ماذا يريد المسيحيون في كوردستان والعراق ؟

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 27, 2017, 12:14:13 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

ماذا يريد المسيحيون في كوردستان والعراق ؟     



شبكة رووداو /آنو جوهر


كثيرا ما ينطرح علينا هذا السؤال أعلاه، ضمن حلقات اكاديمية ، في حوارات سياسية وضمن اللقاءات الودية الشخصية، ماذا تريدون كمسيحيين ( كلدان سريان آشوريون) وأرمن في كوردستان والعراق ؟! الى ماذا تصبون ؟! سأحاول في هذا المقال المتواضع من وجهة نظري ومتابعتي عن قرب للمستجدات كأكاديمي وكناشط مدني سياسي ان اجيب على هذا السؤال العميق والبسيط في نفس الوقت بأختصار شديد في محاولة بسيطة لأسلط الضوء و بطريقة واضحة حول اهم مطالب المكون الكلداني السرياني الاشوري المسيحي في كوردستان  العراق.

ماذا يريد المسيحيون ؟  ببساطة يريد المسيحيون حقوقهم القومية والدينية والوطنية  في العراق وإقليم كوردستان اليوم ودولة كوردستان المرتقبة غدا  كاملة دون نقصان  ويريدون ضمانا بأنهم مصانون وحقوقهم مصانة جنبا الى جنب مع اخوتهم الكورد والعرب والتركمان وغيرهم من القوميات والاديان في دولة مدنية علمانية لا يختلط فيها الدين بالدولة كما لا يختلط الزيت بالماء ! دولة  تسودها المساواة والعدالة ويكون عمودها الفقري المواطنة وسيادة القانون، ويمكنني ان اجزم بأن اهم مطالب (الكلدان السريان الاشوريين والارمن) المسيحيين حالياً يمكن تلخيصها بما يلي :

أعادة اعمار بلدات وقرى سهل نينوى التي دمرها داعش :

اكثر من 20% من المنازل في بلدات سهل نينوى المسيحية قد تم تدميرها كليا و 30% تم تدميرها جزئيا واكثر من %50 تم حرقها و 100% تم سلبها والعبث بها ، جميع المدارس والمستشفيات والمرافق الخدمية والكنائس تم تدميرها ونهبها اما كليا او جزئيا والبنى التحتية من خدمات الماء والكهرباء غير موجودة او ضعيفة جدا ان وجدت ، لذلك يطالب الشعب المسيحي بأعادة الاعمار ، فأن كانت الحكومة غير قادرة على ذلك بسبب الوضع الاقتصادي فيتوجب على الحكومة الضغط على الدول والمؤسسات الدولية المانحة للقيام بهذه المهمة بأسرع وقت ، لأن قرابة نصف الشعب المسيحي اليوم نازح داخل وطنه يعيش في اوضاع نستطيع ان نصفها بالغير انسانية ! وهذه الاوضاع الغير أنسانية دفعت بعشرات الآلآف الى الهجرة الى خارج الوطن ، في نزيف كبير لن ينحصر إلأ بالعودة الحقيقة و الآمنة الى أرض الاباء و الاجداد !

كما ومن المهم دعم مواطني هذه المدن بأعادة تأسيس مصادر ارزاقهم من خلال قروض طويلة الامد ومنح لمشاريع متوسطة وصغيرة من شأنها تشجيع المواطنين على الرجوع و الثبات في ارضهم.

الشراكة الحقيقة في القرار السياسي و التمثيل الحكومي المنصف :

يطالب المسيحيين بمشاركة حقيقة في صنع القرار السياسي والتمثيل الحكومي المنصف في كوردستان والعراق و اليوم نرى ان المشاركة في صنع القرارات السياسية الوطنية بالنسبة للمسيحيين ليست بمستوى الطموح نهائيا ، و أما التمثيل الحكومي فضعيف جدا بحيث يشعر المسيحيين بأنهم يعيشون على هامش الحياة السياسية والحكومية حيث أن دورهم في ادارة الدولة هامشي وصوري لا اكثر. اليوم لا يوجد تمثيل حكومي حقيقي للمسيحيين في بغداد ووسط وجنوب العراق سوى وزارة واحدة لم يتم اختيارها بالتشاور مع ممثلي المسيحيين نهائيا ! و اما في كوردستان والتي يوجد فيها تاريخ كبير ومشرق للمشاركة المسيحية في الدولة بوجود وزراء منذ الكابينة الاولى لحكومة الاقليم سنة 1992 وشغل شخصيات مسيحية في عدة مناصب مهمة كمحافظ اربيل ونائب رئيس الوزراء ونائب محافظ دهوك سابقاً واما الان  فلمدة تقرب 3 سنوات لا يوجد مقعد في مجلس الوزراء  لوزير يشغله مسيحي بعد استقالة الوزير المسيحي الوحيد ولا يوجد محافظ او نائب محافظ مسيحي لا في اربيل ولا في دهوك ولا في السليمانية ؟!

محافظة في سهل نينوى و حكم ذاتي في كوردستان :

العودة الى الوضع الذي سبق احتلال داعش لسهل نينوى يعني امكانية كبيرة لتكرار المأساة مرة تلو الاخرى و هذا ما لم يعد يستطيع هذا الشعب الاصيل تحمله اطلاقا ، فبعد الجينوسايد الذي تعرض له الشعب (الكلداني السرياني الاشوري و الارمن) المسيحي  في سيفو 1915 و سيميل 1933 و صوريا 1969 و الانفال 1988 واستهداف حافلات الطلبة المسيحيين في الموصل 2010 ومجزرة كنيسة سيدة النجاة 2010  وهجوم داعش على الموصل وسهل نينوى 2014 ومقتل وفقدان قرابة 1600 مسيحي على الهوية في وسط و جنوب العراق بعد 2003 لحد اليوم  لم يعد يستطيع هذا الشعب تحمل ضربة موجعة اخرى. لذلك تطالب الجماهير والقوى السياسية المسيحية بمحافظة في سهل نينوى لجميع المكونات الاصيلة في هذه المنطقة مع تسليم الملف الامني داخل المدن و القرى المسيحية لابناء الشعب المسيحي بأنفسهم ( وحدات حماية سهل نينوى و قوات حراسات سهل نينوى " التي هي الاكبر عدديا 2500 عنصرو التي يتوجب ان ترجع الى سهل نينوى بحيث ستكون دافعا قويا لرجوع المسيحيين الى مناطقهم  "  و قوات سهل نينوى و دويخ نوشا)  و اما عائدية هذه المحافظة بين المركز و كوردستان فيجب ان تحترم فيه ارادة هذا الشعب حيث أنه أمر بديهي بأنه قرار يجب أن تقرره الجماهير في هذه المنطقة بعد عودتها و استقرارها في مدنها و قراها و ايضا تحييد هذه المناطق من الصراع لحين استقرار اهلها فيها و اجراء الاستفتاء المقترح بوجود مراقبيين دوليين و محليين. و اما الحكم الذاتي في كوردستان فهو حق تم تثبيته في مسودة دستور الاقليم المادة 35 و من الممكن تعديلها في النسخة النهائية قبل طرحها للاسفتاء الى ( حكم ذاتي دون شرط الموقع الجغرافي أو التتابعية المكانية بين مناطق المدن و القرى المسيحية في كوردستان ) ليكون من الممكن تطبيقه على ارض الواقع ، لان القرى و المدن الكلدانية السريانية الاشورية و الارمنية المسيحية منتشرة في كل ربوع كوردستان.
حماية و صون املاك المسيحيين و ايقاف محاولات التغيير الديمغرافي :

بعد 2003 نزح الى كوردستان او هاجر خارج البلد بين 80-90% من مسيحي وسط و جنوب العراق ، حيث كان عدد المسيحيين في العراق في بداية ثمانينيات القرن الماضي ما يقارب المليونا مسيحي واما اليوم تقدر اعدادهم بأحسن التوقعات بين 400000-450000 الف شخص يسكن قرابة 90% منهم في اقليم كوردستان و خاصة بعد هجوم داعش على سهل نينوى، و بسبب هذا التغيير  الديمغرافي الكبير ترك المسيحيين املاكهم تحت رحمة غيرهم، حيث قام الكثير ممن سمحت لهم انفسهم الامارة بالسوء بالاحتيال على القانون في وسط و جنوب العراق و خاصة في بغداد بالاستيلاء على املاك المسيحيين دون وجه حق ، و رغم المحاولات الحثيثة من قبل الكنيسة و اعضاء البرلمان المسيحيين لايقاف او التقليل من هذه الممارسات المشينة و لكن لا زالت العصابات الاجرامية مستمرة في غيها و استيلائها على املاك المسيحيين ليومنا هذا.

أما في كوردستان وبسبب تهجير المسيحيين من مئات القرى العائدة لهم بسبب دعمهم للبيشمركه في ثورتهم ضد الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة ، قام بعض رؤساء "الجحوش" او من كانوا يسمون بالفرسان ( قوات كوردية موالية لسلطة البعث) بالاستيلاء على مجموعة من اراضي المسيحيين بعد ان هجروا من اراضيهم ، و اما في حالات اخرى سكن البعض الاخر اراضي المسيحيين في حقبة التسعينيات  لعدم رجوع اهاليها الاصلاء اليها و لكنها تضل اراضيهم التي ورثوها عن ابائهم و اجدادهم ، و في حالات اخرى تم اقامة  مشاريع حكومية عليها كما في دهوك و اربيل و عنكاوا (مطار اربيل الدولي) ، لذلك يتوجب على الحكومة الكوردستانية و التي قامت بالعديد من الاجراءات الايجابية في منطقة بهدينان مؤخراً و بعد ضغط و حراك جماهيري و ايضا يتوجب ذكر الجهد الرائع الذي  حصر تسجيل الاراضي بأسم المسيحيين في عنكاوا (مشكورا بقرار من السيد نيجيرفان بارزاني رئيس الوزراء سنة 2004-2005 حفاظا على ديمغرافية عنكاوا اعقبه قرار بتوقيع نائب رئيس البرلمان الكوردستان السيد جعفر ايمنكي يمنع الالتفاف على هذا القانون بجهود من قبل اعضاء البرلمان المسيحيين في كوردستان)  بالتعامل مع هذا الملف الحساس بسرعة اكبر و جدية اكثر لما يوليه ابناء الشعب المسيحي من اهمية و يعتبرونه مصيريا و مفصليا لحماية وجودهم في ارض الوطن.

تعديل حزمة من القوانين و انهاء سياسيات التهميش و الاقصاء:

يطالب المسيحيين بتعديل حزمة من القوانين و اهمها قانون البطاقة الوطنية العراقية الذي فرض اسلمة القاصرين في حال اسلام احد الوالدين و الذي طالبت به القيادات السياسية المسيحية و القيادات الدينية و لكن دون طائل ، و كما ويطالب المسيحيين بتعديل الدستور العراقي الدائم و مسودة دستور اقليم كوردستان ليكون الدستورين اكثر مدنية و علمانية ، يكون جميع المواطنين في البلد ، مواطنون من الدرجة الاولى و ان لايسمح بالتطرف الديني و يجرم الخطاب الديني التكفيري ( من المهم الأشارة للجهود الحثيثة و الايجابية لوزارة الاوقاف و الشؤون الدينية في كوردستان في هذا المنحى ) و منع تشريع قوانين من شأنها قمع الاقليات و على سبيل المثال و ليس الحصر قانون منع بيع المنتوجات و المشروبات الكحولية ؟ كما و يطالب المسيحيين بتعديل قانون الانتخابات بما يضمن لهم اختيار ممثليهم بصورة تضمن تمثيلهم الحقيقي و كما العمل على زيادة مقاعد الكوتا الخاصة بالمكون في مجلس النواب و البرلمان الكوردستاني و مجالس المحافظات و الاقضية و النواحي، كما و يطالب المسيحيين بتمثيلهم في العلم او رموز الدولة و شعاراتها في العراق و كوردستان و في النشيد الوطني العراقي و الكوردستاني و ايضا ان يتم الاهتمام الحقيقي باللغة السريانية و الثقافة و الفن السرياني و دعمها حكوميا بصورة اكبر على غرار الثقافة العربية و الكوردية و اعادة تفعيل مديريات اللغة و الثقافة و الفن السرياني في المركز و الاقليم و تعديل مناهج التعليم و التربية  لتتمكن الاجيال الفتية من التعرف على تاريخ و ارث و طبيعة الشركاء في الوطن.

إن ما ذكرته اعلاه يعتبر اهم المطالب التي يطالب بها المسيحيين في كوردستان والعراق في مختلف النواحي السياسية و الدستورية و الثقافية و الادارية و التي تعتبر واقعية و دستورية و انسانية 100% و هي اقل ما يمكن تقديمة لشعب اصيل يمثل حضارة آشور و بابل ، شعب تعب و علم و بنى هذا البلد منذ الاف و مئات السنين و حارب و بذل دمه دفاعا عن ارض الوطن و شعبه.
اما بالنسبة لتوقعاتي الشخصية حول احقاق هذه الحقوق الشرعية حفاظا على وجود الشعب الكلداني السرياني الاشوري و الارمن المسيحي فأني يمكن ان اجزم بأن هذا مستحيل او شبه مستحيل الحدوث حالياً في وسط و جنوب العراق اي ضمن سلطة الحكومة المركزية بسبب السيطرة المطلقة للاحزاب الدينية و الاسلامية المتشددة على الحكم و كل مرافق الحياة في بغداد من حكومة و مجلس نواب و قضاء و اجهزة الدولة الامنية ، حيث ان سيطرة المؤسسة الدينية على الحكومة و استخدام و خلط الدين في المعادلات السياسية في بغداد جعلت منها جحيما لابناء المكونات الغير مسلمة بصورة خاصة و طالما ان الوضع يبقى على ما عليه فأن تحقيق المطالب اعلاه كما ذكرت شبه مستحيل و اتمنى ان اكون مخطيءً و لكن هذه هي الحقيقة المرة.

أما بالنسبة لكوردستان برأيي الشخصي فأنه يوجد ارضية جيدة  وواقعية لتحقيق هذه المطالب و لتنفيذها  على ارض الواقع و لا سيما كوردستان مقبلة على استفتاء الاستقلال والذي يدعمه اكثرية المسيحيين، فأن الوضع يختلف في كوردستان كليا عن بغداد و طبعا هذا لا يعني ان كوردستان تعتبر فردوسا للمكونات و لكن من يقارن الوضع بين بغداد و اربيل فأنه سيجد صعوبة كبيرة لان اوجه المقارنة غير موجودة ، و السبب الرئيسي هو أن الاحزاب الرئيسية الحاكمة في كوردستان ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني الكوردستاني ) على عكس الاحزاب الدينية الحاكمة في بغداد هي احزاب مدنية و ذات توجه علماني واضح تعمل بكل جهدها على ابقاء المؤسسات الدينية و التدخل الديني بعيد عن مؤسسات الدولة حفاظا على خصوصية و قدسية الدين و حفاظا على الدولة و مهنيتها و ايضاً على الصعيد التاريخي،  علاقة القيادة  الكوردستانية و الشعب الكوردي بالشعب (الكلداني السرياني الاشوري) و الارمن المسيحي علاقة تاريخية وطيدة ، علاقة بنتها الدماء المشتركة التي سفكها البيشمركه المسيحيين الى جانب اخوتهم الكورد في دفاعهم على ارض كوردستان ، فدماء الشهداء الابطال  فرنسو هريري و هرمز ملك جكو و سوران "عبدالمسيح" بلندر و عائلته الشهيدة و عبدالاحد صليوا و توما كليانا و توفيق سيدا و استشهاد  المئات من المسيحيين في حملة الانفال السيئة الصيت و تدمير المئات من القرى المسيحية في كوردستان لدعمها لثورة  كوردستان بقيادة الملامصطفى البارزانى الخالد و من هذه القرى على سبيل المثال لا الحصر (شرانش بابلو - باش - ديركنى - كوندكوسا - داؤودية - دهي - ارادن - بليجانى - بوباوا - ناف كندالا - ليفو - بهنونة - ميركاسور - ملا عرب - بيركا - كيراكورا - ماوانا - بدلية - صوركا - باختمى - هجيركى - هوريسك - شيوز - شرانش- بى بيدى - ديرى - خليلانى - بلمند - هيزانى العليا - هيزانى السفلى - شولى - كشكاوا آزخ - ميروكي - ارماش - كاني ماسى - جديدى - تاشيش - توشمبي - كاني بلافى - هيس - ميركا جيا - باز - موسكا  - ميروكي - جم ربتكي - هزارجوت - اطوش - دزي - جم أشرت - بلمبوس) و غيرها.

لذلك و برأيي الشخصي المتواضع ، فأن تحقيق هذه المطالب المشروعة للشعب الكلداني السرياني الاشوري و الارمن  المسيحي  ، يحتاج الى خطوات جريئة و شجاعة من القيادة الكوردستانية و لاتحتاج سوى الى ارادة قوية و انفتاح اكبر و تفهم اعمق للشريك في الوطن و سيكون تطبيقها تحصيل حاصل لا اكثر و ستمثل دعماً داخليا و دوليا قويا منقطع النظير لدولة كوردستان الفتية و التي هي في مرحلة الولادة التي ننتظرها بشغف و ترقب كبيرين!