكن أن يتضمن هذا القانون أية عقود مشاركة بالإنتاج، كما أن القرار النهائي في السياسة النفطية يجب أن يكون بيد الحكومة المركزية، ولهذا فإن جميع العقود التي وقعتها حكومة الإقليم وكذلك قانون النفط والغاز للإقليم تتناقض كلياً مع الدستور الحالي، وكلها غير دستورية وغير قانونية!!. على أية حال ما دامت الجهات السياسية العراقية لم تستطع وضع قانون جديد للنفط والغاز، لذا يبقى القانون السابق هو النافذ والمعول عليه قانونا مهما كانت التحفظات عليه!!.
ب- لو نظرنا الى مواد عقد أكسن موبيل مع الحكومة الاتحادية، مثل المادة (29) نجد أن الفقرة (29.1) تقول: "يلتزم المقاول والمشغل بما جاء في (القانون) Law and Regulation...". كذلك المادة (37) Governing Law and Arbitration، الفقرة (37.1) منها: "إن (القانون) يحكم العقد والحقوق والواجبات...". كذلك الفقرة "8.1(a)" والمتعلقة بموضوع إلغاء العقد Termination، تقول إن أحد أسباب إلغاء العقد (وهي تشير إلى "القانون") هو "نقص الالتزام المادي لهذا العقد"، ومن الواضح أن "الالتزام المادي" هو الالتزام بالقانون أولاً.
ج- إن عمل الشركة في مناطق "متنازع عليها" هو عمل غير قانوني، سيما وأنها معرفة في الدستور تحت المادة (140) ، حيث يجب أن تكون هذه المناطق تحت سيطرة وإدارة الحكومة الاتحادية، كما جاءت نصاً، لحين استكمال تنفيذ متطلبات هذه  المادة. فإذا كان الواقع الفعلي غير ذلك، بسبب ضعف الحكومة الاتحادية وتمزق القوى العراقية، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال القبول "القانوني والدستوري" للأمر الواقع. وأن شركة أكسن موبيل دخلت في "المحظور"، وتجاوزت "الخطوط الحمراء" بأخذها جانب الإقليم في أمر فيه تناقض كبير بين الحكومة المركزية والإقليم، وبالأحرى تناقض بين الغالبية العظمى من القوى السياسية في الوسط والجنوب من العراق وبين حكومة الإقليم. إنها دخلت في معترك الأمور السياسية العراقية الداخلية وهي لا تزال في أول الطريق، فيا ترى ماذا ستفعل في المستقبل في طريق زرع الفتنة بين مختلف الطوائف والقوميات؟!، وأعمال أخرى تؤذي الشعب العراقي وتفتت وحدته أكثر مما هي عليه الآن من تفتيت، وتخلف الفوضى المدمرة.
د- نقلت وكالة أنباء رويتر في 31/1/2012، وتبعتها وسائل الإعلام ومنها النفطية(2)، عن السيد عدنان الجنابي من لندن، أثناء حضوره المؤتمر النفطي في London's Chatham House، تعليقات أقل ما يقال عنها أنها مثيرة للجدل. والسيد عدنان الجنابي هو رئيس لجنة الطاقة والنفط والموارد الطبيعية في مجلس النواب، وهو نفسه المسؤول عن مسودة قانون النفط والغاز المثيرة للجدل، والتي تدور حولها دراستي الأولى في هذا الكتاب، وهو أحد البارزين في القائمة العراقية في مجلس النواب.
لقد نقل عنه قوله (والعهدة على الراوي): "أنه لا يحق لبغداد من الناحية القانونية فسخ عقد نفطي كبير مع أكسون موبيل رداً على عمل الأخيرة في منطقة كردستان شبه المستقلة"، كذلك قال: "لا توجد قوائم سوداء في البرلمان". وقال أيضاً: "إن العقود الموقعة من قبل الحكومة المركزية والمنطقة الكردية ليست دستورية تماماً. نحتاج إلى إقرار قانون النفط لتشكيل المجلس الاتحادي الذي يمكنه حينئذ أن يقر كل العقود". ونقل الخبر أيضاً بالشكل التالي: "بعدم وجود قانون للنفط، فإنه لا يرى سبباً لأن توضع شركات عاملة في القائمة السوداء، سواء كانت الشركات تعمل مع الحكومة المركزية أو مع حكومة الإقليم، مثل شركة أكسن موبيل... إنني لا أرى أية عوائق لأية شركة للعمل في أي مكان في العراق. لا أرى أية قانونية في إعلان أي شخص في القائمة السوداء"، وأن "ليس من حق وزارة النفط وضع شركة في القائمة السوداء.. إن الوزارة الوحيدة القادرة على ذلك هي وزارة التخطيط، وبعد أن تقرر المحكمة ذلك فقط".
