تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

السكوت ليس من الذهب

بدء بواسطة متي اسو, أبريل 07, 2016, 08:36:31 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو

السكوت ليس من الذهب



متي أسو



" إذا كان الكلام من الفضة ، فالسكوت من الذهب "
هذا ما كان يردده على مسامعنا ابائنا ... لا استطيع ان أُدين هذا القول ، ربما جاء هذا المثل ردّا على اولئك الذين لا يجيدون غير الثرثرة الفارغة طوال الوقت ... لكن يبدو ان المثل قد أُستخدم لتبرير السكوت على الظلم والاضطهادات السياسية والعنصرية... فكان السكوت كارثة .
فريدرك غوستاف إميل مارتن نيمولر (بالألمانية: Emil Gustav Friedrich Martin Niemöller) لاهوتي ألماني (14 يناير 1892 - 6 مارس 1984) كان معروفاً بمعاداته للنازية وقسّا لكنيسة لوثرية اشتهر بقصيدته  " أولاً جاءوا".
كان وطنيا محافظاً، و "مؤيدا في البداية لأدولف هتلر" ، لكنه بعد ذلك أسس " كنيسة الاعتراف " التي عارضت إعطاء المسحة النازية للكنائس البروستانتية في ألمانيا، كما عارض سيطرة الدولة على الكنيسة وسجن لأجل ذلك في معسكرات الاعتقال من1937 إلى 1945 ونجا من الإعدام بصعوبة، بعد فترة سجنه أبدى أسفه لأنه لم يفعل مايكفي لأجل ضحايا النازية وبدأ في الخمسينيات الميلادية مشواره كداعية سلام بعد زيارته للاتحاد السوفيتي وأصبح ناشطا معاديا  للحروب ، كما نادى بنزع السلاح النووي.
يقول في قصيدته المشهورة " أولا جاءوا " .. ويقصد ما فعله النظام النازي بالشعب الألماني ، فقال "
" أولا جاءوا وراء الشيوعيين ، سكتُّ ولم ابالي ، لأني لم اكن شيوعيا
ثم جاوءوا وراء الاشتراكيين ، سكتّ ولم ابالي ، لأني لم اكن اشتراكيا
ثم جاءوا وراء أعضاء النقابات ، سكتّ ولم ابالي ، لأني لم اكن نقابيا
بعدها جاءوا وراء اليهود ، سكتّ ولم ابالي ،  لأني لم أكن يهوديا
ثم جاءوا يطلبونني ، ولم يكن قد بقي احد هناك ليدافع عني "
عندما نسكت عن الظلم الذي يقع على غيرنا ، نكون قد مهّدنا الطريق للطغاة ليستعجلون دورنا ...
أتذكر عندما كان يقع احد في مصيدة النظام ( وما اكثرهم ) نسمع ، حتى من اقربائه ، من يقول : " الخطأ خطأه ، وهذا مصير من لا يضبط لسانه " !!!
في رواية " ليلة لشبونة " ، كان بطل الرواية شابّا المانيا يقاوم النازية ويعيش حالة حب كبيرة مع زوجته الطبيبة ، إضطر للهرب من المانيا بعد ان اعلمته زوجته بأن الغستابو بصدد اعتقاله ( علمت عن طريق اخوانها الذين كانوا يعملون في جهاز الغستابو النازي ) . كان من الصعب على الزوجين ان يفترقا طويلا ، فقررا ان يعود سرا بأوراق مزوّرة ... يقول صاحبنا : " بعد مخاطر جمة والخوف من ان يكتشف امري ، دخلتُ برلين ولم تعد هناك إلا مسافة قصيرة كي اصل زوجتي . وهنا حدث امامي فجأة مشهد رهيب ، رأيتُ ثلاثة رجال من الغستابو بلباسهم " الزيتوني " يسحبون رجلا مسنّا مضرّجا بدمائه ، كانوا يضربونه وهم يسدّدون نظرات حاقدة تهديدية الى المارة الذين كانوا يهربون من المشهد خوفا ، نظر اليّ الرجل المضرّج بدمه مُستنجدا ، في الحال ، وبلا وعي تحسّستُ المسدس في جيبي ، ولكني ، وفي لحظة ، طردتُّ الفكرة من رأسي ... اني لا استطيع مساعدته ، فاني هارب منهم والآن داخل بأوراق مزوّرة ، زوجتي تنتظرني ... ليس وقتها ، فإن - امني الشخصي - أفضل ... بعد وقت طويل عرفتُ .. ان تشبّثنا الكبير بـ – امننا الشخصي – يجعلنا نفقد أمننا " .
اني على ثقة من ان الكثير أصبحوا الآن غير راضين عن الفساد وعن الطائفية الحقيرة ، لكنهم يفضّلون السكوت ... ليس وقتها... وهكذا يفقدون امنهم  .