تفسير الاصحاح 14 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 24, 2011, 01:25:19 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الإصحاح الرابع عشر
آية 1 "ثم نظرت و اذا خروف واقف على جبل صهيون و معه مئة و اربعة و اربعون الفا لهم اسم ابيه مكتوبا على جباههم".

وإذا خروف = هو حمل الله الذى يرفع خطية العالم. وهنا نجده خروف حقيقى أى محبته حقيقية تصل حتى بذل الدم، بالمقارنة مع النبى الكذاب الذى هو شبه خروف أى يدعى المحبة لكنه يتكلم كتنين (رؤ11:13).

واقف = مستعد لحماية كنيسته، وواقف أمام الآب يشفع فيها.

على جبل صهيون = جبل صهيون هو جبل الهيكل، كان فى يد الأمم الوثنية وأخذه داود، وأقيم  عليه  بعد  ذلك  هيكل  سليمان.  والهيكل  إشارة  لكنيسة  المسيح  أى  جسده      (يو18:2-21). والكنيسة سماوية عالية كالجبل وراسخة أبواب الجحيم لن تقوى عليها (أف6:2) + (مت18:16). وسر ثبات الكنيسة أن المسيح واقف على جبل صهيون. وسمعنا سابقا أنه ماشى وسط السبع المنائر الذهبية (رؤ1:2) فهو فى حركة وإستعداد دائمين للدفاع عن كنيسته ضد الأخطار المحيطة بها. ولكن بعد أن تنتهى هذه الأخطار نسمع أن المسيح جالس (رؤ14:14) أى بعد أن إطمأن عليها. ووجود المسيح السماوى وسط كنيسته يجعلها سماوية. وكما ملك داود على جبل صهيون وأخذه من يد الأمم، هكذا إشترى المسيح كنيسته بدمه وحررنا من يد إبليس، وملك عليها. والكنيسة سواء على الأرض أو من فى السماء هى كنيسة واحدة. تبدأ هنا على الأرض وتمتد إلى السماء، تسبيح يبدأ هنا ويستمر فى  السماء فرح هنا كعربون وفرح كامل فى السماء. هذا الفرح يتم التعبير عنه بلغة التسبيح. نحيا فى نمو دائم وصعود مستمر فى إتجاه السماويات قائلين هلم نصعد إلى جبل الرب (أش3:2) لذلك فهذه الرؤيا تبدأ هنا على الأرض ولكنها تكمل فى السماء.

ومعه مئة وأربعة وأربعون ألف = هو عدد رمزى = 12×12×1000 = 12 (مؤمنى العهد القديم) ×12 (مؤمنى العهد الجديد) × 1000 (يحيون فى السماويات) ولأنهم كنيسة واحدة تم التعبير عن ذلك بقوله 144 = 12 ×12. فالرقم رمزى ولكن العدد الفعلى لا يحصى ولا يعد.

(رؤ9:7) هم المؤمنين خاصة الله فى كل زمان الذين يحيون حياة سماوية وصلوا إليها بجهادهم كمن يصعد جبل، وهذا معنى أخر لتشبيه الكنيسة بجبل " هلم نصعد إلى جبل الرب" ولاحظ قول إشعياء الذى ينطبق هنا. ويكون فى آخر الأيام أن جبل بيت الرب (المسيح) ثابتا فى رأس الجبال (المؤمنين) (أش2:2). فالمسيح وسط كنيسته على الأرض ووسط كنيسته فى السماء لذلك هى كنيسة واحدة تتكون من كنيسة مجاهدة وكنيسة منتصرة. والمسيح الذى وحد السمائيين مع الأرضيين واقف فى وسط كنيسته الواحدة.

