ما هي أدلة أقنومية الروح القدس؟

بدء بواسطة Eng.Qutayba, نوفمبر 01, 2012, 09:48:23 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

Eng.Qutayba

ما هي أدلة أقنومية الروح القدس؟ 

* (1) استعمال الضمائر المختصة بالذوات العاقلة في الأصل اليوناني للروح القدس، فلو لم تكن كلمة «الروح القدس» في الإنجيل اسم ذات، لما استُعمل له في اللغة اليونانية ضمير المذكر العاقل في كلامه عن نفسه، وفي كلام الغير عليه. فجاء «وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه» (أع 13: 2)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وقال المسيح إنه أرسله و«هو يشهد لي» وأيضًا «متى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي» (يو 15: 26). «وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم» (يو 16: 13، 14).

(2) الأفعال المنسوبة إليه تدل على الصفات الذاتية، والذي يتّصف بها كائن عاقل ذو مشيئة وإدراك وقدرة ومحبة. ومما يدل على علمه قول الرسول «الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله» وقوله «أمور الله لا يعرفها أحدٌ إلا روح الله» (1كو 2: 10، 11). وقول المسيح عنه «فهو يعلّمكم كل شيء» (يو 14: 26). ومما يدل على مشيئته قول الرسول في المواهب وأنواع الخدم «هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء» (1كو 12: 11). ومما يدل على محبته قول بولس «فأطلب إليكم أيها الإخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات» (رو 15: 30). ومما يدل على قوته قوله «لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس» (رو 15: 13). و«بقوة آيات وعجائب بقوة الروح القدس» (رو 15: 19). ومن أمثلة ذلك ما يدل على أنه يُقاوَم ويُغاظ (مت 12: 31، 32 وأع 5: 3، 4، 9 و7: 51 وأف 4: 30).

(3) الأفعال المنسوبة إليه تدل على الأعمال الخاصة بالذوات العاقلة. وفي الكتاب كثير بهذا المعنى، فقيل في الروح إنه يدين ويشهد ويعلّم ويرشد ويمنح مواهب للبشر، ويوبخ ويمجد ويُحيي ويقنع ويختار ويتكلم ويُعِين ويشفع وينبئ ويصنع عجائب ويلهم ويقدّس ويجدد ويقاوَم ويُحزَن ويُغاظ ويرضى (تك 1: 2 ومز 104: 30 وإش 11: 2، 3 و63: 10 ومت 1: 18 ولو 1: 35 و12: 12 ويو 3: 6 و14: 26 و15: 25، 26 وأع 5: 32 و13: 2 و15: 28 و16: 6 و20: 28 ورو 8: 6، 27 و15: 16 1كو 2: 10، 13 و12: 11 و2كو 3: 6 وغل 4: 6 وأف 2: 22 و4: 3 و1تي 4: 1 وعب 2: 4 و3: 7 و1بط 1: 11 و2بط 1: 21).

(4) الأقوال التي تدل على أنه متميّز عن الآب والابن. ومن ذلك ما يدل على أنه مرسَل منهما (يو 14: 16 و16: 7) وقول المسيح «متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم» (يو 16: 13). وقول الرسول «الذي فيه (المسيح) أيضًا أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم، الذي فيه أيضًا إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس» (أف 1: 13). وقول المسيح لتلاميذه «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (مت 28: 19). «نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم» (2كو 13: 14). «فرأى (المسيح) روح الله نازلًا مثل حمامة وآتيًا عليه» (متى 3: 16 انظر أيضًا أع 5 : 3 ومت 12: 32 ولو 4: 14 وعب 9: 14 وأف 1: 20 و1كو 6: 11).
(5) علاقته بنا وعلاقتنا به تدلان على أقنوميته. أما علاقته بنا فواضحةٌ مما يعمله فينا ولأجلنا، فإنه يعلّمنا ويقدّسنا ويعزّينا ويرشدنا، ويقود كل مؤمن بمفرده ويعامله معاملة شخص لآخر. وهو يدعو من شاء إلى خدمة الإنجيل، ويعيّن خدمته ومكانها، ويُقيم الرعاة حسب إرادته. وقد وعد المسيح تلاميذه إنه يطلب من الآب فيعطيهم معزيًا آخر (أي متميّزًا عنه وعن الآب) ليمكث معهم إلى الأبد، وهو روح الحق. وقال لهم أيضًا إن الآب يرسل ذلك المعزي باسمه، وهو يعلمهم كل شيء ويشهد له ويمجده، ويبكّت العالم على الخطية. ونرى إنجاز هذه المواعيد في قول الروح لفيلبس «تقدَّم ورافق هذه المركبة» ولبطرس «هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. لكن قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء، لأني أنا قد أرسلتهم» وأيضًا قول الروح القدس «افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه» والقول في برنابا وشاول: «فهذان إذ أُرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية». وقول يعقوب «لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلًا أكثر غير هذه الأشياء الواجبة». وقول لوقا إن الروح القدس منع بولس ورفقاءه أن يتكلموا بالكلمة في آسيا، وإنهم لما أتوا إلى ميسية حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح. وهذا يوضح أن علاقة الروح القدس بنا هي علاقة ذاتٍ بأخرى، وهذا يدل على أقنوميته.

