كيف يستقبل المسيحيون المهجرون عيد الميلاد في مخيمات النزوح في عنكاوا .

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 20, 2015, 09:52:51 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  كيف يستقبل المسيحيون المهجرون عيد الميلاد في مخيمات النزوح في عنكاوا . 




برطلي . نت / خاص

عادت للتو السيدة نجاة ميخائيل التي تسكن احد مجمعات النازحين في عنكاوا من مشوار لها في سوق المدينة بعد ان قضت نهارا كاملا في تسوق ملابس العيد لاطفالها .
يبدأ الاطفال بالحوم حولها وحول ما أحضرته من بضاعة وهي تعطي لكل واحد منهم قطعة الملابس الخاصة به . لكن اصغرهم يبتعد جانبا وهو يبكي وقدماه العاريتان وقد اصبح لون اصابعها أحمرا قانيا لشدة البرودة ، معلنا عدم رضائه بما اختارته والدته .
تلتفت اليَ السيدة نجاة وتقول . كيف لي ان اقنع هذا الولد الصغير ان ليس بامكاني احضار ما يريد وقد قضيت ساعات وانا أقلّبُ في اكوام ملابس البالات ورائحة الرطوبة تنبعث منها ، ولا اعلم كم من جسد قد ارتدى هذه القطع . وكل ذلك كي أعثر على قطعة تناسبني سعرا لا أكثر .
اربيل مدينة جميلة تقول السيدة نجاة وفيها مراكز للتسوق كبيرة وهي قريبة منا ولكن ما الفائدة ، فكل هذه لا تعنينا شيئا لان ليس في نفسنا ما يشجعنا لزيارتها او التمتع بجمالها . نحن نستقبل العيد مضطرين ، نوحي لابنائنا اننا فرحين كي لا نحرمهم من الفرحة بالعيد هم ايضا .
آلمني منظر في السوق لاطفال يرافقون اهاليهم وهم يختارون ملابس العيد الجديدة ، هم بعمر أطفالي كنت اتمنى ان تكون هذه الملابس لأطفالي ولكن ما باليد حيلة .
أما السيدة وسن تقول نتابع من خلال التلفزيون كيف يستعد العالم لاستقبال العيد ، شوارع مزينة ، محلات مملوءة بالبضاعة المختلفة ومكتظة بالناس ، مستلزمات العيد المختلفة ، بابا نويل باحجام كبيرة ، اشجار الميلاد بالوان واحجام مختلفة ، ونحن وهي تشير الى شجرة الميلاد الموضوعة في زاوية الكرفان الذي تسكنه ، هذه هي شجرتنا والمغارة لا زالت فارغة تنتظر ان تحصل على بعض الاشياء لتزيينها .
وسن تقول لم نتسوق شيئا للعيد ، وضعنا لا يساعد على ذلك ، حتى مكاننا لا يشجع ، ظروفنا لا تسمح لنا بالتسوق لان رب الاسرة ليس له عمل ثابت ، وما يؤمنه من مال بالكاد يكفينا لمعيشتنا . لدينا ملابس السنة الماضية التي وزعت علينا سنستخدمها لهذه السنة ايضا .
وسن أم لخمسة أطفال أكبرهم في الخامس الابتدائي ، تقول لا أستطيع تأمين ملابس لجميعهم . الصغيرة في الروضة تبكي تريد ملابسا أسوة بزميلاتها في الروضة .
أما جارتها سميرة فتقول هذه هي السنة الثانية التي لم أحضّر كليجة العيد التقليد المتبع والضروري الذي كنا نمارسه في بلداتنا  وهو جزء من طقوس العيد . نستقبل العيد بما متوفر من حاجات امامنا . لم تشتري شيئا هي أيضا .
ظلام يسود كرفان السيدة سميرة لا يبدده غير نور شمعة وضعت على الطاولة ، فالكهرباء دائمة الانقطاع هنا ولا وسيلة للانارة غيرها بالرغم من اننا لا زلنا في وضح النهار . شجرة موضوعة على الطاولة نفسها قاعدتها حاوية مواد غذائية فارغة ، والطاولة هي امتداد لطاولة متعددة الاغراض ، هي طاولة المطبخ وهي طاولة وضعت عليها اباريق الشاي وهي التي يُهيء عليها الطعام أيضا وما الى ذلك  . اما الشجرة هي غصن شجرة من اشجار حديقة مجاورة القى به فلاحها جانبا احضرها ولدها ، زينتها قشور البيض احتفظت بها لهذه المناسبة .
تشتاق نفوسنا للعيد ولشجرة الميلاد ولكنائسنا تقول السيدة سميرة ولنا نفس المحبة للعيد ولكن هناك شيئا يحدد من فرحتنا .
اما نجاة تعود لتقول صحيح هذه التي نحن فيها هي ارضنا ايضا ، أرض العراق ولكننا بعيدين عن مدننا وبلداتنا وعن شوارعها والمغارة واصوات الطبول التي كانت تدق أيام العيد ابتهاجا بالمناسبة وعن اصوات نواقيس الكنائس . قلوبنا مجروحة ، صحيح ولادة المخلص هي فرحة كبيرة ولكن قلوبنا لا زالت مجروحة الذي حصل لنا لا يمكن ان ينسى .
نبكي على كنائسنا التي ليس فيها الان من يعلق فيها مصباحا أو نشرة ضوئية أو يزينها ، في مثل هذه الايام تكون مدننا كالعرائس التي تستقبل عريسها بأبهى صورة .
يذكر ان هذا هو عيد الميلاد الثاني الذي يستقبله المهجرون المسيحيون وهم بعيدين عن مدنهم وبلداتهم التي هُجِّروا منها ، من الموصل وسهل نينوى .








المادة خاصة بمنتديات برطلي دوت نت . عند نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة ، يرجى الإشارة الى
" منتديات برطلي دوت نت "