مشــــــــاكسة.. جلسـت ... والخـوف بعينيهــا/مال اللــه فــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 20, 2016, 09:31:41 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشــــــــاكسة.. جلسـت ... والخـوف بعينيهــا     
   


برطلي . نت / بريد الموقع
  مال اللــه فــرج
 
Malalah_faraj@yahoo.com



ما تزال سفينة البلاد ضائعة بالعباد، تسير في الاتجاه المعاكس، تعاند وتشاكس، وهي تشق طريقها بإرادة ربانها، بقوة وجرأة وثقة واعتداد، بالرغم من قوة الريح المعاكسة وعنف الامواج العاتية المشاكسة، وسرعة تدفق المياه بالاتجاه المعاكس، سائرة برغم الاخطار والخطوب بالمقلوب، مثل قارئة الفنجان الخائبة الناحبة تماما التي (جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب) ومن شدة خوفها ورعبها وارتباكها، قرأته ايضا (بالمقلوب)، وبدل ان  تعدني (الحب عليك هو المكتوب) قالت لي مترددة متلعثمة (الرعب عليك هو المكتوب) بعد ان عرفت بإنني من العراق، مركز المفخخات والاحتراق، فقد سار حكامنا على نهجها، ووعدونا بالأمن والرفاهية ولم يحققوا لنا إلا الخراب والانهيارات الامنية، ووعدونا بالوحدة الوطنية، فتفجرت على أيديهم المواجهات الطائفية، ووعدونا بحياة ناعمة كالحرير، واذا باربعة ملايين عراقي يمسون ضحايا لأسوأ جرائم التهجير، ووعدونا بالسيادة وبالاستقلالية الوطنية، واذا بنا نتحول أتباعا وساحات خلفية للستراتيجيات والمصالح الدولية، وبدل ان يلجأ سياسيونا وبرلمانيونا وحكامنا إزاء المشكلات والمعضلات إلى الحوار، فإذا ببعضهم يطيرون فجأة هربا من أي معضلة الى دول الجوار، وكأنهم في السياسة ما زالوا اطفالا صغاراً بحاجة (إلى النصائح واملاءات) الكبار، وبعد ان كنا نتوقع ان يطل بعد الليل نهار اذا بنا أسرى ظلام دامس من التحديات والفواجع والانفجارات والحرائق والعوائق، ولهيب نار ليس له قرار، وبعد ان كانت ميزانياتنا بمئات المليارات من الدولارات، امسينا مدينين بعشرات المليارات في الوقت نفسه الذي يتمتع فيه بعض سياسيينا وبرلمانيينا وحكامنا ومسؤولينا بعشرات المليارات والعقارات والشركات، ويتسولون باسمنا ملايين الدولارات حتى أمسينا محل شفقة وسخرية وتندر الدول والمنظات، وبعد أن وعدنا مختلف المسؤولين إزاء الازمة المالية التي كانت نتاج (عبقرية) البعض الاقتصادية بأن رواتب الموظفين والمتقاعدين خطوط حمرا، اذا بحكومة الاصلاحات بدل ان تحاسب المسؤولين الفاسدين وسارقي المليارات وتستعيد منهم ثروات المواطنين تسحق بخططها التقشفية كل الخطوط الحمر والصفر والخضر والرمادية وتمد استقطاعاتها المالية إلى أرغفة الخبز اليومية لطبقة المسحوقين من الموظفين والمتقاعدين.
في خضم هذه (الاصلاحات) المجيدة و(الانجازات) الفريدة والملاحم العتيدة والاجراءات الوطنية (السديدة) والرفاهية الرغيدة، (بشرنا) صندوق النقد الدولي (بانجازات واصلاحات ومكاسب وانتصارات ورفاهية) جديدة، ربما لم نحلم بها منذ عقود عديدة، تستهدف زيادة رشاقتنا وجاذبيتنا من خلال شد الاحزمة مجددا على البطون لإظهار جمالنا المكنون، حيث نشر هذا الصندوق الصدوق مذكرة مجيدة صادرة عن حكومتنا الرشيدة تعهدت من خلالها بـ(تطبيق سياسة تجميد التعيين في معظم القطاعات وإصلاح المعاشات (الرواتب) وفرض رسوم على الكهرباء من أجل زيادة الإيرادات)، فيا سلام على روعة الكلام وعلى مبدئية الالتزام بوعود الخطوط الحمر امام الرأي العام.
وأضافت المذكرة (القبيحة) وهي تنثر هنا وهناك أوراق الفضيحة، ان الحكومة أشارت، الى أن (العراق سيقوم بخفض الإنفاق غير النفطي في موازنة 2016 بنسبة 15 بالمئة وسيستدين بمليارات الدولارات في ظل هبوط أسعار النفط أكثر من المتوقع(.
يجيء هذا التسول الدولي المهين للعراقيين في وقت سبق وأن أكدت فيه صحيفة (واشنطن بوست الامريكية) مطلع العام الحالي في مقال لها ان (ارصدة المسؤولين العراقيين في البنوك العالمية تقدر ب 220 مليار دولار)، وهذا المبلغ الذي ربما تضاعف الآن بفضل ضوابط النزاهة والرقابة العاليين، يكفي لموازنة' العراق لمدة' ثلاث سنوات بدون ان نضطر إلى بيع برميل نفط واحد، أو نتسول دولارا واحد، وبدون أن نتجاوز حاجز الخطوط الحمر الذي أقامه مسؤولونا الأفاضل حول رواتب الموظفين والمتقاعدين ثم سارعوا هم انفسهم إلى هدمه وتجاوزه مثلما أطاح الالمان بجدار برلين.
وكانت صحيفة (الغارديان) البريطانية قد نقلت بدورها في شباط الماضي عبر مراسلها في بغداد (مارتن شولوف) تصريحات صاعقة لمسؤول رفيع في إدارة مكافحة الفساد بالبلاد، اكد فيها ان (الجميع فاسدون من قمة الهرم إلى قاعدته، نعم جميعهم بمن فيهم أنا)، و(لا يوجد حل)، مدعيا، (أنا، على الأقل أمين وصادق، لقد عرض عليّ أحدهم خمسة ملايين دولار لوقف التحقيق معه، أخذت المبلغ وظللنا مستمرين في مقاضاته)، مشددا، (صدقني إن قلت لك إن أغلب الأسماء الكبيرة في البلاد مسؤولة عن سرقة كل ثروة العراق تقريبا، أشخاص في قمة هرم السلطة، سيقتلونني إذا لاحقتهم، الناس هنا عندما يسرقون يسرقون علنا، إنهم يفتخرون بذلك، هنا يوجد فيروس، مثل أيبولا، إنه الفساد، لا أمل، آسف لقول ذلك).
في حين إدعى أحد كبار رجال القبائل إنهم في البرلمان ظلوا طوال الـ12 عاما الماضية يفتحون الميزانية ولا يغلقونها أبدا، ولا توجد حسابات ولا تدقيق، وأوضح مسؤول رفيع آخر أن هناك كيانات منظمة للفساد تدير البلاد، بغض النظر عن المليشيات، مؤكدا (أقول لك بصراحة، لا توجد سلطة في العراق قادرة على اتخاذ أي خطة ضد الفساد)، في حين شدد مسؤول مالي رفيع قائلا (مشكلتنا الأكبر هي الجنود الوهميون؛ فهناك ما بين خمسمئة وستمئة مليون دولار تُدفع مرتبات شهرية لجنود لا وجود لهم)، تزامن ذلك مع اعتراف مسؤول عسكري رفيع مقدرا فيه عدد الجنود الوهميين بثلاثمائة ألف جندي.
في خضم ذلك ما تزال تترى الوعود بالاصلاحات دون ان تتقدم من الافعال الميدانية سنتيمترات وهي تصطدم بشراسة الفاسدين والسارقين الذين ما زالوا يتمتعون بالمليارات، ولا يملك المواطنون إزاء ما يعانون من أطنان الوعود المعلقة في الهواء إلا ان يرددوا اُغنية الفنان فؤاد سالم رحمه الله (حجيك مطر صيف.. ما بلل اليمشون حجيك مطر صيف)  ، آملين ان يرعد رئيس الحكومة يوما بقوة ويجعل اصلاحاته تمطر افعالا حقيقية مجسدا الوعود ويضع أيدي الفاسدين وسراق المال العام في القيود.