مشــــاكسة أيتهــا المــرأة المضمخة بالمحبة/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 06, 2014, 09:08:59 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشــــاكسة
أيتهــا المــرأة المضمخة بالمحبة
والمعطـرة بالتضحيــة والعطــاء ..
معــــذرة فبعضنـــــا لا يســـــتحقك




  مال اللـــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

يفرد الثامن من آذار شعره الكستنائي الطويل المعطر بطيب الطبيعة مثل شلال من سكر وعنبر، ويكحل عينيه العميقتين عمق اغوار البحار السحيقة، الواسعتين وسع المدى، ليهل بموكبه االبهي مرتديا فستانا تتمازج فيه كل الوان الحياة وتتقاطع وتتلاقى خطوط الموضة عليه لتبرز حسا انثويا بالغ الرهافة مثل فراشة خرافية قادرة على ان تمسك بوجيب قلوب الرجال وتهز مشاعر الانسانية واحاسيسها برفيف اجنحتها لتكتب على صفحة الزمن ان هذا اليوم اصبح يوما نسائيا بامتياز وهو ينثر كل عام عطر مكنوناته واريج خزائنه ليرسم ملامح عيد لرحم الحياة ولواهبتها ولرمز الخصب والنماء والمحبة والعطاء، المرأة التي كانت منذ الازل وستبقى الى الابدية عنوان الحياة الانسانية.
فمنذ ان اقدمت الالاف من النسوة العاملات على تخطي حاجز الخوف والقلق والتوجس والاستسلام وانفجرت ارادتهن عام 1856 وهن يملأن شوارع نيويورك احتجاجا على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل في ظلها، اجبرن السياسيين على طرح مشكلة المرأة العاملة على جدول اعمالهم، ليعدن ثانية في الثامن من آذار عام 1908 للتظاهر من جديد في شوارع نيويورك وهن يحملن قطعا من الخبز اليابس وباقات الورود في خطوة رمزية لها دلالتها الواضحة واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار (خبز وورود). مطالبات بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء الحقوق السياسية ومنها حق الانتخاب، ونجحن في تكريس الثامن من آذار ليكون يوما للمرأة الأمريكية تخليدا لمظاهرات نيويورك النسوية لسنة 1908، غير أن تخصيص يوم الثامن من آذار كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا في سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من آذار، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة في كل مكان.
واذ نحتفل بعيد المرأة العالمي في مثل هذا اليوم من كل عام، ونحن نحتفي بالرحم الذي منحنا اولى دفقات الحياة وحملنا تسعة اشهر ووفر لنا الحنان والرعاية والمحبة والطعام والشراب والاوكسجين وكان بوابتنا الاولى للاطلالة الاولى على الحياة فانما نحتفل بعطاء وتضحية ورعاية وحنان انسانة لم تكتف ان تكون بيتنا الاول ونحن اجنة في اعماقها لكنها كانت ايضا مدرستنا الاولى التي ربتنا في احضانها وعلمتنا اولى ابجديات الحياة وغرست فينا قيم المحبة والفضيلة والتسامح والايثار والايمان وارادة العطاء والابداع والتفوق وسهرت حتى ننام ومرضت حتى نشفى وعانت شظف العيش حتى نعيش وربما حرمت نفسها من متع الحياة من اجل ان توفر لنا رغيف الخبز وتنازلت عن حقها في الترف من اجل ان توفر لنا ادنى مستلزماته ورضيت ان تبقى في الظل لتدفع بنا الى الاضواء وكان جل سعادتها ان تشاهدنا سعداء وان تتباهى بانجازاتنا وبنجاحاتنا، فاية محبة هذه ان تلغي حضورها من اجل توهج حضورنا واي نكران للذات هذا ان تجوع من اجل ان نشبع، وان تعطش من اجل ان نرتوي وان تسهر من اجل ان نغرق باحلامنا الهادئة الهانئة الجميلة؟
انها الام والاخت والزوجة والابنة والحبيبة والخطيبة والصديقة والزميلة، هي المرأة هذا الكائن الذي لا يشابهه كائن آخر في العطاء والتضحية والتي ما انصفناها يوما، لاسيما ونحن نحتفل بها يوما وننساها عاما ولا نتذكر طيبتها وتضحياتها وعطاءها وحنانها الا يوم عيدها فقط، بل لعل الاخطر والامر ليس نكران حقوقها وحسب وانما الانحدار نحو مستنقعات اضطهادها وتعنيفها واذلالها وتهميشها ومصادرة حريتها وحياتها وهي واهبة الحياة.
فعلى سبيل المثال سبق ان اعلنت مديرية مناهضة العنف ضد المرأة في احدى المحافظات عن تسجيل (1088) حالة تعنيف ضد النساء خلال عام (2013).
واوضح مسؤول في تلك المديرية، أنه تم تسجيل (ثلاث حالات قتل للنساء وثماني حالات انتحار وسبع حالات شنق و67 حالة حرق و414 حالة اعتداء بالضرب)
وأضاف أن (المديرية سجلت أيضا 228 حالة تهديد و122 حالة تشهير بالنساء وثماني حالات إجبار على الزواج وست حالات خطف و44 حالة غير أخلاقية واربع حالات اعتداء).
هذا فضلا عن حالات الضغط والتمييز والتحرشات والطلاق غير المبرر والاعتداء الجسدي واللفظي وغير ذلك الكثير مما يمثل عقوقا بدل مشاعر العرفان لتضحياتها والاعتزاز بعطائها وبدلاً من احترام ابسط حقوقها.
ان بعض الرجال ان لم اقل غالبيتهم يتعامل مع هذه الانسانة الرقيقة المرهفة المترعة بارق واغنى الاحاسيس والمشاعر الانسانية والتي تمثل رمزا حقيقيا للعطاء والحنان والبذل والتضحية ونكران الذات بازدواجية مدانة، فهي الملكة والاميرة عندما يحتاجها وهي الخادمة الاجيرة عندما تنتفي حاجته اليها, لذلك فان هذا (البعض) لايرنو اليها الا عبر منظار المتعة الحسية كرفيقة فرا   ش ووعاء لذة ملغيا كل ميزاتها وخصائصها وادوارها الانسانية والتربوية والاجتماعية وحقوقها كانسانة لها نفس حقوق الرجل واستحقاقاته ومكانته.
هذا العام وحيث ستقيم في الثامن من آذار كالعادة معظم المنظمات والهيئات والمؤسسات احتفالاتها بعيد المرأة  وتعدد  ميزاتها وتشيد بعطائها وتدعو كما تفعل منذ عقود الى منحها حقوقها وصيانة حريتها والاعتراف بامكاناتها وفسح المجال امامها للتعبيرعن ذاتها وقدراتها وتنمية مواهبها...فان هذه المنظمات ونحن معها وكالعادة، وكما في كل عام سنتذكرناها يوما في العام وسننساها وننسى ماطالبنا به لاجلها بقية أيام العام.
ايتها المرأة في كل مكان.. ياواحة المحبة والحنان.. ويا مرفأ السعادة وضوع المحبة والامان ويا واهبة الحياة لكل انسان في كل زمان، مبارك عيدك.. والف وردة محبة في يومك... معذرة لك.. فبعضنا بجحوده لعطائك لا يستحقك.