ولقد سمعنا أن عدد المختومين كان 144000 (رؤ4:7-8). وكان الختم ليحفظهم وسط الضيقات  والآن صاروا غالبين.  إذا عدد 144000  يشير  للمختومين بالروح القدس (أف30:4) ويعنى أن الله يعرفهم واحدا واحدا. وقد سبق وأعطى ليوحنا قصبة لقياسهم، أما الأشرار فلا يذكر معهم عدد فلقد طرحوا خارجا دون قياس (2:11) لهم إسم أبيه مكتوبا على جباههم = فى نهاية الإصحاح السابق رأينا تابعى الوحش لهم سمة على أياديهم اليمنى وعلى جباههم بها يشترون ويبيعون، أى أن معاملاتهم فى العالم تجرى بسهولة، أما أولاد الله فسيعانون من ضيقات شديدة فهم لن يستطيعوا أن يشتروا أو يبيعوا فالعالم لا يقبلهم (يو18:15-21). ولكننا نرى هنا كيف تحيا الكنيسة فى سلام وفرح يفتقده أولاد العالم. والسلام راجع لمسيحها الذى يحيا فى وسطها، وهى تعيش فى السماء مسبحة علامة فرحها، ولكن ذلك لمن لهم سمة الآب أو إسم الآب على جباههم وهذا يعنى:-

1.     هم ملك الآب أو خاصته والسمة علامة ملكية الآب لهم.

2.     الجبهة رمز التفكير. إذا هم دائمى التفكير فى الله فهذا مصدر شبعهم ولذتهم.

إذا الأشرار لهم سمة الوحش بها يبيعون ويشترون ولكنهم بلا سلام. أما أولاد الله لهم سمة الآب على جباههم يعيشون فى ضيق لفترة محدودة (3.5 زمان) لكنهم يعيشون فى سلام وفرح مسبحين، والمسيح وسطهم سر فرحهم (مت20:28) + (يو22:16).



آية 2 "و سمعت صوتا من السماء كصوت مياه كثيرة و كصوت رعد عظيم و سمعت صوتا كصوت ضاربين بالقيثارة يضربون بقيثاراتهم".

صوت مياه كثيرة = راجع (رؤ15:17) تجد أن المياه الكثيرة هى أمم وألسنة وشعوب والمياه ترمز للروح القدس العامل فى هذه الشعوب فتسبح، والصوت صوت تسبيح لأنه صادر من السماء. وهؤلاء المسبحين كانوا كصوت ضاربين بالقيثارة وسط كل هذه التسابيح ومظاهر البهجة والفرح فى السماء نسمع كصوت رعد عظيم هو صوت إنذار أخير للأشرار. والمعنى لماذا الإصرار على طريق الشر الذى نهايته مرعبة، ألا تريدون أن تنضموا لهؤلاء المسبحيين فى فرح. وتفهم الآية أن صوت الكنيسة المسبحة فى السماء بالنسبة للشياطين وأتباعهم هو كصوت رعد فالكنيسة مرهبة كجيش بألوية(نش4:6).



آية 3 "و هم يترنمون كترنيمة جديدة امام العرش و امام الاربعة الحيوانات و الشيوخ و لم يستطع احد ان يتعلم الترنيمة الا المئة و الاربعة و الاربعون الفا الذين اشتروا من الارض".

كترنيمة جديدة = من يحيا فى السماويات يشعر أن كل ما يحيط به جديد لا يشيخ، وأنه فى فرح مستمر وكل يوم يعرف جديدا عن الله ويسبح تسبحة كأنها جديدة لأنه إكتشف أعماقا جديدة للكلمات. كلمات الترنيمة لا تشيخ بل تشيع الفرح فى نفسه دائما يكتشف لذتها كل يوم كأنها جديدة. أما حتى من على الأرض الآن فهم يشعرون بملل من كل شىء حتى من خطاياهم.

ولا يستطيع أن يرنم سوى ال 144000 فغيرهم مستعبدين للخطية ولإبليس، وكل مستعبد لا يستطيع أن يفرح ولا أن يرنم، كما قال المرنم " كيف نسبح تسبحة الرب فى أرض غريبة (هى بابل) (مز1:137 – 4)  لم يستطع أحد أن يرنم إلا = لأنها علاقة خاصة مع المسيح لا يعرفها أحد إلا من يرنم والمسيح فقط.

الذين إشتروا من الأرض = إشتراهم المسيح بدمه الكريم ليحررهم فسبحوا.



آية 4 "هؤلاء هم الذين لم يتنجسوا مع النساء لانهم اطهار هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله و للخروف".

الذين لم يتنجسوا مع النساء = هذه لا تعنى الرهبان أو البتوليون لماذا؟

1.     لأن الزواج طاهر ومكرم والمضجع غير نجس (عب4:13).

2.     ما جمعه الله لا يفرقه إنسان (مت6:19) فهل يجمع الله رجل وإمرأة فى نجاسة ؟!

3.     الذى أسس سر الزواج هو الله (تك24:2).

4.     علاقة المسيح بكنيسته مشبهة بعلاقة الزوج بزوجته (أف23:5).

5.     إذا كان الـ 144000 هم الرهبان الذين لم يتزوجوا فهل الراهبات الذين لم يتنجسوا مع رجال ليس لهم نصيب فى الـ 144000... سنقول ثانية سفر الرؤيا لا يفسر حرفيا.

وقوله لم يتنجسوا مع النساء هى إشارة للطهارة عموما. والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب (عب14:12). والنجاسة مع النساء هى الزنا عموما. والزنا نوعين:-

1- زنا جسدى.           

2- زنا روحى أى عبادة أحد آخر غير الله وهذا هو المقصود هنا أن ال 144000 لم يزنوا جسديا، ولاهم تبعوا ضد المسيح تاركين الله وهذا هو الزنا الروحى. والبتولية عموما المقصود بها بتولية الروح وليس بتولية الجسد وهذه ممكنة للجميع بنعمة المسيح، أى يكون الإنسان مرتبط بالمسيح كعريس لنفسه، فى علاقة حب بالمسيح وليس سواه من مغريات العالم، يكون فكره وحواسه وقلبه مكرسة للمسيح، لا ينشغل ولا يطلب سوى المسيح وحده، فهذا ينطبق على أى أحد، حتى لو كان متزوجا أنه عذراء عفيفة للمسيح (2كو2:11) والآباء والقديسون قالوا "إن التوبة تحول الزانى إلى بتول".

يتبعون الخروف حيثما ذهب = فى حب تبع يوحنا الحبيب المسيح حتى الصليب فلم يحتاج أن يسمع من المسيح قوله " إتبعنى " أما بطرس حينما قال له الرب أنه سيصلب، إضطر الرب لأن يقول له إتبعنى ليشجعه على قبول الصليب (يو18:21-22). إذا كلما إزدد ناحبا نتبع المسيح حيثما يريدنا أن نذهب بل هو معنا يذهب معنا = حيثما ذهب باكورة لله = راجع (خر2:13) ومنها نفهم أن كل باكورة مخصصة لله أى مقدسة لله ومكرسة لله، حتى باكورة الحيوانات وباكورة المحاصيل الزراعية. وبهذا المفهوم كان البكر فى المواليد مخصص لله حتى تم إستبدال الأبكار باللاويين.

وبهذا نفهم أن هؤلاء الـ 144000 هم مقدسين أى مكرسين لله. وهذه تنطبق على المتزوجين أيضا.

وللخروف = ألم يشترهم الخروف بدمه فصاروا ملكه. وهذا ما شرحه المسيح فى (يو10،9،6:17) فهؤلاء المقدسين هم للآب كما للإبن.



آية 5 "و في افواههم لم يوجد غش لانهم بلا عيب قدام عرش الله".

هؤلاء المقدسين هم أمناء صادقون = فى أفواههم لم يوجد غش = أى لم يسيروا وراء الشيطان الكذاب وأبو الكذاب (يو44:8). ولم يرددوا كذب وضلال وغش الوحش ولا النبى الكذاب بل شهدوا للمسيح.

بلا عيب = كل من هو ثابت فى المسيح يكمله المسيح فيصير بلا عيب قدام الله كما قال بولس الرسول " قد صالحكم الآن. فى جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسيين وبلا لوم ولا شكوى أمامه (كو22،21:1).



الآيات 6-11 "ثم رايت ملاكا اخر طائرا في وسط السماء معه بشارة ابدية ليبشر الساكنين على الارض و كل امة و قبيلة و لسان و شعب. قائلا بصوت عظيم خافوا الله و اعطوه مجدا لانه قد جاءت ساعة دينونته و اسجدوا لصانع السماء و الارض و البحر و ينابيع المياه. ثم تبعه ملاك اخر قائلا سقطت سقطت بابل المدينة العظيمة لانها سقت جميع الامم من خمر غضب زناها. ثم تبعهما ملاك ثالث قائلا بصوت عظيم ان كان احد يسجد للوحش و لصورته و يقبل سمته على جبهته او على يده. فهو ايضا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفا في كاس غضبه و يعذب بنار و كبريت امام الملائكة القديسين و امام الخروف. و يصعد دخان عذابهم الى ابد الابدين و لا تكون راحة نهارا و ليلا للذين يسجدون للوحش و لصورته و لكل من يقبل سمة اسمه".

