الى أصحاب ملكوت السموات ...الاسخريوطي ندم على فعلته !!.

بدء بواسطة يوسف ابو يوسف, أغسطس 21, 2018, 04:24:21 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف ابو يوسف

تحيه و احترام :

من الطبيعي جداً أن يتمسك الأنسان بموطنه وأرض ميلاده ويعشق تربته وماءهُ وهواه ويتغنى ان الشمس فيه اجمل من سواها حتى لو كانت درجه الحراره تقترب فيه من ال 55 مئويه صيفاً !! ,هذا الحب والعشق يعتمد على الوطن الذي ولد فيه ذالك المواطن, والاهم مواطنوا ذالك البلد ,فالشمس هي ذاتها في كل الاوطان لكن البشر يختلفون من وطن لآخر.فهناك أوطان حتى الشمس تتعوذ من مواطنيها وحكوماتهم ,والعراق خير دليل على كلامي .فهذا الوطن صاحب اعرق الحضارات اصبح في القرن الواحد والعشرين غير صالح للسكن الادمي ,فلا احد يآمن على حياته في هذا البلد . بلد وارداته مليارات الدولارات سنوياً من ناتج النفط فقط وهو يتذيل قوائم كل ما هو مفيد ويتصدر قوائم كل ما هو سئ على مستوى العالم !!!.حيث اكثر من خمسه عشر عام نسمع جعجعة ولا نرى طحنا , سوى طحن شباب واطفال ونساء وكل شئ جميل في هذا الوطن !! .

نأتي للمفيد , بصراحه حاولت الابتعاد عن الكتابه على قدر المستطاع كي أقيم افكاري علي اكون مخطئ في تصوراتي وحساباتي فيما يخص العراق ووضعنا كأبناء البلد الاصلاء وكمسيحيين فيه ,لكن يوما بعد يوم اتيقن بأنني على صواب .الشئ المُحزن عندما اطالع بعض الكتابات والتصريحات ,حيث اشعر بالغثيان والأشمئزاز من بعض هذه التصريحات والكتابات خصوصا عندما تصدر من اناس لهم مواقع مهمه بالنسبه لقضيه شعب أصيل يواجه الدمار والموت والفناء مستقبلا اذا استمر الحال على ما هو عليه .فهل هؤلاء ينتظرون من (الزنبور أن يُخري عسلاً)؟, أم هم يرتدون نظارات من نوع خاص تحجب عنهم الرؤيه السليمه لما يدور داخل العراق من مهازل !! أم يظنون انفسهم انهم يكلمون أغبياء ؟؟ أم ماذا ؟؟ .

البعض من هؤلاء محبي الوطن والداعين الى الموت من اجل الوطن !! هم من أشد المعجبين بالرحلات الجويه ومن عشاق المطارات والدعوات والمؤتمرات والزيارات واللقاءات ,لهؤلاء الساده الكرام اقول ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء , الظاهر انكم تعيشون في عالم لايعيش فيه المواطن المسيحي البسيط ,فعالمكم كما يبدوا غير عالمنا نحن . لهذا ادعوكم ايها الساده الكرام ان تستمعوا الى تجربتي في العراق العظيم لانها تمثل تجربه انسان عاش الواقع كما هو وليس بين ابراج محميه بحراس وخدم وحشم ومتملقين من كل الانواع . حياه انسان كغيره من غالبيه ابناء شعبنا المسيحي الذين عانوا الامرين والعراق معهم من شعب العراق وحكامه ولا زالوا يعانون.

في ثمانينيات القرن الماضي اندلعت احدى حروب قيادات العراق الكثيره (القادسيه الثانيه)!! بين العراق وايران .يومها كنا نسكن مدينه البصره , عام 1985 التحقت بالجيش العراقي لأداء الخدمه الالزاميه التي لا مفر منها. في عام 1986 وبعد انتهاء مجموعه التدريبات المطلوبه تم التوجيه بنقلنا الى وحدتين احداها في مدينه البصره منطقه ابو الخصيب والاخرى في محافظه ديالى وكان عددنا مايقارب العشرين جنديا ,كلهم اقتتلوا فيما بينهم على الحصول على الوحده الواقعه في مدينه ديالى لقربها من العاصمه بغداد ما عدا انا وجندي آخر كنا من سكان البصره طلبنا ان يتم تنسيبنا الى تلك الوحده ,وهكذا كان الامر وتم نقلنا الى الوحده العسكريه في مدينه البصره منطقه ابو الخصيب ومعنا بعض الجنود من المحافظات الاخرى.

مرت الايام وانا أخدم في وحدتي الجديده وبين كل يومين والثالث كان يسمح لنا أنا والجندي الاخر بالنزول الى بيوتنا لاننا من سكنه المحافظه ولا نتمتع بالاجازه الشهريه كغيرنا من الجنود من باقي المحافظات . وكان بيتنا يحتوي عائلتنا الكبيره من ابي وامي واخوتي واخواتي حيث كنا عشره اشخاص ولكم ان تتخيلوا كيف يكون الامر مع بيت تسكنه عائله مكونه من عشرة اشخاص .

أحد الايام وصلني خبر مفاده أن اهلي سوف يتركون البيت هرباً من القصف الايراني بالمدفعيه الثقيله على الاحياء السكنيه في مدينه البصره ,والذي لم يكن يصل حينا سابقاً ,لكن بعد سقوط بعض القذائف في منطقه سكنانا اخذ والدي العائله تاركا البيت بما فيه متوجها الى قريتنا تللسقف ,حيث بيتنا الثاني الى ان يهدأ الوضع في مدينه البصره .

المهم حان بعد يومين موعد نزولي من وحدتي الى البيت كالمعتاد ,فتوجهت اليه عالما بأنني لن أجد فيد أحد من اهلي لانهم كلهم سافروا الى قريتنا في الشمال , وصلت البيت فتحت باب الحديقه وتوجهت الى الباب الرئيسي للدار فتحتها ودخلت ليستقبلني صمت رهيب وسكون غير اعتيادي سوى تكات ميل الساعه الجداريه تك تك تك تك ,توجهت الى غرفه الاستقبال فأذا بها فارغه ,المقاعد خاليه من الجالسين من الاحباب .توجهت الى غرفه منامي واخوتي لأجد الاسره فارغه معلقه فوقها احلى الرسومات والعبارات والصور ,توجهت الى غرفه منام اخواتي البنات فأذا بها فارغه خاليه من الضحكات والارواح الجميله سوى بعض الدمى التي تنظر الي من على الوسادات , توجهت الى غرفه منام ابي وامي لاجد الصمت الرهيب يناديني ولا احد يرحب بعودتي ,فخنقتني العبره وأحسست بنفسي غريباً في بيتي الذي احمل فيه احلى وأجمل الذكريات ,حيث كل قطعه فيه تذكرني بشئ ما .. أحسست ان المطبخ يناديني أين هؤلاء ألاحباب لماذا تركوك وحيدا ؟؟ طاوله الطعام تسألني عنهم وأقداح الشاي كذالك ,حاولت أن أشاهد شيئأ على التلفاز علي أنسى هذه الاصوات فوجدت التلفاز يعاتبني أين هم أولائك المتفرجين اللطاف الذين ينتظرون مشاهده الرسوم المتحركه ؟؟ أحسست أن الهاتف الارضي يأن ويعاتبني أين ذهب الاحباب و و و و و و شعور قاتل خانق لايمكن ان يوصف , ولا يمكن أن يحس به ويفهم كلامي الا من مر به .

فما كانت الا نصف ساعه بين الجدران الخاويه ورأيت نفسي في الشارع عائداً الى وحدتي العسكريه في ابو الخصيب , فتعجب الجنود عندما رأوني وقالوا ما الذي عاد بك ؟؟ قلت لهم لم استطع التحمل ,فالجدران الخاويه وكل قطعه في البيت صمتها يحمل الكثير من الاسئله الا متناهيه عن ساكنوا الدار أين رحلوا وحالهم.

فتخيلوا أيها الساده الكرام أن كان مجرد فراغ الدار من البشر لا يستطيع البعض تحمله فكيف اذا فقد من ذاك الدار شخص عزيز ومات بغير أوانه بسبب حرب سخيفه أو قذيفه تائهه أو جنون رئيس ما بقياده الامه والاخر بأمامة الامه والنتيجه الشعب طاح حظ أمه !!! .هل من السهل نسيان هذه الامور ؟؟ فكل حجر وزاويه وبنايه ومقعد وملعقه وكتاب وقدح خمر وعلبه سكائر تذكرنا بما عشناه وما فقدناه بحياه الامها اكثر كثيرا من أمالها .

فما بالكم بما يجري في العراق بعد عام 2003 ؟؟ من مصائب لا عد لها تواجه مسيحيي العراق على العموم الذين لا ناقه ولا جمل لهم بكل ما يدور في العراق من نزاعات وتصفيات وتحزبات ,نعم اخوتي مسيحيوا العراق يعانون منذ مايزيد عن ال 1400 عام من شتى انواع الظلم والقهر لكنهم قاوموا وبحكمه ,لكن في السنين الاخيره بلغ السيل الزبى, لهذا اصبح حال الكثير من المسيحيين في العراق كحالي في قصتي التي ذكرتها لكم اعلاه , فلكل منهم ذكريات اليمه في كل زقاق وشارع ومحله تذكرهم يوميا بما حصل لهم ولعوائلهم ولأحبابهم واصدقائهم , أمور لايعلم عنها شيئاً الا من عاشها,لذالك الكثير من هؤلاء فضلوا الرحيل وترك الجمل بما حمل للذين لايشبعون ولن يشبعوا الا حين يلقى عليهم التراب يوما ما في حفره مظلمه, هؤلاء ليسوا جبناء أو (بطرانيين) أو من بائعي الاوطان كأمثال الذين باعوا العراق لايران وتركيا والاردن والسعوديه والكويت وبنك النقد الدولي و و و و والقائمه تطول !! ,هؤلاء اختاروا أن يبتعدوا عن الغالي والحبيب لأن (الزباله) والقاذورات غطته من جنوبه الى شماله ومن شرقه الى غربه, فهؤلاء يريدون لأولادهم أن يعيشوا بسلام وأمان الذي فقده ابائهم منذ اكثر من الف سنه ,فقد سئموا الافكار العفنه الباليه ووساختها التي تثير قرف كل عاقل .

للأسف الشديد مؤخرا ولعده أسباب ومنها تصريحات البعض الناريه بأن العراق لايجب أن يخلوا من مسيحييه !!!فقدنا شاب بعمر الورد من أبناء شعبنا في محاوله منه وأخيه لترك جحيم سكان العراق الذي ليس فيه أي مستقبل للبشر المحترمين  .أيها البعض من الساده المحترمون عن أي عراق تتكلمون ياأصحاب ملكوت السموات ؟ وأنتم تغلقون ابواب الحياه الحره أمام ابناء شعبكم كي لا تتأثر مصالحكم وسفراتكم ومؤتمراتكم !! وبعتم شعبكم المسيحي في العراق كما باع يهوذا الاسخريوطي السيد المسيح بثلاثين من الفضه !! . لكن بصراحه أقول طوبى ليهوذا الاسخريوطي لأنه استحى مما فعل وشنق نفسه بيده وعاقبها ولم ينتظر من الاخرين ان يفعلوا , نعم لقد صحى فورا ضمير الاسخريوطي وندم وعاقب نفسه,فمتى سيصحوا ضمير من بيدهم دفه مصير أبناء شعبنا ؟؟,ليأتي بعدها من يقول لنا (نحن لا نجبر أحد على البقاء أو مغادره العراق)!! . أنا لا اتكلم عن من يريد البقاء في نعيم شعب العراق ,فهؤلاء احرار بتقرير مصيرهم وندعوا ربنا القدير أن يحميهم من كل مكروه في العراق العظيم,أنا اتكلم عن من هم في دول الانتظار يعانون منذ ما يزيد عن اربع سنوات .أنا اتكلم عن هذا الشاب وغيره الذي فقدناه في ريعان شبابه لأن الابواب اغلقت أمامه وأمام عائلته لاربع سنوات في لبنان امام السفارات ومنظمه اليو أن !! فأضطر الى أن يعود للعراق مع عائلته ويغادره مره أخرى باحثا عن وطن جديد يحترمه .من يتحمل ذنب هؤلاء ؟؟ لماذا اقرانهم من مسيحيوا سوريا تُنجز معاملاتهم في ستة اشهر او سبعه أو سنه على الاكثر بينما المسيحي العراقي عليه أن يعاني في دول الانتظار لسنين عده ؟؟ !! هل هذه مجرد صدفه أم ماذا ؟؟ فهذا مسيحي وذاك مسيحي وهذا هرب من عصابات داعش وعدم استقرار البلاد وذاك هرب من عصابات داعش وعدم استقرار البلاد لكن هذا من كنيسه وذاك من كنيسه اخرى !!! وهنا تُسكب العبرات , والطامه الكبرى تجد ان غالبيه أقارب أصحاب ملكوت السموات وعوائلهم يسكنون خارج العراق !!!والبعض منهم من فتره ليست بالقصيره ودون أي معاناه أو اليسير منها!!.ولا أحد يطلب منهم العوده للسكن في العراق !!!! .

أقول لهؤلاء عن أي عراق تتكلمون وانتم وأبناء شعبكم فيه غرباء محسوبون ,بعدما دار الزمان بأجدادكم لتتحولوا اليوم الى اقليه يتملق غالبيتكم لهذا الطرف وذاك كي يرضوا عنكم !!!الا بئس العيش مع من لا يعاش بينهم بكرامه ومساواه .هل أنا اكره العراق ؟؟ كلا والف كلا , أنا محبتي للعراق تجعلني أكتب وأشارككم افكاري وهمومي ورؤيتي لما يدور فيه من العاب قذره,فلو كان أمر العراق لايهمني لما صرفت دقيقه من وقتي بالكتابه عنه , لكنني أراه يُذبح يوميا وتُقطع أوصاله وتٌهدى لهذا وذاك ودماء شعبي فيه مُستباح ,والنفق فيه أظلم وطويل جدا جدا .

اخيرا اقول أبناء شعبنا يتسيدون قوافل الشهداء منذ مايزيد عن 1400 عام من اجل ايمانهم وتمسكهم بأرضهم ولغتهم,ألم يحن الوقت لنتعلم الدرس؟ فنحن متمسكين بأيماننا المسيحي كما جاء في الكتاب(فأجابَهُ يَسوعُ أحِبَّ الرَّبَّ إلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ، وبِكُلِّ نفسِكَ، وبكُلِّ عَقلِكَ.(متى 22\37)) لأن هذا الايمان لايمكن لكائن من يكون أن يسلبه منا, فهو أمر شخصي بيننا وبين إلهنا ولا تحده أرض أو زمان ,ولغتنا أمرها بيدنا. لكن العراق ومدننا وبيوتنا وممتلكاتنا كل يوم تُسلب منا وأمام اعيننا من قبل جيراننا من ابناء الشعب العراقي البطل أمام انظار الحكومه والقانون,وكل ما نحصل عليه هو أنهار من دموع التماسيح !!! فلماذا نقدم مزيداً من الشهداء على أرض فقدناها مع آشور وبابل وأسرحدون ونبوخذنصر بلعبة خبيثه قذره أتفقت عليها القيادات البطله بخلقهم عصابات الدوله الاسلاميه ليسرقوا منا كل نفيس وتأريخنا وحضارتنا وذخائرنا بحجه تكسير كم تمثال أثري ليستولوا على ما جاؤا من أجله ,وفعلا هكذا كان .فهل اراقه المزيد من دماء أبناء شعبا على تربه العراق سيعيده لنا يوماً ؟؟ . أترك الجواب لفطنتكم اخوتي الكرام ,ولكم كامل الحريه بقبول او رفض هذه الافكار .

تقبلوا تحياتي و احترامي .

                                        ظافر شَنو