رسالة إلى شابات وشباب انتفاضة تشرين المجيدة/د م. يوسف شيت

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 11, 2019, 09:01:50 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

رسالة إلى شابات وشباب انتفاضة تشرين المجيدة     


برطلي نت / بريد الموقع

د م. يوسف شيت

تتوجّه أنظار العالم اليوم إلى العراق، لا إلى كبره أو صغره أو موقعه فهذه معروفة، بل إلى ما آلت إليه أوضاع الشعب العراقي وما يلاقيه من نكبات ومظالم منذ عقود، وبالذات تتوجّه هذه الأنظار إليكم يا بنات وأبناء هذا الشعب الأبي وما تسطّرون من بطولات وتضحيات من أجله ومن أجل مستقبلكم وصيانة كرامتكم التي هي كرامته وانتزاع حقوقكم المشروعة من أيدي طغمة تسلّطت على العراق منذ ستة عشر عاما لا تعرف سوى السرقة ونهب المال العام وتاركة الإرهاب، بكافة تشكيلاته، يصول ويجول ليزهق الأرواح ويرهب الناس، مخلّفة وراءها جيوشا من البطالة والفقر والجهل والحرمان من أبسط حقوق الإنسان التي أقرّتها الشرائع الدينية والوضعية. لا نستغرب تحدّيكم لإرهاب السلطة حتى انتزاع حقوقكم، لأنّكم أحفاد ثورة العشرين وشهداء مجزرة كاور باغي 1946 ووثبة كانون 1948 وانتفاضتي 1952 و 1956، وتكللت تلك البطولات بقيام ثورة 14 تمّوز 1958 التي مهّدت لقيام نظام حكم ديمقراطي، لكن المؤامرات عليها، ومنذ يومها الأول من داخل وخارج العراق لم تهدأ حتى سقوطها على أيدي الزمرة الفاشية البعثية وحلفائها في شباط 1963،وحينها صرّح قائدهم المقبور علي صالح السعدي: "لقد جئنا على قطار أمريكي"، واستشهد على أيدي الزمرة الدموية الآلاف من العراقيين وفي مقدّمتهم قائد الثورة الفريق الركن عبد الكريم قاسم ورفاقه وقادة الحزب الشيوعي العراقي سكرتير الحزب حسين أحمد الرضي- سلام عادل ورفاقه. لكنّ شباب العراق لم يسكت على تلك المجازر البشعة، فقامت مجموعة من الجنود الشباب وضباط الصف بقيادة الشهيد حسن سريع يوم 3 تمّوز 1963 بانتفاضة مسلّحة ضدّ حكم الفاشست، ولكن أخفق الثوّار الأبطال للوصول إلى النهاية المظفرة، فأعدم الثوار وهم مرفوعي الرأس. هؤلاء هم أبناء العراق الغيارى على وطنهم الذين تحذون اليوم حذوهم. زال البعث بعد حكم دام تسعة أشهر، لكن الأحداث والظروف جاءت بهم مرة أخرى وعلى نفس القطار وساروا على ذات النظام الفاشي، مما حدا بالقوى الوطنية مقاومة النظام بالسلاح وتنظيم فصائل الأنصار المسلّحة في كردستان إلى جانب فصائل الأحزاب الكردية وبعض المسلحين في أهوار الجنوب، وانتهى حكم البعث الثاني بعد أن قاموا بمجازر، خاصة بعد انتفاضة آذار 1991ودفن مئات الألوف في مقابر جماعية.

وبعد الاحتلال الأمريكي في نيسان 2003، أبى المحتل إلاّ ويزرع الفتنة لتقسيم العراق بتأسيسه لنظام المحاصصة الطائفية والأثنية مما أسال لعاب الأحزاب الطائفية والقومية لتقاسم الكعكة وبموافقة دول الجوار التي رأت في هذه الأحزاب بوابة واسعة للهيمنة على ثروات العراق، وقامت أبواقها بنشر الإرهاب والفتن الطائفية وتجهيل الناس بما يجري من جرائم بحق الشعب العراقي. لم تسكت الجماهير العراقية عمّا يحدث فاتفضت في 25 شباط 2011 مطالبة بالاصلاح، فقمعت الانتفاضة بوحشية بعد سقوط شهداء وجرحى. تجددت الانتفاضة في تمّوز 2015 وقمعت أيضا بوحشية وبتدبير باحتوائها من الداخل. اليوم تجددون الانتفاضة التي بدأتموها لنفس الأسباب: تفاقم البطالة والفقر وانعدام الخدمات وحرمان المواطن العراقي من أبسط حقوقه والحطّ من كرامته التي هي كرامة الوطن وتطلقون عليها اليوم، وبحق، ضياع الوطن وتصرخون، بحق، " نريد وطن". رغم سقوط مئات الشهداء من بينكم والآلاف من الجرحى، إنّكم تواصلون اليوم وبكلّ جرأة وشجاعة مسيرة الحياة التي ، لا محالة، ستصل إلى نهايتها المظفرة وتحققون الحلم الذي كنّا نناضل من أجله.

أحبتي بطلات وأبطال الانتفاضة، عندما أشاهد صورة شهيد أو أمّه أو أبيه يحملان شعار يتصدّر اسم الشهيد "...أنا أمّك (أبوك) أقف بدلا عنك في ساحة التحرير" حينها تنهمر دموعي ويجف قلمي ولم أجد الكلمات التي تعبّر عن بطولة هؤلاء الشهداء.
لا تثقوا بما يقدّمه رؤوس النظام من إغراءات وحلول لمشاكل الشعب التي هي من صنعهم، فهي من أجل إطالة عمر نظامهم وإيجاد طرق الالتفاف على الانتفاضة. واصلوا الخناق على النظام حتى يستسلم لمشيئة الشعب، وبحق قال الجواهري الكبير:
                   فضيق الحبل واشدد من خناقهم         فربّما كان في إرخاءه ضرر           
كلّنا ثقة، بأنّكم، يا أسود بلاد الرافدين، بلاد الحضارات الإنسانية العريقة ستواصلون انتفاضتكم، سالكين طريق أجدادكم وأبائكم حتى سقوط النظام الفاسد- الفاشل الذي يسيّر من خارج الحدود وقيام نظام وطني ديمقراطي يؤسس لعدالة اجتماعية لكلّ أبناء البلد وبكافة انتماءاتهم الدينية والطائفية والقومية وطبقاته وفئاته الاجتماعية، نظام يبني مستقبلكم ومستقبل الأجيال القادمة، قبلاتي إلى جباهكم المشرقة المبشرة بالخير لكل العراقيين الطيبين،

د م. يوسف شيت