ابو"صهيب وام كلثوم والعشق !!

[MATTIPKALLO]

.
أبو صهيب وأم كلثوم والعشق

متي كلو

"قال سقراط الحكيم : العشق جنون، وهو ألوان كما أن الجنون ألوان.
عام 1977 وفي شارع خالد بن الوليد في مدينة الموصل، كان الخياط "أبو صهيب" أحد وكلاء الاقمشة الرجالية للشركة العامة لتجارة المنسوجات "فرع الموصل" التي أعمل فيها، كان يدخل الى مقر الشركة ليختار حصته الاسبوعية، ثم يستلم قسيمة البيع ويخرج، وكنت أشاهده اسبوعيا من خلال زجاج نافذتي التي تطل على الباحة المخصصة للوكلاء، وكان من عادته أن يفتح باب مكتبي ليلقي تحيته الاسبوعية ثم يغلق الباب ويغادر.
ولكن "أبو صهيب" انقطع عن الحضور في اليوم المخصص لمنطقته، وقلت في نفسي ربما حضر ولكن كنت خارج الشركة أو خارج مكتبي لتفقد عمل الموظفين في المكاتب الأخرى، ولكن تكرر غيابه للأسبوع الثالث على التوالي، فقررت أن أزوره في محله وأعلم ما هو سبب غيابه.
انتهى دوامي في الساعة الثالثة ظهرا، وقبل أن أغادر الى داري طلبت بطاقة المبيعات الخاصة به، تعرفت على عنوانه من خلالها.
قصدت محله ولكن شاهدت أن الباب مغلق وهناك ورقة مدون على متنها بالخط العريض "يغلق المحل لسفرنا خارج العراق"وبدون ذكر الأسباب.
في اليوم التالي صباحا عندما حضر الى مكتبي مدير المبيعات ليستحصل موافقتي على الجدول المعد للوكلاء من الحصة الاسبوعية، لذلك اليوم سألته: "أبو صهيب"غائب عن استلام حصته الاسبوعية ومحله مغلق ألا تعلم سبب ذلك..
ابتسم مدير المبيعات وهو يجمع أوراق الجدول اليومي ليقول: أحقا لا تعلم .
ومن اين أعلم ! وهل أعرف سبب غياب جميع الوكلاء وعددهم بالمئات ولكن "أبو صهيب" كان يلقي التحية كلما حضر لقطع قسيمة المبيعات.
قال لي: "أبو صهيب" يغادر الى القاهرة في نهاية شهر كانون الثاني منذ رحيل أم كلثوم ويعود في منتصف شهر شباط وبعد عودته يقيم مجلس عزاء لذكرى رحيلها، ثم سألني: هل دخلت محله .
اجبته: كلا . ثم سألته هل هو من أصل مصري وهل هي من أقاربه؟
لا يا استاذ، "أبو صهيب" عربي من الموصل ولا يمت بصلة الى أم كلثوم ولكن يحبها بشكل غريب بل يعشقها بشكل جنوني وأصدقائه وأقاربه يعلمون ذلك... ثم سالته ولماذا يختار هذه الفترة للسفر الى القاهرة.
لان أم كلثوم رحلت في 3 شباط ولابد أن يكون قرب قبرها في 3 شباط لكي يضع على قبرها اكيلا من الورد ويقرأ سورة الفاتحة على روحها ويقضي يوما كاملا بقربها!!.
خرج مدير المبيعات وتركني شارد الذهن ومستغربا من "أبو صهيب" وسألت نفسي هل العشق يصل الى هذا الحد!.
علمت بعودته ومباشرته العمل، قصدته بعد انتهاء عملي، كنت أدخل محله للمرة الاولى، سلمت عليه، دعاني الى الجلوس، وكان صوت أم كلثوم يصدح باغنية "فكروني" وشاهدت ان جدران محله مليئة بصور أم كلثوم واحدى هذه الصور يقف أبو صهيب" بجانب "ست الكل" وأخرى للرئيس جمال عبدالناصر يقلد أم كلثوم وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وقبل أن أجلس على أحد المقاعد، قلت له" البقية في حياتك" أجابني:
في حياة كل العرب، كل العرب خسروا من كان يجمعهم.
بعد أن قدم لي فنجان من القهوة العربية ، قال لي سوف استقبل المعزين يوم الجمعة القادم في داري، أرجو التفضل ظهرا حيث أعددت مائدة عشاء على روحها الطاهرة، قلت له:
ولكن غلق المحل لفترة شهر، واعداد مائدة عشاء، أعتقد له تأثير مادي على حياتك المعاشية؟
جلس على مقعده وقال:
كنوز العالم كلها لا تساوي كلمة من كلمات أغاني"الست" عندما يصدح صوتها، ثم تناول "سترة" كانت أمامه على الطاولة ووخز ابرة الخياطة بعصبية ونظر نظرة غضب! علمت معناها بان وقت الزيارة انتهت...
غادرت ولم أر "أبو صهيب" خلال الشهرين الذين قضيتهما في الشركة قبل انتهاء تنسيبي وعودتي الى بغداد.

http://panoramanews.com.au/oldsite/index.php?option=com_content&view=article&id=2303:2012-10-10-21-45-21&catid=36:mati-kalo-articles&Itemid=80

[يوسف الو]

الأستاذ متي كلو
ابو صهيب هو احد اصدقائي حيث كنت ازوره بأستمرار وكل ما ذهبت للموصل تقريبا وكان حيا يرزق حتى مغادرتي العراق عام 2009 وكانت آخر زيارة له عام 2008 وكان وضعه النفسي والصحي ليس جيدا حيث طلبت منه ان اجري معه لقاءا خاصا وانشره في جريدة طريق الشعب لكنه اعتذر مني قائلا : يا صديقي ( خلينا ساترين على نفسنا ....... ) وتكلم كثيرا  !! , محل الأقمشة الذي تكلمت عنه اغلقه في بداية التسعينات بسبب الظروف المعاشية الصعبة وحوله الى مقهى بعنوان ( مقهى كوكب الشرق أم كلثوم ) بيافطة كبيرة وضعت فوق باب المحل وبالداخل زين المقهى بعشرات الصور لكوكب الشرق بما فيها العديد من الصور التي كان قد التقطها معها ومع فريد الأطرش وعبد الحليم ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي واحمد رامي وزينت مقهاه ايضا عشرات الصور لحفلات كوكب الشرق والشخصيات الفنية والسياسية التي صورت معها ام كلثوم بما فيهم جمال عبد الناصر والملك فاروق .
هذه بعض الاضافات على مقالك الشيق لأبا صهيب الطيب الذكر اتمنى ان يكون حيا يرزق ويتمتع بصحة جيدة لأنه احد اصدقائي ومن محبي الفن الأصيل الخالد .