مشاكسة رواتب الرؤســاء ورواتب الفقـــراء/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 11, 2012, 07:24:16 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكسة
رواتب الرؤســاء
ورواتب الفقـــراء




مال اللــه فـرج
malalah_faraj@yahoo.com




                  قبل ان تنفض اعراس وافراح وولائم واحتفالات ومكاسب  ومغانم   وانتصارات ودعوات وقبلات وتمنيات قمة بغداد العربية , التي كانت كالعادة مثل جميع القمم التي سبقتها قمة (تاريخية ثورية مصيرية متفردة ) في نوعية الحضور وفي مستوى الوعي والشعور والمشاركة والتاخي والتــأزر والاحساس العالي بالمسؤولية القومية وبالتحديات المصيرية التي تواجه الامة العربية والاصرار على احداث نقلة نوعية وانعطافة تأريخية واضافة قومية في العمل العربي المشترك الذي ما يزال منذ ان تاسست الجامعة العربية العتيدة الفريدة ولحد الان غارقا في بحر الظلمات رغم انه يشق طريقه بصعوبة بالغة في جميع الاتجاهات , جلسنا في مقهى شعبي نتابع جوانب من اعمال ونتائج وملاحم وانتصارات قمة القمم التي ستفجر العزائم والهمم وستحل كل  الازمات و ستغرق الامة بالخيرات والنعم .

      فجأة ارتفعت حرارة المتابعة وصمتت سيمفونيات الملاعق الصاخبة وهي تمزج الشاي والسكر في الاقداح وتوقف الجميع عن مواصلة مباريات لعبتي (الطاولة.. والدومنة) بينما كان (الدوشش الارهابي المتطرف) يلفظ انفاسه الاخيرة بين اصابع صاحبي , وتوجهت الانظار والاذان والمشاعر المرهفة بترقب واهتمام نحو شاشة التلفاز التراثي المتعب الذي ربما كان شاهدا على احداث اكثر من عقدين من الزمن والمذيع يزف بحماسة ثورية اشبه باغنية (احنه مشينا مشينا للحرب) بشرى الحدث السعيد والانجاز المجيد ممثلا بولادة اعلان بغداد الذي ولدته القمة التاريخية بعد مخاض سياسي عسير مرير .

      وللاسف الشديد لم يتحمل مشاهدة معاناة المخاض والام الوضع  الكثير من الملوك والرؤساء والقادة العرب بفعل احاسيسهم المرهفة ففضلوا بمنتهى الالتزام القومي والشعور العالي بالمسؤولية والحرص على الاهداف القومية والتزاما بميثاق العمل العربي المشترك وادراكا لحجم المسؤوليات القومية الملقاة على عواتقهم واستجابة لدواعي التصدي القومي المشترك للاخطار والتحديات التي تواجه الامة عدم حضور القمة ومخاضها الصعب وولادتها المتعسرة واكتفوا  بممثلين عنهم لتقديم التهاني بالمولود الجديد ممثلا باعلان بغداد العتيد  الذي ضم (49) توصية وقرارا واخفق في تجاوز حاجز الخمسين قرار .
      وفي متابعة منهجية تفصيلية دقيقة فقد وقف المشاهدون والمتابعون على كمية الجهد  الكبيروالتعب العميق والشاق الذي بذله قادة الامة ورؤسائها في المناقشات الساخنة والجدال المحتدم والعرض المسهب والايضاحات الميدانية وعرض التجارب القطرية والقومية ومقارنتها بالتجارب العالمية , الى جانب القبلات الرئاسية والمجاملات البروتوكولية وتبادل المشاعر وعرض الازمات واستيضاح المواقف وربما استجداء المساعدات والعتب الاخوي لقلة الزيارات ومحاولة اعادة الحرارة للعلاقات الباردة وربما المتجمدة بين هذه الدولة الشقيقة وتلك حتى تمكنوا بساعات محدودة الالمام بكل مشاكل وعوامل وقضايا وخبايا وتحديات وتطلعات ومستلزمات وحاجات الامة والعمل العربي المشترك موثقين ذلك بخارطة طريق عربية حيوية لحلحلة جميع المشاكل الانية والمستقبلية وعبور كل الازمات  المصيرية عبر(49) بندا في وثيقة اعلان بغداد التاريخية التي لو طبقت لتقدمت (الامة العربية) على كل الامم والتجارب الدولية ولسارعت الولايات المتحدة وسويسرا وروسيا الاتحادية ودول الاتحاد الاوربي الى الانضمام لجامعة الدول العربية للاستفادة من خبرتها الميدانية ومن اجراءاتها الثورية في بناء التجارب القومية الانسانية على اسس حضارية ولقدم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون طلبا للعمل مستشارا فيها.

      وقد ترجمت الوثيقة الختامية خلاصة قومية تأريخية مصيرية للدعم العربي الكبير الخطير الاثير لبغداد التي احتضنت هذا المحفل الستراتيجي الذي سيغير خارطة  واسس وتضاريس وفاعلية العمل العربي المشترك ووضعه على قضبان السكة الحديدية الجديدة التي ستوصله بزمن خرافي الى تحقيق كامل الاهداف العربية , فبعيدا عن القضايا الهامشية التي يحتاجها العراق الديمقراطي الجديد وهو يعود لحاضنته العربية والتي لم تلتفت لها قمة بغداد وفي مقدمتها اسقاط الديون العربية وحاجة العراق لخبرات واستثمارات اشقائه ومستلزمات التنمية واعادة التمثيل الدبلوماسي على اعلى المستويات وضبط الحدود واعادة تاهيل البنى التحتية والقروض طويلة الاجل بفوائد رمزية والمساهمة بانعاش الاقتصاد  العراقي عبر مساهمات عربية ووضع حد للفتاوى التي تشجع وتدعم العنف والارهاب في العراق تحت اغطية واهداف مختلفة وتبني جهدا عربيا موحدا مشتركا لتحرير العراق من قيود العقوبات الدولية المفروضة عليه وفق البند السابع من الميثاق الاممي , فقد انتخى الاشقاء العرب ليقدموا للعراق ثلاثة قرارات تأريخية ستراتيجية مصيرية حاسمة لم يكن يحلم بها تمثلت في تحية بغداد لاختيارها عاصمة للثقافة العربية , وتوجيه الشكر لفخامة رئيس الجمهورية لادارته الحكيمة لاعمال القمة , والامتنان لبغداد على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال .

    حال انتهاء  المذيع الثوري من تلاوته لفقرات اعلان بغداد التفت الينا شيخ متعب وقور متسائلا  بلهجته الشعبية (ما افتهمنا اكو زيادة بالرواتب لو لا ؟) غرق الجميع بعاصفة من الضحك اذهلت الرجل المسكين , وسرعان ما اجابه احد الحاضرين (عمي تقصد رواتب الرؤساء ؟ لو الفقراء ؟) هز الرجل يده مستغربا وهو يتمتم  (عمي همه الرؤساء هم يحتاجون رواتب ؟؟؟) .   



ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة