كردستان والشهرستاني 1- المؤامرة ومستقبل العلاقة بين كردستان والعراق.

بدء بواسطة صائب خليل, يوليو 26, 2013, 02:57:11 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

كردستان والشهرستاني 1- المؤامرة ومستقبل العلاقة بين كردستان والعراق.






يتعرض نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني إلى حملة شعواء من اعضاء التحالف الكردستاني تستهدف إقالته. والحجة التي قدمها التحالف عن لسان نائبه فرهاد الأتروشي، هي "فشله في حل مشكلة الكهرباء وادارة الملف النفطي في البلاد". (1)
كذلك قال الأتروشي في مؤتمر صحفي في مبنى البرلمان ان "ما صرح به نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني من قيام الاقليم بتهريب النفط بمساعدة الشركان العاملة في الاقليم يأتي للتغطية على فشل الشهرستاني في قضية الكهرباء".
واضاف ان "الشهرستاني عودنا على افتعال الازمات كلما فشل في تجهيز الكهرباء للمواطنين".(2) واوضح أن "الشهرستاني لا يصلح لمنصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وقد آن الأوان لتغييره بأشخاص آخرين".
وابدى الاتروشي أمله بأن "يتم ابعاد الجانب السياسي من قضية اقالة الشهرستاني من منصبه كون ان الملف ليس له علاقة بخلافات التحالف الكردستاني مع الشهرستاني بل الامر متعلق بعقود وهمية وانجاز وغيرها وهناك ارقام موثقة".
وبين الاتروشي أن "هناك اشخاصا من التحالف الوطني مستاءون من تصرفات الشهرستاني ".
وأكد أنه "لا يوجد وصي على العراق له أحقية التصرف في ثروات الشعب العراقي" داعيا رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي الى "إقالته بسبب إخفاقاته منذ سبع سنوات".(3)

وشددت عضو التحالف الكردستاني النائب جوله حاجي، على دفع مستحقات الشركات النفطية العاملة بإقليم كردستان، وان دفعها ليست بـ'منية' من الحكومة الاتحادية، لكون أموال النفط المستخرج من الإقليم يذهب للموازنة الاتحادية. وليس 'شأننا من اين تأتي بها الحكومة الاتحادية لدفع أموال المستحقات'... البالغة (4 تريلون و200 مليار دينار عراقي) (4)

إذا اهملنا تظاهر الأتروشي بالإهتمام بـ "الخدمات" و الكهرباء للعراق، وتجاوزنا محاولته للتشويش بالقول بأن "الملف ليس له علاقة بخلافات التحالف الكردستاني مع الشهرستاني" لوجدنا أن غضب كردستان التاريخي للرجل يعود إلى 1- إتهام الشهرستاني للإقليم بالإمتناع عن تسليم النفط وتهريبه بدلاً من ذلك، و 2- مطالبة كردستان بمبلغ 4 مليارات دولار لتغطية مستحقات شركات النفط عن تطوير وإنتاج الحقول في كردستان، والتي تم الإتفاق مع بغداد أن تتحمل كلفتها، وإضافتها إلى مدفوعات الميزانية. هذا إضافة إلى نقاط أخرى بعضها حققتها كردستان وخرجت من دائرة النقاش وهي إبقاء الـ 17% التي فرضوها في حكم سيء الصيت علاوي، كرقم معترف به، رغم برهان زيفه من قبل برلمان كردستان نفسه، لنسبة سكان كردستان وحصتهم من الميزانية والبرلمان وغيرها، وأخرى لم تحققها وهي دفع رواتب البيشمركة وتكاليفها.

لنستمع إلى المشكلة من وجهة نظر الشهرستاني:

تتلخص المشكلة بين كردستان ونائب رئيس الوزراء لشوؤن الطاقة، في إصرار الشهرستاني الذي يرى أن "النفط والغاز ملك لكل العراقيين ولكل الشعب العراقي ولا يمكن لأي جهة أن تتعاقد على استخراجه وتصديره إلا من خلال الحكومة التي تمثل الشعب وهي الحكومة الاتحادية المركزية". فـ "نفط البصرة ليس ملك لأهل البصرة ولا نفط الإقليم ملك لأهل الإقليم وهذا هو موقفنا من كل الشركات التي تتعامل من دون موافقة الحكومة الاتحادية وسوف نمنعها من العمل في العراق".(5)
لكن هذا الموقف الذي يبدو سليماً ومنطقياً وبسيطاً، لم يكن من السهل الدفاع عنه أمام معطيات الواقع الذي استطاعت كردستان فرضه تباعاً، فاضطرت بغداد للتراجع إلى خندق خلفي تلو الآخر. فقال الشهرستاني "لن ندفع أي مبلغ لتلك الشركات على عقود لم تعرض علينا". وهو يعبر عن التراجع إلى الإكتفاء بـ "الإطلاع" على العقود، بدلا من منعها ورفضها جملة وتفصيلاً، أو حتى "تجريمها" باعتبارها محاولة غير دستورية لسرقة ثروة البلاد، وهو التصرف المنطقي الذي لم يعد حتى تخيله ممكناً في العراق.

الواقع الذي فرض نفسه بضغوط كردستان وبقية حلفاء أميركا في العراق أوصلنا في نهاية الأمر إلى هذه النتيجة، فقال الشهرستاني قبل بضعة أسابيع ان " هناك اتفاقا جرى نهاية العام الماضي بان يسلم الاقليم انتاجه من النفط الخام الذي كان 175 الف برميل خلال العام الماضي ويرتفع الى 250 الف برميل، مقابل دفع مبالغ، والاقليم تسلم المبالغ ولم يسلم النفط، وهذه هي المرة الثالثة الذي نتفق بها مع الاقليم ويستلم المبلغ ولا يسلم النفط".(6) وأضاف ان "الاقليم ما زال ممتنعاً عن تسليم اي نفط لبغداد"، مشيرا الى "وجود اتفاق مكتوب مع كردستان وصادق عليه مجلس الوزراء الاتحادي، ولكن لم يسلم الاقليم النفط".
وقبل ذلك قال الشهرستاني للصحفيين على هامش مشاركته في مؤتمر المبادرة من أجل الشفافية في الصناعات الاستخراجية ببغداد إن "استمرار تصدير النفط الخام في كردستان العراق لابد أن يعالج من قبل الحكومة الاتحادية لأنه يشكل خرقا كبيرا وعملية تهريب ويجب أن تودع أموال التصدير لحساب الشعب العراقي مثلما يتم حاليا تصدير النفط الخام من مدن البصرة وميسان وواسط والناصرية لأن النفط ثروة للعراقيين في أي بقعة من العراق" (7) وحمل الشهرستاني أيضاً "الحكومة التركية ... مع جميع الشركات المشاركة مسؤولية عمليات تهريب النفط من إقليم كردستان" ، وأوضح للشفافية الدولية أن التقارير الصادرة بشان الانتاج والصادرات النفطية العراقية غير كاملة بسبب كميات الانتاج النفطية التي تهرب من الاقليم الى خارج العراق، و أشار إلى أن تاثيرها السلبي على موازنة العراق العامة( 8 )

إن صح كلام الأتروشي ومؤيدوه – القائمة العراقية، فإن الشهرستاني شخص يفتعل الأزمات في البلاد، ويجب على الأقل التخلص منه كما يريد هؤلاء، أو حتى محاسبته على ذلك. وإن صح كلام الشهرستاني، فإننا أمام لصوص محليين عراقيين وعصابات لتهريب النفط، تتعاون مع قراصنة دوليين، وعلى الحكومة العراقية أن تقوم بواجبها الأساسي في حماية ثروة الشعب العراقي من السرقة، وأن تتصرف مع هؤلاء كلصوص وقراصنة بغض النظر عن المناصب الرسمية التي يتقلدها، أو الأربطة التي يلبسها أؤلئك اللصوص، وبغض النظر عن حجم الدولة التي تدعم القراصنة من الجانب الثاني من عصابة تهريب النفط العراقي. الفرق الوحيد بين ساسة كردستان وعصابات سرقة النفط في البصرة التي ضربها المالكي في فترته الأولى هو أن هذه العصابة أقوى من تلك، وتتمتع بتغطية امريكية وأن المالكي غير قادر ليس فقط عن منعها من السرقة، بل حتى غير قادر على تحديد طريقة سرقتها ووضعها ضمن اتفاق معين، فهي تطمح إلى المزيد دائماً، وتشعر أنها قادرة على الحصول على المزيد.
على تقديرنا المستند إلى الحقائق والدلائل والمؤشرات، علينا أن نقرر موقفنا، وإن كنا نعتبر أن الشهرستاني مثير للأزمات أو أن حكومة كردستان والعراقية عبارة عن عصابات تهريب نفط ومتعاونين معها.