وتستلزم علاقتنا به أنه أقنوم، لأنه هو موضوع إيماننا، وقد اعتمدنا باسمه كما اعتمدنا باسم الآب والابن، أي أننا في المعمودية نعترف به كما نعترف بهما، ونتعهد بالخضوع له كما لهما. وهو أقنوم لأننا نُخاطبه في الصلاة، ففي البركة الرسولية مثلًا نطلب نعمة الرب يسوع المسيح، ومحبة الله الآب، وشركة الروح القدس. ويحذرنا الكتاب من أن نخطئ إليه أو نغيظه أو نقاومه، وهذا يدل على أنه أقنوم، نقدر أن نرضيه أو نغيظه كما أغاظه حنانيا حين كذب عليه، وحين تمرّد بنو إسرائيل عليه تحوَّل لهم عدوًا. وقيل في اليهود إنهم دائمًا يقاومون الروح القدس. وقال المسيح: «من قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له، وأما من قال على الروح القدس فلن يُغفر له» فإذا كان المسيح أقنومًا فالروح القدس كذلك.

(6) قبلت الكنيسة هذا التعليم منذ بدايتها وتمسّكت به بلا انقطاع، فإن جميع المؤمنين بالحق فهموا من نصوص كتاب الله أن الروح أقنوم، ولجأوا إليه ليعلمهم ويقدسهم ويرشدهم ويعزيهم. ألا ترى أن ما في صلوات الكنيسة وتسبيحاتها من الأدعية الكثيرة والتضرعات للروح دليل على أن اعتقاد أقنوميته هو من مبادئها وعقائدها الجوهرية. فلو لم تكن واضحة في الكتاب لما أجمع عليها كل المسيحيين.
ما أشهر الأدلة على لاهوت الروح القدس؟

* (1) إنه دُعي الله، ونُسب إليه ما نُسب إلى الله. ومن أمثلة ذلك قول إشعياء «ثم سمعتُ صوت السيد .. فقال: اذهب وقل لهذا الشعب اسمعوا سمعًا ولا تفهموا، وأبصروا إبصارًا ولا تعرفوا» (إش 6: 8، 9). فأشار بولس إلى ذلك بقوله «حسنًا كلّم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي» (أع 28: 25). وكلام الرب في العهد القديم على قطع عهدٍ مع بيت إسرائيل (إر 31:31-34) نُسب في العهد الجديد إلى الروح القدس، فقيل «ويشهد لنا الروح القدس أيضًا أنه بعد ما قال سابقًا هذا هو العهد الذي أعهده معهم بعد تلك الأيام» (عب 10: 15، 16) وقال المرنم في بني إسرائيل إنهم جرّبوا الرب (مز 95: 8-11) وأشار استفانوس لذلك العمل بأنه مقاومة للروح القدس (أع 7: 51). وقال بطرس لحنانيا «لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس؟» ثم قال له «أنت لم تكذب على الناس بل على الله» (أع 5: 3، 4). وقال بولس «أَمَا تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟» (1كو 3: 16). ثم قال «أم لستم تعلمون أن جسدكم هيكلٌ للروح القدس الذي فيكم؟» (1كو 6: 19). «فإنكم أنتم هيكل الله الحي» (2كو 6: 16). وقال أيضًا «الذي فيه أنتم مبنيون معًا مسكنًا لله في الروح» (أف 2: 22). ففي هذه الآيات لا يفرّق الرسول بين الله والروح القدس. وقال بولس «كل الكتاب هو موحى به من الله» (2تي 3: 16). وقال بطرس «تكلّم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس» (2بط 1: 20، 21). فأولهما نسب الوحي إلى الله والآخر نسبه إلى الروح القدس.

وقيل «إن الله كلّم الآباء بالأنبياء» (عب 1:1) و«إن الرب إله إسرائيل تكلَّم بفم أنبيائه القديسين» (لو 1: 68-70). وقال بطرس في الأنبياء «باحثين أي وقتٍ أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم» (1بط 1: 11). وقال بولس «الذي في أجيالٍ أخرى لم يُعرَّف به بنو البشر كما قد أُعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح» (أف 3: 5). فإلهام الأنبياء منسوب في هذه الآيات مرات إلى الله وأخرى إلى الروح. وقال بولس «فوضع الله أناسًا في الكنيسة، أولًا رسلًا، ثانيًا أنبياء، وثالثًا معلمين، ثم قوات، وبعد ذلك مواهب شفاء أعوانًا تدابير وأنواع ألسنة» (1كو 12: 28). وقال أيضًا «ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات، ولآخر نبوة، ولآخر تمييز الأرواح، ولآخر أنواع ألسنة، ولآخر ترجمة الألسنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء» (1كو 12: 9-11). وقال يوحنا «كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية» (1يو 3: 9). وقال المسيح «المولود من الروح هو روح» (يو 3: 6). ففي هذه الآيات نُسب إلى الروح القدس ما نُسب إلى الله.

(2) نسبة الصفات الإلهية إليه، ومن ذلك أنه عارف بكل شيء، كما يتضح من الأقوال في إلهامه الأنبياء وإرشاده الرسل وفحصه أعمال الله (إش 40: 13 ونح 9: 30 و1بط 1: 11 و2بط 1: 21 ويو 16: 13-15 و1كو 2: 9-11). وإنه قادر على كل شيء كما يتضح من الآيات التي تشير إلى اشتراكه في خلق العالم وفي الخلق الروحي، وإلى عمله أعمالًا فائقة الطبيعة، وإعطائه المواهب الروحية (تك 1: 2 وأي 33: 4 وزك 4: 6 ويوئيل 2: 28، 32 ويو 3: 5 وأع 2: 4 و16-21 ومت 12: 28 ورو 15: 19 و1كو 12: 8، 11). وإنه حاضرٌ في كل مكان. كما يتضح من الأقوال التي تدل على سكنه في كل مؤمن، ومكثه مع الكنيسة إلى الأبد (1كو 6: 19 ويو 14: 16، 17) وإنه أزلي بدليل قول الرسول «فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروحٍ أزلي قدَّم نفسه لله» (عب 9: 14). وقد دُعي «روح الحق» و«روح القداسة» و«روح الحياة» و«روح المجد» و«روح النعمة» و«روح الحكمة».

(3) نسبة أعمال الله إليه، ومن ذلك الاشتراك في خلق العالم (تك 1: 2) والحلول على الأنبياء لإلهامهم (حز 11: 5 و1بط 1: 11 و2بط 1: 21) والقدرة على إقامة الأموات (رو 8: 11) وتجديد القلب (يو 3: 5) وتنظيم الكنيسة وإدارتها (أع 13: 2 و15: 28 و20: 28) والإنباء بالمستقبل (يو 16: 13) وإنارة قلوب البشر ومنحهم مواهب روحية (أف 1: 17، 18 و1كو 12: 7) وتقديس المؤمنين (2تس 2: 13).

(4) إعطاؤه الكرامة التي تحقُّ لله وحده، ومن ذلك ذكره مع الآب والابن في البركة الرسولية، ورسم المعمودية، وقول يوحنا «النعمة لكم والسلام من الكائن والذي كان والذي يأتي، ومن السبعة الأرواح التي أمام عرشه (أي الروح القدس) ومن يسوع المسيح» (رؤ 1: 4، 5). وقول بولس «لأن به (المسيح) لنا كلينا قدومًا في روحٍ واحد إلى الآب» (أف 2: 18 و4:4). وكل ذلك يدل على أن الكرامة المقدَّمة للروح القدس هي نفس الكرامة المقدمة للآب والابن. وقال المسيح «كل خطية وتجديف يُغفر للناس، وأما التجديف على الروح القدس فلن يُغفر للناس. ومَنْ قال كلمةً على ابن الإنسان يُغفر له، وأما مَنْ قال على الروح القدس فلن يُغفر له، لا في هذا الدهر ولا في الآتي» (مت 12: 31، 32). «فكم عقابًا أشد تظنون أنه يُحسب مستحقًا مَنْ داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قُدِّس به دنسًا وازدرى بروح النعمة» (عب 10: 29). فالتجديف على الروح القدس والازدراء به من أكبر الخطايا وليس له مغفرة، لأنه تعمُّد مقاومة وإهانة الروح المبارك الذي هو وحده يرشدنا لطريق الخلاص ويجددنا.