تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

ملاحظات خجولة وتمنيات جديدة

بدء بواسطة simon kossa, يناير 11, 2012, 05:43:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

simon kossa

ملاحظات خجولة مع تمنيات جديدة
شمعون كوسا

إحدى جولاتي في هذه الايام الاخيرة قادتني الى واد سحيق . كان الوادي المحطة الاخيرة لجولتي.  بعد مسيرة استغرقت ساعة ونصف احسست بقليل من التعب،  فافترشت الارض مقعدا  وبصورة عفوية وجّهت انظاري الى فوق ، فرأيت نفسي تحت قدمَي جبل شاهق ، وبقليل من التركيز تيقـّنت بان الجبل هو ذات المرتفع الذي استضافني في أعلى قممه قبل سنة ، لاطلاق تمنياتي للعام الجديد .
قلت ، بما اني لا زلت في الايام الاولى من السنة الجديدة ، لماذا لا اصدر عددا جديدا لتمنيات هذا العام ، ولكني بعد تفكير بسيط استدركت نفسي وقلت : قبل ان اقوم بهذا الاصدار الجديد ، يستحسن  أن أراجع نتائج تمنياتي للسنة السابقة ، للاطلاع على ما تحقق منها وما لم يتحقق ، وما بقى منها يراوح في منتصف الطريق  وما استجدّ خلال هذه الفترة . بعد مراجعة سريعة توصلت الى بعض نتائج ارغب في سردها تباعا ، بموضوعية وباسلوب قد يبدو لاذعاً ولكنه نابع من القلب .  انها ملاحظاتي التي اسوقها بصراحة ، لاني رأيت وسمعت ما يلي :

رأيت بان الناس لا زالت تركز اكثر فاكثر ، على تكديس اموالها وزيادة املاكها ومساحات بناياتها  ورفع اسعار أراضيها  وزيادة عدد سياراتها حديثة الصنع. وهذا ما كررته سابقا ولا أملّ من قوله . باتت الناس لا تفتش في احاديثها الا عن مفردات ترتبط  باوثق الروابط  مع الدولار وما يلف حوله . بات اغلبية الناس ينتمون الى نادي هواة الاصفار ، اصفار يريدونها على يمين العدد  . يبحثون عن الصفر في الاعالي ، وعند العثور عليه ، يلقونه في منحدر علـّه يتعرف على اصفار اخرى ويغريها في طريق هبوطه ، تماما ككتلة الثلج التي يكبر حجمها في المنحدرات  الثلجية .

رأيت ورثة ينتظرون حلاّ لخلافات قائمة منذ أربعين سنة . توُفيّ المالكون الاوائل وعقبهم الاجداد والاباء ، والاحفاد ، الذين تزايدوا وتفرّعوا ، كادوا ينسون حقوقهم بسبب تعنت البعض وانفرادهم  بحثا عن أطماع آنية على غير وجه حق، وقد يكون للنساء دور البطولة في مثل هذه المسلسلات المأساوية .

رأيت روح الكبرياء والتعالي والحقد قد تأصلت في الكثير من القلوب . رأيت هنا وهناك اناسا مرّوا بظروف صعبة ولم يتـّعظوا من مصائبهم . أثناء محنتهم كانوا لا يكفون عن الترديد بقناعة بان الدُنيا  زائلة ويقطعون العهود بنبذ السوء من قلوبهم ، ولكنهم ما ان زالت اسباب ضيقهم ، حتى تنكروا كليا لعهودهم ومواثيقهم . فبدأو بمحو الاسطر التي تعهدوا بها ، وبعدها وجدوا بانه من الافضل إزالة الصفحة باكملها لان الدنيا لم تعد زائلة الان . انهم يتناسون بان الاستقامة الحقيقية تقاس على مدى الحياة ، إنها نتيجة عدد كبير من محاولات صادقة ، وليس استغاثة في آخر العمر حيث لا يفيد الندم . كما يجب ان نضع نصب اعيننا حكمة مهمة وهي بان الدنيا لا تستمر على وتيرة واحدة ، وتتربص بنا  المحن كاللص ، وان ما يصيب غيرنا قد يصيبنا ، لانه ليس هناك من هو في منأى عن الشدائد .

سمعت عن بعض المجتمعات بان مشاكل الاهل في البلد الام تنعكس على اولادهم الذين اختاروا المهجر مستقرا لهم . لقد سمعت آباء او امهات يؤنبون اولادهم لمعاشرتهم اولاد العائلة الفلانية ، او بالاحرى لعدم التصرف معهم كالاعداء لان اباءهم في البلاد المتروكة هم على خلاف مع هذه العائلة لاسباب قد يجهلها الطرف المهاجر. انهم ابتعدوا بحثا عن راحة البال ولكنهم اكتشفوا بانه عليهم الابقاء على العلاقات والالتزام بكافة تطوراتها حتى العدائية منها .

بما ان رجال الدين لا يحبون الملاحظات او الانتقادات ، فاني احتراما لمقامهم سأتـّبع اسلوب الرجاء والتمني واقول : اتمنى ان يفكر بعض رجال الدين بالخلود الى الراحة عند بلوغهم سن التقاعد ، فالبعض كانوا قد وعدوا ونسوا وعدهم.

حبذا لو فكر بعض رجال الدين بتقليل اهتمامهم بصليبهم الذهبي والسلسلة التي تحمله  والتخفيف من حرصهم على إُبرزاهما  بسُمك معين وبريق خاص ، أتمنّى لو أعادوا الى اذهانهم حقيقة بديهية  وهي ان سيدهم كان قد عُلـّق بوجه مشوّه على صليب من خشب . هل ان الذهب يزيد الصليبَ قيمة ؟ ولماذا لا يُصار الى وضع صليب خشبي يزين صدورهم ؟ انه مجرد اقتراح شخصي ولقد تأكدت بانه لا يتعارض مع الشرائع السماوية !!
   
وحبذا لو فكر قسم آخر من رجال الدين واقتنعوا بان مضاعفة الشهادات العليا والالقاب ، بعد دراستهم الاساسية ، ليست ضرورية لبلوغ مرتبة الكاهن الصالح .  إن المؤمنين بصورة عامة يجدون ضالتهم في رجل دين يعكس وجه سيده ، وهذه الصورة لا تحتاج الى اكثر من التشبع بتعاليمه السهلة والبسيطة وليس بالضرورة الى لقب الدكتور أو ما شابه. فكلّ ما يطلبه الرعايا من رؤسائهم ، الذين يفترض انهم كرسوا نفسهم لخدمتهم ، هو أن يفرحوا معهم إذا فرحوا ، وأن يبكوا معهم إذا بكوا .

سمعت حكايات عن اناس اضاعوا فرصاً ذهبية تهيّأت للتآلف والتآخي والتسامح . وعوضا عن اغتنامها ، فضـّلوا التغريد خارج السرب . هناك من أبوا التلاقي مع بعض الوجوه من بني جلدتهم  أوالتحديق في عيونهم، ومنهم من رأوا المجتمِعين غير جديرين باهتمامهم ، ومنهم من اختلقوا أعذارا واهية اخرى ، فقاموا بالتحليق في فضاءات اخرى وتجاهلوا الجمع واهدروا فرص التئام قد لا تتكرر كل يوم .

بعد تمحيص طويل ، رأيت بان التقدم في تحليلاتي سيقودني الى المزيد من التشاؤم لاسيّما وان خشبتي كانت عامرة بخبز ينتظر دوره في التنور، فتوقفت عن مراجعتي  وقلت : هل هناك جدوى من اطلاق تمنيات جديدة لهذه السنة ، خاصة واني الان جالس في واد سحيق بعيد عن تلك القمم التي كانت تلامس ارجل الملائكة ، حيث لم تكن تحتاج كلماتي آنذاك الى اكثر من بضع امتار لتبلغ هدفها ؟ هل هناك امل ازاء هذا التكالب على المادة ؟ هل هناك ما يُرجى من جيل لا يرى الا مصلحته ؟ هل هناك رجاء في غالبية قد جنحت للانانية وتنكرت للغير ؟ هل سيرضى الحقد باجلاء المساحات الشاسعة التي اشادها باسس راسخة داخل القلوب ؟ هل يعرف الناس بانهم اضحوا يرون القشور لبّا والمظاهر جوهرا ؟ هل سنتوصل جميعا الى رفع انظارنا الى العلى للارتفاع قليلا والانقطاع عمّا يربطنا بالارض لافراغ افكارنا وقلوبنا وفرشها بلون ابيض ووردي،  ولو لمدة صغيرة ، لكي تستقبل حبا طاهرا يجعلنا نعيش بفرح من الجميع ونتيقن بجدّ بان كل ما تحت اقدامنا هو فانٍ ٍ، وبان الكل سيتلاشى ويتساوى في القبور ، العبد مع ربّ الصولجان .

