المسيحيّون والغربة الثانية: إنه «عقد الذمّة»؟! هل انتهى عصر وجودهم في بلد المسيح

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يوليو 20, 2014, 06:28:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

المسيحيّون والغربة الثانية: إنه «عقد الذمّة»؟! هل انتهى عصر وجودهم في بلد المسيح؟!


عيسى بو عيسى -

هي المرة الاولى في تاريخ المسيحيين في الشرق التي تفرغ منطقة توازي مساحتها اكثر من عشر مرات مساحة لبنان من سكانها المسيحيين وتحت الضغط والإكراه والخيار ما بين حد السيف او الجزية. هذا ما حصل في نينوى والموصل في العراق والرقة وريف دير الزور في سوريا. تمت العملية في النهار وبشكل مباشر وبواسطة اعلام الدولة الاسلامية ولم يتحرك احد لمجرد الاستفسار او الاغاثة لشعب عاش الاف السنين في تلك البلاد وبات صاحب الارض الاصلية، وبالرغم من كافة المآسي والصعاب لم يترك ارضه الى حين دخول القوات الاميركية العراق بهدف ترتيب مصالحها وتنفيذ اجندتها من دون ان تسأل او مجرد الاستفهام عن اهل الكلدان والاشوريين والسريان الذين كانوا امبراطوريات لمدى قرون من الزمن وقبل اكتشاف القارة الاميركية بحد ذاتها.

نفذت يوم امس السبت داعش تهديدها بترحيل المسيحيين من الموصل وفق خيارين: اما اعتناق الاسلام او دفع الجزية والا حد السيف، وهذه الخيارات الثلاثة التي وضعتها «دولة الخلافة» شكلت نقلة تاريخية في تاريخ هذه الشعوب المسيحية على فرضية التشابه الحاصل ضمن هذه الخيارات والتي تؤدي من كل جوانبها الى الترحيل النهائي الذي يعني القتل بطرق متعددة، وتقول اوساط كنسية متابعة في لبنان ان ما يحصل في العراق وسوريا امر يلحق العار والخزي بالمجتمع الدولي ككل كما ان الدول العربية والاسلامية تتحمل جزءا من المسؤولية تجاه مصير المسيحيين بحيث تم تجاهل مصير شركائهم في الاوطان على مدى مئات السنين، وتعتبر هذه الاوساط ان الحديث عن مستقبل للمسيحيين في هذا الشرق بات مجرد كلام لا افق له ولا مستقبل واصبحت وجهة هؤلاء نحو الغرب للعمل اجراء في الشوارع بحيث لا يملكون لا ارضاً ولا هوية ولا انتماء ولكن السؤال الاهم الذي تطرحه هذه الاوساط هو الآتي : هل انتهى عصر وجود المسيحيين في بلد المسيح؟

تجيب الاوساط انه ما من شك في ان الاخطار الكبيرة التي تحدث عنها اكثر من مصدر ودولة باتت محققة على الارض وتعزو ذلك الى جملة اسباب جوهرية معززة بالارقام والشواهد وفق الآتي :
اولا: ان بلاد الشام التي كانت تضم سوريا والعراق وفلسطين ولبنان كان المسيحيون يشكلون فيها الجزء الاكبر من حيث التعداد وخصوصاً في لبنان اذ كان عدد المسيحيين في مطلع القرن التاسع عشر حوالى سبعين بالمائة ويتوزع القسم الباقي على الطوائف المحمدية جميعا وبقي هذا الرقم محافظا على تفوقه الى ما بعد الاستقلال تقريبا وبعد ذلك بدأ العد التنازلي لأعداد المسيحيين بفعل تحولات سياسية وديموغرافية وحتى عسكرية وصولاً الى ما هو قائم اليوم بحيث انقلبت الارقام تماما وبات المسلمون يشكلون سبعين بالمائة والمسيحيون ثلاثين بالمائة.

