لقاء مع البروفسور باسيل شمعون عكولة البرطلي

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, سبتمبر 01, 2011, 10:22:13 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

لقاء مع البروفسور باسيل شمعون عكولة البرطلي




منذ ان قرات كتابه قبل اكثر من خمسة عشرة سنة والذي يحمل عنوان ( غجري لا يجيد الرقص )  اصبحت الامنية تراودني ، والشوق يدفعني للقاء هذا الانسان الذي يكتب بكل هذه الجرأة والصراحة حتى وان كان على نفسه ، ليقولها للناس بكل شجاعة ولينقل حقيقة زمان عاشه واهل بلدته في بيئة اجتماعية بسيطة تكاد تكون منفردة بها بلدته فقط ، فكان حريصا على توثيق تلك الايام في كتابه اعلاه ، لتكون مرجعا لكل من يريد العودة بذاكرته الى تلك الايام ، ولكل من يحاول الوقوف على تاريخ هذه البلدة ، ليُكوِن صورة عن تلك البيئة الاجتماعية البسيطة في هذه القرية الصغيرة التي انجبت الكثير من الجهابذة والعلماء والمفكرين ومنهم البروفسور باسيل عكولة البرطلي .
كانت زيارته لبرطلة مسقط رأسه ، فرصة لتحقيق تلك الامنية بلقاءه والتحدث معه عن هذه البلدة والفوز بكل ما تحمله جعبته من معلومة عنها ، وبعد قبول وتأجيل للموعد واعتذار بسبب ازدحام جدول الزيارة ، تم اللقاء ، لاجد نفسي قبالة رجل في اواخر السبعينيات من عمره ، وبقوام نحيل اخذ النشاط الفكري منه ما اراد ، ولكني صُوِر لي وكاني اقف امام خزانة كـُتب كتلك التي لآشور بانيبال تحوي من نفائس المعلومات ما عَجـِزَ الانسان من فك كل رموزها .
 
البروفسور باسيل شمعون عكولة ولد في برطلة في 19 تشرين الاول سنة 1932  ، دعاه الرب الى الكهنوت فدخل معهد مار يوحنا الحبيب عام 1943 وواصل فيه دروسه حتى 19 آذار سنة 1957 فرسم كاهنا بيد المطران يوليوس جرجس قندلا وعين في برطلي حتى سنة 1960   ثم تركها مسافرا الى لبنان . واصل دروسه العلمية العالية في مدارس وجامعات بيروت ، جامعة الروح القدس كلية التاريخ والاثار ، جامعة القديس يوسف كلية الاداب ، مدرسة الاداب العليا ، حصل على اجازة في الاداب من جامعة القديس يوسف في بيروت عام 1965 م . نشر كتابا ادبيا فكريا اجتماعيا تحت عنوان ( غجري لا يجيد الرقص ) عام 1972 . وعلى اثر ذلك ترك الكهنوت وتزوج بسبب خلافه مع بعض من رؤسائه ، واصراره على آرائه المخالفة للقوانين الكنسية ، وفي عام 1979 غادر بيروت الى فرنسا بسبب الحرب ليواصل نشاطه الفكري ونتاجه العلمي في باريس حيث اعتلى منبر البحوث في جامعة السوربون . عمل مدير ابحاث في المركز الوطني للبحث العلمي في باريس ، ونال شهادة الدكتوراه في الاثار جامعة ليون فرنسا  ، وكانت اطروحته العلمية في تاريخ بلدة الحضر الاثرية القديمة ، في عام 2000 عاد الى لبنان وعمل استاذا للغات السامية المقارنة وتاريخ الاجيال القديمة في جامعة القديس يوسف ( 2000 ـ 2003  ، عضو الجمعية الاثرية لبنان ، ومساعد المدير في معهد الدراسات السامية ( 1978 ـ 1983 ) كان عضوا في معهد الاثار الفرنسي في بيروت .
اكرمته الحركة الثقافية ـ انطلياس في المهرجان اللبناني للكتاب ، الدورة الثانية والعشرين في آذار 2003 .

مؤلفاته :
نشر عشرات المقالات في كراس بعنوان مجنون العذراء عام 1955 ترجمه عن الفرنسية يوم كان اكليريكيا في المعهد الكهنوتي بالموصل .
نشر مقالة بالفرنسية عن الاثار السريانية .
كتاب فئران الكاتدرائيات .
نشر كتابا ادبيا فكريا اجتماعيا تحت عنوان ( غجري لا يجيد الرقص ) عام 1972 . وعلى اثر ذلك ترك الكهنوت وتزوج بسبب خلافه مع بعض من رؤسائه ، واصراره على آرائه المخالفة للقوانين الكنسية .
في عام 1979 ساهم واشرف في تاليف المنجد الحديث للاعلام وفهارس الكتابات الارامية في اشور والحضر .
له اكثر من سبعة كتب بالفرنسية واكثر من ستين بحثا منشورا في مجلات اجنبية وعربية .
كتابات عن تدمر والانباط والرها ودياناتها وتاريخها وحضارتها .
كما له عدة مقالات علمية وادبية وقصائد شعرية مبثوثة في عدة مجلات عربية ، علاوة على الاحاديث التي القاها من محطة اذاعة بيروت في الانجيل والعدالة الاجتماعية وغيرها من مواضيع الساعة .
اديب وشاعر .




برطلي دوت نت .....البروفسور باسيل شمعون عكولة البرطلي اين هو الان ؟

نستطيع ان نقول اننا في فترة الرجوع الى الاصول ، حتى عام 2008 م تقريبا كنت ازاول النشاط التعليمي والكتابي في فرنسا في ( coleg defrance ) حيث كنت مديرا للبحث العلمي في باريس في فرع اللغات السامية والتاريخ القديم ، بعدها عدت الى لبنان لاعمل في جامعة القديس يوسف في فرع اللغات السامية المقارنة وتاريخ الاديان القديمة وبعدئذ في الكتاب المقدس والقرآن الكريم في الدراسات المقارنة ايضا.
اما الان انصرف انصرافا شبه كامل الى المحاضرات وكتابة المقالات والاشتراك في المؤتمرات الكثيرة في لبنان وسوريا والاردن .

برطلي دوت نت .....كنا قد نشرنا موضوعا عن البروفسور باسيل عكولة تحت عنوان (شخصيات من برطلي) .
هل تفتخر بأنتماءك الى برطلي ؟

اكثر من الافتخار ، لان الانسان اذا اراد او لم يُرد ، شاء ام أبى ، هو مرتبط بالاصول والجذور ، يعني منذ ان فتحت فمي ، فتحتها على اللغة الارامية ، وتكلمت باللغة الارامية في سن طفولتي ، قبل ان تحتل العربية مكانا مهما في حياتي ، ثم ان الطفل في سني عمره الاولى هو الذي يضع دون ان يعلم الحجرات الاساسية في بناء شخصيته ، فالهواء والماء والمناخ واللغة والناس والثياب والاكل والشرب الى الثانية عشرة هي التي تؤسس لانسان المستقبل ، فكيف يستطيع الانسان ان ينفك عن هذه الفترة التأسيسية في حياته .

برطلي دوت نت .....باسيل عكولة ابن البيئة الفلاحية البسيطة ، التي اعلى مرتبة علمية  يمكن ان يفكر فيها ابن هذه البيئة ان يصل اليها في ذلك الزمان هو ان يكون معلما .
هل كان يجول في خاطرك وانت طفل ان تصل الى هذه الدرجة العلمية ؟

اظن ان الطفل لا يفكر اكثر من محيط بيته ، ومن المساحة الطبيعية التي يعيش ويدور فيها في سنواته الاولى ، لانه يظن ان حدود العالم تنتهي بحدود بيئته الصغيرة ، فهو يذهب الى الكنيسة ومنها الى المدرسة ، ويعود بعدئذ ليلعب في بيادر القرية ، او لينطلق بين الحقول ايام الربيع وألخ ، هذا كان مختصر كل القرية . تقول انني ابن البيئة الفلاحية .
اكيد انني ابن سهل نينوى ، هذا السهل المتكون من مياه دجلة وفيضاناته ، ليصبح اكثر السهول خصوبة في شمال العراق ، وهو سهل يُعتبر الرئة والمتنفس لمدينة الموصل وغربها ، لانه سهل لا يستطيع ان يُعطي اكثر  من الحبوب ( الحنطة والشعير والعدس والحمص بكميات اقل ) وهذا هو كل ما يقدر ان يعطيه هذا السهل ، ولكن يُعطيه بغزارة كبيرة ويستطيع ان يجعل من القرية البسيطة سوقا يُغذي دجلة وغربي دجلة .   

برطلي دوت نت .....تركت برطلة لاكثر من خمسين سنة ، ثم عُدت اليها في السنة الماضية 2010 وهذه السنة 2011 زائرا .
ما الذي تحمله في ذاكرتك عن برطلة ؟

في الذاكرة القديمة ، برطلة هي قرية قد تكون ابدية ، اعني ان اول آثار لوجود الانسان من عهود ( جمدت نصر وتل حسونة ) اكتُشفت في ( تل البْسـيلْم ) وعلى الرابية الصغيرة وهي على مقربة امتار منا والتي تسمى ( المُصلـّى ) في العربية وحرّفها اهل البلدة الى ( المَصلـّي ) ، اكتشف الفلاحون البرطليون وهم يحرثون الارض على الواح مسمارية ، وانا بذاتي انطلقت رغبتي بالاثار من ( المصلي ) ، عندما كنا نذهب مع طلاب الصفوف الابتدائية للبحث عن قطع الفخار والصوّان التي عَلِمتُ بعدئذ ا نها تعود الى عهود ما قبل التاريخ .
اذن برطلة القديمة هي برطلة المستمرة منذ ان اكتشف الانسان السهل الواقع الى شرقي نينوى واستطاع ان يكتشف خصوبته ومساحاته الواسعة للمراعي ، لان ابن برطلة هو ثلاثة : هو ابن الفلاحة ، وهو ابن تربية الاغنام والماشية ، وهو كذلك ابن القرية التي احتكرت كل المهن الموجودة في حينه والتي كانت تحتاج اليها القرى المجاورة ، وخاصة لبرطلة اهمية كبرى والتي يجهلها الكثيرون ، فهي تقع على الطريق الدولية التي تربط البحر الابيض المتوسط بالخليج العربي ، اليوم يسمونها طريق ( الموصل كركوك بغداد البصرة ) لكن هذه الطريق لم تختلف ، لماذا ؟ لان الناس في ذلك الحين كانوا يتبعون ممرات الوديان البسيطة التي يقدر ان يمر بها الناس والحيوانات ، فلم تكن هناك رافعات ولا حفارات عملاقة ولا آلات تستطيع ان تحفر الانفاق ولا شيء من هذا ، هذه كانت الطريق الابدية ، واذا فهمنا اليوم موقع برطلة التي ترتبط بالموصل وبحلب عن طريق الجزيرة ربيعة وغيرها ثم تعود جنوبا باتجاه دمشق ومنها تتفرع الى بيروت وفلسطين ومنها الى العريش ، اعتبرنا ان هذه القرية الصغيرة  كانت مرتبطة بافريقيا ايضا .
ومن الجانب الثاني كانت تذهب الى اربيل ( اربائيلو ) القديمة الاشورية ومنها الى كركــــــــوك ( كرخو بيث سلوخ ) المدينة السلوقية المعروفة جدا وهي مدينة النفط الاولى التي تحدث عنهــــا ( هيرودوتس ) واطلق على نيرانها اسم النيران الابدية ، هناك تنصرف هذه الطريق بعدئذ باتجاه ديالى وبعقوبة لترتبط ببغداد ومن بغداد تتوسع شرقا الى ايران وغربا الى سوريا من جديد وجنوبا الى الخليج العربي .
ترى اننا موجودون على عقدة مواصلات خاصة اذا ما عرفنا ان برطلة هي نينوى وان اهلها نينويون اصيلون ، يقول احد مخطوطات القرن الحادي عشر بان البرطلي ( بَرْطْـلويو نـْنـْوويو أيثاو ) هو نينويٌ لاننا نتكلم عن نينوى بتل النبي يونس وتل قويْـنـْجو في الطرف الاخر من الخوصر ، هذه هي نينوى الملوك ونينوى القصور ، لم تكن نينوى الفلاحين والعمال الذين يعملون في خدمة الملوك الذين ملكوا نصف العالم تقريبا لنينوى .

برطلي دوت نت .....سؤال حول التلة الصغيرة والتي تضم تحتها تاريخ شعوب عاشت في هذه المنطقة والتي سميتها بالمُصلّى ، من اين جاءت هذه التسمية ؟

كان هناك في بداية القرن الحادي عشر ، اقلية مسلمة صغيرة في القرية لا نستطيع ان نحدد اين كانت ، ولكنها بالتاكيد كانت على اطراف المدينة الحالية ، قد تكون مجموعة من الرعاة الذين ياتون في مواسم الحصاد ليرعوا مواشيهم في الحقول المحصودة .
يقول لنا كتاب من القرن الثاني عشر هو ( التاريخ المختصر ) وبالسريانية ( شَربي وتشعيوثو أخ دفـْفوسيقوثو ) ( قصص واخبار بالاختصار ) يقول هذا الكتاب انه في القرن الثاني عشر او أواخر القرن الحادي عشر كان يتواجد قلة مسلمة في هذا المكان او قريبا منه ، اذن هؤلاء هم من اطلقوا على هذا الموقع اسم ( المصلى ) فهي كلمة عربية ولا يمكن ان تاتي من المسيحيين المعاصرين لانه لم يكونوا يتكلمون العربية .

برطلي دوت نت .....لكن المصلي كانت موجودة قبل الوجود العربي الاسلامي في المنطقة ؟

نحن لا نقصد هنا الوجود الطوبوغرافي للتلة ، فالتلة موجودة منذ خلق الله هذه الارض ، لكن دائما في التاريخ نعرف ان اماكن العبادة بنيت فوق بعضها لانها كانت تعتبر المكان مقدس ، انظر في التوراة يقول ( اخلع نعليك من رجليك لان هذا مكان مقدس ) لا يقول هذا المعبد ، سيناء هو مكان مقدس ، ولا نزال نحن الى اليوم نحترم الخرائب ، فخرائب ( بـَر ناكـْوري ) ( ويقصد هنا دير يوحنا ابن النجارين )  هي مكان مقدس وخرائب ( الاربعين شهيد ) ( أربي سـَهذي )  هي كذلك مكان مقدس ، وكل مكان وضعت فيه كنيسة او معبد هي مكان مقدس ، مثلا بنظري ان ( كنيسة مارت شموني الاثرية ) في قره قوش كما كتبتُ ( بعادات وتقاليد من بعض قرى الموصل ) المبنية على تلة ، انها مبنية على تل آشوري مؤكد .
وهذه هي استمرار العبادات اذن اظن ان ( المـَصَلّي ) هي كلمة تعود الى العهد العربي المتاخر في القرن الثاني عشر .
ربما كانت تحمل اسما آخر ولكن في عهد العرب اطلق عليها ( المُصلّى ) ، لم يكن لها اسم عندما جاء العرب ليبنوا فيها ، كان اسمها القديم برطلة او ما شابه لانها هي تابعة لها ، واليوم اصبحت في داخل المدينة ، لكن العرب كان من عادتهم اذا جاءوا الى مكان احترموا اسمه القديم ففي القاموسيين العرب مثلا ( ياقوت الحموي ) نذكره على سبيل المثال فهو يعرّف برطلــــــــــــــي ( برطلي ) ويعطيها بالتحريك لانهم يريدون ان يحافظوا على التسلسل التاريخي للامكنة فعندما يضعون اسما جديدا معنى انهم كانوا في ارض لا اسم لها حينئذٍ .

برطلي دوت نت .....سمعنا في زيارتك السابقة لبرطلي انك الفت كتابا عن تاريخ برطلي بالفرنسية ، هل لك ان تقدم لنا نبذة مختصرة عن هذا الكتاب ؟

انا كتبت كتابين عن برطلة ، الكتاب الاول الذي احدث في وقته ضجة نشأت من عدم فهم حق الكاهن في كتابة الادب ، يعني في الكنيسة يقولون ان الكاهن مثلا لا يكتب ادبا ، لا يكتب شعرا ، لا يتغزل ، لا يعمل كذا الى آخره ، كان مفهوما مقبولا ومحترما ، اما نحن كنا في نهاية القرن العشرين وكان المجمع الفاتيكاني الثاني ، وكانت هناك رائحة التحرر قليلا ، وانا كنت اعشق اللغة العربية شعرا وكتابة ، كنت اعشقها عشقا ، انا المؤلف الرئيسي للمنجد في الاعلام القسم التاريخي ونشرت في مجلة شعر التي كانت تصدرها جريدة النهار البيروتية قصائد شعر طويلة .
هذا الكتاب هو ( يوميات غجري لا يُجيد الرقص ) ، وهو على شكل يوميات ، واليوميات هي يوميات وهمية ، أي لا تطابق تاريخها ، اردت فيها ان احيي ذكرى هذه القرية بابعادها الثلاثة في وقت كانت قد بدأت نوعا ما بالانهزام امام الحضارة الجديدة الاتية من كل مكان ، تغيرت الثياب ، وتغيرت البيوت ، من الداخل ، ودخل التلفزيون والراديو ، ولم تكن برطلة تلك التي عرفناها نحن .
كان في ذهني انه يجب ان نجمد في التاريخ صورة ما قبل هذا التغيير ، يعني ما بعد هذا التغيير لم يعد بالاهمية بمكان ، هناك اهمية علمية وتطور بشري وبالتاكيد انتقلت القرية من عهد الفلاحة البسيطة المتاخرة من المحراث والجرجر الى آخره ، انتقلت الى التلفزيون والراديو ، الى السيارات والتركتورات الخ . هذه كانت قضية تشترك فيها اليوم مع العالم كله ، لم تكن برطلة مثل ( خزنة ) التي هي على بعد كيلومتر منها ولا مثل  باشبيتة ولا باصخرة ، كان لها شخصيتها ، كان لها هويتها ، كنا نعرف هوية القرية من غطاء الراس لنساءها ورجالها ، فامراة برطلة ليس لها غطاء الراس لما لامراة كرمليس او قره قوش او تلكيف او خزنة او أي مكان اخر ، كنا في عالم مكون من جزر وكل جزيرة مستقلة لها ثيابها ولها اعيادها ولها دينها ولها لغتها وهي بعكس ما يظن الجميع ، كانت برطلة القرية المرتبطة بكل العالم تقريبا يمر بها ولا يؤثر عليها ، مثلا كان جيراننا الشبك ياتون لنسج اكياسهم او اغطيتهم او ثيابهم عند حاكتنا ، عند نساجينا وكانوا ياتون ليشتروا حليهم من عند الصائغين في برطلة ، وكانوا يبعثون اولادهم الى مدارسنا فننفصل في وقت الفرصة فيذهب اهل باشبيتا واهل خزنة بعيدا الى زاوية ويتكلمون بلغة لا نفهمها لكننا نعرف الى الان بعض الاسماء ، كانوا رفاقنا في المدرسة .
كانت هذه القرية اذن مرتبطة ، يعرف الكثيرون منها لغة الشبك ويعرفون الكردية ، يتكلمون الموصلية المحكية ، اذن هم مرتبطون بالمحيط ، لم يكن في عهدنا الا بضعة معلمي ابتدائية ، درسوا خارجا وعادوا ليعلموا في القرية  ، لكن في هذه الفترة التي نشات فيها مدرسة اولى علمانية حكومية كانت ثورة في القرية ، اعني عشنا دائما في طائفتين مسيحيتين متلاصقتين ومتداخلتين عن طريق الزواج ، لكن هناك ريبة وخوف ، وفي بعض المرات تصل الى حقد لا مبرر له بين الجماعتين المسيحيتين ، كل له كنيسته وكل له كهنته وللاثنين صلاة واحدة ، واسرار كنيسة واحدة ، ومعمودية واحدة ، وكهنوت واحد ، وقربان واحد ، هكذا كنا نتيجة اهتداء قسم من القرية الى الكثلكة التي اعتبرها القسم الاخر خيانة ، واعتبره تماما كشق للصف فلم يستطيع لضعفه انذاك ان يتحمل هذه القضية اعتبرها تماما محاولة للاذلال ، فنشات عصبية مبررة خوفا من ان يهضمه القادمون الجدد ، لكن هذه القرية التي كان معلموها من الجهتين واكثريتهم من الارثوذكس بحكم التكوين الديموغرافي للقرية ولا سيما لان البناء بني بهمة احد كهنة الكنيسة الارثوذكسية الكريمة وهو الخوري الياس شعيا ووضعها في تصرف الدولة ، اذن مهد الطريق لان تكون قريتنا احدى اول القرى التي لها مدرسة في شرقي الموصل في سهلها ، اذن في هذا الوقت تاتي المدرسة وهي مدرسة حكومية علمانية في سنة 1916 . هناك ملاحظة مهمة وهي ( ان اول مدرسة تاسست قبل ان تؤسس الحكومة العراقية مدرسة في برطلة هي المدرسة التي اسسها مبشر بروتستانتي اشوري الاصل اسمه ( نسطوريوس ) في كنيسة مار كوركيس القديمة في برطلي لتعليم اللغة الانكليزية وحدثت خلافات كبيرة بين الكهنة وبين نسطوريوس اجبرته على الهرب ، ويعود تاريخ تاسيس هذه المدرسة الى دخول البريطانيين الى العراق .

برطلي دوت نت .....هل كان كتاب غجري لا يجيد الرقص في طرح مواضيعه سابقا لزمانه ؟

بالتاكيد ، ولكي يفهم كتابي يجب ان نعود الى الفترة التي كتبت فيها الكتاب ، حيث كانت فترة المجمع الفاتيكاني الثاني ، وقالوا لنا ان الكنيسة تريد تغيير نفسها وتغير العالم ، فانا عندما بدأت اكتب الكتاب لم يكن لي مشكلة مع الكنيسة والى الان ، لا انا ولا كنيستي ، ليس هناك مشكلة ، كانت المشكلة الاساسية في رغبتي ان انقل الى العالم عبر التاريخ بعدئذ ما هي هذه القرية الصغيرة التي لا يعلم اسمها الا بعض المختصين بالسريانية ، فكانت القرية تتالف من مدير المدرسة ومن الكاهن ومن المختار ، اما الاخرين فكنا جماعات نكرات مجهولي الهوية نعمل لنعيش ونعيش لكي لا نموت هذا كان المصير لم يكن هناك شيء اخر .
قلت في يومياتي في الكتاب ، اننا عشنا كالكلاب ، فتعجب الناس ، لكن عندما يعلم المرء كيف عشنا في بيوت ، اربعة درجات تحت الارض ، لا تهوية فيها ولا شيء ، وكيف كنا ننام عشرة اشخاص في هذه البيوت ، وكيف اكل السلّ عددا كبيرا من اولادنا دون ان يعرفوا ، وكيف كانت تاتي الاوبئة في تشرين الاول بعد اول مطرة ويقل عدد التلاميذ في الصفوف لانهم ماتوا بالحصبة او بالخانوق او بآخره ، نعلم جيدا ان لهذه القرية تاريخا كان يجب ان يكتب .
اما كتابي بالفرنسية ، في الحقيقة ليس تاريخا بمعنى كتاب تاريخ اسمه ( كرم الحية ) هناك كتبت اشياء عن القرية بهيكليتها القائمة الاساسية الكبرى ، ان الكتاب لم يكن كاملا لذا يجب ان اعود اليوم الى دراسة سيكولوجية واثنوغرافية للقرية ، يعني ادرس كيف تتكلم ، كيف تتحدث ، كيف تلبس قطعة بقطعة ، كيف تمارس اعيادها ، كيف تمارس افراحها ، احزانها ، مشاكلها ، زواجها ، ما ينتج عن كل هذه الاشياء ، كيف كانت تعيشها هذه القرية كقطعة مكونة لسهل شرقي الموصل .

برطلي دوت نت .....من اين استقيت معلوماتك التاريخية عن برطلي لتدخلها في كتابك ان كان في كتاب غجري لا يجيد الرقص او في هذا الكتاب بالفرنسية ونحن نعرف جيدا ان قليلا ما كتب عنها ؟

انا لم اتمسك بما كتب او يكتب عن برطلة ، ( برطلة قرية كان فيها كذا من المفارنة والبطاركة الى اخره ) ، هذه قضية كـُتـِبَ عنها . انا كان يهمني هو التاريخ اليومي للاشخاص العائشين في هذه القرية ، انا عندما اقول في كتابي بالفرنسية ، ان هؤلاء الحفاة من ابناء بلدتي يولدون لاهوتيين ، فهم يتحدثون بالدين ليل نهار اينما كانوا ، كلهم لاهوتيون . اقول هؤلاء اسقطوا امبراطوريتين البيزنطية والساسانية ، تحالفوا مع العرب ضد الساسانيين ، ومع النساطرة حيث كانت هذه المنطقة خليطة في مجمع افسس ، وقاموا ضد افسس وبعدئذ في خلقيدونية ، وقاموا ضد خلقيدونية ، أي قاموا على الكنيسة الغربية كلها وحافظوا على استقلاليتهم . كوَّنوا هؤلاء الحفاة مذهبا واحدا ثم رأوا امام الساسانيين وامام البيزنطينيين هم امام غزاة وامام محتلين فخلقوا لغة اسمها السريانية لدى النساطرة ولدى السريان ، لان لم يكن هناك العربية بعد وانطلاقا من هذه اللغة التي كونوها ذهبوا الى حركة استقلالية لم يكن بامكانهم ان يكملوها عن طريق انشاء الاحزاب السياسية لان الناس كانوا على دين ملوكهم لكن اختلفوا ضمن التفسير الديني واستطاعوا ان ياخذوا استقلالهم .

برطلي دوت نت .....لو سُئلت عن تاريخ وجود هذه البلدة الى أي قرن تُرجعه وما هي الدلائل لذلك ؟

قلت ذلك ، هناك اثار مما قبل التاريخ من تل حسونة ومن جمدت نصر أي الى 4500 الى 5000 سنة قبل المسيح ، حيث ان في تلة البسيلم كان هناك مجمع بشري ، هناك ناس اكتشفوا وجودهم عن طريق قطع الصوان .

برطلي دوت نت .....هل زارت القرية بعثات آثارية ، او هل تم التنقيب في البسيلم او في المصلي ؟

دائرة الاثار قامت بكشف كامل لكل التلال والمواقع القديمة التي استطاعت ان ترصدها واجرت حُفرا اختبارية لتحديد الطبقات في امكنة كثيرة ، كل ما عندنا في برطلة البسيلم والمصلي ، هذا ما استطعنا ان نعرفه عن طريق مديرية الاثار او عن طريقنا شخصيا او عن طريق الفلاحين الذين اكتشفوا بالصدفة قطعا اشورية . ولكن نستطيع ان نقول ان سنة 620 قبل المسيح ، عندما هدم التحالف البابلي الفارسي نينوى ، هرب كثير من السكان الساكنون هناك نحو الشرق قريبا  ، واقاموا في هذه المناطق .
الوجود الاشوري ليس من الاثار فقط ، فهو كذلك حتى في الكلمات مثلا لما نقول ( خزنة تبة ) اكيد معناه تل خزنة ، وهو موجود في هذه المنطقة على الطريق الدولية ، معنى هذا انه كان مركز جباية للضرائب واطلق عليه خزنة .
ماذا تعني كلمة ( باشبيتا )  يقولون انها بيت السبي ولكن هذا غير صحيح لان اسم المدينة يجب ان يكون معناه منطبق على الجغرافية ، مثل ما نقول المنامة في البحرين ( مكان النوم ) فهي ايضا باشبيتا تعني ( مكان النوم ) فهي تقع على طريق تمضي شمالا من برطلة نحو الشمال الى ( منارة شبك ) والى غيرها من المدن والقرى ، يعني ان القرى والمدن عندما ندرسها نستمد منها اشياء كثيرة على الوجود القديم .

برطلي دوت نت .....هل موقع برطلي الجغرافي الحالي هو نفس موقعها السابق ؟

الموقع الاجمالي نعم . لكن الموقع التفصيلي لا . ابتدأت القرية من موقع كنيسة الاربعين شهــيدا ( اربي سهذي ) باتجاه حدود كنيسة مار كوركيس الجديدة غربا وتدخل بعدئذ حتى تصل الى بيت ( زورا ملك ) وتقف عند بيت ( بنوشا ) عند كنيسة مار كوركيس القديمة . هذه هي المدينة الاولى التي تعود يمكن الى ما قبل دخول المسيحية ، أي ان بعض طبقاتها تعود الى ما قبل المسيحية .
حيث يقولون هنا انهم اهتدوا الى المسيحية مع مار توما من اول الوقت ، ولكن هذا يحتاج الى اثبات ، لاننا نعرف نحن ان المسيحية امتدت بصورة رسمية بعد الاهتداء القسطنطيني ، عندما اعلن قسطنطين في 313 ميلادية المسيحية ديانة الامبراطورية الرومانية ، واخذت الكنيسة حريتها في التبشير ، واقدم شيء لنا هو دير مار متى ، وهو ايضا اقدم اديرة العالم تقريبا المبنية ، المشيد من بداية القرن الرابع ، وبرطلة مصيرها مرتبط في القرون الاولى قبل الاسلام بدير مار متى .
اما دخول المسيحية الى برطلي ، فكان منذ القرن الاول الميلادي ، حيث يحدثنا سفر اعمال الرسل عن يوم العنصرة ( كان هناك يهود من سوريا ومن الجزيرة ومن بين النهرين ومن غيرهم ، هؤلاء عندما عادوا الى بلادهم نقلوا رسالة الرب تدريجيا حيث ذهبوا ، ولكن لا ننسى ايضا ان الناس كانوا على دين ملوكهم ، فالديانة العلنية والمؤسساتية ، يعني ان يكون كنيسة واساقفة ورهبان تحت الشمس بصورة علنية ، انا اظن يجب ان نتركها الى ما بعد قسطنطين . ولكني لا انكر وجود جيوب مسيحية وجيوب مسيحية هامة لكن بالظل ، أي ان المسيحية دخلت برطلي منذ القرن الاول الميلادي لانها كانت ايضا على طريق التجار وهؤلاء ساهموا في نقل المسيحية اليها .
نعود الى الموقع القديم للبلدة والمسمى ب ( الخراب ) ، ويدعونه الخراب لانه موقع القرية القديمة ، القرية الاولى . يقولون ان ( نادر شاه أو طهماسب ) قام بهدم القرية . انا لا اظن ذلك ، لانه عندما كانت تاتي الحملات الكبيرة ، كان اهل المدن والقرى ، يعرفون بقدومهم من قبل يومين تقريبا ، عن طريق النيران التي يشعلونها على التلال ليعلنوا بقدوم المحتل ، فيأخذ الناس عائلاتهم ويذهبون الى الجبل عند اقاربهم ، يهربون الى ما وراء الجبال حتى يمر المحتل ولا يعود من نفس الطريق . لكن اكيدٌ أكيد في فترة ما عانت برطلة من حالة افقار عامة ، اكثر شيء بسبب الكوليرا والطاعون ، هذه التي كانت تفرغ القرى ، عندما كان ياتي احد هذه الامراض كانت القرية او حي بكامله يُزال من الوجود ، فخوفا من سكنه يزحفون تماما قليلا الى الطرف الاخر وهكذا دواليك ، أي ترك اهل برطلي بيوتهم القديمة وانشأوا بيوتا الى جانبها حديثة ، ونتيجة اهمال القديمة تهدمت واصبحت خرابا ومنها جاءت هذه التسمية .



برطلي دوت نت .....هل سكانها الاصليون منهم من باقون الى الان ؟

تعرف ان قرية كبرطلة موجودة على الطريق الدولية وتعود الى تكوين ومذهب ديني معين هي مرتبطة بكل ابناء هذا المذهب ، في ذلك الوقت في عهد مفريانية تكريت المسيحي . هناك سكان اصليون من برطلة ، ولفظة السورث والسورايي هي تحريف لكلمة السورايي الاشوريين وليس الاثوريون ، وان كان الاثوريين هو لفظ اخر للاشوريين اما نحن اخذناها من القرن الثالث الميلادي ، حيث كان حرف الشين قد تحول الى حرف السين في الكتابات الاشورية المعاصرة ، فآسورايي هم سكان منطقة اثور ، فاذن كانوا هناك ابناء هذه المنطقة اصليين موجودين ، وهناك تكارتة من اصل عربي ، هناك عجمايي من اصل ايراني اعني كلدانا نسطوريون ، ليس في ايران كنيسة ارثوذكسية ، اذن جاءوا الى هنا و( تسرينوا ) بالكنيسة ، وهناك اقليات اخرى جاءت من القرى الكلدانية من القوش من تللسقف وباطنايا ثم انصهروا مع بعضهم البعض .

برطلي دوت نت .....هل هاجر اهل برطلي نتيجة للاضطهادات والاوبئة والامراض الى مناطق اخرى ، يُقال ان بعضا من السكان الذين جاءوا اليها ولنقل من سميل او من العجمايي ( اورمي ) هم سكان برطلي الاصليون هاجروا الى تلك المناطق وبعد هدوء الاوضاع عادوا اليها ، هل من وثيقة تاريخية تؤيد ذلك ؟

لم تكن هناك هجرات جماعية وانما فردية ولاسباب معينة مثلا يرتكب جريمة قتل في مكان ، فطلبا للحماية ياتي الى قرية اخرى حيث يكون بعيدا عن ما نسميه قانون الثأر ، هناك جماعات جاءوا الى هنا مثلا بحكم الفاقة ، الفقر الكبير للقرية ، لان اكثرية القرى هي قرى صغيرة ما عدا برطلة ، قره قوش ، كرمليس ، بعشيقة وبحزاني المبنية من الصخر كلها مع كنائسها ، كل القرى مبنية من الطين ، وهي كلها قرى تخص الاقطاعيون ، ما عدا قرانا الخمسة التي هي اقطاعات لاتابكة الموصل ، وهم ارادوا ان يثبتوا جماعتهم هنا ويسمحوا لهم ببناء البيوت بينما القرى المجاورة المبنية من الطين يذهبوا اهلها مع تغيير الاقطاعي المالك للقرية .
هناك هجرات فردية وليس هناك هجرات جماعية الا في القرن التاسع عندما حدثت هجرات مسيحية عربية من تكريت بصورة كثيفة الى قره قوش وبرطلة .

برطلي دوت نت .....هل لهجة اهل برطلي المحكية الان هي نفسها المحكية سابقا ؟

لا ... اكيد ، ان برطلة ما قبل المسيح ولنقل الى 300 و400 قبل المسيح مرت بفترة كانت لغتها اشورية مئة بالمئة ، في بداية عهدها كانت تتكلم كنينوى وكالمدن الاشورية الاخرى ، ولنا اثار من لغتنا لا يعرفها الا القليلون ، مثلا بالسريانية جمع ( كـَلبو ) هو ( كـَلبي ) وجمع ( مـَلكا ) هو ( مـَلكي ) جمع( بـَيتو ) هو ( بوتي ) . اما عندنا في برطلة الى الان جمع ( كـَلبا ) هو ( كـَلواني ) وهو الجمع الاشوري تماما ، كانت اشورية ثم تأرمت عندما صارت اللغة الارامية لغة الامبراطورية الفارسية ، تأرمت القرية أي صارت آرامية اللغة .
ادخلت مفردات اقتصادية تجارية جديدة تحتاجها القرية وثم مرت بفترة التعريب ، يعني بدات اللغة العربية تحل محل الكلمات التي تنقص هذه اللغة ، قضية الاستعارة باللغات هي قضية موت او حياة ، اللغة تستعير او تموت ، لماذا ؟ لانه عندما تنتقل انت من فترة لغة معاملات بينك وبين خزنة وباشبيتا ومنارة شبك ، وبعد ذلك تنتقل مع كنيسة سريانية عاصمتها انطاكية ، ثم تنتقل بعدئذ الى لغة عربية هي لغة امبراطورية تحكم العالم حتى الاندلس ، الحاجات الاقتصادية والتجارية والعلمية ومثقفونا ورهباننا وكلهم التجأوا الى هذه اللغة واخذوا منها مفردات كثيرة . فعملية الاستعاضة بالمفردات من لغة الى اخرى هي ظاهرة صحية فهي لغة التطعيم ، لانه نحن نستعير مفردة لكنها نخضعها لقواعدنا ، فهي دلالة على قوتها وحياتها ، لا تخضع لصرف او نحو ، فاللغة المستدانة نخضعها لقواعدها .

برطلي دوت نت .....لماذا نحن سريانا ولم نكن نساطرة او كلدان كباقي ابناء شعبنا السورايي المنتشرين في قرى وبلدات شعبنا ؟

نتكلم عن العهد السابق للفتح العربي ، كلنا نسمي انفسنا ب ( السورايي ) اينما ذهبنا ، انتقالا من تكريت شمالا الى منابع دجلة حتى طورعبدين ، هم يتكلمون السورث ، الذي حدث ان النسطورية ليست متعلقة بلغة ، والسريانية الارثوذكسية ليست متعلقة بلغة هي متعلقة بفكر لاهوتي ، لكن استطاعت هاتان الكنيستان الى القرن التاسع بعد ولادة الكنيسة الارثوذكســـــــــية  ب ( 400 ) سنة على الاحتفاظ بالكتابة النسطورية في كل كتاباتنا ، اذن لم تكن هناك مشكلة اللغة ، كان معترف فيها والكتاب المقدس الذي هو اليوم بين ايدي النساطرة وايدي السريان الارثوذكس والمعروف بالطبعة البسيطة هو نص موحد للاثنين ، وهذا شيء غريب ، يعني حتى بعد الانفصال استمر الاتفاق على نفس الكتاب المقدس .
اما قضية النساطرة واليعاقبة ( واسمي هذه الكلمة كما ينعتها الناس العاميون ) ، فمنذ بداية التاريخ كانت تكريت الحد الفاصل بين البابليين وبين الاشوريين شمالا ، وعندما جاءت المسيحية انتقلت من تكريت جنوبا الى النسطورية واصبحت من تكريت شمالا الى طورعبدين بكثرتها الكثيرة الغالبة سريانية ارثوذكسية ، وكان هناك امتداد سرياني ارثوذكسي الى الحيرة ، لكن الحيرة والمناذرة بتكوينها هم نساطرة .

برطلي دوت نت .....لماذا الكتابة السريانية التي نقرأها ونكتبها في الكنيسة وخارجها يختلف لفظها عن لهجتنا المحكية ، هل لاننا ننتمي الى كرسي انطاكية الذي يستخدم اللغة السريانية ، الحرف الغربي كما يقال ؟

اظن نحن لا نتكلم السريانية الغربية ابدا حتى في برطلة السريانية الارثوذكسية ، نحن نقول ( ملاخا و قديشا و ألاها و مشيحا ) آخر الكلمة مفتوح كالنساطرة لا خلاف ابدا باللفظ المحكي الحياتي ، نحن واحد في اللفظ . اما في اللغة الرسمية الفصحى ، احتفظ النساطرة باللهجة البابلية القديمة وهي ايضا مشتركة في التلمود البابلي فاخر الكلمة هو بالفتحة ( الآ ) ، نحن نعم انطاكيون يعني لغتنا الفصحى تكونت في الرها وفي مدن سوريا القديمة وكانت اللغة التدمرية واللغات الاخرى نهاية الكلمة فيها كلها ب ( الأو ) .

برطلي دوت نت .....الا تعتقد ان ذلك كان سببا في صعوبة تعلم السريانية المقروءة والمكتوبة  من قبل ابناءنا ؟

انا اظن اليوم لا توجد اية صعوبة ، لانه يجب ان تسيطر لغة الكلام ولغة الحياة كجميع اللغات الاوربية ، تركوا اللاتينية واليونانية جانبا واخذوا اللغات الحية ، فكتبوا بها ، نحن نريد ان نحتفظ باللغة السريانية الفصحى كلغة مقدسة كتب بها ادباؤنا ولاهوتيونا ومؤرخينا وصلى بها اباؤنا واجدادنا وقديسونا ورهباننا .
ان هذا شيء في عالم الصلاة كالمسلمين ، فالعربية الفصحى هي لغة الدين الاسلامي ، هي لغة الخطابة في المساجد ، هي لغة الفقه ، هي لغة الكلام الحديث ، هذا هو الوجه المقدس كالعبرانية هي لغة الكتاب المقدس . اما الناس لا يتكلمون العربية الفصحى ولا يطبقون قواعد سيبويه ، وهي تختلف عنها ولكن يسمونها بالعربية .

برطلي دوت نت .....هل تشجع تعليم اللغة السريانية في المدارس كما يحدث الان ؟

انا اريد ان اوجه نداء بمحبة ، السريانية وحدها لا تستطيع ان تقوم على رجليها وحدها ، نحن لا نملك لا العدد ولا القوة السياسية الداعمة ، ليس هناك لغة تكتب وتقرأ وتعمم على شعب من دون قوة سياسية حامية ، ليس هناك مثالا في التاريخ .
نحن نريد شيئين ، ان نجعل من اللغة المحكية المتفرعة الى عشرات اللهجات اذا امكن لغة واحدة ، كلغة الصحافة عند العرب ، حيث خلقوا لغة مشتركة يفهمها المغربي في طنجة كما يفهمها ابن عـُمان ، لا هي لغة فصحى ولا هي عامية هي بين بين .

برطلي دوت نت .....لو اعطيتك فرشاة وقلت لك ارسم لي برطلي كما كنت تتمناها او تخيلتها لان تكون عليه الان ، او اوصف لي برطلي التي كنت تتمنى ان تكون عليه ؟

انا اقسم برطلي الى قسمين ، القسم الحديث والقسم القديم ، يمكن اتأسف كثيرا لانه لم يكن هناك من يعرف ان يترك برطلة القديمة كقرية ومدينة اثرية ملكا للتاريخ كما هي حتى اذا احتاجت الدولة ان تشتري القرية وتجعلها قرية اثرية بازقتها وبيوتها القديمة وابوابها كما يفعلون في الغرب في كل مكان .
اما من الناحية الصحية والاسلوب الحياتي الحديث ، فالقرية الجديدة وفرت للناس الماء والكهرباء والتدفئة وكل اساليب العيش ، اكيدا هناك تقدم انساني كبير .

برطلي دوت نت ....ما الذي كنت تريد ان تقدمه لبرطلي ولم تقدمه بعد ؟

ان اكون متملكا للمعرفة التي اعرفها وان ازاولها من برطلة ، أي ان يكون هناك معاهد موازية للمعاهد الغربية هنا في برطلة حتى استطيع ان اعطي ما املكه لاهلي في برطلي .

برطلي دوت نت .....ما الذي تريد ان تقوله لابناء برطلي ؟

اولا : انا منكم واهل برطلة ليسوا وحدهم ، هم ابناء هذا السهل ، هم على ارتباط بشرقهم وهم ارتباط بغربهم ، نحن عجينة متكاملة اذا اردنا ان نتميز سنختلف وننتحر ، خلاصنا الاكيد وخلاص لغتنا وخلاص تاريخنا وحتى خلاص تميزنا الايماني هو ان نحترم كل اللغات ومنها العربية من طرف وكل الثقافات المجاورة والمحيطة بنا لنتوصل الى نوع من فسيفساء غير موجودة في العالم الا في هذه المنطقة تتكون من كل الخرزات الجميلة والمتباينة الالوان والتي كلها تحتاج الى بعضها لتخلق عقدا جميلا فريدا من نوعه .

برطلي دوت نت .....شكرا دكتور حقيقة كان اللقاء وثيقة تاريخية ستستخدم كمرجع لكل من يريد ان يبحث في تاريخ برطلي وتاريخ اهلها .                         





أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " برطلي دوت نت " يترتب عليه أجراءات قانونية

روبي متي

شكر خاص للبروفسور باسيل شمعون عكولة ابن برطلة الذي واصل والخدمة والكتاية وشكر خاص للاستاذ بهنام الشمني في عرض الموضوع بشكل جيد وتعريف سيرة حياة البروفيسور للقراء بشكل مفصل .

sabihayosif

هنيئا لبرطلة لهده الاسطورة الرائعة وله كل الشكر والاحترام لتقديمه لناا
  هدا الخزين من المعلومات الجميلة اطال الله في عمرك استادنا الكريم الرب يحفظك [/size]

ادريس ججوكا

#3
لا توجد لغة اشورية ... و بهذا الصدد يقول عالم الاشوريات الفرنسي {الاختصاصي} جان بوتيرو * الاشوريين لم يعرفوا لغتهم تكلموا الاكدية ثم الارامية * ... !

ادريس ججوكا

#4
الممالك الارامية زمن كان الاشوريون في السلطة ... كما اوردها الاثاري السوري محمود حمود في كتابه * الممالك الارامية السورية * :                                                                                                                                                                                                            {1} ممالك الجزيرة السورية
ا ~ بيت بخياني
ب ْ~ بيت عديني
ج ~ بيت زماني
د ~ ايمارة تيمانا
{2} امارات الفرات الاوسط
امارة خالوبي
{3} ممالك سورية الوسطئ و الجنوبية و اماراتها
1 ~ مملكة دمشق
ب ~ مملكة حماه و لعش
{4} ممالك سورية الشمالية
ا ~ بيت اغوشي
ب ~ شماءل {ياءدي} و {3} امارات ضمن ممالك سورية الوسطئ و الجنوبية هي : {1} صوبة في سهل البقاع و {2} رحوب الئ الجنوب من صوبة في منطقة نهر الليطاني و {3} معكا الئ الجنوب الغربي من دمشق في منطقة الجولان .

ادريس ججوكا

#5
يقول الاثاري العراقي طه باقر| معاون مدبر الاثار القديمة العام في كتابه * مقدمة في تاريخ الحصارات القديمة * : *** و من الاراميين قبيلة استوطنت في جنوبي العراق عرف منها الكلدانيون الذين كونوا اخر امبراطورية في تاريخ العراق القديم و كون الاراميون دولا و امارات مهمة في سورية منها مملكة دمشق و حماة و حلب ... و قد نشبت بينهم و بين الاشوريين حروب طاحنة دامت اكثر من قرنين من الزمان بسبب النزاع و السيطرة *** !

ادريس ججوكا

#6
و في ص203 من نفس الكتاب يقول ايضا *** وقفنا في بحثنا السالف علئ نشوء الحضارة الاشورية و نموها و تدرجها في هذا النمو ثم انحلالها و انهيارها الاخير . و راءينا كذلك ان من جملة الاقوام التي كانت تعيش في تخومها و تتحين فرصة ضعفها للانقضاض عليها * الماذيون الفرس* الئ الشرق و الئ الشمال الشرقي من موطن الدولة الاشورية و قد انحاز الئ الماذيين في الانقضاض علئ الدولة الاشورية في ساعتها الاخيرة * الكلدانيون * و هم فرع من * الاراميين* استوطنوا العراق الجنوبي * منذ المنتصف الثاني من الاءلف الثاني ق.م و * عرفوا بالكلدانيين * *** !

ابن برطلي

الاخ ادريس ججوكا المحترم لي سؤال اتمنى ان ترد عليه
هل انت من اهل برطلي , وهل تعرف بيت عكولة جيدا.

ادريس ججوكا

#8
يقول الدكتور اسعد صوما اسعد| باحث متخصص في تاريخ السريان و ثقافتهم و لغتهم و حضارتهم| ستوكهولم| السويد ***و هكذا أفل نجم دولة آشور العظيمة فسقطت من علياء مجدها، وزالت عن الوجود. وأخذ من خلص من القتل والمجازر يذوب تدريجياً ضمن الاراميين بفضل اللغة الآرامية التي كانت في آشور. وبعد مرور ردحة من الزمن لم يبقَ هناك من يسمي نفسه "آشورياً" أو ينتمي للآشوريين اثنياً وقومياً، لقد اصبح الجميع "آراميين" لغوياً وثقافيا وقومياً.
لقد سقطت آشور وزالت، لكن أخبارها القديمة بقيت حيّة في ذكريات الشعوب وذاكرتها. وقد كتب الكاتب التوراتي العراقي ناحوم الألقوشي نبوةَ عن سقوط نينوى، وربما شاهد ذلك بعينه...
لقد سقطت آشور وزالت، لكن أخبارها القديمة بقيت حيّة في ذكريات الشعوب وذاكرتها. وقد كتب الكاتب التوراتي العراقي ناحوم الألقوشي نبوةَ عن سقوط نينوى، وربما شاهد ذلك بعينه، فوصف الحرب المروعة على آشور وسقوط نينوى وتحولها الى مستنقع للدم بطريقة شعرية بقوله :
"خيلٌ تخب ومركبات تقفز، وفرسان تنهض، ولهيب السيف وبريق الرمح، وكثرة جرحى ووفرة قتلى ولا نهاية للجثث، ويعثرون بجثثهم".

ويسمي نينوى بعد سقوطها بانها اصبحت/ستصبح "مدينة الدماء"، ... *** http://www.aramaic-dem.org/.../Assad_Sauma_Assad/26.htm

الآراميون والآرامية في آشور عشــيـة سقوطها
Oromoyo Aramaic, Syriac Studies and Aramaeans
ARAMAIC-DEM.ORG

 



ادريس ججوكا

#11
في الرابط الاخير نص ما كتبه الدكتور اسعد صوما اسعدّ| باحث متخصص في تاريخ السريان و ثقافتهم و لغتهم و حضارتهم| ستوكهولم| السويد و كالاتي :                                                                                                                                                                           

التنظيم الارامي الديموقراطي

| الرئيسة |   سياسة |  روابط | نشيد قومي | أرشيف | إتصل بنا |

الدكتور أسعد صوما أسعداقرأ المزيد...





الدكتور أسعد صوما أسعد
باحث متخصص في تاريخ السريان ولغتهم وحضارتهم
ستوكهولم / السويد
الآراميون والآرامية في آشور عشــيـة سقوطها

قبل سقوط آشور بفترة قصيرة من الزمن كانت هذه الدولة العظمى والراقية تسير ببطىء نحو نهايتها التراجيدية المؤلمة بسبب ما كانت تعانيه من مشاكل داخلية واضطرابات وقلاقل. وكان لاضعاف آشور اسبابه الخارجية والداخلية، ومن الاسباب الخارجية: الاحداث السياسية الكبيرة التي أصابتها وأثرت عليها:

حيث تحررت مصر من نفوذ آشور (ثم اصبحت حليفة الآشوريين بعدئذ)، وثارت بابل بزعامة نابوبلاصر القائد الكلداني الآرامي، وانسلخت فلسطين عن الامبراطورية الاشورية، كما رفضت فينيقيا الخضوع لسيطرتها، واستقل الميديون عنها وأخذوا يحضرون انفسهم لشن هجوم كاسح على آشور.

ومن الاسباب الداخلية القوية التي أضعفت آشور كانت سياسة الاشوريين في تهجير الشعوب المغلوبة وخاصة تهجير الآراميين واسكانهم في القرى والمدن والعواصم الاشورية.

ان هذه السياسة كانت قد غيّرت من خريطة الوضع السكاني في الدولة الآشورية وأضعفت قوميتها الاشورية، لأن الآراميين المهجّرين كانوا قد اصبحوا باعداد كبيرة جداً في المدن الاشورية وفي قلب آشور، حتى "ان عدد الآراميين في الدولة الآشورية فاق مع الزمن عدد الاشوريين بكثير" على حد قول أحد علماء الاشوريات المعاصرين.

ولا غرو فان الشعب الاشوري كان شعباً صغير العدد لكنه كان مقاتلاً ممتازاً.

بينما كان الآراميون يتميزون بين كل الشعوب السامية بكثرة عددهم وانتشارهم الكبير في كل منطقة "الهلال الخصيب".

وقد استطاع علماء الاشوريات خلال العقود القليلة الماضية كشف الكثير من الحقائق الباهرة فيما يخص الوجود الارامي في قلب آشور فتغيرت المفاهيم القديمة عن ديموغرافية الدولة الاشورية وعن هويتها وعن دور الاراميين فيها، حيث كان الاراميون في المدن الاشورية باعداد هائلة، وكان منهم وحدات عسكرية في الجيش الاشوري تبلغ عشرات الالاف، كما كان منهم الكثير من الموظفين الكبار في البلاط الملكي يشاركون في تسيير دفة الدولة باعلى المستويات، كما كان منهم الكثير من الصنّاع، الخ.

الشيء الذي حمل السلطة الاشورية الى الاعتراف باللغة الآرامية واضطرت الى استعمالها الى جانب الاشورية (الاكادية) الصعبة.

عام 2004 كتب العالم "اندرِه لومير" وهو من كبار الباحثين المتخصصين في قراءة النقوش القديمة معلقاً على سياسة الملوك الاشوريين في توطين الاراميين في آشور بقوله:

En fait, en intégrant dans leur empire une aussi nombreuse population araméenne, les rois assyriens le transformèrent en un Empire assyro-araméen. "بالحقيقة، لقد حوّل الملوك الاشوريون دولتهم الى امبراطورية آشورية-آرامية عندما دمجوا فيها أعداداً كبيرة من الآراميين".

(أنظر بحثه بعنوان Les Araméens, un peuple, une langue, une écriture, au-delà des empires اي "الآراميون شعب ولغة وكتابة خارج حدود الامبراطوريات".

وكانت اللغة الآرامية التي بدأت تتغلغل الى المدن والعواصم الاشورية من أهم العوامل الداخلية التي ساهمت في سقوط آشور.

ان دولة آشور في الفترة الاخيرة من عمرها قبل سقوطها وزوالها استعملت اللغة الآرامية ايضا في وثائقها الى جانب لغتها الاشورية (الاكادية)، وفرضت الآرامية نفسها فاضطرت آشور الى استعمالها لان الكثيرين من المواطنين في آشور ونينوى كانوا آراميين وخاصة بعد تحويل الكثير من المناطق الآرامية عند الفرات والخابور وضمّها annexed الى الدولة الاشورية.

كما ان بسبب كثرة الآراميين الذين رحَّلهم الاشوريون من المناطق الآرامية المحتلة واسكنوهم في عواصم آشور "كان قلب آشور قد تحول الى شبه آرامي Semi Aramean" على حد قول علماء الاشوريات (راجع مثلا بحث العلامة المرحوم " ح. تدمر":

"كيف اصبحت آشور آراميةً" The Aramaization of Assyria المنشور في المجلد "مسوبوتاميا وجيرانها" Mesopotamien und seine Nachbarn, p. 450

كان الآراميون يتميزون بين كل اخوتهم من الشعوب السامية بكثرة عددهم وانتشارهم الكبير جداً كالبحر المتلاطم في كل منطقة "الهلال الخصيب" بدءاً من شطآن الخليج الفارسي/العربي وصعوداً مع نهري الدجلة والفرات وروافدهما العلوية، وثم نزولا مع مع طول المنطقة المحاذية للبحر المتوسط في الداخل السوري/اللبناني /الفلسطيني، وكان فيهم المتمدنين سكان المدن urban وانصاف المتمدنين rural وانصاف البدو Semi nomads والبدو الذين يعيشون على اطراف المدن ويتنقلون مع مواشيهم (راجع كتابنا السويدي Efrem Syriern: hans liv och skrifter صفحة 55-57 حيث ذكرنا فيه هؤلاء البدو على أطراف مدينة الرها (أورفا) السريانية في القرون الاولى قبل وبعد الميلاد) .

ان انتشار الآرامية في آشور ادى الى تقوية الجانب الآرامي اللغوي والثقافي كثيراً وأضعف الهوية الاشورية لدى المواطنين، وهذا يعني ان جزءأً هاماً من الهوية الآشورية حينها كان قد أصبح آرامياً في قلب آشور نفسه، مما سهّل ذوبان الاشوريين في الهويّة الارامية والمحيط الارامي المتلاطم بعد سقوط آشور بفترة قصيرة وخضوع منطقتهم لحكم الكلدان-الاراميين، الذين أكملوا مسيرة انتشار اللغة الآرامية، فأصبحت الآرامية كالبوتقة التي  ذابت فيها ثقافات شعوب المنطقة ولغاتها وقومياتها وتحولت مع الزمن الى جزء لا يتجزء من القومية الآرامية الحضارية الشاملة.

وعند كشف هذه الحقائق أخذ بعض علماء الاشوريات المعاصرين يقولوا بانه "ينبغي تسمية الدولة الاشورية في هذه المرحلة بانها "دولة آشورية آرامية مشتركة"، لكثرة أعداد الاراميين فيها وكثرتهم في الاشتغال في الإدارة وتسيير دفة الدولة الاشورية، ولفرض لغتهم على آشور.

سـقـوط آشــور

وأعلن البابليون والميديون الحرب على آشور ليس لاخضاعها سياسياً بل لتحطيمها نهائياً كما دلت اعمالهم الوحشية الفظيعة ضدها لاحقاً.

واستطاع القائد الكلداني "نابوبلاصر" ان يربح المعركة الاولى مع آشور عام 616 قبل الميلاد، إلا انه اضطر الى التراجع بعد وصول الجيش المصري حليف آشور، ثم قام بهجوم آخر في السنة التالية لكنه مُني بالفشل.

وفي عام 614 نجح "كيأخسار" ملك الميديين باحتلال العاصمة آشور (وهي المرة الاولى التي تقع فيها عاصمة آشورية بيد المحتلين)،  فانتشر الرعب بين الاهالي وارتكب الجنود الميديون اعمالاً فظيعة إذ نهبوا المدينة الجميلة، وارتكبوا المجازر المروعة بحق الاشوريين واقتادوا من تبقى منهم وباعوهم كالعبيد بعد ان "خربوا المدينة عن بكرة ابيها" كما تذكر المصادر.

لكن ظلت نينوى بشموخها صامدة أمام ضربات الاعداء تنتظر مصيرها الاسود، (لمدينة نينوى علاقة مباشرة مع انبياء من العهد القديم مثل النبي يونان الذي ارسله الرب ليعظ النينويين، ومن هنا يأتي صوم نينوى ܒܥܘܬܐ ܕܢܝܢܘ̈ܝܐ أو ܨܘܡܐ ܕܢܝܢܘܐ والموجود لدى جميع الطوائف السريانية وعند الارمن والاقباط والحبش،

وكذلك النبي ناحوم الألقوشي الذي تنبأ عن سقوطها؛ كما للأنبياء حزقيال ودانيال وعزرا علاقة مباشرة مع بابل).

وشنّ نابوبلاصر الكلداني وكيأخسار الميدي عام 612  هجومهم الكاسح على نينوى وحاصروها، فاستنجد الاشوريون بالاسقوثيين، غير ان الاسقوثيين انضموا الى جيش كيأخسار الميدي لأنه وعدهم بالمزيد من الغنائم والاسلاب.

وبعد حوالي شهرين من الحصار في صيف 612 سقطت نينوى بيد الاعداء، فاهتز العالم القديم لسقوطها.

وتفشى فيها الذعر، وعمَّت الفوضى، ودمّروا المدينة وحوّلوها الى "أكداس من الخراب" كما جاء في سجل الاحداث البابلية، وتعرضت هذه المدينة الجميلة الى ابشع انواع النهب والسلب والحرق والقتل والمجازر، فسارت فيها الدماء في الطرقات، وتحولت الى خراب ينعق فيها البوم كما ذُكر. وكان البعض من الجنود والسياسيين والاداريين "الاشوريين" قد هربوا ليتحصنوا في حران التي كانت قاعدة آرامية مقتدرة مرتبطة بآشور، فشنّ عليهم نابوبلاصر الكلداني هجوما فسحقهم هناك ودك المسمار الاخير في نعش الدولة الاشورية.

وهكذا أفل نجم دولة آشور العظيمة فسقطت من علياء مجدها، وزالت عن الوجود. وأخذ من خلص من القتل والمجازر يذوب تدريجياً ضمن الاراميين بفضل اللغة الآرامية التي كانت في آشور. وبعد مرور ردحة من الزمن لم يبقَ هناك من يسمي نفسه "آشورياً" أو ينتمي للآشوريين اثنياً وقومياً، لقد اصبح الجميع "آراميين" لغوياً وثقافيا وقومياً.

لقد سقطت آشور وزالت، لكن أخبارها القديمة بقيت حيّة في ذكريات الشعوب وذاكرتها. وقد كتب الكاتب التوراتي العراقي ناحوم الألقوشي نبوةَ عن سقوط نينوى، وربما شاهد ذلك بعينه، فوصف الحرب المروعة على آشور وسقوط نينوى وتحولها الى مستنقع للدم بطريقة شعرية بقوله :

"خيلٌ تخب ومركبات تقفز، وفرسان تنهض، ولهيب السيف وبريق الرمح، وكثرة جرحى ووفرة قتلى ولا نهاية للجثث، ويعثرون بجثثهم".

ويسمي نينوى بعد سقوطها بانها اصبحت/ستصبح "مدينة الدماء"، ...

و ان ما بقي/سيبقى من نينوى بعد سقوطها على حد قوله هو " فراغٌ، وخلاءٌ، وخرابٌ، وقلبٌ ذائب".

فيتعجب هذا الكاتب من المصير المروع الذي تعرضت له هذه المدينة العظيمة الجميلة وما حل بشعبها من مجازر فظيعة فيقول: "أين مأوى الاسود ومرعى أشبال الاسود؟ اشبالكِ يأكلها السيف واقطع من الارض فرائسكِ (سفر ناحوم 3:1-3)".

وبعد سقوط دولة آشور عام 612 قبل الميلاد على يد تحالف الكلدان (الآراميين) والميديين وانتهاء الدولة من الوجود، وذوبان الشعب الاشوري بين الاراميين، استمرت الآرامية كلغة قومية للاراميين ولجميع الذين ذابوا في البحر الارامي، كما استمرت كلغة الثقافة والدبلوماسية في معظم الشرق الاوسط.

وفي نفس الوقت، وبعد سقوط آشور وذوبان البقية من الاشوريين في البوتقة الآرامية وتحولهم الى الانتماء الآرامي، بقي الاسم الاشوري  مستمراً في الاستعمال لدى جيرانهم الفرس والارمن واليونان يطلقونه على المنطقة الجغرافية التي كانت تضم مدينة "آشور" القديمة، لذلك فان مدينة الموصل القديمة تسمى بالسريانية "آثور" ܐܬܘܪ. كما كانوا يطلقون هذا الاسم احياناً على اشخاص انحدروا من ذلك الاقليم لتعني "موصلي" بغض النظر عن قومية الشخص الموصلي لأن المصادر السريانية القديمة أطلقت لفظة "آثوري" (اي موصلي) على العرب والسريان والاكراد سكان الموصل، مثلما اطلقت بالسريانية لفظة ܒܒܠܝܐ̈ "بابليين" على سكان بغداد من عرب وسريان وغيرهم.

وبامكاننا ان نستشهد بالنقش السرياني المزبور عام 1893على باب مذبح كنيسة مار الياس في قرية باقسيان (باقسيونِه) في طور عابدين اثناء ترميمها (ܒܝܘ̈ܡܝ ܐܒܐ ܕܝܠܢ ܪܘܚܢܝܐ ܦܛܪܝܪܟܐ ܦܛܪܘܣ ܡܘܨܠܝܐ ܐܘܟܝܬ ܐܬܘܪܝܐ) أي رُممت "بأيام أبينا الروحي البطريرك بطرس الموصلّي أي الآثوري". كما ان المطلعين على المصادر السريانية القديمة يعرفون هذه الامور البديهية

بينما كانت معظم منطقة العراق في القرون المسيحية الاولى تسمى بالمصادر السريانية  ܒܝܬ ܐܪ̈ܡܝܐ "بيث آرامايى" (اي وطن الآراميين أو بلاد الآراميين).

ادريس ججوكا

#12
كلنا سريان ... ف السرياني هو ارامي {بما فيه الكلداني} و ليس اشوري  بعد ان تحول المواطن الارامي عند تغيير اسم الممالك الارامية الئ  سوريا {Syria} كما هو اليوم ... و الاشوري انقرض مع اشور وفق ما جاء اعلاه ... و هذا ما يوءكده ايضا تاريخ الكنائس كما اورده الموءرخ المطران اسحق ساكا| النائب البطريركي العام في كتابه * السريان ايمان و حضارة| الجزء الاول * و كما يلي :
الرئاسة في الكنيسة المسيحية عامة :
نشاءت في المسيحية كراسي اسقفية عديدة في المسكونة غير ان الكنيسة ميزت باءرشاد الروح القدس ثلاثة منها كانت في عواصم الامبراطورية الرومانية
انطاكية
رومية
الاسكندرية
و في القرن الرابع تاءسست مدينة القسطنطينية فجعلت هي الاخرئ عاصمة للامبراطورية الرومانية كما تقرر جعل مركزها الاسقفي كرسيا رابعا .
الرئاسة في الكنيسة السريانية الانطاكية :
كانت الكنيسة السريانية قديما علئ قسمين باءعتبار موقعها الجغرافي ف الاولئ تحت حكم الروم و تشمل علئ :
{بلاد سوريا و فلسطين و اسيا الصغرئ و يعرف اهلها *بالسريان
المغاربة * يراءسها الاسقف الانطاكي تحت حكم البطريرك الانطاكي}
و الثانية تحت حكم الفرس و تشتمل علئ :
{ما بين النهرين و الكردستان و تركستان و فارس و الهند و يسمئ اهلها * بالسريان المشارقة * و يتولئ ادارتهم الروحية اسقف عام دعي جاثليقا و مفريانا و كان يستمد رسامته و تاءييده من البطريرك الانطاكي و يخضع له .

ادريس ججوكا

#13
مهم جدا جدا جدا |  مطلوب الان من النائب السرياني  رائد اسحق  العمل علئ ادخال * السريان * في الدستور العراقي اذ ان من مثل المسيحيين عند اعداد الدستور واضح انه كان سريانيا متاءشورا ... ف تم ادخال الاشوريين{المنقرضين} و الكلدان و استبعلد السريان من ذلك مع الاءسف .                                                           
و ارجو من ادارة الموقع مشكورة سلفا نقل هذه الرسالة الئ السيد النائب لعدم وجود طريقة اخرئ ل الاتصال به ... و هذه خدمة لكل السريان سواءا في برطلي او خارجها في داخل العراق و خارجه . مع فائق التقدير !

قصي مصلوب

#14
اخ ججوكا لا ملوك سريان ولا شعب ومملكة سريانية تاريخا وانا كلداني اعرف بعد تكثلكنا صرنا كلدان الحقيقة هي كلنا سورايي اشوريين فحجر في تركيا كتب به سور وهو يطلق على اشور وانت تعرف ان المقطع يا هو النسبة بتكون سور + يا اي الاشوري
اذا بحثت في لغة السورث وجدت ان اجدادك اشوريين فلو كنا اراممين لماذا الى اليوم نقول للباب باللغة الاشورية بلا بينما هو طرعا ونلفظ حرف الحاء اورحا ب اورخا بالخاء هو دليل اشوريتنا المستشرق اسرائيل ولفنسون قال ان الاشوريين غيروا لفظ حروف الحق الى ا و خ مثل عينا اينا واورحا اورخا
لا معنى من نكر الاشورية وانتم على بعد 20 كم من نينوى