لا أريد أن أعلق على ما جاء في أعلاه، ولكن أود أن أوضح، بأننا نفهم مما جاء في تصريحاته  انه "إذا لم يصدر قانون للنفط والغاز، فإن أية جهة لا تستطيع العمل"!!. أما بالنسبة لوضع شركة في القائمة السوداء، فالصورة المعطاة هنا خاطئة، إذ حسب التعليمات المعمول بها في السابق، (والتي لا تزال نافذة لعدم صدور ما يخالفاها أو يبطلها)، فإن أية وزارة تستطيع الامتناع عن التعامل مع شركة ما، كمنعها من الدخول في مناقصاتها أو إلغاء عقدها، أو وضعها في "القائمة السوداء" التابعة للوزارة، وذلك للأسباب التي تراها مناسبة، ويمكن للشركة الاعتراض في المحاكم المحلية أو الدولية على قرار الوزارة اعتماداً على صيغ العقود الموقعة. أما إذا أرادت الوزارة أن تضع الشركة في "القائمة السوداء" لعموم القطر ولجميع أعمال الوزارات والإدارات الأخرى المختلفة، فعلى الوزارة أن تقدم أسبابها إلى وزارة التخطيط والتي تقوم بدورها بدراسة الأمر، واتخاذ القرار المناسب. وبالرغم من أن وزارة النفط تعمل فيما يتعلق بوزارتها، وضمن صلاحيتها، ولكن في كل الأحوال فإن قرار إلغاء عقود وزارة النفط مع الشركة المذكورة، أو عدم السماح لها بالدخول في المزايدات المقبلة، سيصدر من مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية). لا دخل للسلطة التشريعية، (والسيد عدنان الجنابي واحد منهم)، في هذا الأمر أبداً، حيث أن مسؤوليتها تتحدد في إمكانية إصدار القوانين ومنها قانون النفط والغاز، وإذا لم تستطع إصدار مثل هذا القانون فيتم عند ذاك العمل بالقوانين السائدة. وأن قول السيد عدنان الجنابي بعدم وجود قانون للنفط والغاز هو أمر خاطئ، إذ يوجد مثل هذا القانون، وهو القانون (84) لسنة 1985.
2- المناطق "المتنازع عليها" والموقف الأميركي:
أ- علينا لمناقشة هذا الموضوع الرجوع إلى 8/9/2007 عندما أعلنت كل من حكومة الإقليم وشركة "هنت أوف دالاس" الأميركية أنهما وقعتا عقد مشاركة بالإنتاج لتنقيب وتطوير رقع استكشافية. ولقد تحدثنا في كتابنا "حكومة إقليم كردستان وقانون النفط والغاز"، عن الضجة التي دارت حول توقيع العقد. وذكرنا في حينه أن قسماً من المنطقة المتعاقد عليها تقع ضمن "المناطق المتنازع عليها" في محافظة نينوى. وأثير الموضوع في حينه في الكونغرس الأميركي، وتنصل الرئيس بوش ومعه الحكومة الأميركية من الصفقة، وبينوا عدم معرفتهم بها أو الموافقة عليها. ولكن في واقع الحال استمرت الشركة في الأربع سنوات الماضية بالعمل، وتم "نسيان" الأمر. علماً أن شركة هنت، هي شركة متوسطة (إلى صغيرة) الحجم، وتأثيرها في الولايات المتحدة محدود، وصاحبها رجل مخابرات وقريب جداً من بوش. ولكن بوش أصر (ونقلاً عن راديو سوا في 25/9/2007) بأنه قلق من الصفقة وأنه لم يكن يعلم أي شيء عنها. كما أن نشرة "أخبار أويل ﮔرام Oil Gram News" الأميركية قالت في 20/9/2007 نقلاً عن الرئيس بوش: "إن السفارة الأميركية في العراق كانت قد بينت قلقها من هذه الاتفاقية وتأثيرها في احتمال جعل قانون المواد الهيدروكربونية العراقي موضوعاً غير قابل للتطبيق".
ما ظهر لاحقاً كان أدهى، والفضل يعود إلى موقع ويكيليكس، عندما نشر في 30/8/2011 برقية السفارة الأميركية في بغداد والمرقمة 07BAGHDAD3071 والمؤرخة في 12/9/2007، من أن الرقعة التي وقعتها شركة هنت تقع في محافظة نينوى وليس في محافظة دهوك كما أعلن عنها، أي أنها تقع في أحسن الأحوال (بالنسبة لحكومة الإقليم) في منطقة متنازع عليها. ليتذكر القارئ أن في ذلك الوقت كان الجانبان العراقي والأميركي يتناقشان حول "وثيقة إعلان المبادئ"، والتي وقعها رئيس الوزراء العراقي والرئيس الأميركي في أواخر تشرين الثاني 2007، ودون أخذ موافقة أو حتى إطلاع مجلس النواب العراقي عليها، (وحتى الكونغرس الأميركي تفاجأ بها)، ولكن لم يتم توقيعها من قبل رئيس الوزراء العراقي إلاّ بعد أخذ موافقة الأحزاب العراقية الحاكمة(4). وإن هذه الوثيقة هي الأساس للاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها لاحقاً سوية مع "الاتفاقية الستراتيجية مع الولايات المتحدة" في أواخر عام 2008. وبقيت الاتفاقية الستراتيجية نافذة إلى يومنا هذا، وهي التي يُطبل ويُزمر لها باسم "حلف ستراتيجي" مع الولايات المتحدة!!.
لقد وقعت حكومة الإقليم بعد ذلك عقود مشاركة بالإنتاج أخرى مع شركة أميركية أكبر من شركة هنت، وهي شركة ماراثون Marathon النفطية. ولم تثر حولها ضجة لأن المعلومات عن الرقع الاستكشافية التي وقعتها هذه الشركة ليست في مناطق متنازع عليها - حسب علمنا -، كما أن هذه الشركة كانت قد استبعدت من قبل وزارة النفط الاتحادية من تقديم عروضها إلى الحكومة الاتحادية في دورات التراخيص.
ب- إن دخول شركة أكسون موبيل إلى إقليم كردستان أمر آخر، وهو أمر جلل، لأن الشركة تعتبر أكبر شركة نفطية في العالم ولها نفوذها الكبير في داخل الولايات المتحدة، كما أن لها عقوداً ضخمة مع الحكومة الاتحادية، وأن غالبية الرقع الاستكشافية التي تعاقدت عليها تقع في داخل المناطق المتنازع عليها أو في داخل محافظة نينوى، كما وأنها تتحدى علناً الحكومة الاتحادية وتهديداتها.
هنا أيضاً قامت وكالات الأنباء بنقل "تحذير" الولايات المتحدة في 23/11/2011 إلى الشركات الأميركية ومنها شركة أكسن موبيل من المخاطر القانونية لتلك العقود حيث قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: "إن الولايات المتحدة حذرت شركاتها كافة، ومنها أكسون موبيل، بأنها تخاطر مخاطرة سياسية وقانونية كبيرة إذا ما وقعت على تعاقدات مع أي طرف في العراق قبل إقرار اتفاق وطني"، وأضافت نولاند: "منذ سنوات طويلة والولايات المتحدة تحث جميع الأطراف في العراق على إقرار القوانين الوطنية المطلوبة لتنظيم العمل في قطاع النفط والغاز... وأنهم كلما عجلوا بذلك تمكنت الشركات من أن تستثمر بشكل قانوني"(5).
ونلاحظ أن الموقف الأميركي كان حذراً جداً في انتقاد الشركة، وهو يتحدث عن أعمال الشركات الأميركية النفطية، سواء كان ذلك في كردستان أم في الجنوب والوسط. في الواقع إنني أجد هذا التصريح كلاماً عاماً، وليس تحذيراً، كما أنه يحاول أن يفرض مسألة تمرير قانون النفط والغاز بالشكل الذي تريده الإدارة الأميركية. وأرى أن هذا الموقف مرتبط بمحاولة تمرير المسودة "الأتعس" لقانون النفط والغاز في آب 2011، والتي تعطي مشروعية قانونية لكل عقود حكومة الإقليم، والواقع أن المسودة صيغت لهذا الغرض حصراً. وعندما فشلت محاولة إمرارها تحركت الشركة "العظمى"، وإنني لأستغرب من أن تكون قد تحركت بدون "ضوء أخضر" من الإدارة الأميركية، وهي التي تربطها بالعراق "معاهدة ستراتيجية"!!.
أن حركة شركة أكسن موبيل، لم تكن لأسباب اقتصادية بحتة، إذ أن ما قامت به يتضمن عمل سياسي تخريبي لزيادة "الفرقة" بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية.
