مشاكســــــة زغــاريد ســـنجارية... ودمــوع باريســية/مال اللـــه فـــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, نوفمبر 18, 2015, 07:26:45 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

    مشاكســــــة
زغــاريد ســـنجارية... ودمــوع باريســية



برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللـــه فـــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com



إهتزت الاسرة الدولية بعنف ودهشة وهي تجد نفسها فجأة امام حدثين متضادين امسكا بوجيب القلوب وبارتعاشة المشاعر وهي تتلمس عن قرب تضاريس ابتسامة تنشج، ومعاناة جراح تبتسم، وكأن اللحظة المدهشة لا تتحقق الا بتمازج الاضداد، فلا فرح يكتمل ولا حزن يستمر، وهذا ما حفرته على اديم الذاكرة الانسانية باريس وسنجار معا في يوم غير معلن، أنجبته الصدفة المحض، وكأن القدر اراد بهاتين المدينتين تجسيد فلسفة الحياة التي تؤكد بأن (ما الحيـــاة الا عـــرس اقيـــم علــــى جوانــــــب مأتـــــم).
ففي واحدة من اهم الملاحم المعاصرة التي كانت اشبه بالصفعة العنيفة والمفاجئة على الوجوه الكالحة للارهابيين القتلة اعداء الحياة والمحبة والانسانية والقيم السماوية التي اذهلت المجرمين الاراذل وافقدتهم صوابهم، زف الرئيس مسعود بارزاني الى الرأي العام من ارض المنازلة الملتهبة مباشرة، بشرى تحرير مدينة سنجارعلى ايدي البيشمركه الابطال وبمساندة الجهد الدولي من رجس الذئاب الداعشية المنفلتة التي اقترفت بحقها وبحق اهلها من الايزديين من الجرائم والموبقات ما يندى له جبين الانسانية خجلاً، بدءا من الاعدامات والمقابر الجماعية ضد الرجال والنساء مرورا بالاغتصابات الجماعية للفتيات وانتهاء ببيع النساء كسبايا في اسواق النخاسة خلافا لكل القيم السماوية والاعراف الانسانية والمعاهدات الدولية وفي مقدمتها بنود واحكام الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
وبحسب وثيقة صادرة عن هذا التنظيم الارهابي السرطاني الخبيث فقد حدد هؤلاء القتلة القادمون من عمق دياجير العهر والفساد والهمجية سعر المرأة السبية التي يتراوح عمرها بين 30-40 سنة، بمبلغ 75 الف دينار، ومن يتراوح عمرها بين 20-30 سنة، بمبلغ 100 الف دينار، ومن يتراوح عمرها بين 10-20 سنة، بمبلغ 150 الف دينار، ومن يتراوح عمرها بين 40-50 سنة، بمبلغ 50 الف دينار، كما حددت وثيقة القتلة اسعار الاطفال الذين قاموا باختطافهم وانتزاعهم من احضان امهاتهم ممن تتراوح اعمارهم بين (سنة واحدة – 9 سنوات) بـ200 الف دينار، فاية دناءة واي انحطاط واي رذائل هذه ان يتم استعباد الانسان الذي خلقه الله حرا، وان يتم اختطاف الفتيات والنساء والاطفال من اسرهم واغتصابهم وبيعهم كأي سلعة في اسواق النخاسة؟
وحيث فرضت (سنجار) اسمها على خارطة الاحداث، فهناك من يربط اسمها وهي التي يعود تاريخها الى الألف الثالث قبل الميلاد بقصة الطوفان حيث أن سفينة سيدنا نوح (حسب ادعائهم) اثناء مرورها بالجبل اصطدمت به فقالوا هذا (ســن جبـــل) جارعلينا فسميت (ســن- جــــار) (ســـنجار)، في حين جاءت أصل التسمية الكوردية لها (شـــنكال) من دمج كلمتين وهما (شـــنك) ويعني الجميل و(آل) وتعني الجهة، أي الجهة الجميلة.
على الجانب الآخر، وفي الوقت الذي كانت فيه مدينة شنكال المدمرة تتحامل على جراحاتها وهي تنهض من تحت ركام الهدم والتدمير ورائحة الموت العفنة، مطلقة زغاريد النصر ابتهاجا بتحريرها من بين مخالب وانياب الذئاب الارهابية المنفلتة، كانت على البعد، عاصمة الفن والادب والاصالة والثقافة والحضارة والحريات العامة، التي انجبت خيرة الفلاسفة عبر التاريخ وفي مقدمتهم هازاريسن وديكارت وفولتير وروسو وسارتر وفوكو وشتراوس، وخيرة الادباء والمثقفين والمفكرين وفي مقدمتهم هيجو واميل زولا وغوستاف واناتول فرانس، وخلدت ابرز جوانب الحضارة والتاريخ عبر مسيرة الحياة والتطور الانساني من خلال حوالي (150) متحفا، في مقدمتها اللوفر الشهير وقصر طوكيو ومركز بومبيدو والقصر الذهبي ومتحف الانسان، اضافة الى المئات من الفنانين والمسرحيين والرسامين، كانت تتعرض لواحد من ابشع اعاصير الارهاب النتنة الذي استهدف المئات من الابرياء، واذا ببرج ايفل يهتز بقوة حزنا على ارواح الضحايا الابرياء لكنه لم ولن يتهاوى، واذا بقوس النصر يتمايل لكنه لم يسقط واذا بكل كنوز اللوفر الاثرية تصرخ بكل اللغات عبر التاريخ منددة بالارهابيين السفاحين الذين سرعان ما تساقطوا غارقين بعار خزيهم ونتانتهم بعد ان اغتالوا واصابوا بهمجيتهم وساديتهم المئات من الابرياء واذا بباريس عاصمة الضوء والالوان وصخب الحياة ترتدي السواد وتذرف الدمع وتطفئ انوار ومصابيح قوس النصر وبرج ايفل لتغرق في الظلام حزنا وحدادا على ارواح الضحايا وهي تنشج بألم واضعة بنشيجها العالم كله امام مسؤولياته الاخلاقية والانسانية والقانونية في توحيد الجهد الدولي وتصعيده على جميع الجبهات وعبر كل الوسائل والاسلحة المتاحة بفعل سريع حازم حاسم لاجتثاث هذا السرطان الارهابي الخبيث الذي يهدد الانسان والحياة في كل مكان.
لقد سبق للعراق عامة ولاقليم كوردستان على وجه الخصوص ان قرعا جرس الانذار امام الاسرة الدولية مذ ان سقطت الموصل بايدي الارهابيين القتلة محذرين من الاخطار الحقيقية والمباشرة المحدقة بالانسانية في كل مكان بسبب انفلات ذئاب الارهاب المسعورة هذه والتي تمارس احط اساليب القتل والتدمير والابادة الجماعية ضد كل من يعارض ايديولوجية ارهابها، وقد اطلعت الاسرة الدولية على مئات وربما الاف الصور والافلام التي وثقت جوانب مأساوية من بضاعة الموت التي سوقها وما يزال يسوقها يوميا الارهابيون السفاحون لبث الرعب وتوجيه رسالة تهديد وتحد واضحة للرأي العام، بدءا من الاعدامات الجماعية مرورا بحرق المعارضين وهم احياء او رميهم من فوق اسطح البنايات الشاهقة واغراقهم بمياه الانهار حتى يلفظوا انفاسهم الاخيرة انتهاءً بقطع رؤوس الاطباء والصحفيين واساتذة الجامعات وبسحق رؤوس واجساد المواطنين وهم احياء بالجرافات العملاقة امام اسرهم وذويهم في الشوارع والساحات العامة، ولعل الاهم والاخطر جريمتهم بمصادرة طفولة الاطفال وتلويث براءتهم باجبارهم على الانخراط بدورات دموية وتعليمهم فنون الارهاب وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث، مما يهدد ببناء وانتاج اجيال من الارهابيين المتمرسين بالجريمة المنظمة وفق الايديولوجية الارهابية التي لا تستثني احدا، لكن مختلف الدول الكبرى كانت في واد ودعوات التصدي لأعتى تنظيم ارهابي في واد آخر مما وضع العالم ومن خلال هذا الاستهداف الارهابي الاخير على الاراضي الفرنسية امام تحد حقيقي للوجود الانساني برمته، فهل يكون هذا الاستهداف اشبه بالصفعة التي ستوقظ المجتمع الدولي من غفوته قبل فوات الاوان؟ هذا ما نرجوه قبل ان يتحول الانسان الى هدف للقتل والاستهداف والابادة في كل مكان.