برطلة واحدة من رموز السلام والتعايش السلمي

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, فبراير 17, 2012, 08:40:48 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

برطلة واحدة من رموز السلام والتعايش السلمي


لقد ادهشت حفاوة الاستقبال التي لقيها سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من شعب برطلي السرياني المسيحي ، لقد ادهشت سماحته خلال زيارته الاخيرة لبرطلة ، مما دعاه لوصفها بانها واحدة من رموز السلام والتعايش السلمي البنّاء والطيب ، وكذا سيكون الامر ، مهما كانت هوية اوانتماء القادم اليها سنيا كان او صابئيا او ايزديا ، كرديا كان ام عربيا فهذه هي الاخلاق والخصال التي يحملها شعبها الباحث عن السلام طوال تاريخه الطويل الممتد لاكثر من 4500 سنة .

برطلة الواقعة في وسط سهل فسيح مترامي الاطراف والمسمى سهل نينوى ، تحيط بها تجمعات سكانية مختلفة الالوان والانتماءات والاديان والمذاهب ، حرص اهلها على ان تكون علاقاتهم بجميع هذه التجمعات السكانية علاقات محبة وسلام ووئام ، ولم يشهد التاريخ اية منغصات لهذه العلاقة ، فكانت ولا زالت سوقا تجارية رائجة لابناء القرى المحيطة بها من العرب والاكراد والشبك ، بحكم امتهان اهلها للكثير من المهن والصناعات واخيرا الوظائف التي طالما يحتاجها المجتمع الانساني لديمومة حياته اليومية ، وصاحب المهنة والتاجر حريص ان يحافظ على علاقات جيدة مع جميع الاطراف حتى يضمن الرواج لبضاعته وصناعته ، كما كان ابنائها يصلون بتجارتهم الى جبال العمادية ، وفي سوق الموصل كان لمنسوجاتهم السمعة الطيبة بالاضافة الى انها السوق الوحيدة لمنتوجاتهم الحيوانية والغذائية .

بعد بزوغ فجر المعرفة الحديثة في المنطقة ، حيث افتتحت اول مدرسة رسمية في برطلة في سنة 1916 كان لا بد لابناء القرى المحيطة بها من العرب والشبك حصة في مقاعدها الدراسية ، فكان هذا نموذجا اخر لتقوية علاقات التعايش السلمي بين ابناء المنطقة ، بل اخذت منحى اخر وهو  العلمي والثقافي ، وعندما اتيح لابناء هذه القرى وغيرها فتح مدارس فيها ، كان لابناء برطلة الغلبة لمعظم معلمي هذه المدارس والى الان ، مما ساعد ايضا في تمتين هذه العلاقة الطيبة .

لم تنحصر العلاقة بين المجتمع البرطلي ومجتمعات القرى المحيطة به في مجال التجارة فقط ، بل تعدتها الى علاقات اجتماعية وبناء صداقات متينة بين الاسر المكونة لهذه المجتمعات ، كان التزاور بين هذه الاسر والمشاركة في المناسبات الاجتماعية كالاعياد والافراح والاحزان ، هي السمة السائدة في هذه المجتمعات ، ولم يكن بعد المكان او التاخر في العودة الى القرية مشكلة للمسافر ، فالضيافة في البيوت لايام امر طبيعي ، والاختلاف الديني او المذهبي لم يكن عائقا لذلك ، فشعب برطلة شعب مضياف حتى انك لا تشاهد الى الان يقوم في المدينة فندقا رغم كبرها وكثرة الوافدين اليها .

المدارس في برطلة كانت مكانا خصبا لاقامة علاقات الصداقة بين الطلبة من مختلف المكونات حتى بات يرتبط كل منا بصداقات عديدة مع اقران لنا من مختلف القرى لا زلنا نعتز بها الى الان وبالاضافة الى ذلك ان هذه المدارس وخصوصا الثانوية منها كانت مختلطة اي تضم الطالبات المسيحيات الى جانب الذكور من مختلف الاديان ، ولم نسمع يوما ان تجاوزا حصل او انتهاكا لحرمة احد .
جاء هذا البنيان الرصين في العلاقات بين المكونات المختلفة المتواجدة في هذه المنطقة من خلال احترام كل منهم للخصوصية وللعادات والتقاليد والوجود المكاني التي تعتبرها هذه المكونات شيئا مقدسا لا يمكن التجاوز عليها او افسادها .

اذن ما الذي افسد هذه العلاقة القوية المبنية عبر تاريخ طويل من التعايش السلمي ؟
لم تكن الاحزاب السياسية عبر التاريخ بعيدة عن المنطقة ، فقد انخرط ابناءها وخصوصا ابناء برطلة في هذه الاحزاب بحسب الفترة الزمنية التي نشطت فيها هذه الاحزاب الحاملة لايديولوجيات مختلفة ، ومع ذلك لم يكن هذا الاختلاف في الانتماء السياسي سببا في تصدع هذا البناء المجتمعي الرصين ، لكن القرارات التي صدرت عن الحكومات التي قادتها هذه الاحزاب كانت السبب الرئيسي في افساد هذا التعايش السلمي الموجود بين المكونات المختلفة والمتعايشة منذ مئات السنين في المنطقة ، هذه القرارات جاءت انتهاكا للخصوصيات وللعادات والتقاليد وللوجود المكاني التي اسميتها بالمقدسات ، وبدلا من ان تقوم باصلاح ما قد افسد كانت تاتي بقرارات اخرى تزيد من هوة الخلاف .

اما الان ، وبعدما اصبحت الخلافات بين الاحزاب دينية ، طائفية ، مذهبية ، قومية ، تخرج لنا الحكومة بقرارات غير مسؤولة  والتي تصدر بين فترة واخرى زادت من حدة الخلاف بين المكونات في المنطقة ، حتى اصبح الخلاف ايديولوجي مذهبي طائفي يحاول الغاء الاخر ، كانت هذه القرارات الاسفين الذي دق في نعش التعايش السلمي في المنطقة ، ولاعادة المنطقة الى سابق عهدها لابد من ازالة المسببات التي اوصلتها الى وضعها الحالي .

ومع ذلك وبالرغم من كل الغبن الذي حدث بحق ابناء برطلة الا ان الشعب البرطلي السرياني المسيحي شعب محب للسلام وللعيش بامان مع كافة مكونات المجتمع الاخرى في المنطقة .




 

matoka

Matty AL Mache

بهنام شابا شمني

هذه حقائق عاشها ويعيشها كل منا ولكن تحتاج الى ان نعلنها للجميع حتى لا نُظن اننا نلغي الاخر

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

د.عبد الاحد متي دنحا

#4
شكرا عزيزي بهنام على نشر الحقائق كما هي وهنا عندي تعليق
اقتباس
لكن القرارات التي صدرت عن الحكومات التي قادتها هذه الاحزاب كانت السبب الرئيسي في افساد هذا التعايش السلمي الموجود بين المكونات المختلفة والمتعايشة منذ مئات السنين في المنطقة ، هذه القرارات جاءت انتهاكا للخصوصيات وللعادات والتقاليد وللوجود المكاني التي اسميتها بالمقدسات ، وبدلا من ان تقوم باصلاح ما قد افسد كانت تاتي بقرارات اخرى تزيد من هوة الخلاف .انتهى الاقتباس
ان هذه القرارات لم تمرر الا بموافقة الحزبيين من برطلة نفسها ولازال معظمهم احياء يرزقون! وبنفس الوقت لم تلعب الكنيسة (من الطائفتين) اي دور يذكر
اما في الوقت الحاضر فيجب ان يكون هناك تعاون تام بين جميع المتنفذين و خاصة الكنيسة من الطائفتين لانها لازالت المتنفذ الاقوى والاحزاب العاملة ومنظمات المجتمع المدني
فيجب علينا اصلاح ذاتنا قبل وضع اللوم على الاخرين
مع تحيات

عبدالاحد
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير