الآرامية.. لغة الوحي الأول وكاشفة الآيات!(1- 9)

بدء بواسطة توما السرياني, سبتمبر 14, 2017, 06:14:27 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

توما السرياني

نشر الكاتب المصري علي عويس مقالا قبل سنوات كنت قد  حفظته على مكتبتي الانترنيتية والتي تضم الاف ان لم يكن عشرات الالاف من المقالات والكتب والمصادر الارامية السريانية
سواء التي كتبت بالسريانية او العربية او الانكليزية او غيرها من اللغات
ونظرا لاهمية هذه المقالات والكتب ساقوم بنشرها تباعا لكي يطلع عليها الاخوة المهتمين بالتراث السرياني الارامي العريق
ما يؤسف عليه هو ان الغرباء يتغنون بلغتنا السريانية الارامية في حين ان من كانوا سريان سابقا اصبحوا يزورون لغتنا وتراثنا التاريخي واللغوي
اترككم اخوتي مع هذا المقال 




علي عويس

نحن الآن أمام مشهد يبحث عن اتحاد الجذور التي تنطلق من أعماقها المعاني... قديما قال لي أحد المهتزين على درب الاعتقادات الدينية كيف لله أن يخاطب أمه واحده بلسانها وهو يعرف لغات العالم كلها...؟

وكيف لله أن يختزل دينه في خط لغوي واحد دون سواه... فكيف بعد ذلك عند غيرها من الأمم تستقيم المعاني..؟


بل أوغل بعضهم فقال مشككا.... تحدث الوحي الأخير عن اليهود والنصارى ولم يتحدث مثلا عن بوذا ولا عن ديانات زراديشت والصين وهم أكثر من ثلث سكان العالم...!!

  فالسائل مصمم أن يهدر قيمه التمثيل بالنماذج دون حاجة الله للجوء إلى الحصر...!

يعكف علماء اللغات واللسانيات والأجناس على تتبع النشأة الإنسانية الأولى ويبذلون في سبيل ذلك جهدا هائلا لعدم كفاية المصادر واعتمادهم الأساسي على الآثار المندثرة في بطن الأرض سواء كانت رقائق أو نقوش أو مخطوطات قديمة أو بحوث جيولوجية أو فيزيائية مساعده لبعض الأحفوريات التي تعيش متدثرة بعمق هذا الماضي البعيد...

بل يذهب البعض في شكه إلى تمرير منظومة من الدعاوي تميل إلى جعل الوحي الأخير مجرد أكذوبة قامت على جمع مجموعة من الأساطير معتمدا في ذلك على نظائر للقيم وما يشبه السطور القيمة من الحكم في تراث الهند القديم أو حكماء الصين أو وُجد منثورا في ألواح أثريه بالعراق أو الشام... دون أن يرى ذلك معضدا لا ناقضا.. كون الأصل الأول لكلمه الله مصدره واحد وفي الأرض قد انتشر..!

قبل فترة انتشرت مجموعة من اليوتيوبات تعود إلى شاب عربي من منطقة الحجاز في الجزيرة العربية وقد ظهر انتماءه الجغرافي من لهجته الحجازية وهو يقدم بحثا لغويا في غاية الدقة والأهمية...

قبل أن نخوض في بعض استنتاجات لؤي الشريف مع اعتباري لهذه المجموعة من المقالات كدعاية له ولجهده كي يقبل على الإنصات له جمهور عربي سرقته الخرافات القديمة وعبأته السلفية في زجاجات لبيعه في أسواق جهالتها العتيقة عندما وقفت في وجه التواصل الثقافي بين الأمم بل التواصل الذاتي في عروق اللغة والتاريخ الواحد بالربط المنطقي المستقيم بين أصوله الثرية وفروعه الغنية..!

وعندها أهملنا النظر إلى سطور الوحي الأخير من خلال فهم عميق لمعاني الكلمات في صلب اللغة السامية الأولى الأم التي انحدرت منها بعد ذلك كل اللغات السامية التي لازالت إلى اليوم يتحدث بها بعض البشر كالعربية والعبرية والسريالية والمندائيه وغيرها ...!!

وكلها إن أردت وصفا دقيقا لحالها ليست إلا لهجات تبتعد أو تقترب من اللغة الآرامية الأولى التي تحدث بها الأنبياء حين تورد بعض المصادر التاريخية أنها لغة تمتد من آدم إلى إبراهيم عليه السلام..!!

وعندما يصبح المشهد هكذا نسمع من خلالها الهمس الإلهي إلى رجال الله في الأرض قد هوى.. ويصبح لهذه اللغة حق علينا في رؤية الكثير من آيات الله وكلماته من خلالها من خلال العودة بالفروع إلى الأصول ومن الكلمات الطارئة إلى الينابيع الغارقة بالفيض الأصلي للمعنى التي زحفت منه اللهجة الجديدة ومع تراكم الزمن واختلاف الأمم قد استقلت إلى لغة عظيمه قدمها القرآن للعالم غير مفصولة عن أمومتها الأولى... هذا توطئة لابد منها..!!

لنؤكد من خلالها أنه مهما علت فروع الشجرة واختلف منظرها وتكثفت أوراقها وابتعد عن الجزور ثمرها يقينا فإن في داخل الثمرة البعيدة لخطا ناعما يحفظ للجذر قيمه..!!

وهو ما نحن بصدده اليوم وندلل عليه  من خلال هذه المقالات التي ستنتهي إلى تنسيق الفكر  بإرجاعه لجذر واحد مهما اختلفت النتائج التي نراها اليوم نتيجة لعمل التراكميات عبر الزمن ونتيجة لزحف الشعوب واختلاط الأمم وتشابك اللهجات وما اخترعه المخزون البشري الهائل وأضافه للرحلة الإنسانية في الحياة والتي بدأت بسيطة واحده مؤمنه متناسقة متواصلة بشكل بدائي مع الإنسان الأول.!

الذي لا محالة قد تواصل بلغه واحده وآمن بقيم فطريه وإلهية مساعده واحده أيضا...  ثم زاد العدد وافترقت الركب وتوالد الأبعدون... وانتقل منهم ركبا جديدا... اختلط حينها الإنسان بالحيوان  بغيره من الموجودات الطبيعية مع ظواهر الرعد وأصوات الرياح ورغبات المشاعر في البوح بالأحاسيس والتعبير عنها لتنشأ اللغة في أصوات تغنى بالتراكيب وفقا لما يستجد من الاحتياجات....!

وهي بالطبع مختلفة عن الكتابة.. فاللغة ليست إلا أصوات ذات معنى هكذا بدأت.... ثم تحولت في مرحلة الرقي الإنساني عندما أراد الإنسان أن يوثق التاريخ ففتح أول صفحاته لتبدأ كتاباته مصورة لا تملك أبجديه حرفيه معينه... ومع تراكم التطور والرغبة في الانفلات من الجهد المصور الذي يتطلب معرفه ألاف الصور بما يمثله من إرهاق بدأت تظهر فكرة الأبجديات الحرفية كبديل للصور في الكتابة....!

وهنا تبدأ من الشرق فيما يعرف بالهلال الخصيب أول مراحل الكتابة عبر أبجديه توسع نطاقها فيما بعد بما عرف باللغة الآرامية الأم الأولى للغات السامية التي امتلكت بعدا حضاريا وتعبيرا واسعا عن احتياجات الإنسان وامتدت على رقعة جغرافية تمتد من بلاد ما يعرف اليوم بإيران حتى مصر ومن طوروس وصولا إلى الحبشة.. هذا النطاق الآرامي الهائل هو الأصل السامي الأول لكل اللغات واللهجات التي نشأت في هذه البلاد منها ما انقرض ومنها ما اعتمد في بقائه على الوحي الديني  لتبقى العبرية كلهجة آراميه في ديانة موسى وتبقى السريالية كلهجة آراميه  يحتفظ بها إنجيل وتراث عيسى وتبقى العربية حامله للوحي الأخير كلهجة أكثر حيوية وجهويه وثراء وتأصيلا ولكنها أيضا منحدرة بشكل واضح من الآرامية الأولى صاحبه الجذر الأصيل التي تختبئ فيه ملامح المعاني وحواضن المعرفة ومقاصد الهمس التي تختزله الحروف الآرامية التي تشكلها أبجديتها من أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت..!

http://www.civicegypt.org/?p=62261