مشاكسة / فنطازيــــا الأجـــازات الأجباريـــة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 04, 2013, 07:52:46 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
فنطازيــــا
الأجـــازات الأجباريـــة



مال اللــه فـرج
Malalah_faraj@yahoo.com


تكائرت وتداخلت وتناسلت واتسعت وتشعبت وتنوعت مختلف الاجازات التي بامكان المواطنين الحصول عليها لتنظيم عملية تسيير احتياجاتهم الأساسية , بالاخص في الدول النائمة والساهمة والمتسولة والمتوسلة , التي ضمنت (حـق) المواطن دستوريا في الحصول على تلك الاجازات بطريقتين حضاريتين.     
اما بمنتهى اليسر والسهولة وبسرعة الضوء والصوت معا ' كما يحدث عندما يتم منح من يشاء من المسؤولين والسياسيين والبرلمانيين والوزراء والمتنفذين وعوائلهم في تلك الدول اجازات البناء والاستيراد والتصدير وتاسيس المعامل والشركات والمستشفيات الخاصة والتحويلات الخارجية وسواها بعيدا عن الروتين وتعقيداته, وهم غالبا ما يكونون جالسين وراء مكاتبهم   , او من خلال مفردات منظومة الرشا والمحسوبية والمنسوبية والتزوير والهدايا والحصص والنسب والمغانم وبقية قنوات ألية ما بات يعرف بهذه الدول بنظرية (الشفافية الفسادية في انجاز المعاملات الرسمية), كما يفعل معظم المواطنين فيها (اختيارا وليس اضطرارا) ايمانا منهم بالديمقراطية والنزاهة والعدالة الاجتماعية ,وما زلت اتذكر باعتزاز باننا عندما كنا نسافر لاحدى الدول الشقيقة كنا نضطر لوضع مبالغ نقدية داخل جوازات سفرنا في نقطة التفتيش الحدودية ونحن نسلمها للمسؤول المعني في تلك الدولة(كهدية) لقاء تاشيرة الجوازات  .
اما المواطنين المتخلفين الذين لا يؤمنون بهذه الاساليب   الحضارية او الذين لا يمتلكون قيمة تسديد فواتير الرسوم الرمزية لألية (الشفافية الفسادية تلك) فعليهم الانتظار حتى  تصلهم اجازاتهم المطلوبة ,على ظهر سلحفاة عجوزعرجاء ربما تكون مصابة بالشلل الرعاشي والايدز والزهايمر وفقدان الذاكرة وعمى الالوان وقد تضل طريقها ولا تصل ابدا فيضيع الخيط والعصفور.
  فمن اجازات البناء والهدم وقيادة المركبات وافتتاح المحلات والمعامل والشركات والتصدير والاستيراد ' مرورا باجازات الزواج والحمل والولادة والامومة , وانتهاء بالاجازات المرضية والاعتيادية والاجازات الدراسية وسواها يتشكل الهيكل الاساسي للاجازات التقليدية المتعارف عليه في معظم الدول , حيث لم تكن هنالك خلال الزمن المنصرم اية صيغة للاجازات الاجبارية , بل ان الموظف المتهم بالرشا او بالفساد او بالسرقة او بالتجاوز على المراجع الادارية او اية تهمة وظيفية اخرى ' كان يتعرض للايقاف عن العمل لحين حسم موقفه من قبل اللجان التحقيقية المختصة , فاما البراءة والعودة للعمل مرفوع الرأس , او الادانة والتعرض للعقوبات ومهانة الاحساس.
اما في زمننا الديمقراطي فقد اضيفت الى جدول الاجازات التقليدية اجازات اخرى لعل في مقدمتها  الاجازة (الاجبارية) التي تم منحها لوزراء احدى الكتل السياسية بطريقة رأها البعض غير قانونية بينما رأها اخرون دستورية شفافة استلزمتها المصلحة العامة , وبذلك فقد اثارت ردود افعال متباينة بين مؤيد ومعارض ولكل تفسيراته وتبريراته وتحليلاته ,ولعل في مقدمة ذلك خشية اخرين من ان يفجر هذا (الابتكار الجديد) , مطالبة الرأي العام بتحويله الى قانون دولي ملزم يصدر عن المنظمة الاممية ويتم تعميمه على جميع الدول ليشمل مختلف مناحي الحياة.
وفي ضوء مثل هذا القانون الدولي فيما لو استحدث واصبح نافذا ربما سيكون بامكان الفاسدين في جميع الدول المطالبة بمنح اجازات اجبارية للجان الرقابة والنزاهة والتفتيش والتدقيق ليواصلوا فسادهم بامان 'وسيكون بامكان رؤساء بعض مدراء الشركات العائدة لمسؤولين متنفذين المطالبة بمنح اجهزة الكمارك وفرق التقييس والرقابة والسيطرة النوعية اجازات اجبارية ليتمكنوا من اغراق البلاد بالبضائع الفاسدة , وسيكون بامكان بعض الازواج  منح زرجاتهم اجازات  اجبارية لمدة شهر مثلا وارسالهن الى دور اسرهن لتخلو لهم الاجواء مع صديقاتهم   او حبيباتهم او عشيقاتهم , وبالمقابل ربما ستطالب بعض النسوة منحهن حق فرض الاجازات الزوجية الاجبارية على ازواجهن والامتناع ولاتفه الاسباب عن منحهم حقوقهم الزوجية طوال فترة الاجازة الاجبارية, وسيطالب المحررون في بعض الصحف والمجلات بمنح رؤساء ومدراء وسكرتيري التحرير اجازات اجبارية للتمتع بحرية نشر مقالاتهم كما هي بدون حذف او تحوير   , رغم ما قد يثيره بعضها من ردود افعال عنيفة , ولنا ان نتخيل طبيعة وشكل ولون وطعم العلاقات الزوجية والعائلية وحتى الاجتماعية في حال سريان قوانين الاجازات الاجبارية ومدى الفوضى التي ستعصف بالمجتمع.
الى ذلك فان سريان مفعول ظاهرة الاجازة الاجبارية على عدد من الوزراء , قد يمنح البرلمانات صلاحية منح الحكومات اجازات اجبارية محددة او مفتوحة ' وربما يدفع ذلك ايضا الشعوب   الى استخدام حقوقهم الدستورية بمنح البرلمانات اجازات اجبارية مفتوحة مما سيشرع الابواب امام اسوأ الاحتمالات واخطرها ويضع البلدان المعنية في مهب الريح.
الى ذلك وفي خضم الاحداث الدراماتيكية المتأزمة التي تشهدها البلاد من خلال التظاهرات الصاخبة المطالبة بالاصلاحات وما رافق بعضها من عملية اطلاق الرصاص على المتظاهرين مما ادى لاستشهاد واصابة العشرات ' يبرز تساؤل مشروع :من الذي منح القوات الامنية (الاجـــازة) بفتح النار على المتظاهرين العزل؟؟؟
وان كان البعض قد استبق التحقيقات وادعى بان الحكومة هي التي فعلت ذلك , وأنا استبعد ان تكون الحكومة قد فعلته لانها تمتلك بالتاكيد من الحكمة والوعي والتعقل ما يجعلها تترفع عن ذلك لانها خلاف ذلك تكون قد حشرت نفسها في زاوية ضيقة   ,اما ان كانت تلك القوات او فرد منها  قد  اجتهد ومنح نفسه  (اجــــازة) اطلاق النار,فانه  بذلك يجسد ظاهرة خطيرة بعدم الالتزام وبعدم الانضباط وبعدم الطاعة وباللامبالاة ' ومثلما اطلق  الرصاص على المتظاهرين اليوم فانه  في الغد سوف لن يتورع عن منح نفسه ايضا (اجــــازة) باطلاق الرصاص على الحكومة ذاتها , مما يستلزم تحقيقا دقيقا واجراءات حاسمة تصون حرمة الدماء الوطنية , فاية قطرة دم تراق من الجانبين تمثل خسارة وطنية' وفي جميع الاحوال يجب ان تصمت لغة العنف وتنهار وان تتقدم لغة الحوار.