الاقتصاد العراقي على حافة الانهيار

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, أكتوبر 22, 2014, 11:59:01 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

الاقتصاد العراقي على حافة الانهيار

اياد السامرائي

في ظل الازمة الامنية التي يعيشها العراق واعادة ترتيب الاوراق واستكمال بناء الحكومة تمهيدا لمباشرتها العمل ، تشهد اسعار النفط تراجعاً كبيراً تجاوز ما كانت عليه الاسعار عام ٢٠١٠ ، وقد يكون هناك مزيد تراجع مع ما تم الاعلان عنه من ان بعض دول اوبك غير مستعدة لتخفيض انتاجها .

والانخفاض في اسعار النفط ليست قضية اقتصادية بحتة ولكنها ترتبط باعتبارات سياسية وليس هذا موضوعنا ، ولكن الذي يهمنا الحديث فيه هو ما الذي يعنيه ذلك للعراق ؟

العراق يبيع نفطه بخصم يصل الى عشرة دولارات للبرميل عن السعر العالمي ، فلذلك عندما يصل خام برنت الى ما يقارب ٨٠ دولار للبرميل فمن غير الممكن ان يحدد سعر برميل النفط في الموازنة العراقية بتسعين دولار ولا بد ان يحدد السعر بما لا يتجاوز ٦٥ دولار للبرميل وهذا يعني في الحسابات المبسطة ان لا تتجاوز موازنة عام ٢٠١٥ ما كانت عليه موازنة عام ٢٠١٠ .

فإذا علمنا إن الموازنة التشغيلية قد ارتفعت تدريجيا خلال السنوات الخمسة الماضية فهذا يعني ان الموازنة الاستثمارية للدولة سوف تتعرض الى سياسة تقشفية ما لم يتم تأمين مصادر اخرى لتمويل الموازنة الاستثمارية وكان حديث رئيس الوزراء العبادي واضحا في هذا المجال .

نحن اليوم امام تحديات كبيرة ، فان كلفة مواجهة داعش واعداد الحرس الوطني وتدريبه وتجهيزه وتعويض الاسلحة الثقيلة والمعدات التي خسرها الجيش العراقي في مواجهاته مع داعش سيولد ضغطا ليس له مثيل على الموازنة .

كما إن الحكومة العراقية السابقة توسعت في الموازنة التشغيلية ، وكنا نلمس ذلك عاماً بعد عام دون اي مراعاة للمستقبل واحتمالات تراجع اسعار النفط معتقدة ان الزيادة في الانتاج سيعوض ما قد يكون من تراجع الاسعار .

حاولنا في الماضي التنبيه لذلك وايجاد ثبات او نمو بسيط في الموازنة التشغيلية لحساب التوسع في الموازنة الاستثمارية ولكن لم نجد اذاناً تسمع بل تحولت الموازنات الاستثمارية الى وسيلة لسرقة المال العام دون حسيب او رقيب واصبحت سرقات المسؤولين من المال العام حديث مجتمعنا وحديث كل من يتابع وضع العراق .

ربما يتحمل رئيس وزراء الحالي الدكتور العبادي نسبيا جانباً من هذه المسؤولية فقد  كان رئيساً للجنة المالية على مدى اربعة سنوات وقد  ساير طلبات الحكومة في التوسع في الانفاق والان على الدكتور العبادي ان يجد هو ووزير ماليته حلولاً لمشكلة اقتصاد مدمر ليس له من ايراد الا النفط بعد ان انهارت الصناعة وسقطت مناطق العراق الزراعية الخصبة و المهمة بيد داعش ،وتلك مناطق سلمت انتاجها من الحبوب لوزارة التجارة ولكن المزارعين لم يستلموا اثمان ما سوقوه لذلك وفي ظل الوضع الحالي سيصعب عليهم زراعة اراضيهم الا اذا وجدت داعش لهم حل ولو فعلت ذلك فستكون قد حلت مكان الدولة العراقية وتوثقت العلاقات المصلحية بينهم وبين داعش مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر على المستقبل .

الدولة لا زالت تدفع رواتب ضخمة لعشرات الاف المنتسبين الى القوات المسلحة رغم انها لم تستطع صد داعش بهم ، كما انها مستمرة في دفع رواتب اعداد ضخمة اخرى من الموظفين المهجرين رغم انهم فعليا توقفوا عن العمل وهي لا تستطيع الا ذلك ولا يمكن ان تتخلى عن مسؤوليتها وهذا يمثل اعباءً مادية على الموازنة دون مقابل خدمي او اقتصادي فمن اين ستأتي الدولة بكل هذه الاموال ؟

الواقع يقول ان نفط كركوك ونفط كردستان اصبحا خارج ادارة الحكومة المركزية وانه يجري تصديره بعيدا عنها ، ولذلك ستقف امام واضع الموازنة العراقية مشكلة كبيرة وهي : كيف سيضع التقديرات ووفق اي حساب وما مصير الانتاج الذي يخضع للسيطرة الكردية والذي يمكن ان يصل وبضمنه نفط كركوك الى مليون ونصف برميل يوميا ، وهذه مشكلة كان التعنت السابق سببا لعدم الوصول بها الى حل بل ادت الى مزيد من التعقيدات .

في تقديرنا ان اي حل مهما رأه البعض مجحفا افضل من عدم وجود حل وهذه نقطة خلاف بيني وبين عدد من وزراء الحكومة السابقة الذين كانوا يصرون على رؤيتهم الخاصة لمشكلتهم مع الاقليم ، ان نفط اقليم كردستان ينبغي ان يكون في حسابات الموازنة ويدخل فيها ليس المهم من يتولى ادارته او بيعه ولكن عائداته يجب ان تظهر في الموازنة .

موازنة عام ٢٠١٥ يجب ان تقل بمقدار ٣٠٪ من موازنة عام ٢٠١٤ فهل ستستطيع وزارة المالية معالجة الموضوع اذ لا بد من اجراءات تقشفية حادة فكيف ذلك وهناك مطالبات متعددة من اقليم كردستان ومن قطاعات متعددة في المجتمع ومن استحقاقات الوضع الامني .

لا استطيع أن أخفي قلقي الشديد على الوضع الاقتصادي الذي يسير نحو الانهيار الكبير في ظل تلك الحيثيات ، واذكّر في النهاية إن إحدى الدراسات الغربية الرصينة وقبل عام تقريبا تنبأت ان العراق سيتعرض للإفلاس عام ٢٠١٧ إذا لم تتغير سياسات الحكومة العراقية ، واعتقد إن وزراءنا المتخصصين  اطلعوا على هذا التقرير الذي نظر إليه البعض باستهزاء ولكن علينا أن ننظر إليه  اليوم  بجدية اكبر .


والسؤال المهم هنا : كيف نوقف انهيار الاقتصاد العراقي ؟ وذلك محور حديثنا في القسم الثاني من هذا المقال .

http://www.faceiraq.com/inews.php?id=3162334
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير