سنة ويوم ميلاد السيد المسيح الحقيقيين

بدء بواسطة موفق نيسكو, ديسمبر 22, 2013, 04:26:57 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

موفق نيسكو

سنة ويوم ميلاد السيد المسيح الحقيقيين





نكتب موضوعنا ونتمنى أن يكون سبباً في توحيد الأعياد ولم شمل المسيحيين، لأننا نرى أن هذه المعلومات تساعد القارئ الكريم في معرفة أن سبب الاختلاف في مواعيد الأعياد ليس سبباً دينياً أو إيمانيا، وإنما هو سبب تقويمي بحت وغير مهم (أسباب واهية)، وأن تحديد يوم العيد هو رمزي، وبذلك تكون فكرة لدى القرَّاء بعدم القبول بتفسيرات معينة من قِبلْ البعض لتبرير الانقسام، كما أن زيادة المعرفة لدى القرُّاء الكرام عن سنة ويوم ميلاد السيد المسيح هو مهم جداً لأن هذا التاريخ أصبح تاريخاً لجميع البشر، علماً إنني بعد بحث طويل وصلتُ إلى نتيجة ورأي جديد في حصر سنة ويوم ميلاد المسيح، أتمنى أن أُوفَّق به، لذلك أقول:

يعتقد أغلب الناس أن السيد المسيح ولد قبل 2013 سنة، وهذا خطأ تاريخي لم يعد اثنان من علماء الكتاب المقدس والمؤرخين وذوي الاختصاص يختلفون عليه، لأن السيد المسيح مولود بين (4–6) سنوات قبل الميلاد، أي أننا بالحقيقة في سنة 2018م أو 2019م، وهناك عدد قليل جداً من المؤرخين يرجعون ميلاد السيد المسيح إلى سنة 7 قبل الميلاد، مستندين على تداخل برجي المشتري وزحل في هذه السنة باعتباره النجم الذي ظهر للمجوس، وبإمكان القارئ مراجعة الطبعات الحديثة للكتاب المقدس ليتأكد من ذلك لأن هذه المعلومة مذكورة في نهايته بأن السيد المسيح ولد بين سنة 4–6 قبل الميلاد.

قبل ميلاد السيد المسيح كان الرومان يستعملون التقويم الروماني، ويعتمد هذا التقويم على بناء مدينة روما سنة 753 قبل الميلاد الحالي (2013م)، وفي عام 46 ق.م. أصدر يوليوس قيصر تقويماً يُسمَّى التقويم اليولياني، واستمر العالم المسيحي بالعمل بالتقاويم الرومانية وغيرها إلى سنة 532م حيث أوعز الإمبراطور الروماني جوستاينوس (627–565م) إلى الراهب دينوسيوس الصغير الأرمني (متوفى سنة 540م) بوضع تقويم مرتبط بميلاد السيد المسيح يستند عليه المسيحيون بدل التقاويم الرومانية القديمة وغيرها، فقام هذا الراهب بوضع تقويم مستنداً على التقويم الروماني، وظن هذا الراهب أن السيد المسيح قد ولد سنة 753 من تاريخ روما، لذلك عَدَّ أن سنة 754 من تاريخ روما هي سنة واحد ميلادي، وقد أخطأ هذا الراهب، وهناك دلائل كثيرة تُثبت ذلك منها أن هيردوس الملك الذي ولد السيد المسيح في زمانه، توفي في ربيع سنة 750 من تاريخ روما، أي سنة 3 قبل الميلاد، حيث وردت حياة هيردوس بتفاصيلها لأكثر من مؤرخ ومنهم معاصرين له، ولذلك فالسيد المسيح مولود قبل موت هيرودتس بسنتين أو ثلاث، أي قبل الميلاد الحالي بخمسة أو ستة سنوات، ولا داعي لذكر أدلة أخرى ومصادر لأن هذا الأمر أصبح حقيقة لم يَعُدْ يختلف عليها اثنان كما ذكرنا، وسنُركِّزْ على يوم ميلاد السيد المسيح لأن المعلومات بشأنه قليلة، ولأن الاحتفال بالعيد يتم حسب يوم ميلاده.

– في أي يوم ولد السيد المسيح؟
إن السيد المسيح قد ولد في العشرة أيام الأخيرة من الشهر التاسع أيلول سبتمبر، وهناك من يعطي حداً أقصاهُ 5 أكتوبر تشرين الأول، لكني أُرجِّحْ العشرة أيام الأخيرة فقط من شهر أيلول سبتمبر وحداً أقصاهُ (1) أكتوبر كما سنرى.

– كيف نعرف في أي يوم ولد السيد المسيح؟.
إن يوحنا المعمدان أكبر من السيد المسيح 6 أشهر، لأن الملاك بشَّر مريم العذراء في الشهر السادس من حبل اليصابات بيوحنا (وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة. (لوقا1: 26). وأيضا (فأجاب الملاك وقال لها، روح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله، وهوذا اليصابات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً. (لوقا1: 35–36)، إذن يوحنا المعمدان أكبر من السيد المسيح بستة أشهر، وهذا ثابت وواضح.

– كيف نعرف متى ولد يوحنا؟
1: إن زكريا أبو يوحنا كان من فرقة أبيا، وكان يُبخِّر في الهيكل عندما بشره الملاك جبرائيل بأن اليصابات ستحبل (كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبيا وامرأته من بنات هرون واسمها اليصابات، فبينما هو يكهِّن في نوبة فرقته أمام الله، حسب عادة الكهنوت أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الرب ويبخِّر). (لوقا1: 5–9)
2:  نعلم من الكتاب المقدس حسب سفر (1 أخ 24: 10) أن الكهنة (اللآوين) كانوا يخدمون ويبخِّرون في الهيكل بالنوبات بعد الفصح اليهودي أي بعد منتصف نيسان، وكل نوبة كانت أسبوعاً كاملاً، ونوبة زكريا أبو يوحنا كانت في الأسبوع الثامن لأنه كان من فرقة أبيا، وبناء عليه فإن نوبة زكريا كانت في منتصف حزيران، وإذا حسبنا تسعة أشهر فإن مولد يوحنا المعمدان يكون بعد منتصف الشهر الثالث آذار مارس، وميلاد السيد المسيح يكون بعد منتصف الشهر التاسع أيلول سبتمبر، يؤيد ما نقوله ما جاء في إنجيل لوقا (2: 8–20) بأنه كان هناك رعاة يحرسون الليل على رعيتهم في الليل في البرية، وهو منطقي مع وجود الرعاة في البرية في الشهر التاسع وليس في شهر كانون الأول في عز الشتاء، ويؤيد ذلك ما جاء في تواريخ اليهود بأن الماشية كانت تُطلق في العراء في شهر آذار وتعود إلى زرائبها في بداية تشرين الأول، إضافةً إلى أن الإحصاء الروماني كان في الخريف وهذا أيضاً منطقي لأنه كان بعد الحصاد وحرارة الصيف وقبل الشتاء البارد.

– إن سنة قيامة السيد المسيح ثابته وهي سنة 33 بعد الميلاد (التاريخ الحالي) وسنتحدث عن ذلك في عيد القيامة، لذلك فإن السيد المسيح قد عاش على الأرض 37 سنة ونصف، لهذا قال له اليهود: ليس لك خمسون سنة بعد أفرأيت إبراهيم (يوحنا 8: 57)، علماً أن سنين فرق ميلاد السيد المسيح لم تُضاف إلى السنة الميلادية، أي إن التاريخ الميلادي الحالي المعتمد يقل 5 سنوات عن الميلاد الحقيقي، وإن علماء الكنيسة آثروا إتباع الخطأ المشهور على الصواب المهجور، معتقدين أن بقائه مع معرفة الخطأ أفضل من الصواب الذي يحدث تشويش وبلبلة، وأضافوا هذه السنين إلى حساباتهم الدينية لآباء ما قبل المسيح.

أمَّا الشيء الجديد فهو:
منذ سنين عديدة ومسألة تحديد يوم واضح أو على الأقل حصر يوم ميلاد السيد المسيح باثنين أو ثلاثة أيام تُشغلني، وبما أن حقيقة أن السيد المسيح ولد في العشرة أيام الأخيرة من أيلول سبتمبر وكحد أقصاهُ 5 تشرين الأول أكتوبر، كما بيَّنا، لذلك حاولتُ أن احصر سنة ويوم ميلاد السيد المسيح، فتوصلتُ إلى أن السيد المسيح قد ولد سنة 5 قبل الميلاد، وفي اليومين أو الثلاثة الأخيرة من الشهر التاسع أيلول سبتمبر، أي بين 28–30 سبتمبر، وعلى الأكثر يوم 29 أو 30 سبتمبر.

– كيف بَنيتُ حساباتي؟
1: إن جميع الاحتفالات الدينية مثل عيد الفصح اليهودي وكذلك المناسبات العامة كالزواج والسفر وغيرها كانت مرتبطة قديماً في الأيام التي يكون فيها القمر (بدراً) أي عندما يكون عمر القمر 14 يوماً، وذلك لتأمين الضوء في الليل، ولا يزال إلى يومنا هذا يتم تحديد عيد قيامة السيد المسيح حسب البدر، وهذا الأمر لم يقتصر على اليهود والمسيحيين  فقط بل عند البابليين القدماء، وكان موجودا عند سكان البادية من العرب وغيرهم، ويحتفل به الرعاة من أجل خير ماشيتهم، ولا يزال هذا التقليد قائما إلى اليوم عند بعض البدو في فلسطين.
2: أن الإحصاء الروماني الذي حدث في عهد كيرنيوس  هو الإحصاء الثاني للإمبراطورية الرومانية، والأول كان سنة 20 ق.م.، وكان الرومان قد قرروا عمل الإحصاء كل 14 سنة ولذلك فأن الإحصاء الثاني كان في عهد كيرنيوس،ونعلم أن كيرنيوس جاء إلى سوريا سنة 6 ق.م.، لكنهُ انشغل في البداية بمحاربة قبيلة الهومانيين في جبال طوروس المتمردة على الرومان وقتل ملكهم انيتاس، فأمر الإمبراطور اغسطس أن يوشح بحلل الانتصار ويكون والياً على سوريا.
3: إن الإحصاء ما كان ليتم إلاَّ بأخذ وضع البدر في الاعتبار ليسافر الناس ليلاً والمكوث عدة أيام من أجل الاكتتاب، لأنه كان إحصاءً إجبارياً على الجميع، ولذلك عندما صعد يوسف ومريم لم يكن هناك مكان للنزلاء في الفندق، فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في مذود لأنه كان لا محل لهما في الفندق (لوقا 2: 7 الترجمة المشتركة) وفي الترجمة الكاثوليكية المضافة وفي غيرهما المنزل.
4: من حقيقة أن السيد المسيح ولد بين 4–6 قبل الميلاد، وفي نهاية الشهر التاسع أيلول سبتمبر، إذا استطعنا أن نصل إلى نتيجة مفادها أن القمر كان بدراً في العشرة أيام الأخيرة من الشهر التاسع من سنة 4 أو 5 أو 6 قبل الميلاد، فسوف تكون تلك السنة هي سنة ميلاد السيد المسيح دون غيرها، واستطعتُ التوصل إلى قمر سبتمبر في سنة واحد ميلادي الحالي، ولم استطيع من تسقيط بدر سبتمبر قبل الميلاد على السنة الشمسية إلاَّ بعد استشارة البرفسور الدكتور الفيزيائي متي مقادسي والذي ساعدني مشكوراً حيثُ استطعتُ من تقسيط السنة القمرية على الشمسية والتوصل إلى أن القمر كان بدراً في العشرة أيام الأخيرة من سبتمبر سنة 5 قبل الميلاد فقط (لا سنة 4 ولا 6)، وتحديداً يوم 30 سبتمبر، وهي نتيجة رائعة جداً، لأنه إضافةً إلى دليل أن الإحصاء كان في الخريف، فإن الإحصاء كان نهاية أو بداية شهر، وهو أمر معقول جداً في مثل هذه الأمور ويُعزز الرأي أكثر، والأروع من ذلك أن يوم 30 سبتمبر سنة 5 قبل الميلاد، كان يوم الخميس، وهذا يُثبِّتْ الرأي أكثر في أن الإحصاء كان في نهاية الأسبوع قبل عطلة السبت لكي يرجع الناس إلى بيوتهم، وليس في بداية الأسبوع حيث تكون بداية الأعمال عادةً، ولهذا وصلتُ إلى نتيجة أن السيد المسيح ولد في يوم 29 أو 30 من سبتمبر سنة 5 قبل الميلاد.

وما يُعزز الرأي بأن السيد المسيح ولد سنة 5 قبل الميلاد أي قبل سنتين من موت هيرودس الملك، هو أن هيرودس الملك كان قد أمر بقتل الأطفال من عمر سنتين فما دون (متى 2: 16)، وهناك أمر آخر من يوسيفوس في كتاب تاريخ اليهود 17 فصل 8 يدعم ذلك وهو: أن هيردوس ابتلى بعدة أمراض قبل موته بمدة منها الصرع وأن أمعائه تقرَّحت، وبدأ الدود يتناثر منه..الخ، وكل من رآه قال إن الله عاقبه لشدة مظالمه وإراقته الدماء، وهذا يعني إن السيد المسيح لم يولد سنة 4 قبل الميلاد، لأن ذلك يعني أن عمره كان ستة أشهر، وكان يومها هيرودس مريضاً، كما أن السيد المسيح بقي مدة شهرين على الأقل قبل ذهابه إلى مصر حيث قُدِّمَ إلى الهيكل بعد أربعين يوماً من ولادته حسب الشريعة، وأكثر المصادر تؤكد على أن المسيح بقي في مصر أكثر من سنة وهذا يعني أنه مولود قبل سنة 4 ق.م.  ولذلك فإن السيد المسيح ولد سنة 5 قبل الميلاد.
– بالنسبة لعيد الميلاد فهو يوم رمزي، وكان المسيحيون الشرقيون يحتفلون به في يوم 6 كانون الثاني مع عيد الغطاس (الدنح) منذ القرن الثاني بعد الميلاد، وفي سنة 354م احتفلت كنائس الغرب ومنها كنيسة روما في 25 كانون الأول، وهناك مصادر تقول أن الغرب أخذ العيد عن طائفة عُبَّاد الشمس (مثيرا)، لكني لا أُعوَّل على ذلك وقد تكون صدفة استغلها الشرقيون للنكاية بالغرب، واعتقد أن الغرب أخذ الانقلاب الشتوي في 23ك1 سبباً لذلك، وبغض النضر عن السبب فإن الكنائس الغربية في تحديدها 25 ك1 منطقية وموفَّقة أكثر من الكنائس الشرقية، لأنه بعد ثمانية أيام من الميلاد يكون يوم 1/1 هو يوم ختان السيد المسيح الذي فيه سُمِّي (يسوع)، وهو رأس السنة، لأن الطفل في العهد القديم كان يُحسب من أبناء الشريعة من يوم ختانته، أي بعد ثمانية أيام من ميلاده، ولذلك فتحديد الغرب اصح من الشرق وفيه معنى.
– إن معنى العيد الحقيقي في رأس السنة الميلادية وقيمته الأساسية من الناحية الدينية والإيمانية هو عيد ختان السيد المسيح، وليس رأس السنة، وعيد الختان هذا يُسمَّى (عيد ماراني أي سيدي) أي عيد مرتبط بالسيد المسيح مباشرةً، وهو لا يقل في أهميته عن عيد الميلاد من الناحية الإيمانية، أمَّا عيد رأس السنة فهو نتيجة لعيد الختان وليس سبباً له، لأن السنة موجودة قبل السيد المسيح، أمَّا الختان فمرتبط مباشرةً بالمسيح، لهذا فإن رأس السنة هو أيضاً عيد ولكنه احتفالي، ولذلك فإن أغلب التقاويم الكنسية (الرزنامة) تكتب يوم 1/1، عيد ختانة الرب، وهو عيد رأس السنة الميلادية.

– ليس ليوم 7/1 التي تُعيد له الكنيسة القبطية علاقة بيوم 6/1 الذي تُعيِّد له الكنائس الشرقية (الغطاس)، بل أن عيد الأقباط مرتبط بتقويم قديم خاص بهم يعو د لسنة 4241 ق م.، ومُسقَّطْ على التقويم اليولياني الذي ثبت بأنه خطأ وتم تصليحه سنة 1582م، وإذا استمرت الكنيسة القبطية على هذا الخطأ، فسوف تُعيِّد سنة 2100م في 8/1، وبعد 134 سنة في 9/1 وهكذا كل 134 سنة يزداد يوماً، ولهذا فان الكنيسة القبطية ستعتمد التقويم الغربي عاجلاً أم آجلاً، أمَّا سبب التعنُّت والاستمرار على الخطأ فسنذكره في مقالة عيد القيامة علماً أنها أسباب طريفة وشَيِّقة نوعاً ما.

– كان موعد عيد الميلاد السبب الوحيد لانقسام الكنيسة السريانية الشرقية (الكنيسة الجاثليقية الشرقية) ابتداءً من28 آذار سنة 1964م، عندما أراد البطريرك الراحل إيشاي دواد اعتماد التقويم الغربي، فتم انقسام الكنيسة سنة 1968م إلى، الكنيسة الشرقية القديمة، وكنيسة المشرق الآشورية، والغريب بالأمر أن الكنيسة الشرقية القديمة بدأت بالاحتفال في 25ك1 بدل 7/1 قبل أربع سنوات، والسؤال لماذا انقسمت أصلاً؟، وقبل عدة أيام وجهتُ سؤالي هذا إلى أحد كهنة الكنيسة الشرقية القديمة وقلتُ: حسناً فعلتم ولكن لماذا لا تعودوا وتتحدوا؟، فأجابني: ما تم قد تم، والوحدة أصعب من الانفصال!.
كل عام والجميع بخير وسنة مباركة