هل تمثل الحرب ضد "داعش" فرصة للأكراد لتأسيس دولة مستقلة؟

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 03, 2015, 10:55:46 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

هل تمثل الحرب ضد "داعش" فرصة للأكراد لتأسيس دولة مستقلة؟


تداعيات انتشار "حروب الاستنزاف الداخلية" في المنطقة العربية
تصاعد الجدل من جديد حول احتمالات تأسيس دولة كردية، في خضم الصراعات الحادة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، نتيجة استمرار الحرب التي يشنها التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، والتي لم تمنعه من تحقيق نتائج نوعية على غرار السيطرة على مدينة الرمادي في شمال العراق، فضلا عن عدم ظهور مؤشرات تزيد من احتمالات الوصول إلى تسوية للأزمة السورية رغم النجاحات الأخيرة التي حققتها قوى المعارضة المسلحة. ومع ذلك، فإن اتخاذ خطوات ملموسة على هذا الصعيد يبدو احتمالا مؤجلا، إن لم يكن مستبعدًا، في ظل العقبات العديدة التي تحول دون تحقيق هذا الهدف، على الأقل في الوقت الحالي.


مؤشرات راهنة:

كشفت جملة من التطورات الأخيرة عن تزايد الدعم الدولي، ولا سيما الأمريكي، للأكراد، باعتبارهم طرفًا يمكن الاعتماد عليه في الحرب ضد "داعش"، ويتمثل أهمها في:

1-   منح الأولوية لتسليح الأكراد، والذي مثل أحد أهم الملفات التي حظيت باهتمام خاص خلال زيارة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني لواشنطن، في 4 مايو 2015، حيث أكد الأخير أنه تلقى تطمينات بوصول الأسلحة التي تحتاجها القوات الكردية، دون أن ينفي ذلك وجود خلافات بين الطرفين حول طريقة تسليم تلك الأسلحة.

2-   تبني الكونجرس الأمريكي مشروع قرار يفرض شروطًا على الحكومة العراقية للحصول على مساعدات تقدر بـ715 مليون دولار من ميزانية وزارة الدفاع لعام 2016، منها منح القوي غير الشيعية دورًا في قيادة الدولة، وخصم 75% من تلك المساعدات وتوجيه 60% منها إلى الأكراد والسنة في حالة عزوف الحكومة عن تنفيذ ذلك.

3-   اتجاه الولايات المتحدة إلى شطب حزبي "الاتحاد الوطني الكردستاني" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" من قائمتها للمنظمات الإرهابية في ديسمبر 2014، وهو ما اعتبرته اتجاهات عديدة بداية لبلورة استراتيجية جديدة تتعامل من خلالها الدول الغربية مع الأكراد كفاعل

مستقل على الساحة العراقية، خاصة بعد الدور البارز الذي قامت به قوات "البشمركة" في الحرب على "داعش".

"أولويات" أخرى:

لكن رغم ذلك، فإن ثمة عقبات عديدة ربما تحول دون تمكن الأكراد من تأسيس دولة مستقلة، على الأقل في الفترة الحالية، وذلك لاعتبارات عديدة: أولها، يرتبط بتوقيت زيارة برزاني لواشنطن، حيث كان هناك حديث عن أنه سعى إلى التباحث حول تسليح الأكراد، فضلا عن الخيارات المتاحة أمامه في مرحلة ما بعد انتهاء ولايته في 19 أغسطس 2015، بما يعني أن الأولوية لم تكن لقضية تأسيس الدولة. وثانيها، ينصرف إلى الانشغال الدولي والإقليمي في الوقت الحالي بالحرب ضد تنظيم "داعش"، خاصة في ظل نجاح الأخير في السيطرة على مناطق جديدة في شمال على غرار مدينة الرمادي، رغم كل الضربات التي يتعرض لها من جانب التحالف الدولي.

