أوربا أفضل القارات للنساء/لويس إقليمس

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 11, 2019, 08:55:50 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

أوربا أفضل القارات للنساء     


برطلي نت / بريد الموقع
لويس إقليمس
بغداد، في 7 تشرين أول 2019
من طبيعة النفس البشرية أن تولي اهتمامًا خاصا بالنساء، بشكلهنّ وتكوينهنّ وجمالهنّووظيفتهنّ نّوجاذبيتهنّ الأنثوية وطبيعة سلوكهنّ ونظراتهنّ وحتى في مشيتهنّ وملبسهنّ ومأكلهنّ. فهي أفضل خلق الله في كلّ هذا وذاك، وهنّ الوجه الحسن للسعادة حين يكملنَ دورة الحياة وتمتزج هذه الحياة مع الماء والخضرة والعشرة الحسنة الطيبة دون استغلال لكلّ صفاتهنّ الرقيقة المعروفة بهنّ عمومًا ومن دون تخصيص. فالخالق الذي صنع حواء من ضلع آدم لترافقه وتسعده وتشاركه الجنّة بحلاوة ثمارها ونظارة أرضها وجمال طبيعتها، قد أجاز لها أيضًا أن تكون شريكة للرجل في كلّ شيء وان تتساوى معه في الحق في الحياة والعمل والإبداع. لا بل قد جاد عليها بأفضل ما في الخليقة وهي مشاركة الخالق في الخلق بنعمة الإنجاب التي لا يقوى عليها الرجل. وبذلك يكون الخالق قد حباها بنعم أكثر من الرجُل الذي وهبه هو الآخر نعمة مميزة وبما يعين المرأة على الحمل والإنجاب وملء الأرض بنينًا وبنات لمجد الله ونماء البشرية وتطورها نحو الأفضل.
قد تختلف نظرة البشر من منطقة لأخرى ومن دين لآخر ومن مذهب لغيره حول المرأة بحسب الثقافات والعادات والتقاليد والأعراف والقوانين. ففي أوربا التي تُعدّ أفضل قارة من حيث احترام حقوق المرأة وتمتعها بمساواة مع الرجل في معظم المجالات وسط مجتمعاتها المتنوعة، نجد هذه الأخيرة في تطور متواصل وباتجاه تنميةٍ وتقدمٍ في مسارات الحياة المتنوعة على غيرها من شعوب القارات الأخرى. وهذه الحالة يمكن الاعتداد بها عالميًا. بل هي نابعة من الفكر الغربيّ المنفتح على الدور المهمّ الذي تضطلع به المرأة بغضّ النظر عن أصلها ونشأتها ووظيفتها. فالمرأة شيء مقدّس عند الإنسان الغربيّ لا يمكن إلغاء دورها وحقها في المساواة مع رفيقها الرجل أو السماح بتعنيفها أو الاستخفاف بطاقاتها وقدراتها التي توازي في الكثير منها قدرات الرجل إن لم تتفوق عليه في بعضٍ منها. بطبيعة الحال، هناك استثناءات لحالات لا تتوافق مع طبيعة تريبة جسدها الناعم ورقتها المألوفة قياسًا مع هيئة الرجل. وهذا ليس من داعٍ للخوض به، لأنه لا يقدّم ولا يؤخّر من حقيقة واقعها ووضعها العام في القوانين الوضعية والتشريعات التي يسنّها الغرب تقديرًا لكفاءتها واحترامًا لقدراتها ومساهمتها في بناء أطر الدول التي تعيش في كنفها. والمرأة الأوربية هي مدعاة دائمة للفخر وإثبات الذات ونموذج يُحتذى به في كل دول العالم.

أوربا جنّة النساء في الأرض
صدقَ مَن وصف أوربا بجنّة النساء على الأرض. فقد ساعدتها آراء الرجل الأوربي المتحررة والفكر الليبرالي المستمدّ من مفكريها وكتابها وفلاسفتها وبالأخصّ خروجها عن شرنقة الكنيسة وولاية رجال الدين عليها وعلى حريتها، كي تكمل دورة الحياة وتثبت ذاتها بفعل إرادتها الصائبة ونزولها إلى معترك الحياة بقوة. فجاءت مساهمتها في إدارة مؤسسات الدولة وتنمية القطاع الخاص متوازية مع حاجات المجتمع إلى دورها الرائد بما تمتلكه من فكر ودراية وطول باع وبما تكتنزه من قدرات تدريبية ومعرفية سريعة في سوق العمالة وفي تسيير العملية الإنتاجية في المعامل والمصانع، بأدواتها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة. فهي من جهة، لا تعبأ بالمصاعب ولا تدع طبيعة العمل تقف حائلاً دون تمكينها من كسب المهارات والإبداع وتحقيق أفضل النتائج. وهذا شأن الكثير من النساء المبدعات في هذه القارة اللائي عزّزن من مواقعهنّ في فنّ الإدارة والمناصب العليا التي كانت حكرًا على الرجل، وذلك بفضل ما أبدته المرأة الغربية من براعة ومهارة ودراية في المواقع التي تسلّقتها.
نظرة إلى واقع المرأة اليوم، نجدها حاضرة وبقوّة في مواقع متقدمة في المنظمات الدولية والمؤسسات الوطنية ترأس لجانًا ودولاً وحكومات وإدارات عامة، ناهيك عن تواجدها في المعامل والمصانع وورش صناعية وزراعية ومكاتب تجارية وشركات عامة وخاصة. بل تُعدّ أوربا أكثر قارة في العالم تديرها نساء كفوءات ومبدعات. ولو أحصينا المَلكات والكفاءات النسائية التي تحكم دول العالم، لرصدنا أن نصفهنّ أو ما قارب ذلك قادمات من أوربا أو منتميات لهذه القارة. وهذا يعطي مفهومًا بمساحة الاحترام والتقدير والاعتراف التي توليها أوربا والغرب عمومًا لدور المرأة في الحياة والذي لا يقلّ أهمية عن الرجل الذي مازال قابضًا بيديه العنيدتين دفة الحكم والإدارة في المجتمعات المتخلّفة ومنها منطقتنا الشرق-أوسطية التي تأبى التقاليد والعادات والأعراف الدينية البائدة الاعتراف بدور المرأة الشرقية وبقدراتها البشرية وطاقاتها الإنسانية والإبداعية إذا ما توفرت لديها الفرصة للتعبير عن الذات.
صحيحٌ أن المرأة في المشرق العربي وعدد من البلدان الإسلامية قد شهدت بعض التقدم، فصارت وزيرة ونائبة واحتلت مناصب إدارية سواء بفضل كفاءتها أم بدعمها من كتل وأحزاب السلطة، إلاّ أنّ ما تلقاه من معوّقات وما تصادفُه من مصاعب ومن عثرات أمامها تكاد تكون كارثية. فهي لا تجرؤ لغاية الساعة، إلاّ ما ندر، كي تخرج بحريتها وتعبّر عن آرائها وتكشف ما تريد قوله بكلّ حرية ومن دون إحراج. فهي في كلّ الأحوال ما تزال خاضعة في العديد من جوانبها وأنشطتها للرجل، سواء في المنزل أم في المؤسسة التي تعمل لصالحها أم لصالح الكتلة أو الحزب الذي يطوّعها ويملي عليها ما ينبغي قوله سواء للإعلام أم في المحافل الوطنية والعامة. وهذا انتقاص من كرامتها وعزة نفسها وعدم إقرار صريح بقدراتها وحرية تعبيرها ونشاطها وفكرها.