الله لا يترك الناس تهلك دون إنذار، والله أرسل الأنبياء فى العهد القديم لينذروا الناس، وأرسل يونان لنينوى. وهنا نرى الله يرسل ثلاث ملائكة للإنذار وربما يكونوا رسلا. فكلمة ملاك تعنى مرسل. وقيل أن الثلاثة سيكونوا هم إيليا واخنوخ والكتاب المقدس. المهم ستكون كلمة الله فى أفواه الرسل.



الملاك الأول آيات 7،6:-

هذا الملاك الأول يبشر المؤمنين الصابرين فى الضيق أن يوم النهاية قد إقترب، وأن إحتمالهم للضيق سيكون لوقت قليل ثم يتمجدوا.

طائرا فى وسط السماء = إشارة لأن هذا الرسول سيجول بسرعة فى وسط الكنيسة التى تحيا فى السماويات، يبشرها ليسود الفرح الكنيسة. وليدعو المؤمنين للثبات فى عبادتهم لله قائلا أسجدوا لصانع السماء.



الملاك الثانى آية 8:-

هذا رسول آخر ينذر بخراب بابل، وبابل فى الكتاب المقدس هى دولة الشر ومقاومة الله فى العالم منذ القديم، فبابل بدأت مقاومة الله ببناء برج بابل منذ القديم، ودولة بابل غرقت فى الوثنية والزنا، ودولة الشر فى العالم خطيتها الأولى والكبيرة هى خطية الزنا، وكثيرين تعلقت شهواتهم بهذه الخطية التى يسهلها إبليس منذ القديم، ويسير المنخدعون كالسكارى وراء خطية الزنا هذه. ولكن هذه الخطية تثير غضب الله = خمر غضب زناها أى أنهم كمن فقد صوابه، كالسكير يندفع فى طريق الزنا، وهذا يجلب غضب الله عليه. وهذه الخطية تختلف عن أى  خطية آخرى كما يقول بولس الرسول (1كو15:6 – 20)

سقطت سقطت = التكرار بصيغة الماضى يشير لأن الأمر مقرر من قبل الله وأنه مؤكد الحدوث. وبهذا نفهم أن هذا الملاك ينذر ويحذر زناة هذا العالم بسقوطهم وخرابهم إن لم يتوبوا عن أعمالهم.



الملاك الثالث آيات 9-11:-

هذا الملاك ينذر بعدم التبعية للوحش، وإلا سيشرب من يتبعه من خمر غضب الله. المصبوب صرفا= أى بلا ماء (فالعادة أن يخلط الخمر بالماء لتخفيفه). وفى هذا إشارة لأن غضب الله سيكون غضبا مركزا وبلا رحمة. هم أرادوا أن يشربوا خمر لذة الزنا ولكن الله سيجعلهم يشربون كأس خمر غضبه، ولاحظ تشبيه الخطية بالخمر، وغضب الله بالخمر، فعقوبة الخطية فيها. فالله يريدنا أن نعبده وحده، وعبادة الله تحرر، لكن هناك من يتصور أنه يريد أن يتحرر من الله ويسلك كما يشاء فى حرية مزعومة، لكنه يجد نفسه مستعبدا للشيطان يذله ويذهب عنه سلامه وفرحه. إذا نفهم أن عقوبة الخطية فيها، فالله أعطى الوصية لصالح الإنسان لا ليتحكم فى الإنسان. مثال آخر لنفهم أن عقوبة الخطية فى الخطية، فالله يوصينا بان نحب أعدائنا، فمن لا يريد تنفيذ الوصية ويملأ قلبه حقدا وكراهية ضد شخص آخر يصاب بالأمراض وبفقدان السلام. من هنا جاء تشبيه الخطية وغضب الله كلاهما بالخمر أى بنفس الشىء. ولماذا الخمر بالذات  فالخطية تجعل الإنسان يظن أنه فى نشوة كمن يترنح من الخمر. ولكنه سيترنح من غضب الله.

