بين ابن زريق البغدادي وبول بريمر

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, فبراير 13, 2012, 05:48:28 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

بين ابن زريق البغدادي وبول بريمر

حمزة مصطفى

هو من شعراء الواحدة.. قصيدته التي يقول مطلعها "لاتعذليه" يقال انها اعجبت اول حاكم مدني اميركي للعراق بول بريمر. فحين ودع بريمر بغداد بعد "عام قضاه في العراق" طبقا لعنوان كتاب مذكراته الذي يحمل عنوانا مقاربا ردد عند سلم الطائرة احد اكثر ابيات قصيدة ابن زريق شهرة وهو "استودع الله في بغداد لي قمرا .. بالكرخ من فلك الازرار مطلعه".. واذا صحت الرواية فان هذا يعني ان بريمر لم يكن حاكما للعراق فقط سرق منا جهارا نهارا 9 مليار دولار بل كان عاشقا متيما ودع حبيبا تنطبق عليه حين وداعه حسرات ابن زريق "اودعه وبودي لو يودعني .. صفو الحياة واني لا اودعه". المفارقة بين بريمر وابن زريق والرواية في حال لم تكن منحولة ان الثاني كان مجبرا على كتابة هذه القصيدة التي هي بلاشك من عيون الشعر العربي بينما الاول كان مجرد مستنسخ لتجربة حب قاسية مثلما كانت سياسة بريمر فاشلة. ابن زريق الذي يقول في قصيدته الجميلة "لاتعذليه فان العذل يولعه .. قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه .. جاوزت في لومه حدا اضر به .. من حيث قدرت ان اللوم  ينفعه . فاستعملي الرفق في تانيبه بدلا من لومه .. فهو مضنى القلب موجعه" يقول ايضا " رزقت ملكا فلم احسن سياسته .. وكل من لايسوس الملك يخلعه" في محاولة منه للهروب من التجربة التي انتهت به الى الموت في ديار الغربة بعد ان خذله الحاكم الاندلسي الذي ذهب اليه باحثا عن مهر حبيبته فلم يسعفه بما يكفي من مال. اما بريمر فقد ترك "معشوقته" في بغداد متحسرا عليها عند ابواب الطائرة مستعيدا بيت ابن زريق بينما اخذ مايكفي من اموال تكفي لتزويج ليس نساء العراق من انسات وعانسات بل حتى عجائز الشرق الاوسط وشمال افريقيا. البغدادي كان الحب قضيته الاولى ولم يلجأ الى الشعر الا بعد ان اراد ان يكون دليلا على نهاية قصة ماساوية تمثلت برحيله من بغداد الى الاندلس طلبا للمال. اما بريمر فلم  يكن لا الشعر ولا السياسة قضيته بل الدمار والخراب والسرقة وهو ما عانينا منه وما زلنا نعاني منه منذ تسع سنوات وحتى اليوم. ابن زريق كان رثى نفسه حاله في ذلك حال زميله الاخر من شعراء الواحدة مالك بن الريب. وابن الريب هذا لدغته حية في الطريق "بس مو حية سيد دخيل"  فما ان سرى السم في جسده واقر بدنو اجله حتى كتب قصيدة هي الاخرى من عيون الشعر العربي باعتراف النقاد على مر العصور.  تلك القصيدة التي يقول فيها " الا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً ..   بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا .. فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه   .. وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا" هي احساس اخر بالنهاية. لكن ابن الريب لم يكن عاشقا مثل ابن زريق او كاذبا مثل بريمر بل كان باحثا عن مجد لم يتمكن من نيله .  وقبل ان يبلغ منتهاه في التصوير الشعري لحالته الغريبة يقول "تذكرت من يبكي علي فلم اجد ...سوى السيف والرمح الرديني باكيا" حتى يسدل التراب على جسده قبل ان يصل الى القبر في واحدة من اروع حالات التجلي الشعري   "يقولون لاتبعد وهم يدفنونني .. واين مكان البعد الا مكانيا". نحن هنا حيال ثلاثة نماذج .. عاشق فشل في الحب ونجح في الشعر. ومقاتل فشل في الحرب ونجح في الشعر.  ورجل مخابرات فشل في الحب والسياسة ونجح في .. التخريب والسرقة.

Hamzamustafa2004@yahoo.com
http://www.albilad.net/articles3%20%20%2012-2.htm

لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير