مشـــــاكسة صـــدق السياســــيون . . . وان كذبـــــوا / مال اللـــه فـــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 21, 2015, 09:39:49 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
  مشـــــاكسة
صـــدق السياســــيون  . . .   وان كذبـــــوا 


برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللـــه فـــــرج
    Malalah_faraj@yahoo.com



لعل من بين أبرز افرازات عصرنا الراهن، الملتهب الساخن، عصر الديمقراطية والحريات وربيع الشعوب والانتفاضات وشرعنة السرقات والاستحواذ على المليارات، انتاج اجيال من السياسيين الثوريين المناضلين النزهاء، الذين ان تحدثوا صدقوا وان عاهدوا اوفوا وان وعدوا نفذوا، والذين لا وجود في مسيرتهم النضالية وفي تجاربهم الحياتية وفي ممارساتهم اليومية للكذب او المكر او الخديعة، خصوصا عند خوضهم الانتخابات الرئاسية او البرلمانية، لذلك فانهم (صادقــــون) حتى ان كذبوا (اضطـــرارا) خدمة للمصالح الوطنية ومن اجل انقاذ البلاد من الازمات والتحديات الامنية والاقتصادية ومن اجل ان يوفروا لشعوبهم   اعلى مستويات السعادة و الراحة والرفاهية.
تحضرني من بين الكم الهائل من الوعود الوردية التي اضاءت (بواقعيتها وبمصداقيتها) الثورية اجواء الحملات الدعائية للانتخابات البرلمانية قبل خمس سنوات والتي نفذت وطبقت بحذافيرها في جميع المجالات، وعود مسؤول سياسي رفيع عرف بصدقه ونزاهته وفصاحته ودقته في تصريحاته وموضوعيته وحرصه على تنفيذ كل وعوده وعهوده وخططه وبرامجه، قال فيها للناخبين (نعد الناخب ان نبني دولة مؤسسات في الفترة القادمة والشعار هو، والحقيقة هي خدمات.. خدمات.. خدمات) مضيفا وربما موضحا لمن لا يعرف ماالذي تعنيه الخدمات (سنوفر للمواطن كهرباء وماء صالحا للشرب ومدارس ومستوصفات وسنعتني  بالزراعة وسنعتني بالصناعة) ومؤكدا (ونعد كل مواطن، كل مواطن عمره 18 شهرا من حقه) لكنه استدرك اذ ربما ادرك ان ميزانيتنا لا تحتمل تقديم الخدمات للاطفال بهذه السن الصغيرة، واضاف (عفوا 18 عاما فما فوق ، كل مواطن له قطعة ارض وله راتب من الدولة حتى لو كان من العاطلين، اما من كان موظفا في الدولة يأخذ راتبا من الدولة واذا كان مو موظف في الدولة يأخذ راتب العاطلين)، وقد صدقت ذلك فعلا لان السياسيين والبرلمانيين والمسؤولين الكبار ليسوا بحاجة للكذب، فالسلطة بين ايديهم والصلاحيات طوع امرهم والميزانية والتخصيصات نصب اعينهم، وبامكانم تبعا لذلك تحقيق وعودهم، فضلا عن انهم قدوتنا ومثلنا الاعلى في الصدق والنزاهة والصراحة والامانة في تحمل المسؤولية ونقاء الضمير والحرص على مصالح البلاد والعباد واطاعة الانبياء والاولياء ومخافة الله ولذلك انتخبهم الشعب ووضع، وهو واثقا بهم مطمئن اليهم، مصيره بين ايديهم .