أمام الملائكة وأمام الخروف = الملائكة شهود على عدالة الله، فهم أنذروا، والله أرسلهم حتى يتوب الأشرار، إذا فالله لم يقصر معهم.

دخان عذابهم = الدخان يصعد إذا كان هناك شىء يحترق، والمعنى عدم تلاشى الأشرار، بل أن عذابهم سيكون دائم = نهارا وليلا = أى بصفة مستمرة.



آية 12 "هنا صبر القديسين هنا الذين يحفظون وصايا الله و ايمان يسوع".

الإشارة للصبر هنا هى نظرا لشدة الإضطهاد فى تلك الأيام. والصبر يدعمه رجاء المجد للأبرار وتأكيد عذاب الأشرار. وإن كنا نصبر فسنملك أيضا معه (2تى12:2).

آية 13 "و سمعت صوتا من السماء قائلا لي اكتب طوبى للاموات الذين يموتون في الرب منذ الان نعم يقول الروح لكي يستريحوا من اتعابهم و اعمالهم تتبعهم".

هذه الآية فيها تشجيع لمن يستشهد على يد ضد المسيح بسبب إيمانه. وهنا بعد أن شرح العذاب الأبدى للأشرار والمجد الأبدى للأبرار يطوب كل من مات فى بره عبر الزمان، فلن يلحقه عذاب، بل سيحيا للأبد فى فرح.  بالمسيح صار الموت عبور للراحة والفرح ثم المجد. نعم يقول الروح = هذا هو تعليم الروح القدس الذى يعلمنا كل شىء ويذكرنا دائما بهذا فنصير على آلام الزمان الحاضر (يو26:14).

وأعمالهم تتبعهم = هنا نرى أهمية الأعمال.



آية 14 "ثم نظرت و اذا سحابة بيضاء و على السحابة جالس شبه ابن انسان له على راسه اكليل من ذهب و في يده منجل حاد".

هنا نرى السيد المسيح وفى يده منجل حاد. فوقت الحصاد قد إقترب، وقصة الحصاد شرحها السيد المسيح بنفسه فى مثل الحنطة والزوان (مت24:13-30).

فالحنطة نما معها الزوان، ولكن فى اليوم الأخير حين ينضج المحصول تجمع الحنطة للبيادر (أى الأبرار يذهبون للسماء) والزوان يحرق (أى يذهب الأشرار للنار الأبدية). وشرحها فى مثل الخراف الذين يذهبون إلى اليمين والجداء إلى الشمال فى ذلك اليوم.

سحابة بيضاء = اللون الأبيض يشير للبر والعدل فهو يحكم بعدل. وكما عرفنا من قبل فالسحاب يظهر دائما مرافقا لمجد الله حتى يحجب نوره ومجده الذى لن نحتمله. لكن كلما كانت السحابة بيضاء تخللتها أشعة الشمس. وهنا نرى سحابة بيضاء والمعنى أن الأبرار بدأوا الآن يشعرون بالأكثر بمجد ونور السيد المسيح، وأيضا غضبه وعدله وإنتقامه صاروا ظاهرين بوضوح للكل.

شبه إبن إنسان = لأن مجد لاهوته أعطاه صورة مهيبة (راجع إصحاح 1).

له... إكليل = علامة الغلبة النهائية على أعدائه.

فى يده منجل حاد = إشارة للملائكة الذين سيجمعون مختاريه مميزين الخراف عن الجداء راجع (مت32:25).

جالسا = لقد إستراحت نفسه من جهة كنيسته، فزمان جهادها قد إنتهى. قبل ذلك رأيناه ماشيا وسط كنيسته كما رآه يوحنا (رؤ1:2) وذلك ليحميها من أعدائها ورأيناه قائما يشفع فيها كما رآه إسطفانوس (أع56:7).



آية 15 "و خرج ملاك اخر من الهيكل يصرخ بصوت عظيم الى الجالس على السحابة ارسل منجلك و احصد لانه قد جاءت الساعة للحصاد اذ قد يبس حصيد الارض".

خرج ملاك.. من الهيكل = الهيكل هو مكان القديسين فى السماء. وقد رأينا هؤلاء القديسين من قبل يصرخون بصوت عظيم طالبين من السيد أن ينتقم لدمائهم (رؤ10:6) ومعنى طلبهم هذا أن تأتى النهاية ليلقى كل واحد نصيبه، هم يتمجدوا، ويظهر عدل الله وقداسته فى عقاب الأشرار ويكفوا عن التمرد على الله. وهنا نجد هذا الملاك صارخا مثلهم، فالملائكة لهم نفس شهوة الأبرار بصوت عظيم = كما صرخوا هم. إرسل منجلك = هذا دعاء ورجاء. لأنه قد جاءت الساعة = هم عرفوا من العلامات المذكورة فى الكتاب المقدس أن الوقت قد حان.

يبس حصيد الأرض= نضج وحان الأوان للحصاد. ليذهب القمح إلى المخازن والزوان لحريق النار. ويبس تفهم أن الأشرار إستنفذوا كل فرصة لهم للتوبة. وقوله يبس تشير أنهم بلا ماء (رطوبة) أى أطفأوا الروح القدس (المكنى عنه بالماء).



آية 16 "فالقى الجالس على السحابة منجله على الارض فحصدت الارض".

الجالس على السحابة هو السيد المسيح. ألقى منجله على الأرض = أى أعطى أوامره للملائكة لبدء عملية الحصاد.



آية 17 "ثم خرج ملاك اخر من الهيكل الذي في السماء معه ايضا منجل حاد".

هذا هو الملاك المكلف بالحصاد خرج لينفذ أوامر المسيح.



آية 18 "و خرج ملاك اخر من المذبح له سلطان على النار و صرخ صراخا عظيما الى الذي معه المنجل الحاد قائلا ارسل منجلك الحاد و اقطف عناقيد كرم الارض لان عنبها قد نضج".

له سلطان على النار = هذا الملاك يلقى الزوان أى الأشرار فى النار ليحرقوا كما جاء فى مثل الحنطة والزوان.

عناقيد كرم الأرض = كرم الأرض أى الأشرار، فالأبرار هم كرم الله (نش12:8) وقد أسماهم من قبل حصيد الأرض اليابس (آية 15).

عنبها قد نضج = كأس غضب الله قد إمتلأت من شرورهم.



آيات 20،19 "فالقى الملاك منجله الى الارض و قطف كرم الارض فالقاه الى معصرة غضب الله العظيمة.  ديست المعصرة خارج المدينة فخرج دم من المعصرة حتى الى لجم الخيل مسافة الف و ست مئة غلوة".

تفهم بطريقتين:- الأولى روحية (دينونة للأشرار) والثانية مادية (حرب) أن الأشرار سيلقون فى معصرة غضب الله خارج المدينة السماوية، أورشليم السماوية حيث يلاقون عذابات أليمة شبهت هنا بقوله فخرج دم من المعصرة. وهؤلاء الأشرار سيكونون كثيرين حتى أن دماءهم إرتفعت حتى إلى لجم الخيل.

ألف وستمائة غلوة = 4×4 ×100 ورقم 4 هو رقم الشمولية لكل جهات العالم الأربعة والمعنى أن الدينونة هى لكل الأرض، كما أن فرص التوبة هى أيضا الآن لكل الأرض.

تفسير آخر :- 1600 = 40×40، 40 هو رقم الإنتظار الذى يأتى بعده إما بركة أو عقوبة وهؤلاء الأشرار إستنفذوا فرصهم، ولقد نفذ صبر الله معهم.

2- قد تشير الأيات لمعركة يحيط فيها الأشرار بشعب الله المكنى عنه بالمدينة.

والأشرارهم من تابعى الوحش، وتاتى عليهم ضربة رهيبة خارج أورشليم أى المدينة، أى أن الضربة تصيبهم ولا تصيب أولاد الله. وهذا معنى ما أتى فى رؤ 7:20-9. وهؤلاء الأشرار سيهلكون خارج المدينة. فالضربة موجهة لتابعى الوحش وليس لشعب الله. وقوله أن الدماء حتى إلى لجم الخيل تفهم فى هذا التفسير حرفيا أنها تشير لكثرة عدد القتلى فهم كانوا بحسب (رؤ7:20-9) كرمل البحر.



الإصحاح الخامس عشر