وثالثها، يتعلق بحالة الارتباك والتردد التي تبدو عليها السياسة الأمريكية تجاه العراق، حيث ظهرت مؤشرات أخرى تكشف عن سعى إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى تسليم معظم أسلحتها لكردستان عبر وزارة الدفاع العراقية، وهو ما يثير قلقًا واضحًا من جانب الأكراد لا سيما في ظل الخلافات العالقة مع حكومة حيدر العبادي، وقد انعكس ذلك بشكل واضح في حديث رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين، في 15 مايو 2015، عن أن "إقليم كردستان كان قد طالب ولا يزال، ومنذ 2007، أي منذ أن كانت القوات الأمريكية في العراق بتسليح البشمركة كون قواتنا لم تحصل على السلاح من وزارة الدفاع العراقية حسبما يؤكد الدستور على ذلك".

ومن دون شك، فإن ذلك يزيد من احتمالات تراجع واشنطن عن تنفيذ مشروع القرار الخاص بتسليح الأكراد والسنة، وهو ما أكده حديث نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن ضرورة أن "تخضع كل المجاميع المسلحة لسيطرة الدولة بقيادة رئيس الوزراء". وقد بدا هذا الارتباك الأمريكي أكثر وضوحًا في تراجع واشنطن عن رفضها السابق لإشراك قوات "الحشد الشعبي" في المواجهات مع تنظيم "داعش"، بعد الانتهاكات التي ارتكبتها في الفترة الماضية، حيث أشارت إلى أن ذلك يمكن أن يتم شرط أن تعمل تلك القوات تحت سلطة الحكومة.

أما رابعها، فيتمثل في أن الظروف الإقليمية لا تبدو مواتية لطرح قضية تأسيس دولة مستقلة، خاصة في ظل الضغوط والأزمات العديدة التي يواجهها الأكراد، ليس في العراق فحسب وإنما في دول الجوار أيضًا، ففي الوقت الذي تشهد بعض المدن الإيرانية التي يقطنها الأكراد خاصة مهاباد احتجاجات واسعة، فقد تصاعدت حدة الخلافات بين الأكراد والمعارضة السورية، حيث أعلنت "الجبهة الشامية" المعارضة والتي تضم أكبر الفصائل العسكرية في حلب، عن وقف تعاونها مع القوات الكردية في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب،  بسبب اتهامها للأكراد بارتكاب انتهاكات، وذلك بعد توقيع اتفاق تعاون بين الطرفين في فبراير 2015.   

كما أن تبني هذا الاتجاه سوف يفرض تداعيات سلبية عديدة على العلاقة مع بعض القوى الإقليمية، على غرار تركيا، التي سعت إلى دعم أكراد العراق في الفترة الماضية، خاصة خلال عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، خاصة أنه ربما يدفعها إلى محاولة عرقلة اتجاه الأكراد إلى تأسيس دولتهم لما لذلك من تداعيات مباشرة على توازناتها الداخلية.

في حين يتصل خامسها، بمواقف القوى الكردية من طرح القضية، إذ يبدو أنها لا تحظى بإجماع كردي في الوقت الحالي، بل إن اتجاهات عديدة باتت تشير إلى أن تبني أية خطوات رئيسية في هذا السياق حاليًا ربما يؤدي إلى اتساع نطاق الخلافات بين القوي الكردية الرئيسية في الوقت الذي تواجه فيه تحديات داخلية وإقليمية لا تبدو هينة.

إجمالا، يمكن القول إن التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة في الوقت الحالي، لا توفر خيارات متعددة أمام الأكراد، إذ أن انشغال القوى الدولية والإقليمية بالحرب ضد "داعش"، فضلا عن تزايد احتمالات الوصول إلى صفقة نووية بين إيران ومجموعة "5+1" قبل 30 يونيو 2015، إلى جانب تصاعد حدة الأزمات الإقليمية في سوريا واليمن، كل ذلك يشير إلى أن تأسيس دولة كردية يبقى احتمالا مؤجلا يواجه عقبات لا تبدو هينة.

http://www.rcssmideast.org/Article/3450/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%85%D8%AB%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B6%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B3-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%A9#.VW7MYvyUd9u
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة