المهجرون المسيحيون في تركيا .. صراع نفسي مع الزمن وانتظارٌ لا تُعرف نهايته

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 09, 2016, 08:25:07 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

المهجرون المسيحيون في تركيا .. صراع نفسي مع الزمن وانتظارٌ لا تُعرف نهايته       




برطلي . نت / خاص
صراع نفسي مع الزمن . هذا الذي يعيشه المهجرون المسيحيون في تركيا ، وهو ابسط ما يمكن ان توصف به حياتهم طيلة فترة انتظارهم في هذا البلد الذي يعتبر محطة انتظار حتى يتم ترحيلهم الى بلدان اخرى في اوربا ، كندا ، امريكا أو استراليا .

ينتشرون على مساحة تركيا
" قرطللوش " احدى المناطق التي يمكن ان توصف بالشعبية في مدينة استنبول التركية ، تشهد تواجدا مكثفا للعوائل المسيحية المهجرة من العراق وبالتحديد من سهل نينوى والموصل . ويأتي اختيارهم للسكن فيها لامور ثلاثة . الاول لتمركز الكنائس في هذه المنطقة وهو الشيء الذي يبحث عنه المسيحيون دائما . والثاني الايجارات الرخيصة او المقبولة والتي تناسب اوضاعهم المعيشية . أما الثالث وقوعها على مقربة من مناطق المدينة المهمة وخصوصا التجارية منها مما يؤمن فرص عمل للشباب منهم .
ليست استنبول فقط من تحتضن المهجرين من العوائل المسيحية بل هناك العشرات من المدن الاخرى التي ترد اسمائها في احاديثهم مثل اكسراي ، توكات ، نيدا ، اسكيشهير ، يلوا ، سامسون ، جرم ، أماسيا وغيرها . تبعد بعضها عن استنبول بمئات الكيلومترات . لا يأتي اختيارهم للسكن فيها برغبة منهم وانما ضمن برنامج تتخذه السلطات التركية بالتعاون مع الـ (يو إن) للتخفيف من الزخم على المدن الرئيسية .
أغلب هذه العوائل مضى على تواجدها في تركيا سنتين وأكثر ومعظمهم شد رحاله اليها مباشرة بعد التهجير القسري الذي وقع لهم واحتلال مناطقهم في سهل نينوى والموصل من قبل تنظيم الدولة الاسلامية .

الكنيسة مكان اللقاء
الكنيسة هي المكان المفضل لالتقاء هذه العوائل وتبادل الاخبار والاحاديث وخصوصا في ايام الاحاد والمناسبات بالاضافة الى بعض التجمعات التي يمكن ان تحدث في المقاهي او الاماكن العامة ولكنها تكون محدودة وتبقى الكنيسة هي انسب مكان للجيمع لتفقد الاحوال وللاطمئنان بعضهم على البعض والوقوف على اخبار الوطن واخر مستجدات الهجرة والمراحل التي وصل اليها كل منهم في مشواره الطويل ، ومفردات الفسفورة والتوطين والمقابلة الاولى والثانية والفايل نمبر هي ألاكثر تداولا في احاديثهم اليومية .

غير مخيرين في اختيار بلد الهجرة
فترة الانتظار الطويلة جعلت من الجميع ان يكون غير مخير في اختيار البلد الذي يرغب بالهجرة اليه .
" ريان ابلحد " شاب رب عائلة صغيرة مكونة من ثلاثة اشخاص ، حضر الى هنا وكان ابنه في الاشهر الاولى من عمره ، لقد كبُر مع مأساة الانتظار . سنتان ونصف وهو يعيش الحلم ، حلم العيش في أمان الذي كان سببا في هجرته . مصيره متوقف على مكالمة هاتفية ترده من مكتب الهجرة في الـ (يون إن) .
هو كل ما ننتظره يقول "ريان" ليس المهم الى اي بلد سيرحلونني ، المهم ان اضع الخطوة الاولى نحو الاستقرار ، لقد سئمنا الانتظار .
يندب "ريان" حظه لانه لم يتخذ طريق الهجرة الغير الشرعية عن طريق البحر يوم فُتحت على مصراعيها وهاجر خلالها آلاف من البشر من بينهم اصدقاء له . ويضيف ركوب المخاطر والمجازفة افضل من الانتظار الطويل الذي لا نعرف متى هي نهايته . ونحن ننتظر خيارنا بغير ارادتنا .





"ابو كرم" الموظف الذي خدم الدولة اكثر من 35 سنة ليصفى بدون راتب بعد احالته على التقاعد لبلوغه السن القانوني ولم يتمكن من انجاز معاملته التقاعدية التي يُشترط فيها احضار اضبارته من دائرته في الموصل المسيطر عليها من قبل داعش . يتحدث ابو كرم بعصبية منتقدا الانظمة والقوانين التي اوصلته الى هذا الوضع .
لا تقف مشكلة ابو كرم عند راتبه فقط بل أن ابناؤه قد استقروا جميعا في السويد التي لا تدخل في خيارات الـ (يو إن) في الهجرة مما جعله يقع في حيرة من امره .
وفوق كل هذا وذاك يقول "ابو كرم" يأتيك الخبر بترحيلك الى مدينة اخرى بعد سنتين قضيتها في استنبول التي تبعد عنها هذه المدينة بمسافة ثمان ساعات ويتطلب منك الحضور الاسبوعي لتأكيد تواجدك لدى دوائر الامن فيها . شهران قضاها "ابو كرم" في التنقل بين المدينتين حتى تدخلت الكنيسة في الوقت المناسب واعادت جميع العوائل المرحلة الى استنبول ثانية .
جميع الذين التقيناهم لم يُحدد لهم بلد الهجرة او ما يسمى بـاعادة التوطين على الرغم من مرور سنتين على تواجدهم في تركيا ، بل ان عددا منهم لم يأخذ حتى صفة لاجيء . كل شيء مرتبط بملفاتهم في مكتب الـ (يو إن) والقصص التي رووها عن اسباب هجرتهم . الوحيد المحظوظ هنا بحسب قولهم هو السيد "داود سليمان" الذي أُعطِي خيار الهجرة الى امريكا ، وهذه لم تكن مفاجئة وانما لظرف خاص يعيشه السيد داود وهي حالة ابنتيه المرضية .

يعانون من قلة الاهتمام
يعاني المهجرون المسيحيون في استانبول من قلة الاهتمام بهم رغم اوضاعهم الصعبة ، فالمساعدات الانسانية تكاد لا تذكر ومصدرها الوحيد عن طريق الكنائس ، بعضهم موظفون قُطعت رواتبهم . اما الـ (يو إن) فعملها متوقف عند المقابلات فقط . حتى المنظمات التي تعني بالهجرة لم تصل اليهم .
بعد قضاء سنتين من الانتظار امام دوائر الهجرة في تركيا وقطع الامل في العودة الى ديارهم في مدنهم وقراهم خصوصا وخبر التحرير اصبح في مد وجزر ، لم يعد لهذه العوائل اي شوق الى العودة ، حتى قال احدهم في صمت ان الحديث في هذا الموضوع لم يعد ضمن دائرة اهتماماتهم .
 




















   





المادة خاصة بمنتديات برطلي دوت نت . عند نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة ، يرجى الإشارة الى
" منتديات برطلي دوت نت "