الشحاذون (المكادي) في بغداد القديمة

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 02, 2014, 09:15:31 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الشحاذون (المكادي) في بغداد القديمة
عزيز جاسم الحجية / مؤرخ تراثي راحل


يسمي البغادة الشحاذين بــ ( المكادي ) أو مجادي ومفردهم مجدي ومنهم من يسميه (مسايل ) المتسائل أو ( أبن السبيل ) وهو الفقير الذي يتجول في العكود أو الدرابين لأستعطاف الناس وأستدرار عطفهم وشفقتهم مستعيناَ بالمسكنة وبنداءاته التي تحنن قلوبهم لجمع قوت عياله .وقد زاد عدد المكادي في بغداد نتيجة ضلم وسيطرة الحكم العثماني والحكم البريطاني الذي تلاه فقد خلق في العراق طبقات ( الزناكين ) الأثرياء والفقراء والمعدمين الذين لا يجدون قوت يومهم فأضطر بعضهم للجدية ( التسول ) وللجدية أنواع :
فهناك من يقف على أبواب الجوامع أيام الجمع عند صلاة الظهر أو قرب المزارات في المناسبات التي يعرفها الناس وهناك من يتشبث بالدين لأجل التكسب فمنهم من يقرأ بعض الأيات القرأنية أو الدعوات التي تدعو الى الكرم والأحسان وتدعو الناس للصدقة وأعانة المحتاجين وهم يتجولون في الأسواق المكتظة بالناس ومنهم من يستحدم الوسائل الموسيقية ( كالضرب على الدف والتغني بمدح الرسول الأعظم ( ص ) )
وهناك من يتضاهر بالعمى أو العرج أو عاهة أخرى أو يتفق مع بعض ذوي العاهات أو المعوقين الذين أصيبو بحادث فأنقطعت يده أو بترت ساقه فيتخذ من ذلك الصبي المعوق أبناَ له ويستعطف الناس لأقوال وعبارات رقيقة تستدر العطف على ذلك المسكين الذي فقد ذراعه أو احدى ساقيه ولم يعد يقوى على تحصيل قوته وربما اتفق مع احداهن لتمثيل دور الزوجة التي فقدت زوجها بحادث وخلف (كومة جهال ) وقد طرحت صغيرهم وهو يرضع والأخر نصف عار يفترش الأرض ويتوسد ساق أمه وثالث يصرخ من الجوع والخ .... من الفصول التمثيلية .
وهناك من ممتهن ( الجدية حيلة ) وهم يمتلكون ما يكفيهم للعيش عيشة حسنة من يظهركل منهم بأخلاق بالية وهو يمثل دور الفقير المعدم , يستعطف الناس بنداءات رقيقة لجمع المال فقط حيث يفرش قطعة قماش على الأرض كي يرمي الناس عليها ما تجود به أكفهم من ( الخردة ) الموجودة في جيوبهم ومن هذة النوع من المكادي من يدور في المقاهي ليجمع نقود أكثر . ومن يذق حلاوة الكدية ولذتها ( لأنها أخذ دون عطاء) أو ( تجارة دون رأس مال ) يحرص عليها ولا يلوم أهلها لما فيها من لذة الأسترزاق بلا تعب . وكان مجادي اليهود من عجزتهم ومكفوفيهم يجلسون في الطرقات التي تقع قرب بيعهم يلهجون بعبارات الأستجداء والأسترحام .. ومما يرد من أقوالهم في هذا المعنى :
( أبدالك لسة مستفتحت ) أي حتى الأن لم يعطيني أحد من صدقة يتصدق بها علي .
نداءات المكادي :
غالباَ ما كنت أسمع ـــ وأنا صغير خصوصاَ في الفترة بين أذان المغرب وأذان العشاء لا سيما في فصل الشتاء أذ يعتكف الناس في بيوتهم من شدة البرد ـــ صوتاَ يصل أذني بنغم حزين يدعو الى الرأفة وا لشفقة يقول : وين اليكول هذا عشاك يا فقير ؟ وين اليرحم الضرير ؟ ومازلت أذكر أمي رحمها الله وهي في غرفتنا المطلة المطلة على الدربونة تطلب مني أيقاف ( المسايل ) أي السائل فأرفع الشباك وأصيح بأعلى صوتي لأيقافه ثم أنزل خلفها لنعطيه ما فضل من عشاء العائلة حيث كان يسكب الطبيخ في أناء مغلق برقبته فوق بعضه ( التمن مع المرق ) وبعضهم كان يعزل الخبز في عليجة كان يعلقها على كتفه الأخر وهو يدعو للعائلة بشتى الأدعية ( الله يخلي أبو بيتج , الله ينطيكم العافية , الله يخلي الجهال , وغيرها. )
وعند وقف المكدي على باب أحد الدور وليس لديهم ما يعطوه يقولون له : ( على الله ) , ( أو الله ينطيك ) ومنهم من يقول له ( خدا بدا ) أي الله يعطيك بالغة الكردية .
ومن نداءات المكادي أيضاَ :
وين اليرحم الفقير ؟
المال مال الله والصخي ( السخي ) حبيب الله.
الصخي حبيب الله والبخيل عدو الله .
عطاية قليلة تدفع بلاية كثيرة عند الله.
أنيالك يا فاعل الخير .
يا كريم ... يا الله .
وينك يا فاعل الخير ؟
وين اليرحم الضرير بليلة الجمعة والثواب عند الله ؟
الصدقة تدفع القضا والبلا .
دفعة بلا عنكم وعن أولادكم .
الجدية في الأمثال :
أبليس أشتغل بكل شغلة يوم , وأشتغل بالجدية أربعين يوم : يضرب لأستطابة الجدية دأب الكسالى والمتحايليين وذلك لأنها لا تبخل على متعاطيها بالربح الوفير كما أنها لا تحتاج الى رأس مال ولا تتحمل خسارة .
مجدي من مجدي والله يرحمك يا جدي : يضرب لما لدى الطبقات الفقيرة من التنابذ والتحاسد وأبتغاء الفتنه والشحناء بالرغم من أن لهم عدواَ مشتركاَ يكرههم جميعاَ .
مجدي كركوك وعليجته قديفة : يضرب للمملق المعدم يتضاهر بما لا يلائم وضعه من كبر وأبهة .
مجدي كركوك وخنجرة بحزامة : يضرب للذليل يتمثل وضع الأقوياء الأشداء .
اليشتغل بالغروب يكدي بالبوب : يضرب لدفع الكسول الى العمل وللتبكير في النهوض من النوم والذهاب الى العمل للحصول على الرزق الحلال دون الأستجداء من أبواب الناس .
يجدي ويهدي : يضرب لمن يتظاهر بغير مظهره ولسوء التصرف وعدم التدبير فأن من شأن المتسول الأخذ دون العطاء .
مثل فلس المجدي : يضرب للشيء يتداعى عليه الناس قبل أن يتم تمامه أو يستقيم نصابه .
علمته على الجدية كام يغلبني ببوب كبار : يضرب لشديد الحذق في تعليم الحيل يكون ذا فضل على أحد الناس فلا يجزيه هذا الى بمنافسته في مجال الكسب ومزاحمته على الشهرة .


http://www.faceiraq.com/inews.php?id=2766768
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة