الدول العربية .. بين الأسلمة و المستقبل المجهول

بدء بواسطة يوسف تيلجي, يوليو 29, 2015, 07:16:02 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف تيلجي


                                          الدول العربية .. بين الأسلمة و المستقبل المجهول
(  الدول العربية كفتاة فقدت بكارتها ، مرة برضاها  ومرات أخرى بالأغتصاب ، ولكنها لا زالت تكابر بعذريتها /  .. كاتب المقال ) .

       الدول العربية تعيش مرحلة ، تعتبر من أصعب المراحل ، مرحلة هجينة بين السلطة و الدين ، وهذه المرحلة قد تتحدد  من خلالها  نموذج شكل الحكم الذي ستتبناه ، أو من الممكن أن تبقى تتخبط وأن لا يتحدد أي نموذج لأي حكم ، أو أن لا تبقى الدول نفسها ! دول تتأمرعلى شعوبها من ناحية وعلى بعضها البعض من ناحية ثانية ، دول وتظهر المودة فيما بينها في اللقاءات والقمم البروتوكولية ، دول في الوقت الحاضر / بعضا منها ، لا تستطيع الوصول الى السلطة ألا عن طريق الدين ، طبقا للمبدأ الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة "  ، لهذا فهي تعزف على هذا الوتر الذي تضلل به عيون شعبها التائه المستغفل عن حقيقة واقعه المزري سياسيا وأجتماعيا و أقتصاديا ... ،  دول ترغب في تشكيل أنظمة بمقاسات دينية ، هذه المرحلة نفسها مرت بها أوربا في القرون الوسطى / المظلمة ، عندما كانت الكنيسة هي المسيطرة على الدولة و الدين معا . الدول  العربية  حاليا ، لا تفقه ماذا تريد ، فبعضها نهج مبدأ الثورات / الربيع العربي ،  ووقع في مستنقعها ! و البعض الاخر يأمل أرجاع عهد الدعوى المحمدية  ، زمن  الخلافة الأسلامية ، ونسوا أن محمدا قد مات (  روى البخاري في صحيحه : كتاب المناقب - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا  "عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ ، - قَالَ : إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ ، قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ:  أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ..  / نقل بتصرف من موقع مكتبة المسجد النبوي الشريف ) ، أذن الحي الباقي الذي لم يمت هو الله ، والله ليس له دين ! فأسسوا أيها الحكام دولة المواطنة بعيدا عن الدين والعقيدة ، أرى أن الدول العربية تمر بحالة من الأسلمة الدينية ، والحكام العرب يعيشون وضعا شيزوفرونيا ، فمن جانب يدعون بأنهم خدما  للأسلام و الدين و الدعوة والعقيدة ، ويتمثلون بالرسول محمد ، ومن جانب أخر يعيشون حالة ترفية لم يسجل التأريخ مثيلا لها ، فالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز / خادم الحرمين الشريفين ، مثلا ، يخطط لقضاء أجازته في فرنسا في - نهاية تموز وبدابة أب  2015  (( اعلنت السلطات الفرنسية المحلية لوكالة فرانس برس الاحد ان شاطئا للعموم في جنوب فرنسا يقع بجوار فيلا تملكها الاسرة المالكة السعودية ، سيغلق خلال الاجازة الصيفية للملك سلمان التي تبدأ الاسبوع المقبل . وقال فيليب كاستانيه احد المسؤولين عن منطقة غراس لوكالة فرانس برس " فور ابلاغنا من الحرس الملكي السعودي بتاريخ وصول طائرة الملك سيمنع الشرطيون قبل 24 ساعة من اليوم المحدد اي شخص من التوجه الى الشاطىء طيلة فترة اجازة الملك " وذلك لاسباب أمنية . وعممت السلطات البحرية قرارا مماثلا يحظر الابحار حتى عمق 300 متر قبالة الفيلا التي تمتد على كيلومتر على الساحل في خليج جوان في منطقة فالوريس قرب مدينة كان . وقرار منع اي شخص من التوجه الى الشاطىء المعروف باسم ميراندول اثار سخط وغضب رواده . فقد باشر عمال منذ الاربعاء تثبيت باب حديدي عند النفق المؤدي من الفيلا الى الشاطىء الرملي . وبحسب الصحف الفرنسية سيرافق الملك سلمان -  79  عاما  "  الذي اعتلى عرش السعودية في كانون الثاني  يناير / 2015 ، اثر وفاة الملك عبدالله " ، اكثر من 400 شخص خلال اجازته / نقل بنصرف من موقع وكالة أوقات الشام الإخبارية )) ، أما الرسول محمد / الذي يتخذ منه الملك سلمان قدوة له ، فلم تذكر كتب السيرة النبوية أن كان يتمتع بأجازات ترفيهية ، خارج مكة و المدينة .. ، لأن حياته بأجملها كانت بين الوحي / جبريل  ، والدعوة و الغزو والسبي ، ومن الممكن أعتبار الوقت الذي يطوف به الرسول على زوجاته وسباياه هي بمثابة الأجازة ! .
الحكام العرب يقولون ولا يفعلون ، لذا الدول العربية / التي يحكموها ، في تراجع مستمر ، لأنهم لا يعيشون الحاضر الفعلي للزمن ، مثل باقي الأمم ، ويحظرني بهذا المقام قول الدكتورعلي الوردي)  1913- 13 تموز 1995 م ، وهو عالم اجتماع عراقي ، أستاذ ومؤرخ ،  وعرف باعتداله وموضوعيته وهو من رواد العلمانية في العراق  )  : " أن العرب أمة تعيش في الماضي ، ولا تحسن التعامل مع الزمن الذي تعيشه ، وهذا سبباً في تخلفها " .. 
       أيها الحكام تعاملوا مع الوضع العربي / المأزق ، ولو لمرة واحدة بوضوح وشفافية وصدق ، بعيدا عن المنطلقات الدينية والمذهبية والطائفية ، وتيقنوا أن الدعوة المحمدية أنتهت بموت الرسول ، وبدأ من بعدها عهد الحكم والسلطة ، وللنهوض بأنظمة الدول العربية يستلزم خلق حراك أنساني و أجتماعي وحضاري ، مع ثورة على الواقع الديني المتخلف ، وأرى أن يقود كل هذه الفعاليات رجال فكر متنورون وليس شيوخ دين يعيشون في حقبة البداوة وبعقلية جاهلية مغلقة ،  من أجل مستقبل أفضل لشعب مغيب !