مشـــــــاكسة حتـــى أنــــت يابروتـــــــس؟ /مال اللـــه فـــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مايو 12, 2016, 02:17:00 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشـــــــاكسة

حتـــى أنــــت يابروتـــــــس؟   
   


برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللـــه فـــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com



أشعلت (الكنبــة) او (القنفـــة) او (القنبـــة)، كما يسميها الموصليون، مواقع التواصل الاجتماعي  محولة اهتماماتها من قصص وحوارات وقصائد الغزل الشفيف الى السخرية والنقد العنيف، مشعلة من جانب أخر حرائق القلق الدولي من أن يتعرض هذا الرمز الشامخ الخالد الذي يلخص تاريخ كوكبنا الارضي، بكل خفاياه وتناقضاته واسراره وانتكاساته وتوهجاته وازماته وومضاته، الى العبث والدمار لا سيما وهو يختزن صفحات ومآثر وملاحم تاريخية لن يعيدها الزمن ثانية.
فمن خلال الاهتمام الكبير وغير الاعتيادي الذي احيطت به هذه (القنبــة)، الاسطورية، يخيل إلي ان جدنا حمورابي استلقى عليها وفكر مليا قبل ان يخط اولى المواد القانونية على مسلته التاريخية، وعليها أيضا ارتشف الاسكندر الكبير وعاءً من لبن الابل العربية الاصيلة الذي اصابه بالدهشة من طيب مذاقه فأصدر أوامره باجتياح الشرق للاستحواذ على انفس نفائسه ممثلة بالابل الذكية، ومن على هذه القنبة أيضا فكر افلاطون باقامة  مدينته الفاضلة، وفي احضانها أيضا غرق يهوذا الاسخريوطي في افكاره الشيطانية حول افضل السبل لخيانة سيده لقاء ثلاثين قطعة من الفضة وتفتق ذهنه عن قبلة الخيانة التي قادته فيما بعد الى الانتحار، وعليها أيضا ولد قانون الجاذبية حينما سقطت تفاحة مشاكسة على رأس نيوتن بينما كان مضطجعا فوقها هربا من نكد زوجته، وعليها  أيضا نظم المتنبي اشهر قصائده متباهيا بشخصيته صارخا بالفلاة (الخيل والليل والبيداء تعرفني ..والسيف والرمح والقرطاس والقلم)  والامر نفسه بالنسبة لايفان الرهيب الذي تربع عليها مذيقا ابنه صنوف التعذيب بتهمة التأمر عليه قبل ان يصدر اوامره باعدامه، وكذا فعل نابليون بونابرت حين غفا عليها بعد تناوله وجبة دسمة من (الباجة) العراقية وحين أفاق وكان ما يزال تحت تأثيرات تلك الوجبة الدسمة أمر بشن الحرب التي خسرها في معركة واترلو الشهيرة ومن ثم اضطر وهو جالس على هذه القنبة أيضا إلى التوقيع على اتفاقية باريس الثانية التي القت به منفيا في جزيرة سانت هيلانة، وعليها اضطجع سلطان ذلك الزمان وهو يستمع يوميا الى احدى قصص الف ليلة وليلة ترويها له جاريته المثيرة، وفوقها أيضا اضطجع ماركس وهو يلملم شتات افكاره ليسطر اولى ملاحظاته حول رأس المال، وعلى هذه القنبة أيضا رزق اديسون بعد مخاضه الفكري العلمي الصعب بمولوده الذكر المصباح الكهربائي المنتظر، وفوقها أيضا ابتدعت مخيلة تشايكوفسكي رائعته الموسيقية الخالدة بحيرة البجع بفصولها الدرامية الراقصة، وعلى هذه القنبة عقدت كليوباترا قرانها على شقيقها بطليموس، وعليها انتحر هتلر باطلاق النار على نفسه اثر اجتياح الحلفاء لبرلين وعليها أيضا جلس الفنان الاسباني سلفادور دالي لتلد فرشاته المرهفة واحدة من أروع لوحاته التي حملت اسم (الحاح الذاكرة)، ومن فوقها قفز كلكامش ملتاعا ليجوب العالم بحثا عن عشبة الخلود بعد وفاة صديقة المخلص انكيدو، ومن فوق هذه القنفة التي كان يغفو عليها يوليوس قيصر اثناء المؤامرة التي استهدفته  والتفت متألما وهو ينزف دما جراء طعنات الغدر التي طالته ليفاجأ بان القاتل هو اخلص اصدقائه واقرب الناس الى قلبه، معاتبا اياه بلهجة تمازج فيها الحزن بالاسى بالاسف (حتى انت يابروتس).
فلا عجب بعد المصاب الاليم الذي لحق بهذه القنبة التي لا تقدر بثمن جراء افعال (همجيـــة) لبعض (الغوغـــاء) وفقا (لتوصيفـــات) البعض   وتشويه جمالية ونقاء وقيمة هذا الكنز التاريخي ببعض قطرات من الدماء ان يلتف حولها عدد من المسؤولين ليشاركوا المجتمع الدولي الذي اهتز غضبا بهذا المصاب الاليم مشاعره، متوعدين الفوضويين المنفلتين الجهلاء بأشد انواع الحساب جراء جريمتهم النكراء هذه التي انتهكت هيبة الدولة وسيادتها ولطخت سمعتها وأهانت كرامتها، خصوصا ان هذه القنبة قد تعطرت في عصرنا الديمقراطي الزاهر بجلوس الكثير من المسؤولين الاكابر عليها، وشهدت ربما توقيع اهم واضخم الصفقات التاريخية باعلى المغانم والحصص والنسب المئوية واخطر القرارات السياسية وابرز الاتفاقات البرلمانية، لذا فالوقوف ازاءها وابداء الالم لمصابها وذرف الدموع على محنتها لهو افضل واهم الف مرة من زيارة المهجرين والنازحين ومعايشة مأساتهم، والفقراء والمعدمين وتخفيف معاناتهم، وعوائل الجرحى والشهداء والمتعففين ومواساتهم، وحل مشكلات ومعاناة اطفال الشوارع والعاطلين واليتامى والارامل والمشردين ومساءلة لصوص المال العام والفاسدين والمفسدين ومحاسبة وابعاد الفاشلين.
عليه، ومن اجل ان تأخذ هذه (القنبــة) التاريخية دورها الحقيقي في إجراءات الاصلاح عديمة اللون والطعم والرائحة التي نسمع بها ليل نهار ولا نراها، ومن اجل ان تتحول الاصلاحات من تهويمات سرابية الى اجراءات حقيقية،  ولو كان الامر بيدي لقمت بارسال هذه القنبة بصحبة وفد على مستوى عالٍ  يضم في عضويته ممثلين عن جميع المكونات والتحالفات والهيئات والتشكيلات الى بلد المنشأ (للصينــــة والعــــلاج) وقضاء فترة النقاهة حتى الشفاء التام في منتجع دافوس أو في جزيرة ماوي في هاواي أو في جزيرة سانتوريني في اليونان أو في جزر المالديف، ولأصدرت طابعا بريديا تخليدا لها ولاصدرت أيضاعملة تحمل صورتها، ولبادرت إلى مناشدة الامم المتحدة لاتخاذ قرار اُممي بتسمية يوم استباحتها بـ (يوم القنفة العالمي) اُسوة بيوم العمال العالمي وبيوم المرأة العالمي وبيوم الاب وبيوم العائلة وجعله عطلة رسمية، ولطالبت اليونسكو بادراجها ضمن الآثار العالمية واقامة نصب سياحي لها من الدرجة الاولى لاستقطاب السياح من جهات العالم الاربع بعد ان طبقت شهرتها الآفاق وفرض رسوم قدرها مائة دولار لمن يرغب من السياح الجلوس عليها لمدة دقيقة واحدة ومائتي دولار لمن يجلس ويلتقط صورة تذكارية معها وبذلك نجعل هذه القنبة العريقة تسهم في حل ازمتنا المالية الخانقة بعد ان فشل مسؤولونا برغم عبقريتهم الاقتصادية بحلها، وربما يدعي عندها احد المنافقين بان هذه القنبة تجلب الحظ السعيد وتحقق الامنيات عندها سنشاهد جموع المواطنين وبخاصة من المطلقات والعوانس والعاشقات وامهات المعتقلين والمفقودين مسرعات نحوها لتعليق قطع القماش عليها أملا في تحقيق آمالهن.
اخيرا، ربما لو بادر المسؤولون المعنيون النزهاء  بزراعة اجهزة كشف الكذب في اماكن مخفية من هذه القنبة السـحرية واجلسـوا عليها جميع السـياسيين والبرلمانيين والمسؤولين تباعا وسألوهم عن مصادر ثرواتهم وممتلكاتهم ومدى نزاهتهم وامانتهم وحرصهم على المصالح الوطنية والمال العام، لظهرت فضائح تزكم الانوف ولتعالى صراخ القنبة الما واسـفا واسـتنكارا باوجه الكثيرين (حتــى انـــت يابروتــــــس؟)