من الأمور التي سمعنا عنها، أن السفارة الأميركية والإدارة الأميركية قد طلبت من الحكومة العراقية عدم استعجال اتخاذ قرار بخصوص "طرد" الشركة الأميركية من العمل مع الحكومة الاتحادية، ولهذا جاءت التصريحات القائلة بأن الحكومة الاتحادية ستنفذ تهديداتها بعد انتهاء عام 2011. إذ لو كانت قد اتخذت الإجراء قبل ذلك التاريخ لارتبط الأمر برحيل القوات الأميركية. بمعنى أن الأمر قد يفهم على أنه "تم طرد أكبر شركة أميركية مع مغادرة القوات الأميركية"!!. كذلك أعلن السيد رئيس الوزراء عندما كان في واشنطن في أواسط كانون الأول الماضي أن الحكومة الأميركية ستعمل على حل المسألة. كما "وعدت" الشركة السيد رئيس الوزراء عند اجتماعه معها في واشنطن بأنها ستدرس الموضوع باتجاه الوصول إلى حل. ولم يتم الحل حتى الآن ونحن في الأسبوع الرابع من شباط. وما تريده الإدارة الأميركية والشركة هو انتظار تمرير قانون النفط والغاز، وهو أمر لن يتم قريباً، أو أن " تنسى" الحكومة الاتحادية الأمر كما نسيت حالة شركة هنت. ولكن الأمر يختلف هنا، إذ أن شركة أكسن موبيل موجودة في الجنوب، وأن أي تساهل معها ينهي المشروع النفطي للحكومة الاتحادية، ويخلق واقعاً على الأرض، يزيد من الهوة مع حكومة الإقليم، ويفتح الباب واسعاً لتفتيت العراق.
ج- لا يرى وزير الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، الدكتور أشتي هاورامي (وكذلك حكومة الإقليم)، أن هذه العقود هي في مناطق متنازع عليها، طالما أن هذه المناطق تقع تحت سيطرة الإدارة الكردية حالياً، أو بوجود أغلبية كردية فيها، لهذا يؤكد السيد أشتي أن رقع أكسن موبيل هي ضمن حدود الإقليم قائلاً: "نحن ندير المنطقة، وفيها انتخابات (للإقليم)، ونحن ندير كل شيء من كردستان... وبهذا فإن الأمر النهائي بالنتيجة هو من المسؤول عن المنطقة"(5). و يقول أيضاً: "أن ليس له علم بأنها مناطق متنازع عليها... ونحن لا نملك شيئاً في المناطق المتنازع عليها، وأن كل ما وقعناه هو في كردستان"!!.
وفي المقابل فإن مجلس محافظة نينوى أرسل وفداً إلى بغداد في 10/12/2011، حاملاً تحفظاته على العقود، وقام بمقابلة الدكتور الشهرستاني ووزيري  النفط وشؤون المحافظات. وقال السيد يحيى محجوب، عضو المجلس: "إذا جلبت أية شركة معدات أو مكائن أو أي شيء إلى هذه المناطق، فإننا سنقوم بحجزها قانونياً من خلال الأجهزة الأمنية للحكومة المركزية". أما السيدة وصال سليم علي، عضو مجلس النواب عن الموصل، فإنها تقول: "إن هذه العقود عائدة لمناطق داخل محافظة نينوى، وجزء منها، ولا أحب أن أسميها مناطق (متنازع عليها)، إذ كان قد قرر في سنة 2004 نهائياً بأنها جزء من نينوى"(5).
أما جوزت هلترمان Joost Hiltermann من مجموعة الأزمات العالمية، فإنه يقول: "إن جلب شركات أميركية لمثل هذه المواقع يمثل عنصر حماية للكرد في المستقبل لمجابهة احتمال أي مشاكل مستقبلية"، وأن كردستان تحاول أن تخلق واقعاً على الأرض، وأن عقود أكسن موبيل تعتبر اليوم مسألة سياسية بين بغداد وأربيل(5).