وفي خضمّ شكوكي هذه تذكرت قول الشاعر حينما قال :

اعلـِّلُ النفسَ بالآمال ارقبها       ما اضيق العيش لولا فسحة الامل

فراجعت نفسي وقلت بخجل ، لماذا لا أتسلح بالامل وأحاول استئناف التمنيات من هذا الوادي  .اخرجت القلم  ووقعت ورقتي التي كانت قد صاغت الملاحظات على شكل تمنيات جديدة مع هامش يعبر عن الامل بان يتوصل الناس الى قراءة  ولو جزءً يسير ممّا لاحظته ورأيته وسمعته أورجوته . أودعتُ البرقية أذرع الرياح التي طارت بها الى فوق ، فتابعت  مسارها الى ان اختفت عن أنظاري .
للذين لا يستمرئون هذه الملاحظات اقول :اعتبروا هذه كلها مجرد اقوال ، ودعوني ان اراها تمنيات نابعة من أعماقي . 

Emad Dawoud

#1
الاستاذ سيمون
بحق ان مقالتك هذه هي من اكثر المقالات المؤثرة التي قرأتها والتي تعالج الحالة التي نمر بها والتي جعلتنا نقبل بالحد الادنى بل بأقل من الحد ألأدنى من مستلزمات وجودنا وكياننا .
الحقيقة هي دائما الشئ الوحيد الذي لا يريد احد ان يصدقه . لقد تعلمنا بأن الاستمرار بالعادة القديمة السيئة اسهل من البحث عن الجديد الجيد وهذا سبب تخلفنا وعدم مواكبتنا لعصرنا .
اننا نعيش في الزمن الصعب الذي لم يعد بمقدورنا سوى غلق عيوننا والحلم بحياة افضل وهذا هو الوقت الوحيد الذي نشعر فيه بأننا أحياء وبأن لنا وجودنا وافكارنا .
تحية لك وشكرا لأفكارك النيرة التي نحن بأمس الحاجة لها في هذه الايام .
عماد داؤد


ماهر سعيد متي

اعلـِّلُ النفسَ بالآمال ارقبها       ما اضيق العيش لولا فسحة الامل

[/url

شكرا لك تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

sarmadaboosh

انها من اجمل التمنيات يا استاذي و ارجو ان تقبل وقوفي بجانبك تحت قمة الجبل لاضم صوتي معك

شكرا على هذه المقالة الرائعة 

simon kossa

مقتبس من: Emad Dawoud في يناير 11, 2012, 07:21:17 مسائاً
الاستاذ سيمون
بحق ان مقالتك هذه هي من اكثر المقالات المؤثرة التي قرأتها والتي تعالج الحالة التي نمر بها والتي جعلتنا نقبل بالحد الادنى بل بأقل من الحد ألأدنى من مستلزمات وجودنا وكياننا .
الحقيقة هي دائما الشئ الوحيد الذي لا يري احد يصدقه . لقد تعلمنا بأن الاستمرار بالعادة القديمة السيئة اسهل من البحث عن الجديد الجيد وهذا سبب تخلفنا وعدم مواكبتنا لعصرنا .
اننا نعيش في الزمن الصعب الذي لم يعد بمقدورنا سوى غلق عيوننا والحلم بحياة افضل وهذا هو الوقت الوحيد الذي نشعر فيه بأننا أحياء وبأن لنا وجودنا وافكارنا .
تحية لك وشكرا لأفكارك النيرة التي نحن بأمس الحاجة لها في هذه الايام .
عماد داؤد




الى الاستاذ ماهر

ننا نعيش في الزمن الصعب الذي لم يعد بمقدورنا سوى غلق عيوننا والحلم بحياة افضل وهذا هو الوقت الوحيد الذي نشعر فيه بأننا أحياء وبأن لنا وجودنا وافكارنا

انك فعلا بهذه الكلمات قد عبرت عن حقيقة موضوعية مرّة مع الاسف . لقد اصبحنا والحياة امام اعيننا ، نغمض العين لنراها كما يجب.
اشكرك على كل ما قلته وكل عام وانت بخير

simon kossa

الاستاذ سرمد

شكرا لتقييمك واهلا وسهلا بك معي في سفح الجبل وكل عام وانت بالف خير

simon kossa

مقتبس من: ماهر سعيد متي في يناير 11, 2012, 07:45:17 مسائاً
اعلـِّلُ النفسَ بالآمال ارقبها       ما اضيق العيش لولا فسحة الامل

