رئيس الوزراء الآلي

[متي اسو]

رئيس الوزراء الآلي

بالامس كنت استمع الى برنامج " نقطة الحوار" الذي اجرته  محطة تلفزيون بي بي سي واستظافت فيه بعض الشخصيات السياسية العراقية كما اتصلت ببعض المواطنين للاطلاع على أرائهم بشأن تنصيب السيد حيدر عبادي رئيسا للوزراء.
تكلم السياسيون اولا ، بدا لي من كلامهم انهم يقدسون القانون والالتزام بالدستور والحب المفرط للعملية الديمقراطية والانتخابات ، تعجبت كيف يسيل الدم انهارا في الشوارع ولنا مثل هؤلاء السياسيين ، سوف لن اسرد ما دار من الحديث لان اي عراقي يستطيع ان يخمن ما سوف يقولونه في "التبرير القانوني" لفرض وجهات نظرهم . وهكذا كان من يؤيد ومن يعارض تنصيب رئيس الوزراء الجديد.
ما اثار انتباهي هو عندما سأل المذيع رأي احد الاخوان بشأن رئيس الوزراء الجديد ، اجاب المواطن " سوف لن ينجح لا هو  ولا غيره " ، عندما استفسر المذيع عن السبب وماذا يقترح اجاب المواطن " لكي نحل هذه المشكلة يجب ان نستورد " رئيس وزراء ألي ". اضحكنا اقتراحه .قال له المذيع ان مثل هذا الشخص غير متوفر ، اجاب المواطن " ولِما  لا  ؟ نحن دولة نفطية نستطيع تكليف اليابان بتصنيع هذا الشخص الآلي حتى لو كلفنا 4 أو 5 مليارات من الدولارات كي يرضى عنه الجميع ، لانه سيكون حياديا لا ينتمي الى اي من الجهات المتصارعة " .
ضحكت وأنا افكر بهذا الاقتراح الطريف ، قلت في نفسي " كلا ، سوف لن ينجح الانسان الآلي ايضا". بعد فترة وجيزة من تنصيبه سنسمع ما يلي:
- ذهبت كل من السعودية و قطر ومنحتا اليابان مليارات كي تبرمج هذا الانسان الالي ليعمل لصالح الجهة الفلانية، وسوف يدعمون اقوالهم بمقالات وصحف عالميه واقراص الـ دي في دي .
- سيحلف فريق أخر بأغلظ الايمان من ان الانسان الآلي قد تم انزاله في ايران وتم تعديل برمجته لصالح الجهة الفلانية. وسيقدمون مستمسكاتهم ايضا بهذا الخصوص .
- اكتشفنا بأن علماء امريكان ساهموا في صنع هذا الانسان الآلي واستطاعوا بغفلة من علماء اليابان تحريف برمجته بالشكل الذي نرى نتائجه اليوم ، وما هذا القتل في كل مكان الا بسبب هذه البرمجة الخبيثة .
الانسان العادل في رأي اية جهة سياسية عندنا هو ذلك الانسان الذي يحقق مصالحها الحزبية والذاتية فقط...:نعم لمصلحتها فقط... وإلا فهو مبرمج من الخارج او من دول الجوار.
لهذا يجب علينا فرض حماية مشددة لرئيس الوزراء الآلي هذا . قفص من الزجاج يقاوم رصاص المسدسات الكاتمة. غرفة فولاذية لا تتأثر بالمفخخات والعبوات الناسفة ، ومواد ضد الحريق الذي يشب من حين الى آ خر في حسابات وزاراتنا.
كما اقترح ان لا يكون له رأس ورقبة شبيه بالانسان كي لا يتم قطع رأسه والتمثيل بجثته  اذا استطاعت اية قوة " وطنية غيورة " النيل منه .
اني لا انكر ان العراق اصبح ساحة للصراعات الاقليمية والدولية ... لكن ذنب من هذا ؟ امطلوب منا القضاء على كل هذه الدول كي ننعم بالراحة ؟.. كيف؟ أم نجلس ونلطم كالعجائز لا حول ولا قوة لنا ؟ أليس من الافضل ومن المعقول ان نقف لنحاسب سياسيينا لانهم سبب كل هذا ؟ ام نبقى كما كنا نردح لهذا وذاك بالروح بالدم ؟
اتعجب عندما يقال ان الحدود مفتوحة لكل من هب ودب .. هل نتكلم هنا عن مهربي مواشي او عن عصابات عادية ؟ اننا نتكلم عن ارهابيين تستقبلهم حاضنات تمثل جزءا كبيرا من الشعب العراقي ، اننا نتكلم ايضا عن احزاب تناصرها اغلبية الشعب العراقي وهي تسمح لايران وغيرها التدخل في شؤوننا ، العيب ليس في ايران او تركيا او قطر او السعودية او امريكا ، هذه الدول تريد مصالحها ، فلماذا لا نفعل نحن كذلك ( اقصد مصلحة الوطن وليس مصلحة احزابنا)... العيب فينا .. فينا فقط وليس بغيرنا .. اننا نرفض رئيس الوزراء الآلي لاننا نكره بعضنا البعض ، مصلحة ذواتنا هي التي تقودنا الى الاستقواء بالخارج .... ومثقفينا واشباههم لا هم لهم سوى ارضاء انتهازيتهم ووضع الغشاوة على اعيننا .