وبعد خمس سنوات  من تلك الوعود الوردية ها هي التظاهرات الجماهيرية الصاخبة تعم المحافظات والهتافات تملأ الشوارع والساحات مطالبة باقامة تماثيل عملاقة لمعظم سياسيينا ومسؤولينا وبرلمانيينا من الذهب الخالص تطاول هاماتها برج ايفل لتكون عنوانا شعبيا تاريخيا للاعتزاز والاكبار والعرفان والوفاء لكل اولئك (الانقيــاء الاتقيـــاء النزهــــاء الشــــرفاء) الذين عاهدوا فاخلصوا ووعدوا فاوفوا وهاهي الملايين من جماهيرنا بعد ان عمت السعادة والرفاهية كل تفاصيل حياتهم اليومية يحاولون الفرار الى مختلف الدول الاوربية (للاصطيـــاف).
وفي تلمس سريع لجوانب حيوية من انجازات تلك الوعود الانتخابية   اعلنت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري أيمس، إن عدد العراقيين الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية وصل إلى أكثر من ثمانية ملايين و200 ألف شخص، فيما كشفت لجنة الهجرة والمهجرين النيابية،عن ان عام 2016 سيشهد حاجة نحو 10 ملايين مواطن للمساعدات الغذائية، كما سيكون ثلاثة ملايين طفل خارج التعليم، وكانت بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامـــي) قد قدرت قبل سنتين عدد العراقيين الذين يرزحون تحت مستوى خط الفقر بستة ملايين مواطن قبل عمليات النزوح والتهجير المأساوية التي شهدتها البلاد على ايدي ارهابيي داعش الدمويين.
من جانب آخر اكدت تقارير دولية ان اكثر من مليوني عراقي (فـــروا مـــن جنـــان بلادهــــم) طلبا للجوء في الدول الاوربية، وان اكبر طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي هم العراقيون يليهم الصوماليون والنسبة الأكبر منهم في ألمانيا حيث تبلغ 80% من العراقيين المتواجدين في الخارج   وفي السويد 13%، اما المملكة المتحدة فهنالك 11%، تزامن ذلك مع اعلان منظمة الهجرة الدولية عن ارتفاع أعداد النازحين والمهجرين في البلاد الى أكثر من ثلاثة ملايين نازح، مشيرة الى أن 87% منهم هم من محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين.
اما ما يتعلق بالمستوى العالي (للرفاهيـــة الاجتماعيـــة) التي حققها (فرســـان) تلك الوعود الانتخابية ، فقد اعلنت وزارة التخطيط  عن ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى 30% بعد ان كانت نسبته  19% منتقدة الوزارات لتلكؤها في تنفيذ ستراتيجياتها التي تسببت بتعطيل 40% من طاقات العراق، في حين تجاوزت نسبة البطالة وفقا لتصريح مسؤول رفيع في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (25%) وقدرت تقارير ان نصف العاطلين هم من حملة الشهادات الجامعية، وفي بغداد وحدها هنالك بحدود مليوني عاطل عن العمل.
اما ضحايا  العنف والمآسي والكوارث والانهيارات الامنية واخطبوط الفساد الذي ضربت اذرعه معظم الوزارات والمؤسسات والتهمت حتى قوت الشعب ورغيف الخبز واعتصرت خزانة الدولة حتى افرغتها وامتصت الواردات واغرقت الشعب بالازمات، فيما اغرقت بعض المسؤولين بعشرات المليارات فتلك اسطورة ستتناقلها الاجيال بسخرية متمازجة بالمرارة وهي تستذكر بالعار والشنار بعض اشباه الرجال الذين خدعوا الشعب بذهبي الاقوال واضطهدوه بأخس الافعال.
في ضوء ما تقدم، الا يتوجب على مسؤولينا الشرفاء مساءلة (فرســان) الوعود الخائبة والشعارات الكاذبة، اولئك الذين وعدوا الشعب بالرفاهية والنعيم ولم يحققوا له الا المصائب والجحيم ؟ ام ان اولئك الفاسدين سيتخندقون كالعادة تحت مظلات حصانات كتلهم السياسية وسيبقون فوق أي مساءلة قانونية تجسيدا لمقولة (صــدق السياســـيون وان كذبـــوا).