كلمة سيادة المطران مار يوحنا بطرس موشي رئيس اساقفة الموصل وكركوك واقليم كوردستان

بدء بواسطة matoka, يوليو 03, 2017, 07:48:04 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

كلمة سيادة المطران مار يوحنا بطرس موشي رئيس اساقفة الموصل وكركوك واقليم كوردستان للسريان الكاثوليك في مؤتمر بروكسل
المرحلة الاخيرة لإنقاذ المسيحيين في العراق





منذ حزيران عام ٢٠١٤، ومدينة الموصل، نينوى القديمة، مهد الحضارات، وصولا إلى مدن وقرى سهل نينوى، تعاني من قلاقل وتهجير وقتل وسلب. ورغم كوننا غير سياسيين، إلا أننا مقتنعون من أنّ مصير هذه المنطقة، وبالذات مصير شعبنا المسيحي، متعلق بحكمة قيادات دولكم، وبسياسة المتسلطين والمتنفذين في بلدانكم، إنه بين أيدي رؤسائكم وحكامكم.
لقد سمعنا، بل ومللنا من الكثير من الوعود ومن الأقوال المطمئنة، ولكن إلى حد هذا اليوم لم نحصل على أي ضمان أو عمل ملموس يخلق فينا الأمل والرجاء. نعرف أن ما يهم حكوماتكم، حسب نظرها وتقديراتها، هو مصلحتها قبل كل مصلحة. ولكن هذا لا يمنع أن تفكروا أن في العراق شعبا ومكونا أصيلا له حق العيش في أرضه بكرامة.
واعلموا أننا لسنا غزاة ولا دخلاء في المنطقة، بل نحن أصحاب أرض ولغة وتاريخ وحضارة. أرض لم نغتصبها من أحد بل هي إرث ورثناه من آبائنا. ولغة نتخاطب ونكتب ونصلي بها. وتاريخ صنعته رجالاتنا، وحضارة بنتها حكمة أجيال من سبقونا. وقد دخلت المسيحية إلى مناطقنا منذ القرون الأولى للمسيحية على يد توما الرسول، كما يقول التقليد، وعلى يد تلميذي يسوع أداي وماري حسب الوثائق المؤرخة. فأعتنقها معظم سكان ما بين النهرين.
ورغم حملات الاضطهاد العديدة والمتكررة التي شنها الفرس ضد المسيحية على أرض العراق والتي أدت إلى استشهاد الآلاف من آبائنا، ازدهرت المسيحية وتنشطت. يشهد على ذلك تربة أرضنا ووديانها، وسهولها، وجبالها. فقد عمل آباؤنا في مجال النسك، والاعمار، والتعليم والتأليف، ففتحوا المدارس، وعلموا فيها مختلف العلوم، وكتبوا في مختلف المجالات، ليس فقط الدينية ولكن أيضا الطبية والفلسفية والفلك وغيرها.
تضاءل عدد المسيحيين بشكل كبير خاصة بعد دخول الإسلام في نهاية القرن السادس، ولأسباب عديدة، منها: فرض الجزية، وإرغام الناس على اعتناق الإسلام، وحصر أعمالهم ونشاطاتهم وتحركاتها. وهذا ما أراد داعش أن يطبقه ويفرضه علينا في عصرنا، عصر التطور والحرية. فكان أن انحصر وجود المسيحيين في الموصل، وفي مناطق سهل نينوى وقرى الشمال، خاصة في قرى دهوك والعمادية وزاخو.
ومع الحرب ضد صدام عام 2003، وبسبب قيام الميليشيات العسكرية الطائفية، ولتوغل التنظيمات الإرهابية المتطرفة فكريا ودينيا، والتي استغلت فراغ الدولة وفقدان الأمن، تأزم الوضع في العراق، واستاءت أيضاً أوضاع المسيحيين بشكل كبير، حيث تعرض قسم منهم لأحداث إجرامية كالخطف والتعذيب والقتل، ولم ينجو منها حتى رجال الدين، مستغلين الوضع المالي الجيد الذي تتمتع به الجماعة المسيحية العراقية، علاوة على عدم وجود حماية دولية أو ميليشيات خاصة، كما هو لبقية المكونات، توفر لهم الأمن والآمان.
ومما زاد من رهبة المسيحيين، وجعلهم يقتنعون أن هناك من يريد إخلاء العراق من المسيحيين، كانت حادثة كنيسة سيدة النجاة في بغداد في 31 تشرين الأول عام 2010، عقبتها سيطرة داعش على مناطقنا وطردنا من بلداتنا وقرانا، والاستيلاء على ممتلكاتنا.
وإذ نشكر القوات المسلحة وقوات البيشمركة مع الحشود المسلحة المجحفلة معها على تحرير بلداتنا، الا ان الوضع الأمني عندنا لا يزال غير مستقر، والمستقبل غير واضح، حتى بعد تحرير قرانا ومدننا المسيحية، لقد تطهرت بلداتنا من داعش المسلح الا ان الفكر الطائفي لا يزال موجودا لدى السنة كما لدى الشيعة، المحيطين بِنَا، لقد فقدنا الثقة بجيراننا ولم نعد نشعر بأمان، ونحن بحاجة الى من يعيد إلينا هذه الثقة، ولن يتم ذلك الا اذا كانت لنا إدارة ذاتية وحماية من ابنائنا. كفى ما اصاب منطقتنا من حروب وقتال، ولا نريد ان تكون منطقتنا منطقة اقتتال نتيجة الصراعات السياسية والاطماع التسلطية.
فإن كانت رغبتكم أن نبقى هنا!، فلا يكفي ان تبعدوا عنا داعش المسلح الذي انتهى أمره وابعد عنا موخرا، ولكن احمونا من الفكر المتطرف المتسلط على اذهان الكثيرين نتيجة المناهج الدراسية وخطب الجوامع، والقرارات المجحفة بحقنا والتي لا تراعي ظروفنا، ونظرة التعالي ورفض الاخر وعدم القبول به. واعملوا على تعمير بلداتنا وإعادة الحياة الطبيعية اليها، وسهلوا لنا أمكانية العيش فيها بأمان في منطقة محمية وبإدارة ذاتية تضمن لنا حقوقنا المسلوبة.
الا يمكن رسم خارطة جغرافية جديدة لهذه المنطقة وتوحيدها ثم تقسيمها الى وحدات ادارية جديدة صغيرة، تتمتع بإدارة ذاتية، ضمن وحدة ادارية كبيرة، تحت مسمى اقليم او محافظة او مقاطعة سهل نينوى. ولم لا يكون لنا حماية دولية تحتضن جميع مكونات هذه المنطقة. لا نريد عزل قرانا ومدننا في منطقة مستقلة عن بلدنا العراق، ولا نريد انفصالنا عن بقية المكونات المحيطة بِنَا. نحن شعب واحد ومكون واحد رغم تعدد تسمياتنا، ما نريده هو ان نتمتع بكامل حقوقنا مواطنين من الدرجة الاولى، فلا تنتهك كرامتنا. واعلموا أن كل يوم تأخير يؤثر سلبا على نفسية أطفالنا وشبابنا وشيوخنا ونسائنا. وقد سيطرت العقد النفسية علينا جميعا. وأصبحنا كلنا معاقين. لقد فقدنا كل الثقة في جيراننا الذين بعد ما كنا أصدقاء وتربطنا وإياهم علاقات طيبة، انقلبت الأمور وصاروا هم أنفسهم أعداء لنا، وسبوا أموالنا ونهبوا بيوتنا وأحرقوها، ودمروا حضارتنا وانتهكوا حرمة مقدساتنا.
أما لو كانت نيتكم إفراغ منطقتنا من المسيحيين، فنرجوكم أنقذونا ولا تتخلوا عنا، فإن أنتم أهملتمونا تكونون قد حكمتم علينا بالموت البطيء الذي ينتهي بنا إلى الانقراض. انقذونا من التشتت والضياع ومن فقدان هويتنا، واضغطوا على الدول التي تستقبل المهجرين، أن تمنح لأبنائنا تأشيرات السفر، ليس كأفراد مبعثرة، بل كجماعات منتظمة، وبأعداد مقبولة ومحترمة، تقيم في منطقة واحدة، لكيما نقدر العيش معا، والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من تقاليدنا، ومن قيمنا، ومن حضارتنا.
لا تخافوا منا فنحن لسنا داعش، ولم يذكر في تاريخ شعبنا سوى الأمانة والحرص والتفاني والإخلاص. لسنا دعاة حرب، والتخريب ليس نهجنا، ولا هو من شيمتنا، فالتربية التي تربينا عليها هي قائمة على أسس إنسانية، وقيم وأخلاق بشرية، متمثلة بأخلاق من قبل العذاب والرذل والموت معلقا على الصليب، لكي يحافظ على أمانته للرسالة التي من أجلها جاء إلى عالمنا. إنها مسؤوليتكم ونحن نحملكم هذه المسئولية، أنتم ومن معكم من الدول المتحالفة على طرد داعش ومحاربته فكريا وجسديا.
كفى بقبول تعذيب ابنائنا، لسنا مجرمين، ولم نكن نحن سبب وضعنا، لقد صرنا ضحية حروب وصراعات الأحزاب المتكالبة على السلطة والسرقة والفساد، نحن شعب بريء لا نستحق أذية من أحد، لا معنوية ولا مادية، ولا نقبل المذلة من أحد، ولأي سبب كان، إلا اذا كان سببها ايماننا والحفاظ على كرامتنا، وعليه فإننا مهما قدمنا لابناءنا سنبقى مقصرين بحقهم، هم الذين اثروا الهجرة والغربة وتركوا ممتلكاتهم لكي يحافظوا على اخلاقهم وقيمهم الدينية، وكان بوسعهم ان يسايروا داعش ويساندوه.
لقد احشرت الكنيسة في مهمة ليست من اختصاصها، وهي تفوق قدراتها، ولولا طيب الخيرين وما وضعوا بين أيد القائمين على رعاية الكنيسة من موارد، لعجزت الكنيسة من تقديم أية خدمة مادية لأبنائها. تلك هي مسؤولية الدولة التي لم تقدم سوى الجزء اليسير الذي يخجل المرء من ذكره.
أملنا أن يلقى كلامنا هذا آذانا مصغية لديكم لإيصالها إلى من هم المعنيين ليترجم بواقع وأعمال ملموسة. كفانا من الوعود والكلمات المعسولة. إننا نحتاج إلى وقائع محسوسة.


المطران
يوحنا بطرس موشي
رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكردستان للسريان الكاثوليك





Matty AL Mache

sIDDIQ JABBOURY

كلمه رائعه تعبر عن تاريخ منطقتنا الماضي و تطلعاتنا للحاضر والمستقبل واحتياجاتنا للعيش بكرامه وامن ومواطنه اصيله من الدرجه الاولى مع العدل والمساوات نتمنى ان يسود الامن والامان والحمايه ليتمكن شعبنا من العوده  الى مناطقنا 
شكرا لنشر الكلمه مع تحياتي