لقد سمعت وقرأت عن بعض القادة الكرد (والعرب أيضاً)، أن كون أراضي أكسن موبيل مناطق متنازع عليها، يجب أن لا يكون سبباً لإيقاف استمرار عملها، إذ أن الاستفتاء اللاحق سيقرر بالنتيجة تبعية الرقعة، وإذا لم تكن في كردستان، فعند ذاك ينتقل العقد إلى الحكومة المعنية. إن هذا القول غير صحيح وغير منطقي، فلو وجدت أكسن موبيل نفطاً وبكميات جيدة (وهذا أمر متوقع ووارد جداً)، فإن أمر تقرير المنطقة سيكون أصعب بكثير والنزاع سيكون مضاعفاً، إذ أن "المتنازع عليه" سيتحول من تبعية أرض، إلى تبعية "أرض وثروة". أليس هذا الأمر إضافة جديدة ومهمة لتعقيد حل النزاع بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية؟، ويعتبر هذا الأمر "قنبلة موقوتة" لصراعات مقبلة. إضافة لذلك فإن عقود حكومة إقليم كردستان هي عقود مشاركة بالإنتاج، وهي بالنتيجة خصخصة النفط العراقي وإعطاء حصة كبيرة للأجنبي، وتمثل ضرراً جسيماً للعراق، لذلك يجب رفضها أصلاً.
د- لقد ازداد الأمر تعقيداً عندما رد السيد روز نوري شاويش نائب رئيس الوزراء الكردستاني، على تحذيرات السيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني لشركتي "أكسن موبيل" و"توتال" الفرنسية من العمل في الإقليم مؤكداً في بيان صحفي: "إن هذه التصريحات - أي تصريحات الشهرستاني - من وجهة نظرنا وبالأخص فيما يتعلق منها بتهديد الشركات الاستثمارية العالمية وتحذيرها من العمل في كردستان سوف تؤدي، إلى عزوف هذه الشركات وابتعادها عن العمل في جميع أنحاء العراق..."، وأضاف: "إن مثل هذه التصريحات ستؤدي إلى توسيع الشق والخلاف بين الأطراف السياسية وتراكم مشاكل جديدة... وإن الطريق الأمثل لحل مثل هكذا مشاكل يكمن في اتباع أسلوب العمل والحوار المشترك والتواصل..."(6). ونقول مع الأسف، كان الأجدر بالسيد روز أن يوجه كلامه إلى حكومة إقليم كردستان وليس إلى الشهرستاني، لأنها هي سبب المشكلة، وهي التي لم تتبع "أسلوب الحوار المشترك"، وإنما تعاقدت في مناطق متنازع عليها، وبذلك كانت سبب "توسيع الشق والخلافات بين الأطراف السياسية"، ولم يكن أمام الدكتور الشهرستاني إلاّ أن يحذر هذه الشركات، وإن سكت عن هذه التجاوزات فإنه سوف يفرط في مصلحة العراق والعراقيين ويؤدي إلى خلق بؤرة أخرى للتوتر  لن تنتهي إلى أبد الآبدين.
هـ- أود أن أضيف هنا مسألة أخرى كان قد تحدث عنها السيد رئيس الوزراء، بعد أن نشرت بعض المواقع بأنه أعطى المحافظات، (محافظة البصرة)، حق التعاقد إثر اجتماع مجلس الوزراء في البصرة، إذ أكد في تصريح له في 18/2/2012: "إن النفط ثروة للعراقيين جميعاً والتعاقد بشأنه لوزارة النفط ولم نعط أية محافظة حق التعاقد"(7). وفي الواقع كان من المفروض أن لا يذكر المحافظات فقط وإنما الإقليم أيضاً، إذ أن الدستور يعامل الإقليم معاملة المحافظات تماماً وذلك فيما يتعلق بالمسائل النفطية. علماً أن وزارة النفط كانت قد ذكرت في أواخر نيسان من عام 2011، أن شركة "لولور إنيرجي" الكندية، لا يمكنها البدء بأعمال التنقيب وفق الإذن الذي حصلت عليه من محافظة صلاح الدين(8).
و- وحتى لو لجأت "أكسن موبيل" إلى التحكيم الدولي، والذي يستغرق أعواماً، وبرغم خبرة هذه الشركة في المحاكم الدولية، فإن النتيجة بإعتقادي سوف تكون لصالح العراق، وذلك في حالة تعيين محامين عالميين وعراقيين أكفاء، حيث أن "موبيل" قد خرقت القوانين العراقية، والتي نص عقدها مع وزارة النفط بخضوعها لتلك القوانين.
في نفس الوقت أرى أن من المهم جداً إدخال الحكومة الأميركية كطرف في القضية، وذلك بالتهديد بإلغاء الاتفاقية الستراتيجية معها إذا لم تنسحب "أكسن موبيل" من عقودها مع حكومة الإقليم. أما كون "أكسن موبيل" شركة خاصة ولا دخل للحكومة الأميركية بذلك، فهو محض هراء، إذ أن نفوذ هذه الشركة هائل في داخل الدوائر السياسية الأميركية. وإذا كانت الحكومة الأميركية مؤيدة (بالخفاء) لمثل هذه الاتفاقيات، أو حتى لم يصدر عنها معارضتها الواضحة لها، فما جدوى "الاتفاقية الستراتيجية"، ومثل هذه الاتفاقيات النفطية هو تدخل مباشر من الشركات الأميركية في الشؤون الداخلية للعراق بعد أن عملت في "مناطق متنازع عليها".
وبالرغم انني من المعارضين بشدة للاتفاقية الاسترتيجية مع الولايات المتحدة والمطالبين بالغائها، ولكنني أتحدث الآن إلى الذين يعتقدون بفائدة هذه الاتفاقية الستراتيجية وادعوهم لاستعمال التهديد بالغائها كوسيلة ضغط على الطرف الاخر فالولايات المتحدة، وبوجود هذه الاتفاقية، لم تساعد أبداً في حل الأمور المعلقة كالبند السابع، أو العلاقة السيئة مع الكويت أو السعودية. كما لم تنصح "حلفاءها" في العراق للعمل على توحيده، بل عملت على العكس من ذلك فزادت التناقضات والصراعات السياسية. وإذا كان لدينا مثل هذا "الحليف/ الولايات المتحدة"، فنحن في غنى عن أي عدو، فهو ينوب عنه على أكمل وجه!!.


3- ما هو حجم شركة أكسن موبيل
لكي نستطيع أن نعطي تفسيراً لأسباب ذهاب أكسن موبيل للعمل في إقليم كردستان، وفي مناطق متنازع عليها، متحدية بذلك تهديد الحكومة الاتحادية العراقية، و"نصائح" الإدارة الأميركية، لو كانت هناك فعلاً نصائح، ولكي نعرف حجم هذه الشركة، سنتحدث عن أرباحها. إذ بلغت أرباحها في الربع الأول من عام 2011 ما يعادل (10,7) مليار دولار، كأعلى ربح حصلت عليه شركة عالمية في تلك الفترة. وهذا الربح يزيد 69% عن أرباحها في نفس الفترة من عام 2010. وأن ربح الربع الأول من العام 2011 يمثل أعلى ربح حصلت عليه الشركة منذ الربع الثالث لعام 2008. مما يعني أن الشركة تجاوزت الانكماش الاقتصادي العالمي الذي بدأ في النصف الثاني من عام 2008.
إن أرباح شركة أكسن موبيل في ثلاث سنوات منذ 2008 قد كانت الأعلى مقارنة بجميع الشركات العالمية، ولكن الضرائب التي دفعتها في هذه الفترة لم تتجاوز 2% من أرباحها، إذ لا تشتهر أكسن موبيل بكيفية تجنب الضرائب فحسب بل في الحصول على معونات من الحكومة الأميركية الاتحادية على أساس أنها تعمل على تطوير الطاقة المتجددة. كما أنها تتجنب دفع الضرائب باستخدام شركاتها عبر البحار offshore في البحر الكاريبي. وعندما تحدث السناتور الأميركي بيرني ساندر في مجلس الشيوخ في 30/10/2010 قائلاً: "إن شركة أكسن موبيل حصلت في العام الماضي (أي في السنة المالية المنتهية في آذار 2010) على أرباح قدرها (19) مليار دولار ولم تدفع أية ضريبة، بل حصلت على إعانة من الحكومة الأميركية قدرها (156) مليون دولار، اعترضت الشركة على ذلك مؤكدة بأنها دفعت ما يعادل 1,8% من أرباحها كضرائب!!. أما في عام 2008 فلقد حققت أرباحاً قدرها (37) مليار دولار.
من المعلوم أن شركة أكسن موبيل من الممولين الرئيسيين للحزب الجمهوري، ولعل القارئ يتذكر قول دونالد ترمب Trump أحد مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة (والذي انسحب لاحقاً)، عندما ذكر لمحطة تلفزيون "فوكس" في أواخر نيسان 2011: "إن على الولايات المتحدة أن تستحوذ على أي نفط ينتج في العراق لأنها كانت القائد لغزو العراق"، وأضاف: "نحن خسرنا آلاف الجنود، أناس عسكريين عظام، وعشرات الآلاف من الجرحى... وأنا أقول خذوا النفط لأن ما سيحدث هو أن إيران سوف تستحوذ على نفط العراق حال خروجنا"!!!.