[/url

شكرا لك تحياتي

الاستاذ عماد

اعذرني لقد اخطأت في الرد وتاخرت عليك

ان ما تقوله هو عين الصحة ، ان الحقييقة شأن يزعج الان ، والاستمرار على ما هو معتاد هو الامر المريح
وغدونا كما قلت انت ، نحتاج الى الخيال لكي نعيش الحقيقة التي يفترض ان ننظراليها بعيون مفتوحة لكي تسعدنا
ولكي نراعيها ونتخد منها الدروس والعبر
اشكرك على مداخلتك واتمنى لك سنة سعيدة مليئة بالخيرات

ope

#7
استاذ simon ان مقالتك هذه جائت وكتبت في الوقت المناسب ومازال يوجد قلوب نظيفة وناس يفتشون ويريدون زرع المحبة بين الناس وتوجيه الئ الطريق الصحيح والنظيف ويريدون ان يتبعون كلام السيد المسيح الذي يقول (احبوا بعظكم بعظا كما انا احببتكم)  وهناك ناس لا يفكرون بالمال اكثر مما يفكرون بالمحبة والتاخي والتسامح ولكن نسبة ضئيلة جدا .في هذا الجيل الجديد الذي يفكر دائما بالمادة باي طريقة كانت حتئ لو عرف ان لديه ورث قليل من اراضي زراعية العائدة الئ اجداده او اي شي عائد للملك يذهب الئ المحكمة ويعلن بيعها لاي شخص كان لكي يحصل علئ المال ويشتري سيارة اخر موديل ولا يهمه حديث الشارع السلبي ضده  وقلة احترامه ومحاربته بكل الوسائل وابتعاده عن الكنيسة ولا يهمه شيئا والنهاية لا ينعفع له من كل ما فعله .وفي النهاية اقول اشكرك علئ هذه المقالة المؤثرة وعلئ هذه الافكار النيرة .مع تحياتي............ope

بهنام شابا شمني

يقال ان الحياة تجارب وامنياتك يا سيدي هي بحد ذاتها هي تجارب لمجتمع كامل ، لا ادري لماذا لا نتعظ من تجارب الاخرين ونضعها نصب اعيننا كي لا نقع في نفس الخطأ ، هل هو البشر في طبيعته يحاول السباحة بعكس التيار والخروج دائما عن المالوف و
تقبل خالص تحياتي

simon kossa

مقتبس من: بهنام شابا شمني في يناير 17, 2012, 09:21:03 مسائاً
يقال ان الحياة تجارب وامنياتك يا سيدي هي بحد ذاتها هي تجارب لمجتمع كامل ، لا ادري لماذا لا نتعظ من تجارب الاخرين ونضعها نصب اعيننا كي لا نقع في نفس الخطأ ، هل هو البشر في طبيعته يحاول السباحة بعكس التيار والخروج دائما عن المالوف و
تقبل خالص تحياتي


الاخ  OPE

اشكر مداخلتك , لحسن الحظ هناك اناس يؤمنون بالقيم ، فلولاهم لكان الناس يأكلون بعضهم البعض لان المادة اصبحت تأتي قبل كل شئ
شكرا لتقديرك للمقال وبارك الله فيك

simon kossa

مقتبس من: بهنام شابا شمني في يناير 17, 2012, 09:21:03 مسائاً
يقال ان الحياة تجارب وامنياتك يا سيدي هي بحد ذاتها هي تجارب لمجتمع كامل ، لا ادري لماذا لا نتعظ من تجارب الاخرين ونضعها نصب اعيننا كي لا نقع في نفس الخطأ ، هل هو البشر في طبيعته يحاول السباحة بعكس التيار والخروج دائما عن المالوف و
تقبل خالص تحياتي


الاستاذ بهنام
شكرا لكلماتك ، لو كنا قد قررنا الاتعاظ بالتاريخ وبما جرى للغير والاستفادة من تجاربهم ، لما كنا نعيد نفس الاخطاء مدفوعين الى ذلك بمصالحنا الانية , بارك الله فيك وكل عام وانتم بخير