لنرجع بضعة أشهر إلى الوراء ونقرأ الخبر التالي الذي نشر في أوائل آذار من العام الحالي:
قال القيادي في التحالف الكردستاني النائب محسن السعدون سنصدر نفط الاقليم من دون اعطاء وارداته الى الحكومة الاتحادية في بغداد بتصويت البرلمان على الموازنة من دون اعطاء مستحقات الشركات النفطية وحسم ملفها .
واوضح سعدون ان "الحكومة عندما لا تدفع لنا مستحقات الشركات النفطية فان حكومة اقليم كردستان العراق غير ملزمة بتسليم واردات ما تصدره من نفط الى الحكومة العراقية بل ستقوم بدفع مستحقات الشركات النفطية من تلك الوارادات".(9)
ومن الجانب الآخر وفي نفس الفترة، نقرأ رد للنائب عن ائتلاف دولة القانون عضو اللجنة المالية البرلمانية هيثم الجبوري أن "التحالف الوطني مع ما يريده الاكراد من مطاليب في الموازنة العامة، لكن يجب ان تنفذ وفق معايير قانونية وتخضع لتدقيق ديوان الرقابة المالية"،(10)

ولوضع النقاط على الحروف نقول أن "العراق" إتفق مع "كردستان" على حل وسط، تنازل به الأول عن حقوقه في إدارة اتفاقات النفط وترك لكردستان حرية تعاقدها (وهو تراجع خطير، يمكن تخيل أثره التدميري لو أن بقية المحافظات حصلت على نفس الصلاحيات) واتفقت بغداد مع أربيل على أن تدفع الأولى للأخيرة مستحقات الشركات التي تعمل على تطوير الحقول التي فرض قبولها على بغداد. وطلبت بغداد الحسابات من كردستان لتدفع المبالغ، فتلكأت كردستان وطال التفاوض.. وكانت كردستان تريد أن تدفع بغداد دون أن تطالب بحسابات! رفضت بغداد وقاومت، بفضل الشهرستاني ووزير النفط وديوان الرقابة المالية، فوافقت كردستان على أن تقدم الحسابات، ولكن مؤجلة! أي أن تقوم بغداد بدفع المبالغ بشكل سلفة إلى كردستان، ثم تقدم كردستان الحسابات الخاصة بالمبلغ المدفوع بعد ذلك، "عندما تنتهي من إعداد تلك الحسابات"! وعندها ستلغى السلفة السابقة وستدفع بغداد المبلغ التالي وتنتظر من كردستان أن تقدم حسابات ذلك المبلغ التالي وهكذا!
ما حدث أن بغداد دفعت السلفة الأولى لكن كردستان تلكأت في تقديم الحسابات، وطالبت بغداد بتقديم السلفة الثانية على خلاف الإتفاق. وبعد تردد، تساهلت بغداد فقدمت السلفة الثانية بدون أن تستلم بيانات السلفة الأولى!
أنتظرت بغداد دون جدوى، وفي مناقشات الميزانية الأخيرة طالبت كردستان بغداد بدفع السلفة الثالثة قبل أن تقدم حسابات حتى القسط الأول المدفوع من قبل بغداد مع القسط الثاني! بل أنها طالبت أن يدفع المبلغ الكلي البالغ 4 مليارات دولار للشركات، وبدون تقديم البيانات المطلوبة!! وهذا هو جانب من الصراع الذي يدور اليوم: هل تدفع الحكومة المبالغ بدون حسابات أم تجبر كردستان على تقديم حسابات بشكل متتالي تبعاً للمبالغ المدفوعة؟

أن أي إنسان، مهما كان متحيزاً، حتى لو كان أعور العين مثل "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية"، يستطيع أن يرى أن هذا ليس سوى إبتزاز متزايد ينمو مع الزمن من قبل كردستان لبغداد. ولقد كان الأمر واضحاً إلى درجة أحرجت بعض من له ضمير من كردستان نفسها فوافقت كتلة التغيير على الميزانية ورفضت ابتزاز التحالف الكردستاني هذا لبغداد (رغم استمرار موافقتها على ابتزاز الـ 17%) ووقعت الميزانية!
غضب مسعود البرزاني وجماعته، فالميزانية هي "الولية" السنوية لكردستان على بغداد، وتريد كردستان استغلالها بأقصى ما يمكن، وبدعم من العراقية التي بدأ رئيسها فضيحة الـ 17% وأعضاءها الباقين تحت أمره والمستعدين لكل شيء.

في دفاعه عن "غنيمته" السابقة وعن الغنائم التي يطمح إليها، فإن التحالف الكردستاني يلجأ إلى لغة شديدة العدوانية والتهديد ويقلب الأمور ليصف من يقف بوجه طموحاته إلى المزيد من السرقات، بـ "العدوانية" و "إيذاء البيت الكردي" و "إعاقة التقدم الإقتصادي في الإقليم" وأنهم "لن يقفوا موقف المتفرج" ويتحدثون عن "السياسة العدائية للإقليم" ويلجأون إلى الكذب المباشر الصلف بالإدعاء مثلاً بأنهم قدموا "جميع البيانات المطلوبة، وقد ايد ديوان الرقابة ماجاء فيها" ويهددون بشكل مباشر بتدويل القضية، بل وتهديد الكتل التي تقف في وجههم وتتهمهم بتهم جاهزة بالدكتاتورية أو "العقلية المركزية"  و "طردها للشركات من الإقليم"، كما يفعل النائب محما خليل في هذا التصريح الصحفي "النموذجي" لما يحدث بين الإقليم وبغداد. (11)

ولو راجعنا خطاب حما خليل لوجدنا أن القول بأن كردستان قد قدمت البيانات المطلوبة، ليس سوى كذبة صريحة! فكتلة التغيير التي لم تشارك التحالف الكردستاني موقفه، قالت بوضوح أنها لا تعلم أي شيء عن عقود النفط، ولا عن بيانات التطوير ومستحقات الشركات وأن البرلمان الكردستاني كله لا يعلم بشيء، وقامت بالموافقة على الميزانية التي لا تقر بدفع تلك المبالغ لأن كردستان لم تقدم البيانات. وهذه النائب عن ائتلاف دولة القانون رحاب العبودة، تؤكد أن الخلاف مع حكومة الاقليم حول مستحقات الشركات ليس بسبب رفض الحكومة الاتحادية اعطاء هذه المستحقات بل بسبب رفض الاقليم تدقيق ديوان الرقابة المالية لحسابات التي يطالب الاقليم الحكومة بدفعها كمستحقات للشركات!! (12)
واوضحت العبودة في بيان : انه وفق اتفاق كان قد ابرم بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في الاقليم ينص على انه تعطي الحكومة الاتحادية المبالغ كسلف لحين اكتمال تدقيق الحسابات من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي. لكن الاقليم يرفض ان يدقق ديوان الرقابة المالية تلك الحسابات ما ادى الى توقف الحكومة الاتحادية من دفع هذه السلف بعد ان دفعت لحكومة الاقليم جزء من المبالغ بواقع سلفتين بعدها تم التوقف بسبب رفض الاقليم التدقيق من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي!
للقارئ أن يقرر بنفسه بعد هذا مقدار الصدق أو الكذب ليس فقط في الإدعاء بتسليم البيانات لديوان الرقابة، بل أبعد من ذلك في الإدعاء بأن "ديوان الرقابة قد أيد ما جاء فيها"!!

رغم ذلك نرى استعداداً كبيراً في بغداد لتغيير الموازنة لعام 2013، إرضاءاً لكردستان، ودفع المبلغ الكبير المطلوب، متى ما قدمت كردستان البيانات اللازمة للمبالغ السابقة التي تم دفعها. وذكر عضو اللجنة المالية النيابية - النائب عن ائتلاف دولة القانون هيثم الجبوري، أن كتلته لن تعترض على ما يذكره ديوان الرقابة المالية الاتحادي بشان دفع المستحقات المالية للشركات النفطية العاملة في اقليم كردستان(13)
   
وبعد أن أوضحنا حقيقة البيانات نستطيع أن نقيم بقية الخطاب الكردستاني لنكتشف أن كل ما قيل فيه مقلوب تماماً وعن عمد، فالإقليم هو الذي قام بسحب الشركات العالمية من بغداد وكانت غاز بروم آخرها وليس العكس، (14) والإقليم هو الذي يتعامل بـ "عدوانية" تتسبب في الكثير من الأذى "للبيت العراقي" و "يعيق تقدمه الإقتصادي" الخ وليس العكس. هل الشهرستاني هو الذي يقوم بافتعال الازمات؟ الشهرستاني يحاول أن يصحح وضعاً يراه خطأَ، فإن كنا نرى أن الوضع كان صحيحاً، يكون الشهرستاني "مفتعلاً للأزمات" وإن كنا نعتبر الوضع مختلاً، فأن الشهرستاني يحاول إصلاحه، وأن من "افتعل الأزمات" هو من وضع وأقر واعترف بالوضع المختل. وماذا يعني الأتروشي بقوله أن هناك " اشخاصا من التحالف الوطني مستاءون من تصرفات الشهرستاني"؟ هل هذا تهديد أم إعلان أن هناك اشخاص في التحالف الوطني يرون في العلاقة بين كردستان وبغداد علاقة سليمة غير مختلة ويدافعون عن بقاءها؟ ما هي بالضبط هذه التصرفات التي استاء منها هؤلاء؟ ما هو موقفنا منها؟
ما الذي نفهمه من قول الأتروشي بأنه "لا يوجد وصي على العراق له أحقية التصرف في ثروات الشعب العراقي"؟ نحن نفهم أن هناك اتفاقاً أن تدير الحكومة المركزية التي تمثل كل الشعب العراقي بضمنهم الكرد، النفط، وبالتالي فهي "الوصي" على العراق وله احقية في التصرف بثرواته، وإلا فما هي الجهة الأخرى التي منحت تلك الوصاية؟ أم أن ما تريده كردستان أن يهتم كل جزء بثروته؟ لماذا إذن تطالب بحصة الـ 17% من بقية نفط العراق؟

هذا التشويش في المنطق والمدعوم بالكذب الصريح أحياناً يتم ترديده في جميع أجهزة الإعلام (الأمريكية) في العراق، ولا يجد من يرد عليه عادة بنفس القوة، فيستنتج القراء من الشعب العربي والشعب الكردي على السواء، بأن الظلم يأتي من بغداد إلى كردستان وليس العكس، ويقوم الإعلام بتجاهل الحقائق التي تكشف زيف ذلك الخطاب، ويتهيأ الجو ليس فقط لتثبيت الظلم، بل وتحقيق المزيد منه والتقدم على حساب الشعب العربي في العراق. ولا يقتصر الأمر على الإعلام في مساندة الظلم، بل لا يتردد بعض المرتشين والمستفيدين من ضرب حكومة المالكي بأي ثمن، بإبداء الدعم وتأكيد "الحق الكردي" و "دعم القضية الكردية" وهكذا تحاصر مصالح المواطن العربي وتدفع إلى الخلف في عملية ابتزاز مستمرة في التصاعد.

لقد كنت من القلة التي كتبت، وكتبت كثيراً عن هذا الظلم، وكان الشهرستاني على المستوى السياسي من أكثر الساسة وضوحاً في وقوفه بوجه هذا الإبتزاز الكردستاني للحق العربي، وغالباً ما يترك وحيداً في هذا الأمر، ويمكنكم أن تتخيلوا كمية الضغط والتهديد والتشهير الذي يتعرض له نتيجة لذلك. وهنا لابد أن نشير إلى وقوف النائب عالية نصيف في وجه أطماع كردستان أحياناً، كما أن النائب سعد المطلبي كان صريحاً في موقفه وقال أن كردستان توظف الأزمات لصالحها، وأنها تعمل لإبقائها لكي "تبقى لها حجة"(15)
واتهم العراقية ببيع كركوك والموصل لإقليم كردستان للبارزاني(16)، وكشف عن التوغل الإسرائيلي في كردستان، وتدريب القاعدة من قبل البيشمركه لضرب العراق(17) وبالطبع فأن مثل هذا النائب تعرض إلى التشهير والهجوم من قبل الجانب الكردستاني(18) مثلما يتعرض له الشهرستاني اليوم. فهدف كردستان هو إيصال الحكومة في بغداد إلى اليأس والإستسلام لكل ما تريد، وحين تتحدث كردستان عن "أطراف تعرقل الحوار" فإنما تتحدث عن أطراف تعرقل استسلام الحكومة لإرادتها. (19)

لذلك فأن السعي لإزاحة الشهرستاني لن ينتهي إلا بإزاحة سعد المطلبي وربما عالية نصيف أيضاً، وكل من يتكلم مثل الشهرستاني والمطلبي ويحاجج كردستان باعمالها وحقائق علاقتها الإبتزازية بالمركز، ليبقى للمركز مجموعة من الساسة الهلاميين "الموافجين" على كل ما تفرضه عليهم كردستان بلا ضجيج أو اعتراض!

إن تركيز كردستان على الشهرستاني ليس إلا لأن الشهرستاني اليوم هو الأول في الواجهة، وهو الخصم الأكثر استقراراً في وقوفه بوجه خططها، خاصة في مجال النفط. فكردستان تشعر بأن هناك فراغاً وراء الشهرستاني، وأن إسقاطه سيعطيها مساحة كبيرة تتقدم فيها على حساب العرب قبل أن يقوم الشخص التالي بالإعتراض على ذلك. وبالتالي فأن موقف العراقي العربي من هذا الصراع بين كردستان والشهرستاني، يتحدد فيما إذا كان يقبل بتراجع بغداد مساحة كبيرة أخرى أمام كردستان، وأين يجب أن يقف ذلك التراجع المستمر أمام الإبتزاز، وبالتالي هل يرى أو يسمح بإزالة الأصوات المعترضة التي تسعى لإيقاف كردستان، أم يدافع عنها.

الحلقة الثانية ستكون عن تاريخ العلاقة بين كردستان والمعترضين على سياستها النفطية، والتفاصيل والأرقام الخاصة بتلك العلاقة. وستكون الحلقة الثالثة عن علاقة ازمة الكهرباء بالموضوع..

(1)  التحالف الكردستاني يطالب المالكي اقالة الشهرستاني لفشله في حل مشكلة الكهرباء.
http://albaghdadianews.com/politics/item/35470
(2) العراقية والتحالف الكردستاني يؤيدان إقالة الشهرستاني من منصبه
http://www.hekar.net/modules.php?name=News&file=article&sid=9458
(3) التحالف الكردستاني: الشهرستاني يفتعل الأزمات للتغطية على فشله
http://alwaienews.com/?a=content.id&id=45453
(4) جوله حاجي: الكردستاني مصر على دفع مستحقات الشركات النفطية وليس هناك "منية"
http://www.sna-news.net/index.php?aa=news&id22=3466
(5) الشهرستاني يتهم الكرد بمحاولة تهريب النفط مجددا عبر تركيا
http://www.bsvoic.com/index.php/2011-10-27-08-42-58/1213-2012-12-08-05-09-17.html
(6) الشهرستاني : الاقليم مازال ممتنعاً عن تسليم النفط رغم تسلمه مبالغ الانتاج
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=23871
(7) الشهرستاني: الحكومة التركية تتحمل مسؤولية عمليات تهريب النفط من إقليم كردستان العراق
http://alnajafnews.info/?p=9266
( 8 ) الشهرستاني يحمل تركيا مسؤولية عمليات تهريب النفط من كردستان
http://www.alsumaria.tv/news/73939
(9) التحالف الكردستاني: سنصدر النفط من دون اعطاء وارداته الى الحكومة.
http://www.samaraatv.com/?p=1259
(10) الوطني يرد على الكردستاني: اذا صدر الاقليم النفط ولم يسلم وارداته لبغداد سنستقطع الاموال من الموازنة
http://www.shatranews.com/?p=848
(11) التحالف الكردستاني يتهم الشهرستاني بـطرد شركات النفط العاملة في الاقليم
http://www.alestiqama.com/news.php?cat=siasy&id=6809
(12) العبودة: حكومة كردستان ترفض تدقيق ديوان الرقابة المالية لمستحقات الشركات النفطية
http://alrayy.com/78581.htm
(13) هيثم الجبوري: لن نعترض على ما تذكره الرقابة المالية بشان المستحقات النفطية لاقليم كردستان
http://www.xendan.org/arabic/drejaA.aspx?Jmara=12074&Jor=1
(14) غاز بروم تتحدى انذار وزارة النفط وتتراجع عن وعودها بترك العمل في إقليم كردستان
http://www.iraqicp.com/index.php/2013-03-22-11-04-13/2013-03-22-11-08-32/1405-2013-06-21-17-25-11
(15) المطلبي: كردستان تحاول توظيف الازمة في بغداد لصالحها
http://www.badr-political.com/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=2202
(16) المطلبي : القائمة العراقية باعت كركوك والموصل لإقليم كردستان بالإتفاق مع بارزاني
http://www.albayyna-new.com/news.php?action=view&id=18864
(17) نائب عراقي يكشف عن توغل اسرائيلي في كردستان وعن شخصيات بـ"العراقية" تدعم الإرهاب
http://www.non14.net/38713.htm
(18) نائب كردي : امثال المطلبي كانوا في أحضان البعث ويريد من تصريحاته الظهور بانه الابن البار لدولة القانون
http://www.alliraqnews.com/index.php?option=com_content&view=article&id=60640&Itemid=86
(19) البيشمركة تكشف عن اطراف تعرقل الحوار بين بغداد واربيل
http://www.iraqicp.com/index.php/2013-03-22-11-04-13/2013-03-22-11-08-32/1620-2013-06-26-15-04-06