إن شركة "أكسن موبيل" لا تحتاج إلى أرباح وإنما تحتاج إلى نفط، لتمشية البنية التحتية الهائلة التي لديها من حقول ومصاف وأنابيب ومحطات توزيع، فهي تعاني من نقص في الإمدادات النفطية وهي تبحث الآن في جميع أنحاء العالم عن مصادر جديدة.
إن نسب أرباح الشركات الأجنبية في الإقليم أعلى من الحكومة الفيدرالية، (كما سنوضح في الفقرات التالية)، ولكن كمية الإنتاج ستكون قليلة جداً مقارنة لحقلها في الجنوب. وكما بينا سابقاً فإن عقدها في غرب القرنة (1) سيؤدي إلى إنتاج ذروة قدره (2,825) مليون برميل/اليوم وهو رقم هائل بكل المقاييس. مع إمكانية عالية جداً لحصولها على رقع استكشاف وتطوير في الدورة الرابعة لوزارة النفط نظراً لحجم الشركة وإمكانياتها الهائلة.
4- الفرق بين أرباح الشركات في عقود إقليم كردستان، وعقود الحكومة الاتحادية
أ- إن عقود إقليم كردستان هي عقود مشاركة بالإنتاج، وللشركات حصة في النفط تعتمد على النسبة المقررة في العقود. أما عقود الحكومة الاتحادية فهي تمثل عقود خدمة فنية، وتتمثل أرباح الشركات بـ"الحافز" الذي يعطى للشركة، وهو اعتيادياً قليل إذ يصل إلى حوالي 2% من أسعار النفط الحالية. حتى أن حافز عقد حقل غرب القرنة (1) يبلغ (2) دولار/البرميل المنتج الزائد عن حد معين، وبالنتيجة فإن الشركات الأجنبية تستلم ما يقارب 97,5 سنت (منها حوالي 78 سنت إلى شركة أكسن موبيل)، والمتبقي هو حصة الجانب العراقي وضرائب الحكومة العراقية.
عندما دخلت أكسن موبيل العراق في عام 2009، ووافقت الشركات الأجنبية الكبرى الأخرى على شروط الحكومة الاتحادية، فإن حساباتها كانت مبنية على الحصول على عائد داخلي IRR 15-20%، وهي نفس الأرقام التي أعلنتها BP فيما يتعلق بعقد الرميلة (10).
توصلت شركة Wood Mackenzie بالاشتراك مع Deutsch Bank بدراسة اقتصاديات العقد الأول الذي وقعته أكسن موبيل [وكان لمدة 20 عاماً لرفع الإنتاج من (244) ألف برميل/اليوم إلى (2,325) مليون برميل/اليوم، مع حافز قدره (1,9) دولار للبرميل. وباعتماد هذه الاتفاقية قبل تعديلها بزيادة الحافز إلى (2) دولار للبرميل، وإنتاج ذروة قدره (2,825) مليون برميل/اليوم] إلى أن نسبة العائد الداخلي لعمر المشروع IRR يصل إلى 19,5% (وهو رقم جيد جداً للشركات)، ولكن هذا يتم فقط في حالة ارتفاع الإنتاج فعلاً بصورة منتظمة بين الأعوام 2010 - 2017 للوصول إلى إنتاج الذروة واستقرار هذا الإنتاج في المدة المحددة بالعقد. ولكن في حال وجود مشاكل في تطوير نسبة زيادة الإنتاج بحدود 10-15% في الأربع سنوات الأولى، فإن IRR سوف ينخفض إلى 12,1% - 16,2%.
والمعلومات المتوفرة من دوائر الشركات الكبرى العاملة، تفيد أن موبيل تعتقد أن هناك تأخيرات عديدة في البنية التحتية وفي عملها وتلوم وزارة النفط على ذلك، حيث أن IRR سيكون بحدود 12% فقط. كما أن المعلومات تبين أن الحكومة العراقية تخطط وبنعومة بالغة لإعادة التفاوض حول عقودها، لتقليل المستوى العالي المخطط له من (12) مليون برميل/اليوم إلى (8-8,5) مليون برميل/اليوم، وهي حركة من المحتمل أن لا تلاقي ترحيباً من قبل الشركات الأجنبية التي تنتظر عوائد سريعة، وتحاول أن تلوم الحكومة العراقية على هذه التأخيرات كي تجني عوائدها كاملة. ومن المحتمل أيضاً أن توافق الشركات على ذلك، حيث ستقل استثماراتها كثيراً، وسيناقش هذا الموضوع في الدراسة الثالثة من هذا الكتاب.
فليلاحظ القارئ أن الحوافز لوحدها التي تحصل عليها الشركات الأجنبية من عقد تطوير حقل غرب القرنة (1) قد تزيد عن (2,25) مليار دولار سنوياً في فترة إنتاج الذروة، وهو رقم عال جداً ومغر!!.
ب- ونقلاً عن MEEs، فإن مجلة Energy Intelligence(10)، تقول إن محلل النفط بيتر ويلز Peter Wells كان قد قام بدراسة اقتصادية عن عوائد الشركات الأجنبية من عقود المشاركة بالإنتاج الموقعة من قبل حكومة الإقليم، وتوصل إلى أن IRR في هذه العقود سيكون بين 34-56% اعتماداً على أسعار النفط بين (60-100) دولار/البرميل. ويقول: "إن هكذا عائد للشركات عال جداً مقارنة بالمقاييس السائدة"، وإن مشاريع عقود المشاركة في دول أوبك الأخرى لا يتجاوز اﻠ IRR فيها عن 20%.
وفي دراسة أخرى قامت بها مؤسسة citi، أعدت من قبل Michael Alsfard وMukhtar Garadg، توصلت إلى أن معدل IRR يصل إلى 35%، وذلك بعد دراسة 40 عقد مشاركة بالإنتاج وقعت من حكومة الإقليم، ولم يذكر سعر تصدير النفط.
ج- تقول المعلومات أيضاً، أن العقود الموقعة من أكسن موبيل كانت مغرية جداً، كما وأن الرقع الاستكشافية هي من الأنواع العالية الاحتمال لوجود المواد الهيدروكربونية فيها، ولهذا قامت الشركة بهذه المجازفة. من هنا فإنه يتوقع أن يصل IRR إلى أرقام عالية جداً.
أما الرقع الاستكشافية التي تعاقدت عليها شركة توتال الفرنسية، وأعلن عنها في بداية شباط 2012 فإحداها كانت تعود إلى شركة ShamAran Petroleum المسجلة في كندا، والثانية إلى شركة Petoil التركية، والرقعتان الأخريان تقعان في جنوب ووسط كردستان في خاليكان. وهناك معلومات تشير إلى احتمال أن يكون قسم من هذه الرقع الاستكشافية في "مناطق متنازع عليها" أيضاً!!.
د- تحدثت جميع النشرات والصحف العالمية المهمة أو المختصة عن "حذر والتزام" شركة أكسن موبيل في ستراتيجيتها الاستثمارية، ولهذا يطرح السؤال دائماً: ما السبب وراء حركتها "الجزئية وغير الحذرة" في إقليم كردستان؟. لقد ذكر البعض أن هناك تبدل في مواقف هذه الشركة في الفترة الأخيرة، حيث بدأ الحديث عن أن "هناك أكسن موبيل جديدة على الساحة الدولية"(12). والسبب في ذلك أن هذه الشركة تريد وتحتاج إلى النفط و(الغاز) وتبحث عنه في كل مكان يمكنها الوصول إليه، ولهذا فإنها قامت في الفترة الأخيرة بأعمال تعتبر من "المغامرات"!!.
لقد أرادت شركة أكسن النفطية الأميركية العملاقة التوسع، ولهذا التحمت مع شركة أخرى نفطية أميركية عملاقة وهي موبيل، وذلك في العام 1999، وأصبحت تعرف بـ (أكسن موبيل ExxonMobil). ولاقت هذه الشركة المندمجة نجاحات كبيرة، ولكن مشكلتها استمرت، بل زادت، في نقص الاحتياطيات النفطية والغازية، التي تكفي لاستغلال جميع البنية الصناعية النفطية الهائلة المتوفرة لديها، وهذا الأمر يحتاج إلى "مغامرات".
استحوذت في كانون الأول 2009 على شركة الغاز المختصة بتنكولوجيا "غاز الطفال Shale gas"، والمسماة XTO Energy. ومنذ ذلك الحين قامت هذه الشركة الأخيرة (وبتمويل من أكسن موبيل) في محاولات كثيرة وحثيثة للحصول على الاحتياطيات الهيدروكربونية غير التقليدية، فلقد ذهبت أكسن موبيل إلى المنطقة القطبية الشمالية، وحفرت في المياه البحرية العميقة، وكذلك دخلت مضمار الغاز ال