ثانيا: ان الكرسي الرئاسي الذي اعطي للمسيحيين وتحديدا للموارنة احكم العداء بينهم بفعل التنافس الحاد على هذا المنصب، وتبدو الصورة لهذه الاوساط الحالية غير متناقضة عما مضى في ما خص الخلافات المسيحية - المسيحية وخصوصا وكأن التاريخ يعيد نفسه، وتتحدث عن لبنان لكونه يضم اكبر عدد من المسيحيين في الشرق والرئيس المسيحي الاوحد في هذا الشرق العربي - الاسلامي لتقول ان العودة الى الوراء غير ممكنة لا في آلية الحكم من قبل رئيس ماروني يتمتع بكامل الصلاحيات ولا من حيث العدد، اما من يتحدث عن «النوعية» فان الامر قد تخطاها بفعل تقدم المسلمين في كل مجالات التعليم والطب والسياحة والمصارف.

ثالثاً: رغم الصراخ والعويل من قبل عدة هيئات بضرورة اخذ العبرة مما جرى لمسيحيي العراق منذ العام 2003 فان مسيحيي لبنان آثروا ركوب الموجة نفسها المؤدية الى قعر الهلاك وراحوا يتمتعون بمآثر الرهان على المذاهب الاسلامية في محاولة اما لتحقيق مناصب او لغايات الاستئثار بالسلطة، ولكن نسأل هذه الاوساط: على من سيحكم الرئيس المسيحي اذا ما تم انتخابه؟ وهل سيبقى من شعبه وملّته من يخبر؟ وما هي السلطات التي يملكها للعمل على بقاء هذا المجتمع المسيحي المتجذر ومنعه من الهجرة؟ ومن يضمن من الجهات الدولية او الاقليمية بقاء المسيحيين في هذا البلد؟ ومن هي الدولة او الجهة المتطوعة للقيام بهكذا عملية اقل ما يقال فيها انها انسانية، مع انشغال المسلمين بحربهم الطويلة ؟

رابعاً: ان خريطة المنطقة في الشرق اجمع كثيرون على انها آيلة للتغيير وان حدود الدول لن تبقى كما هي منذ العام 1920، وكيف سيتصرف المسيحيون ازاء هذه التحولات المصيرية، اذا لم يأخذهم احد في الحسبان خصوصاً انهم مشرذمون ومنقسمون بعضهم على بعض سياسياً بشكل عنيف بالرغم من اقتراب اللهيب تحت اقدامهم، تماما كما فعل اسلافهم في القسطنطينية حين اختلفوا على جنس الملائكة الى حين تم دك اسوارهم وقتلهم وتهجيرهم.

خامساً: للذين فاتهم مشهد ترحيل المسيحيين من نينوى والموصل بشكل نهائي فان بطريرك الكلدان في العالم والعراق لويس ساكو قد اعلن «ان المسيحيين قد غاروا الموصل لاول مرة في التاريخ وتركوا كنائسهم التي يزيد عمرها عن 1500 سنة»، لا يمكن لهذا الكلام تقول الاوساط الا ان يكون دقيقاً وشفافاًَ خصوصاًَ ان الكرسي الرسولي في الفاتيكان اصبح على علم ودراية بما حصل ويحصل والبطاركة كافة في الشرق اصبحوا في صورة ما يجري، ولكن ما هي الاجراءات التي يمكن اعتمادها مع الدول الاقليمية والغربية للحد من تهجير المسيحيين الذي لا حدود له عند الموصل فقط، انما ما هو المانع من ترحيل المسيحيين في لبنان، وهل على رأسهم خيمة، وهل من يدافع عنهم بعد ان تعبوا واستنزفوا من حروبهم بعضهم مع بعض؟

الجواب عند الاوساط نفسها التي ترى في الافق غيوما سوداء قاتمة لمستقبل المسيحيين وان كل ما يحكى عن ضمانات يتم تقديمها فانها قد استعملت في العراق وسوريا وفلسطين وكانت النتيجة هذا الخطر الكبير المحدق بمستقبلهم وتراثهم وكنائسهم واجيالهم وحتى في كنيسة مخلصهم والمهد الذي ولد فيه، ولكن هل من خلاص للحفاظ على البقية؟

تجيب الاوساط ان مقولة «رح منكفي باللي بقيوا» اصبحت من الماضي لان الواقع يخبر عن حساب عسير ينتظر المسيحيين ولديهم من النجاة فرصة وحيدة: الوحدة للبقاء.


http://www.tayyar.org/Tayyar/News/PoliticalNews/ar-LB/christians-terrorist-JA-130503019149018113.htm
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة