مشاهدات وانطباعات اولية من الموصل وعنها..الاستنتاج الثاني

بدء بواسطة jerjesyousif, مارس 15, 2017, 08:48:08 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

jerjesyousif

مشاهدات وانطباعات اولية من الموصل وعنها..الاستنتاج الثاني


بقلم الاب الخوري عمانوئيل يوخنا في الفيسبوك


نشرنا بالامس استنتاجنا الاول من زيارتنا القصيرة الى الساحل الايسر من الموصل بعد تحريرها واكن الاستنتاج بان (مسيحيي مدينة الموصل لن يعودوا اليها).
اليوم وقبل نشر الاستنتاج الثاني، وهو الاخر للنقاش القائم على اصول الحوار المتمدن باحترام الراي والراي الاخر، فاني اود ايراد بعض الملاحظات او المعلومات:
- الاستنتاج المنشور بالامس كان محصورا فقط بمسيحيي مركز مدينة الموصل وليس سهل نينوى. وحيث انه ظهر التباس لدى بعض الاخوة من جهة، وتلبية لاقتراح او تساؤل من اخرين فاني ساقوم بمشاركتكم رايي بفرص وتحديات ومتطلبات عودة الكلدان السريان الاشوريين الى سهل نينوى لاحقا، ربما في الاسبوع القادم.
- قبل عدة اشهر على تحرير سهل نينوى والساحل الايسر من الموصل، قامت منظمة (كابني) مع مجلس الكنائس العالمي ومنظمة المساعدات الكنسية النرويجية باجراء استبيان ميداني بين النازحين من الموصل وسهل نينوى من المسيحيين واليزيدية شمل 4000 عينة تقريبا. ومن بين الاسئلة الاستبيانية كان سؤال عن العودة. تبين من الاستطلاع ان 74% من النازحين من الموصل اجابوا بانهم لن يعودوا. فيما كانت الاجابة عكس ذلك للنازحين من سهل نينوى.
- عندما نتحدث عن بيئة اسلامية تكفيرية رافضة للاخر فاننا نشير الى الجو السائد والسلوك المعتمد من الغالبية ولا يعني بالمطلق ان كل المسلمين (حتى بين العرب السنة) هم تكفيريون ورافضون للاخر. شخصيا لدي طيفا واسعا من الصداقات مع اصدقاء واحبة مسلمين منفتحين على الاخر باحترام متبادل. ولكن هذه النخب المسلمة المتنورة ما زالت اقلية وبتاثير محدود ويتوجب دعمها والاستثمار فيها لمستقبل متمدن للمسلمين ولشركاءهم في الانسانية والمواطنة.

الاستنتاج الثاني: مدينة الموصل العربية السنية ستستعيد عافيتها الاقتصادية والخدمية سريعا
بداية ومن منطلق القيم والمبادئ الانسانية التي نلتزمها ونحث الاخرين على التزامها فانه كان امرا مطمئنا ومفرحا ان حجم الكارثة الانسانية جراء تحرير الساحل الايسر كانت اقل بكثير مما توقعته منظمات الامم المتحدة ومنظمات الاغاثة الدولية. اننا اذ نتالم على الارواح المفقودة من المدنيين وعلى معاناة النازحين منهم فاننا نشكر الرب انها كانت اقل من المخاوف. ونشكر منظمات الاغاثة على استجابتها وتدخلها لمساعدة النازحين.
ونامل ان يكون الامر ذاته مع تحرير الساحل الايمن، ولو ان المؤشرات والاخبار تقول بان الخسائر والمعاناة الانسانية هي اكبر وذلك لعوامل تخص التركيبة العمرانية وسير العمليات العسكرية.
عودة الى الموضوع، فان ما تلمسناه على الارض في الساحل الايسر، والحمد لله، ان حجم الدمار اقل بكثير مما يتوقعه الزائر. ويشمل ذلك البنى التحتية والسوق الاقتصادية والممتلكات العامة والخاصة.
فباستثناء بعض المواقع المحدودة التي يبدو انها كانت ساحة مواجهات او استهداف بالقصف، فان الموصل وساكنيها من العرب السنة سيستعيدون دورة الحياة الاقتصادية والخدمية بسرعة بعد توقف بسبب العمليات العسكرية، ذلك ان هذه الحياة يبدو، وبعيدا عن التقارير الاعلامية العربية، كانت سائرة بشكل مقبول ومعقول في الدولة الاسلامية (داعش).
دعونا نتذكر ان حكومة بغداد بالوقت الذي قطعت فيه استحقاقات الاقليم من الميزانية الاتحادية فانها ولعدة شهور بعد دخول الدولة الاسلامية الى الموصل بقيت تصرف استحقاقات ورواتب وميزانيات الدوائر الحكومية تحت حكم الدولة الاسلامية.
رغم ان يوم زيارتنا كان يوم جمعة، ورغم ان الوضع الامني كان ما يزال غير مستقر، الا ان مظاهر الحياة والنشاط التسوقي كان قائما واعتياديا.
اننا نعتقد يقينا ان الساحل الايسر من الموصل سيحتاج الى حزمة من ملايين البترودولار الخليجي ليستعيد عافيته. وبالتاكيد فان التعبير عن وحدة الانتماء العربي السني من خلال برامج اعادة اعمار هو افضل من تمويل تنظيمات ارهابية.
اما الجانب الايمن فمن المبكر الاستنتاج عن احتياجات تاهيله.
هذا في الجانب الاقتصادي، الا ان المقلق ان البيئة الثقافية والاجتماعية في الموصل لن تتعافى من التطرف والتشدد بل متوقع لها ان تتزايد وتنمو ليس كرد فعل على الاداء الطائفي الشيعي للجيش "العراقي" فحسب، بل وكاستمرارية لما قبل واثناء حكم الدولة الاسلامية.
ولا نعتقد ان الدول والمؤسسات والتنظيمات والمرجعيات العربية السنية داخل العراق وفي محيطه ستتخلى عن تحصين معقلها الاصولي وخزانها البشري في الموصل.
لقد دخلنا الموصل ضمن رتل عسكري لحماية سيارات المراسلين الاعلاميين الزائرين في ذلك اليوم، وكانت سيارتنا في مؤخرة الرتل مما اتاح لنا مشاهدة عابرة للمواطنين الموصليين وهم يروا الرتل يسوق في الشوارع، ولم يصعب علينا مشاهدة ليس فقط عدم المبالاة بل عدم الابتهاج برتل السيارات العسكرية للجيش الذي حررهم من حكم امير المؤمنين البغدادي، حتى كدنا نتساءل هل هم متحسرون على سقوط الدولة التي امتلات شوارع الموصل بشعارها القائل: (الدولة الاسلامية باقية للابد).
(غدا الاستنتاج الثالث)









جرجيس يوسف/ منقول من الفيسبوك/14/3/2017