لا مجال للمقارنة
لا أريد إجراء مقارنة للمرأة الشرقية مع نظيرتها في الغرب، بقدر ما أودّ التأكيد على حرية كل إنسان في التعبير عن مواقفه وعن رغباته وإرادته. ففي الوقت الذي نجد المرأة الغربية تبتعد أكثر عن أجواء المنزل بحثاً عن وظيفة أو مهنة تؤمّن لها نفقات الحياة الصعبة في بلدان الغرب عمومًا، نجدها في المقابل تهمل دورها البشري في الطبيعة كأمّ منتجة ومتوالدة للحياة من أجل ديمومة هذه الحياة في هذه القارة العجوز التي ابتعدت عن مهمّة الإنجاب وتوالد البشرية بحسب مشيئة الخالق الأساسية. وهذه نقطة ضعف المرأة الغربية التي لا تقدّر هذه النعمة الكبيرة التي أحالتها جانبًا حتى عمر متقدّم قلّما يسمح أو يتيح لها الإنجاب بعد تقدم العمر وفوات الأوان. وهذا أحد الأسباب التي حثّت وشجّعت دولاً غربية ومنها أوربا لاستيراد البشر من دول ومناطق أخرى من العالم تعاني من التخلف والفقر والحاجة والجوع كي تستثمرها في تسيير ماكنتها الاقتصادية والإنتاجية والخدمية. فصارت وعاء للهجرة الشرعية وغير الشرعية، ما قلب الحاجة هذه إلى مأساة ومشكلة وأزمة مهاجرين عالمية في السنوات الأخيرة.
بالمقابل، نلاحظ كثرة الولادات في العالم الشرقي والإسلامي بصورة خاصة. وهذا بفضل المساحة الشخصية التي تتيحها الأعراف القائمة المستندة إلى العرف العشائري والقبلي والديني بكون "الزواج نصف الدين"، وإلى القوانين الوضعية والشرعية التي تشجع إتمام أشكال الزواج وتعددهمن دون محدوديات لدى بعض المذاهب. وقدأسهمت هذه جميعًا، إضافة لأسباب غيرها مثل تنامي البطالة وشيوع الجهل والأمية والبطالة في السنوات الأخيرة، بزيادات انفجارية في بلدان الشرق التي تفتقر أصلاً إلى استراتيجات للتخطيط السكاني والحضري، كما يحصل في العراق على سبيل المثال. ولا بدّ من ملاحظة ما أنتجته هذه الزيجات غير الرصينة وغير المتكافئة في العديد منها، من مشاكل ومآسٍ على طرفي المعادلة، فكثرت حالات الطلاق وتعرضت أسر بأكملها للانفكاك والانحلال. وكانت من نتائجها، زجّ هذه الأسر أنفسها أو لأبنائها في متاهات الشوارع والساحات والأماكن العامة للعمل في استجداء المارة وأصحاب المركبات وخروج العديدين منهم عن سواء السبيل للعمل في أعمال غير شريفة وفي مجال الدعارة والكسب الحرام. وهذا بطبيعة الحال قد جعل من هذه الحالة ظاهرة مستعصية تحتاج لجهود كبيرة وكثيرة من أجل إعادة أخلاقيات المجتمع العراقي إلى طبيعتها الوطنية والحضارية وبما يكفل حقوق جميع المواطنين، ومنهم مساواة المرأة مع الرجل ورفع كافة القيود عنها ومنحها مساحات من الحرية والحركة وإمكانية التعبير عن نفسها بالقبول أو الرفض في مسألة الارتباط الأسري واحتيار الشريك المناسب من دون تدخل عشائري أو أسري وتحاشيًا لأية ضغوط أخرى خارجية من شأنها التأثير على قرارها وتقييد حريتها في المأكل والملبس والخروج والزواج والإنجاب والوظيفة وما سواها ممّا تحتاجه الحياة من حرية للتعبير عن الإرادة التي أحلّها الله الخالق في حياة كلٍّ من الرجل والمرأة على السواء. ومراجعة بسيطة للإحصائيات التي تصدرها المحاكم المدنية في عموم العراق بخصوص حالات الطلاق المسجلة كفيلة بتوضيح آثار هذه المشكلة. هذا إذا استثنيا الحالات الكثيرة التي لا تحصى التي تجري خارج هذه الدوائر الرسمية.
تبقى المرأة الغربية بتطلعاتها وقدرتها على التعبير عن إرادتها وإمكانياتها الفردية هي النموذج الذي يمكن الاحتذاء به في أوساط الجنس الأنثوي الرقيق في بلدان شرقنا ومنه العراق. فقد أثبتت قدرتها على مجاراة الرجل في الإدارة وفي المساهمة بمواجهة التحديات الحياتية الكثيرة وفي إلهام غيرها من نساء شعوب العالم ومنهنّ في العراق. فالماجدات العراقيات المتحرّرات المؤمنات بالليبرالية والحرية الشخصية والواثقات بقدراتهنّ في إثبات الذات والكفاءة، أثبتن في مواقف كثيرة أنهنّ على قدر وافٍ بالمسؤولية والوفاء بالأمانة. وما أكثر ما شهدتُ شخصيًا من أمثال هذه النخب التي لا تتوانى في الدفاع عن حقوق زميلاتهنّ وزملائهنّ وبما يحفظ الأمانة الوطنية والإنسانية التي في أعناقهنّ. فهنّ الزوجات وهنّ الأمهات وهنّ المربيات وهنّ المعلّمات وهنّ طالبات العلم والثقافة والمدافعات عن حقوق الإنسان والحريصات على بناء الوطن والمواطن وهنّ السائرات في طريق التضحية والشهادة والخدمة من دون مقابل في أحيان كثيرة. وستبقى المرأة هي المحرّك الفعلي للعالم إذا أُتيحت لها فرصة الإبداع وحرية الفعل والحركة.