الطريق إلى ..... " الشيخ متى " , شيخ أديرة العراق

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 26, 2017, 04:57:25 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

الطريق إلى ..... " الشيخ متى " , شيخ أديرة العراق

\

كتابة : نمرود قاشا

يا دير متى سقت إطلالك الديم وانهل فيك على سكانك ألدهم
فما شفى غلتي ماء على ظمأ كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشيم

هذان البيتان من الشعر وجدا مكتوبين على حائط دهليز في دير "مار متى" لا يعرف من هو صاحبها ولا مكانها بالضبط ، فقد أصابها ما أصاب الدير من ويلات ونكبات خلال تاريخه الطويل الذي يمتد إلى أكثر من 1600 سنة .
كاتب هذين البيتين قد بهرته طريقة بناء الدير ومعيشة الرهبان فوجد بأن هذه الطريقة التي من خلالها يستطيع أن يعبر عن عظمة الكهوف والقلايات التي حفرتها أنامل وأزاميل هؤلاء النساك .
دير مار متى ، صرح إيماني وتاريخي كبير ، لا بل هو من أقدم ألاماكن التاريخية والاثارية ومن محاسن شمال العراق جمالاً ومناخاً وموقعاً. ومن أشهر أديرة المسيحية صيتاً ومكانة.
يقع على بعد 35 كم شمال شرقي الموصل ، 2100 قدم ارتفاعه عن مستوى سطح البحر ، الصاعد عليه سيراً على الأقدام يتسلق الجبل بين مرتفعين الطريق مرصوف بالحجارة ، اثنين وثلاثون استدارة تقدر بكيلو متر تقريباً، هذا الطريق يطلق عليه تسمية "طبكي" وهذه كلمة سريانية من "طبويو" أو "طيبوتو" ومعناها المرتقي أو الصعود علواً أو ارتقاء. هذا هو الطريق إلى الدير تسلقاً أو مشياً . ارتفاع قاس وعمودي ، ويبدو الدير كطفل يغفو على صدر عملاق خرافي تشعر بدفء العلاقة بينهما .
أما الطريق الأخر والذي شق في الثمانينات من القرن الماضي فهو مخصص للسيارات ويقع شمال الطريق الأول وهو يتلوى كالأفعوان يميناً ويساراً ، التواءات حادة وقوية تجعلك تضع قلبك في (ثلاجة) ويكون نظرك إلى الأمام دائماً حيث بناية الدير الشامخة ، فالالتفاف إلى الخلف تجعلك ترى الهوة والتي تنتهي بواد سحيق يشعرك وكأن حيوان خرافي جائع قد فتح فاه بانتظار فريسة تأتيه على غير موعد .
- تأسيس الدير
اجتزنا بوابة الدير العالية والتي تزينها قطعة من حجر الحلان منقوش عليها عبارة "دير مار متى للسريان الأرثوذكس" بالعربية والسريانية هذه البوابة تعلوها المجرسة والتي صممت على شكل قبة صغيرة لا تختلف عن غطاء الرأس الذي يستعمله المطارنة السريان، ولا ادري هل هذا التصميم جاء عفوياً بهذا الشكل أم إن المعماري الذي صممه أراد له أن يكون هكذا.

أسسه القديس مار متى الناسك السرياني في غضون القرن الرابع الميلادي. وتعين أول رئيس عليه. وانضوى إليه بضعة آلاف من الرهبان والمتوحّدين من كورة نينوى وغيرها من بلاد العراق وفارس. لا نعلم التصميم الأول لهذا الدير. وبسبب الغزوات والكوارث التي ألمّت به إنعدمت فيه الآثار الفنية وإندرست النقوش والزخارف. والباقي إلى يومنا هذا من أجزائه الجميلة والأصيلة المذبح وبيت القديسين , قلاية القديس مار متى الصهاريج بعض الكهوف والصوامع.

- شي عن الرهبنة
لم يكن للرهبنة ذكر شائع قبل أواخر المئة الثالث للميلاد ، إنما من رغب العزلة والانفراد خرج من المدينة أو القرية وانتقى له كوخاً أو كهفاً لجأ إليه وانقطع فيه زهداً وتعبداً وقد غلب عليه اسم (المنسك) وصاحبه الناسك ، وما أن جاء مار أوجين انطونيوس سنة 251 إلى سنة 356 حاملاً لواء الرهبانية في الشرق والملقب (أبي الرهبان) ، فنظم شؤون الرهبنة وأقام لها الديورة وجمع شتات الرهبان خلال صوامعها ،
أما في العراق فلم يكن لها ذكر بعد ، حتى بعد قدوم القديس الشهير مار متى وترحاله عن بلاده ، فجعل أول مؤسسه رهبانية في جيله وزمنه, على حين لم يكن ثمة معهد رهباني في سائر تلك الجهات ولا يوجد من يعرف بهذا الاسم .إذن يكون القديس (مار متى) أول الرهبان في العراق ما بين سنتي 361-363م.

- شي عن القديس مار متى مؤسس الدير:

ولد في ديار بكر- تركيا ( قرية ابجر ) في الربع الأول من القرن الرابع. ترهّب في بداية صباه. وتنسّك. ولما أثار يوليانس الجاحد قيصر رومية إضطهاده للكنيسة المسيحية عام 361م، غادر مار متى ديار بكر مسقط رأسه إلى المشرق يرافقه أكثر من عشرين راهباً
, إنفرد مار متى في صومعة صخرية في جبل مقلوب لا تزال ماثلة إلى اليوم. ثم ترأس الدير الذي شيده بعدئذ , وأشتهر بتقواه وقداسته، وممارسة أعمال التقشف , توفي في أوائل القرن الخامس ( 411 م ) وهو شيخ طاعن في السن.

- الدير في مختلف العهود وعبر التاريخ:

بعد مرور مائة عام تقريباً من تأسيس الدير، أصيب بحريق هائل عام 480م. وعلى إثر ذلك قضي عليه، وبادت معالمه. وفي نهاية القرن الخامس عاد إليه بعض الرهبان واستأنفوا الحياة النسكية ورمموا الدير المحترق حتى برز إسمه من جديد في عام 544 فواصل مسيرته التاريخية بصورة منتظمة سيما في العهود العربية التي أعقبت العهد الساساني. وفي عام 1171م هجر بسبب اعتداءات الدخلاء. وظل مهجوراً حتى عام 1187 ثم استؤنفت فيه النشاطات الكنسية في شتى المجالات. ولما جاء ياقوت الحموي الجغرافي العربي الشهير لزيارة الموصل في مطلع القرن الثالث عشر حيث كانت قد اشتهرت بمدارسها وعلمائها وعمرانها على عهد بدر الدين لؤلؤ, زار الدير وقال فيه (دير مار متى بشرقي الموصل على جبل شامخ يقال له جبل متى. من إستشرفه نظر إلى رستاق نينوى والمرج.وهو حسن البناء وأكثر بيوته منقورة في الصخر. وفيه نحو مائة راهب. لا يأكلون الطعام إلا جميعاً في بيت الشتاء أو بيت الصيف وهما منقوران في صخرة. كل بيت منهما يسع جميع الرهبان، وفي كل بيت عشرون مائدة منقورة من الصخر. وفي ظهر كل واحدة منهن قبالة برفوف وباب يغلق عليها. ) .
ثم استأنفت فيه النشاطات الكنسية في شتى الميادين ، وبعد حين اخذ الدير يلمع ذكرة مرة أخرى بشكل خافت وضئيل في نهاية القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر، ثم بدأ يتوهج بعد سنة 1660م أي في العهد العثماني الثاني فتسلسلت أخباره ومن ثم حتى يومنا هذا ويسير سيراً طبيعياً خلال الفترة الواقعة ما بين (1833-1846) إذ تولاه الخراب على اثر غارة محمد باشا ميره كور وخلا من السكان اثنتي عشر سنة.
. وفي عام 1970- 1973 تجدد الدير تجدداً متيناً بكامل أجزائه. وتم إيصال القوة الكهربائية وتبليط الطريق المؤدي إليه من مفرق عقره والبالغ 10كم، كما بلّط طريق آخر يربط الدير بالطريق العام. وهو اليوم يعتبر منطقة، دينية، آثارية.

- آثار الدير
1 . كنيسة القديس مار متى: شيدت على الطراز المألوف في إنشاء كنائس المشرق وتشتمل على ، المذبح، ومدفن الآباء القديسين، والهيكل، ومدفن الرهبان
2 . المذبح: قديم جداً ينطق بقدمه بناؤه وقبته الشاهقة البالغة إرتفاعها عشرة أمتار. وفيه ترونسان أحدهما كبير يقع في صدره، والثاني صغير يقع في أقصى الجهة الجنوبية.
3 .‌- مدفن الآباء القديسين :هو المعروف ببيت القديسين، وهو القسم الشمالي من المذبح. تعلوه قبة يبلغ إرتفاعها سبعة أمتار, ويشمل على عدة أضرحة منها ضريح القديس مار متى مؤسس الدير وضريح العلامة إبن العبري المتوفي عام 1286
4 . الهيكل: جديد أنشىء عام 1858م وهنالك كتابة سريانية في واجهة المذبح تنطق بتاريخ بنائه. بيد أن جداره الشمالي وضع على أساس قديم. يتألف من ثلاثة أنابيب إسطوانية، الجنوبي والأوسط متساويان- أما الشمالي فصغير
5 . مدفن الرهبان: مغارة صخرية كبرى تحت هيكل القديس مار متى كانت قد إختفت مدة طويلة حتى إكتشفت عند وفاة أحد الرهبان عام 1910م
6 . كنيسة السيدة : كنيسة قديمة جددت عام 1762 وهي بسيطة في شكلها. تحوي مذبحاً صغيراً يشتمل على ترونس صغير، تعلوه قبة صغيرة وبسيطة. وهيكل مستطيل صغير.
7 . مدفن الآباء الخارجي: سمي بالخارجي لوجوده خارج سور الدير وقديماً كان ضمن الدير. وهو مغارة صخرية كبيرة أنشئت على جانبيها الشرقي والغربي عشرة أضرحة، يتقدمه إيوان صغير.
8 . الصوامع: منها صومعة القديس مار متى تقع جنوبي شرقي الدير. كانت منسكاً للقديس مار متى قبل إنشاء ديره ولا تزال بحالة جيدة. نقرت فيها مائدة للتقديس. وأنشئت إلى جانبها صومعة صغيرة حيث كان يتعبد القديس، وصهريج. وصومعة إبن العبري واقعة شمال شرقي الدير نقرت عام 1195 كما تنطق الكتابة السريانية بالقلم الإسطرنجيلي المزبورة فيها. ثم عرفت بإسم إبن العبري لتردده الكثير إليها إنصرافاً إلى الكتابة والمطالعة. وقد نقرت مائدة للتقديس في شماليها وأريكة في غربيها وشيد إلى جانبها صهريج صغير.
9 . الصهاريج: في الدير عدة صهاريج نحتت في بدء تأسيسه لخزن مياه الأمطار المنحدرة من الجبل. ولا يزال أربعة صهاريج ماثلة يبلغ سعة أكبرها 2420متراً مكعباً.
10 . - كهف الناقوط : أكبر الكهوف، وأكثرها سحراً وجمالاً، غرب الدير على مسافة 200م. وهو قسمان القسم الخارجي ومساحته 10 × 15م رصف بالحجر المعروف بالبازي تتوسطه بركة ماء. والقسم الداخلي مساحته 6 × 4م يتقطّر ماء طوال السنة، تتجمّع المياه في حوض صغير وتنساب إلى القسم الخارجي حيث تصب في البركة. يقضي الزائرون فيه وقتاً ممتعاً في فصل الصيف.


http://www.almadapaper.net/ar/ViewPrintedIssue.aspx... " المدى " ليوم الاربعاء 26 26 نيسان 2017