من دولة المسؤول الى دولة المواطن

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, نوفمبر 21, 2014, 08:41:50 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

من دولة المسؤول الى دولة المواطن


«لا نحتاج كثيراً لاثبات ان الدولة –بوضعها الراهن- هي اولاً واساساً دولة المسؤول.. فهذه ممارسة قديمة وتاريخية، لم نعش غيرها. فالامن هو اولاً واساساً امن النظام وليس الوطن او المواطن.. والاقتصاد والمصالح هي اولاً واساساً اقتصاد ومصالح الدولة الريعية والاقطاعات الادارية.. والسياسة والاعلام والثقافة وغيرها هي ايضاً لخدمة من يمسك بالنظام من احزاب وشخصيات.. وابسط مثال ما يعيشه المواطن من اهمال واوساخ في مستشفيات الدولة ومدارسها ودوائرها.. ليتغير الحال عند خبر زيارة المسؤول وتبدأ اعمال التنظيف والتلميع وحسن المعاملة. ولا نقصد بالمسؤول شخصاً بذاته بل رجل السلطة بكل مواقعه.. ولا نقصد ان المسؤول هو من يصنع هذا الواقع بالضرورة بل اساسه طبيعة النظام التي ما زالت في جزء كبير منها استمرارية لممارسات الماضي الذي ضحينا كثيراً لتغييرها.
سيهون الامر لو كنا امام مسألة تقصير او اولويات، كأن تعطى الاولوية للنظام ومن ثم للمواطنين.. بل المسألة تعارض مصالح.. فامن المسؤول ليس من امن المواطن، بل على حسابه.. ومصلحة المسؤول ليس من مصلحة المواطن، بل نقيضها، وهكذا. بكلمات اخرى ان يخدم المسؤول اولاً امن المواطن يعني امكانية خسارة أمنه.. وان يخدم المسؤول مصلحة المواطن يعني تهديد مصالحه ومنافعه. فالدولة الريعية بطبيعتها دولة احتكارية فوقية تقلب الادوار وتقطع الاواصر بين المسؤول والمواطن.. فيتحقق امن الدولة بحماية النظام الذي يديم الريوع.. وتتحقق مصالحه ومفاهيمه وسياساته بما يخدم تجديد الدورة التي بطبيعتها بعيدة عن المواطن. فالكل سيبدو طامعاً بحصة او شراكة تقضم شيئاً من صلاحيات ومصالح المسؤول.. فتحكم البلاد عبر غرف مغلقة لتصبح هي القرار الحقيقي.. فتفرغ محتويات الدستور والقوانين.. وتطوق قرارات المؤسسات المسؤولة وتحرف سياقاتها، بل ويستولى عليها ضمناً او صراحة. وتتطور بوعي او غفلة ممارسات استعلائية.. يتصور فيها المسؤول انه فوق المواطن والقانون والمصلحة العامة والدستور والمحاسبة.. وانه يمتلك تفويضاً لشخصه.. لا لسياساته وبرامجه والتزامات موقعه.. ومدى انصياعه للشعب وخدمته للمواطنين. فلابد من قلب المعادلة.. وانهاء واقع الدولة الريعية والانتقال لدولة المواطنة، أي دولة الجبايات والخدمة العامة.. حيث يعتمد المسؤول على المواطن وليس العكس. حينذاك ستتغير ليس الاولويات فقط، بل ستتغير ايضاً طبيعة العلاقات والنظام.. فنضع الهرم على قاعدته بدلاً من ان يكون مهتزاً متقلباً مهدداً بالسقوط واقفاً على قمته.


http://www.newsabah.com/wp/newspaper/27240
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة