تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

مضى شهران ولا زلنا مهجّرين

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, أكتوبر 10, 2014, 02:07:48 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

مضى شهران ولا زلنا مهجّرين



بهنام شابا شمني
Behnam_shamanny@yahoo.com

لم استغرب كلام قريب لي وهو يقول ان اوراقه الثبوتية لم يأتي بها معه عندما خرج مضطرا مهجرا من بيته في برطلة ، فبقيت وثائقه هناك تحت تصرف المسلحين وغيرهم . ظنا منه ان خروجه هذا لن يطول ، فما هي الا ايام ثلاثة وان طالت فاسبوع من الزمان ويعود ، بل لم يخطر في باله ان يضع وثائقه هذه وما يملك من وثائق اخرى مهمة قريبة منه ، حتى اذا ما جاءت ساعة الخروج يحملها معه وتكون بحوزته وتحت تصرفه في ايام تهجيره هذه ، عندها يهدأ باله واستغنى عن كل وسائل الاثبات والشرح والتوسل والحلفان والشهود ليقنع المسؤول هنا في دوائر الهجرة والمشرفين على توزيع المساعدات الانسانية بان وثائقه ليست بحوزته بل بقيت هناك في داره مع كل ما يملك ، ولو ظن الامر سيكون هكذا ووقت التهجير سيطول ، لحملها معه وكفى كل التعقيدات التي تواجهه .
بل لو كان قريبي هذا على علم بان مسلحي داعش على هذا القدر من القوة في العدد والتسليح بحيث تتمكن من السيطرة على مساحة شاسعة بسعة سهل نينوى وبهذه السرعة ، لكان قد حمل نفسه وعائلته ووثائقه وامواله وما خفَّ وثقُل حمله وترك المنطقة قبل ايام ووجد له مكانا مريحا يقضي فيها ايام تهجيره بدلا من ان يفترش الحدائق والساحات والشوارع وينتظر من ياتي له بالمساعدة من غذاء وفراش وخيمة .
وما زاد من التمسك بعدم الخروج وترك المنطقة حتى ساعة الصفر ، التطمينات التي صدرت من المسؤولين والمشاهد العسكرية الملفتة للنظر التي انتشرت في المنطقة للدفاع عنها قبل سقوطها بيد مسلحي داعش .
هذه كلها كانت السبب الذي جعلت من قريبي لا يستعجل الخروج ، بل حتى ان يُبقي وثائقه هناك ، لان فكرة سقوط المنطقة بيد داعش وفق تقديراته ومشاهداته هي غير منطقية ، اذن فالعودة اليها ستكون سريعة لا محال .
ليس هذا حال قريبي فقط ، بل حال عشرات الالاف من المهجرين من مسيحيي سهل نينوى والمكونات الاخرى الساكنين معهم في هذا السهل والذين قدموا الى اقليم كردستان وانتشروا في مدنه وقراه نازحين تاركين كل ما يملكون وراءهم ، في وقت كانوا وحتى زمن قريب هم من يستقبل النازحين . هؤلاء لم يبقى شيئا لديهم ، والذي معهم سينفذ لا محال ان لم يكن اليوم ففي الايام القادمة . ولو كان الجميع يتحدث عن تأمين مساكن للذين يسكنون المدارس والساحات والحدائق ، فيجب على المسؤولين عن اغاثة النازحين ، أن يأخذوا بنظر الاعتبار ان مئات اخرى من العوائل من الذين يستأجرون دورا على حسابهم الخاص ، ستكون بحاجة الى مثل هذه المساكن بعد ان يكون قد ضاق بهم الانتظار ونفذ ما كان يحملونه من اموال وخاب ظنهم بالعودة السريعة ، ويبدو انها بعيدة المنال ايضا.
شهران مضيا وتعب السنين للمهجرين تحت تصرف من هب ودب ، وكلما تأخرت العودة ، وطالت فترة تحرير بلداتنا ، كلما توسعت عمليات السلب والنهب .
سنوات من البناء والعمل سُرقت في لحظة ، سنوات من الامال والاحلام تبخرت في لحظة ، سنوات من الامنيات والتطلعات نُسفت في لحظة .
تحملنا كل المضايقات والتهديدات والحروب والمحن ولم نفكر يوما ان نهجر مناطقنا . ولو كنا على يقين بان ارض اجدادنا ستدنس هكذا ، وستكون مطمعا للكثيرين من اصحاب الاموال والاجندات السياسية والطائفية والدينية ، لما اسس احد منا حياته هنا ، بل لحمل نفسه ورحل الى بلاد اخرى يجد فيها الحرية والاستقرار اللذان فقدهما في وطنه .
وفقا للعملية السياسية الجديدة التي سادت البلاد بعد 2003 ، ولاجل ضمان حقوق شعبنا في مناطقه التاريخية ، طرحت الكثير من الافكار والمشاريع السياسية ( ادارة ذاتية ، حكم ذاتي ، محافظة مسيحية ) وما الى ذلك ، ولكن كلها ذهبت ادراج الرياح بعد تهجير شعبنا من مناطقه ، حتى وصلنا الى المطالبة بالمنطقة الآمنة والحماية الدولية (ولا ندري ماذا ستنتهي بنا الايام ) وشعبنا يتناقص عدده في مناطقه التاريخية ، مئات العوائل هاجرت الى بلدان الجوار بعد المحنة مباشرة ، وعوائل اخرى تهاجر يوميا ، وكلما طالت المدة لحق بهم آخرون . وربما قرار الهجرة سيكون للعائدين ايضا بعدما يجدوا الخراب الذي اصاب المنطقة ، ان لم يكن الى خارج البلاد ، فالى مدن ومناطق اخرى اكثر امانا واستقرارا ، قد تكون المدن والقرى التي استقبلتهم ايام تهجيرهم . خصوصا ويوميا نسمع اخبارا عن عمليات سلب ونهب جديدة وخراب لدورنا وبلداتنا ، لذا فتحرير مناطقنا والعودة السريعة اليها ضرورية حتى نسلم على ما تبقى .